الآثار التاريخية في لحج.. تدهور ودمار واندثار
تقرير / عبدالقوي العزيبي

تعتمد بعض الدول على السياحة لامتلاكها مواقع سياحية وأثرية و دينية كمصدر دخل لرفد خزينة الدولة وجلب العملات الصعبة وتعمل على الاهتمام بها باعتبارها تاريخ وحضارة تفتخر بها كل الشعوب، بينما في محافظة لحج التي سخر الله مناظر طبيعية عديدة ، التي لو تم استغلال تلك المناظر بشكل صحيح فسوف ترفد المحافظة بالعملة الصعبة ، بالإضافة إلى المواقع الأثرية والدينية المختلفة، لكن على أرض الواقع لا أحد يهتم بتلك المواقع السياحية والأماكن الأثرية الدينية، فلا تزال تلك المواقع مهملة من قبل قيادة  الدولة بعدم تمكين فرع مكتب وزارة  السياحة بلحج بمقومات العمل وكذلك مكتب الآثار، وهو الأمر الذي ساعد في تدهور واندثار الآثار وتعرضها للسرقة والبيع و الشراء والاعتداءات المختلفة لربما تهدف للقضاء على تاريخ هذه المحافظة الباسلة .

"الأمناء" من خلال هذا التقرير تفتح ملف الآثار بلحج لوضعه على طاولة جهات الاختصاص لغرض إيصال رسالة المواطنين والحفاظ على ما تبقى من تاريخ لحج الحضارة والتاريخ أسوة ببعض المحافظات الأخرى  .

 

عاصمة لحج ( نموذجاً )

 

توجد داخل عاصمة محافظة لحج الحوطة معالم أثرية ذات قيمة تاريخية كبيرة منها< قصور السلاطين والأمراء العبادل >  فهذه القصور التي شيدت في زمن بعيد لتحكي للأجيال الحاضرة  عن تاريخ الأجداد ، ومع الأسف اليوم هذه القصور تتعرض للاعتداءات من أشخاص وعدم الاهتمام من جهات الاختصاص ولو كانت بإحدى الدول الأخرى لربما تم طباعة صورها بعملاتها النقدية .

 

لا توجد استجابة !

فهمي البهجوري - رئيس جمعية أدباء ومثقفي الجنوب العربي بلحج - قال : ( لقد سبق وأن طالبنا سلطات النظام السابق بالكف عن ممارسة سياسة التخريب والتشويه والإزالة للمباني الأثرية في الجنوب عامة ولحج خاصة كون هذه الآثار تعبر عن هويتنا كمجموع حضاري ، لكن للأسف لم يوجد أي تجاوب بل زاد الأمر سوءاً بآخر فترة قيادة السلطة المحلية قبل اندلاع حرب مليشيات صالح والحوثي عام 2015 م ، حيث وصل الأمر بتسكين بعض الأهالي  بقصر (الكوبيني) إلى جانب (دار الحجر) ، وتم استحداث البناء العشوائي على أسطح ومنافذ القصور ، وعقب انتهاء الحرب قمنا بحصر الأضرار التي لحقت بالأماكن الأثرية بالجنوب عامة ولحج خاصة وتخاطبنا من عدة جهات بما في ذلك الإخوة الإماراتيين بضرورة إعادة  تأهيل وترميم  المواقع الأثرية بلحج ومن أبرزها [المدرسة المحسنية] في الحوطة ، والتي تهدمت نتيجة لقصف الطيران وتسوير ما تبقى منها لكي يبقى معلما أثريا تاريخيا ، بالإضافة إلى ترميم (دار الحيد) في الضالع و(ناطحات السحاب) بشبوة ، وللأسف حتى اليوم لم نتحصل على أي استجابة ، ونشكر "مؤسسة لوياك للتنمية" بقيامها بترميم بعض المواقع الأثرية بعدن ، وعبر "الأمناء" نناشد قيادة السلطة المحلية بلحج بأخذ زمام المبادرة  وسرعة وقف البناء العشوائي في القصور الأثرية التاريخية داخل الحوطة ومعالجة موضوع سكن الأهالي بهذه القصور حتى يحفظ لقيادة لحج صفحة من نور من خلال قيامها بالاهتمام بالأماكن الأثرية التاريخية .

 

عشق (سالم) بالآثار

 

بقرية (كدمة امشعيبي) جنوب الوهط يوجد مواطن يعشق الآثار لدرجة الجنون ، وقد حوّل منزله بإحدى المرات لمعرض مصغر للآثار ، ويعتبر الموطن "سالم بن سالم يوسف " كاتب ومتخصص في الآثار ويبذل جهوداً بالحفاظ على الآثار وبعض الآثار التي يكتشفها يقوم بتسليمها لجهات الاختصاص ، وعند الحديث مع " سالم " عن الآثار فهو يتألم بقهر جدا  من العبث الذي يحدث للأماكن الأثرية بلحج ، ويقول : ما باليد حيلة ..فيكبت ألمه داخل نفسه التي تنزف دماً على آثار لحج . فمثل هذا المواطن يستحق من قيادات لحج إعطاء فرصة له وإمكانيات لتقديم ما هو بوسعه للحفاظ على الآثار بقدر الاستطاعة ، وقد سبق لـ"لأمناء" النشر عن ما يقوم به المواطن سالم يوسف .

 

نفتقر الإمكانيات

مكتب الآثار بلحج يتلخص دور عمله وفقاً لـ"من تصيح يا فصيح ! " ، حيث يبذل مدير عام الآثار (عارف الصبيحي)  جهوداً كبيرة لإيقاف العبث بالأماكن الأثرية والتي بعضها يعود عمرها لأكثر من 1500 عام ، ولكن يد العابثين أقوى من قدرات المكتب ، والمكتب يقوم بتحرير المذكرات ولكن لا توجد استجابة على الواقع للحفاظ على تلك الأماكن الأثرية والتي بعضها اليوم أصبح مساكن خاصة  بعد إجراء عمليات البيع والشراء داخل المواقع الأثرية والشمس في كبد السماء ، فهل آن الأوان لوضع حد لهذا العبث القائم على آثار لحج ؟ .

 

المحسنية.. هل من مغيث؟!

ومن أبرز الأماكن الأثرية بحوطة لحج التي تدهورت هي <مدرسة المحسنية> والتي أُهملت  منذ قيام الثورة 1963 م ، وزاد الأمر تعقيداً بعد قصفها من قبل طيران التحالف وأصبحت على مدخل الحوطة أكواماً من الطين تحكي للأجيال القادمة عن أجيال حاضرة بهذا الزمن لم تعطِ للآثار أي قيمة ، فهذه المدرسة تستغيث بالجهات المتخصصة بالآثار بحمياتها وعودتها إلى ما كانت عليه ، وللحقيقة يتحمل التحالف العربي جزءاً كبيراً في عودة إعمار هذه المعالم الأثرية بعد تعرضها لقصف الطيران ، فترك (المحسنية) بهذا الوضع هو أمر عار مخزٍ  سيخلده التاريخ على دول التحالف ، فلابد من التدخل السريع لإنقاذ ما تبقى من هذا المعلم الأثري .

 

ولكل ما تقدم هذا مختصر عن ما يحدث للأماكن الأثرية بلحج ، فهل من صحوة ضمير لوقف هذا العبث بتاريخ لحج الأثري وحماية الأماكن الأثرية وافتتاح معرض للآثار لتعريف هذا الجيل على تاريخ لحج بشكل صحيح والذي يحاول أعداء لحج طمس هذا التاريخ تدريحيا بعدة طرق؟! ، أو أننا سنكون عاملا مساعدا في تحقيق أهداف أعداء لحج التاريخ والحضارة من خلال هذا الصمت القاتل ؟! .

متعلقات
سجون الحوثي.. جرائم وانتهاكات على مرأى ومسمع من العالم
مؤسسة الصحافة الإنسانية ترصد وفاة 60 حالة وإصابة أكثر من 7 آلاف شخص خلال شهر فقط
التسرب المدرسي معضلة تهدد مستقبل الطالبات في ردفان
تقرير: "دثينة وقبائلها".. لا حياد في الحرب على الإرهاب
الأمم المتحدة تتهم جماعة الحوثي الانقلابية بعرقلة العمليات الإنسانية للشعب اليمني