قالت وزارة حقوق الإنسان في الحكومة اليمنية - يوم الأحد - إن «أكثر من 70 مختطفاً قتلوا على يد مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية جراء التعذيب البشع واللاإنساني في المعتقلات». وأدانت الوزارة في بيان لها، انتهاكات الحوثيين بحق 36 مختطفاً من أساتذة الجامعات والحقوقيين والإعلاميين، قامت بتقديمهم لمحكمة صورية بصنعاء. وأوضحت «ما قامت به المليشيا الانقلابية يوم أمس بحق المختطفين عبر تقديمهم لمحاكمة غير قانونية، يثبت مجددا انتهاكها لكافة الحقوق والحريات الإنسانية والامتهان المستمر لكل القوانين والأعراف والمواثيق الدولية». وأشارت إلى أن «الانقلابيين قاموا باختطاف واعتقال المواطنين بدون أي مسوغ قانوني، وقامت بسجنهم وممارسة كافة أنواع التعذيب عليهم لأكثر من عامين، فيما لا يزال أعداد كثيرة قيد الاختطاف والاحتجاز والإخفاء القسري». ووصفت الوزارة المحاكمات التي تقوم بها المليشيا بـ«الهزلية». ودعت الجهات الدولية والإقليمية المختصة إلى العمل السريع، والضغط على جماعة الحوثيين من أجل الإفراج عن كافة المختطفين والمخفيين قسراً وإيقاف كل الممارسات البشعة التي تقوم بها. وكان الحوثيون قد قدموا أمس 36 مختطفاً لمحكمة أمن الدولة، وخلال الجلسة قال أحد المختطفين إنهم يتعرضون لصنوف مختلفة من التعذيب، من بينها الضرب بالعصي الحديدية وتعليقهم، وإجبارهم على التعري.
القضاء والسياسة
كانت عائلة وليد الزين و35 عائلة أخرى أمام أبواب المحكمة في ساعة مبكرة صباح يوم السبت، لكن الجنود الحوثيين أخرجوهن من قاعة المحكمة مع بدء جلسة المحاكمات.
يحاكم "الزين" و35 آخرين بتهمٍ يقول أهاليهم إنها مُلفقة بعلاقتهم بعمليات استهدفتهم في صنعاء، يحاول الحوثيون "استصدار أحكام جديدة بالإعدام بحق هؤلاء"، سبق أن أعلنت ذات المحكمة في مبنى "الأمن السياسي" (أحد فروع المخابرات) حكماً بالإعدام على الصحافي يحيى الجبيحي بجلسة واحدة! .
وتقول موفدة "يمن مونيتور" جوهرة عبدالله إلى جلسة المحاكمة إن الجنود منعوها من دخول جلسة المحكمة، لأنها "امرأة" صحافية، فيما سُمح لوسائل إعلام الحوثيين والموالية للجماعة بتغطية الجلسة التي استمرت عِدة ساعات. ولم تتمكن الموفدة من الدخول إلا بتوقيع من قاضي المحكمة سمح لها بالدخول بعد تدخل المحامين. فيما طرد الحوثيون النساء اللواتي لهن صلة قرابة بـ “المعتقلين السياسيين" الذين تتم محاكمتهم، ولم يُسمح لهن بالدخول مطلقاً. وقالت شقيقة وليد الزين: "إنها وبقية أهالي المعتقلين من النساء كنَّ أول من وصل إلى مبنى "الأمن السياسي" وتم تفتشينا من قبل الشرطة النسائية". بعد لحظات قام جنود موالون للحوثيين بإخراج هؤلاء النساء من باحة المجمع تحت "السب والشتم".
وتضيف شقيقة الزين: " لقد أخرجونا تحت وابل من السب والشتم واللعن والاتهام بالعرض والإرهاب والألفاظ الجارحة".
سجن غير قانوني
وتعليقاً على ما قالت السيدة قال عبد المجيد صبرة أحد محامي الدفاع للمعتقلين في القضية: "لم أكن أعلم أنه تم تفتيشهن من قبل أخبروني أنه لا توجد شرطة نسائية أنهم يقومون بحركات خبيثة ! ".
وخلال الجلسة قدم محامو الدفاع "عريضة طلب نقل موكليهم المحبوسين احتياطا من معتقل الجهاز المركزي للأمن السياسي إلى المنشأة العقابية السجن المركزي بأمانة العاصمة، وذلك استناداً إلى القانون حيث يعد انتهاك لمبدأ البراءة للموكلين بوضعهم في معتقل غير قانوني لا يخضع لقانون تنظيم السجون واللائحة التنفيذية ".
وقال صبرة إن من الممكن تعرض هؤلاء المعتقلين للتعذيب ومعاملة سيئة ولا إنسانية في ظل البقاء في سجن غير قانوني. وجهاز الأمن السياسي (مخابرات) يتبع في صلاحياته رئاسة الجمهورية ولا يتبع وزارة الداخلية "تقتصر وظيفته على التحري وجمع المعلومات الخاصة بالأنشطة السياسية في البلاد كما أن الثابت عمليا أن الأمن السياسي يقوم باختطاف الأشخاص وإخفائهم قسراً لمدة متفاوتة قد تصل سنة أو سنتين ولا ينفذ أوامر القضاء بإطلاق سراحهم أو إحالتهم إليه في المدة المحددة قانوناً ".
قلق في المعتقل
ويرأس المحكمة القاضي عبده راجح، الذي قضى بإعدام الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في مارس/أذار الماضي. وهؤلاء المعتقلين (36) يقول ناشطون إنه تم اعتقالهم بسبب مناصرتهم للحكومة المعترف بها دولياً. وقدم وكيلا النيابة عبد الله الكميم وراجح زايد عريضة بالاتهامات الموجهة إلى المعتقلين وما قالوا إنها جرائم أقدموا عليها من عمليات إرهابية وحيازة أسلحة وتقديم الإحداثيات لدول التحالف الذي تقوده السعودية عبر الإحداثيات. وفي الجلسة: "كان جو المحكمة يسوده القلق والخوف من قبل أهالي المعتقلين والمعتقلين أنفسهم". وعند تقديم النيابة العامة لعريضة الاتهامات والإدلاء بها قال المعتقل يوسف البواب قائلا : " تلك تهم باطلة يا سيادة القاضي" وواصل النائب سرد التهم ولم يصمت يوسف وناشد القاضي قائلا: " أناشدك الله يا سيادة القاضي أناشدك أن تخرجنا من المعتقل فكل تلك التهم باطلة ولم يكن لنا أي يد فيها". ولكن القاضي طلب منه السكوت والإنصات قائلا" لديك محامون يتكفلون بالدفاع عنك .. اسكت ".ورفض القاضي طلباً من يوسف بالدفاع عن نفسه، وقال البواب: "من حقي أن أدافع عن نفسي ومحاميي لم أقابلهم لم يسمحوا لهم بمقابلتنا يا سيادة القاضي".
هذه ليست محاكمة
وقدم المحامي عبد المجيد صبرة وثيقة للقاضي تؤكد رفض الحوثيين السماح للمحاميين بمقابلة الموكلين بعد أخذ إذن من قبله. ورغم كل ذلك لم يسمح القاضي ليوسف بالتحدث فصرخ يوسف "هذه ليست محاكمة حقيقة وليس لديكم قانون، وما هكذا تكون النيابة وما هكذا يكون القاضي".
وهبَّ القاضي واقفاً رافعاً الجلسة وأنهاها وتم تأجيلها إلى 15سبتمبر/أيلول القادم. وسط غضب وهيجان الحضور ورفضهم لما حدث.
"نتعرض للضرب والتعذيب"
وخاطب يوسف و35 معتقلاً الموجودين إنهم يتعرضون للتعذيب والضرب و"إجبارهم على أكل وشرب ما لا يقبله أي إنسان".
ودعوا الجميع إلى مناصرتهم للخروج من المعتقل. وعقب الجلسة تحدثت شقيقة وليد قاسم: "اعتقل أخي من مقر عمله وتم إخفاءه خمسة أشهر، وبعدها أعلمونا إنه موجود في سجن الأمن السياسي بتهمة أنه ذهب للقتال مع الحكومة". مشيرةً إلى أن هذه التهمة مستحيلة لأن "وليد" مصاب بانزلاق في الظهر من "أعلى إلى أسفل" لا يستطيع القتال. ورغم مطالبة عائلة وليد قاسم بمقابلته ولقاءه في سجنه إلا أن كل المطالبات قوبلت بالرفض حتى ظهر في تلفزيون "المسيرة" (الناطقة باسم الحوثيين) يتحدث عن اتهامات باطلة "تبدلت لاحقاً مراراً وتكراراً بعد أن أثبتنا أنه مصاب بانزلاق منذ عام 2009".
تقول العائلة ": "حتى تم اتهامه بأنه يهاجم الحوثيين عبر صفحته في فيسبوك وعندما وجدوا أن حسابه في شبكة التواصل الاجتماعي موقفة منذ عام ولا يوجد أي حديث عما اتهموه به، ووجدوا تهمة أخرى له !".
وشكت العائلة من تعرض وليد للتعذيب: "أول لقاء به تأكدنا أن حالته متدهورة وأنه تعرض لتعذيب كبير، ولم يستطع التحرك أو المشي، وفي رأسه يوجد خرق كبير، ولم يسمحوا لنا بلقائه وحدنا بل وضع جندي حوثي لمراقبة كل ما نقوله بجواره تماماً". مؤكدةً أن الحوثيين منعوا الدواء عن وليد بالرغم من أن العائلة تقوم بإحضاره للسجن إلا أن الحوثيين يرفضون تسليمه له.
115 حالة انتهاك
إلى ذلك، قالت منظمة صحفيات بلا قيود " إنها رصدت 115 حالة انتهاك تعرض لها الصحفيون والإعلاميون خلال النصف الأول من العام الحالي 2017م ".وبحسب بيانات الرصد فإن خمسة صحفيين وإعلاميين فقدوا حياتهم منذ بداية العالم الجاري وحتى نهاية يونيو الماضي.
وبينت المنظمة أنه منذ عام 2014 وحتى نهاية يونيو 2017 بلغ عدد الانتهاكات تجاه الحريات الصحفية 825 انتهاكا، وذلك يعد رقما قياسيا، أما عدد الصحفيين والإعلاميين الذين فقدوا حياتهم في نفس تلك الفترة الزمنية فقد بلغ 26 شهيداً.
وجاءت محافظة صنعاء في المرتبة الأولى بعدد الانتهاكات الواقعة فيها، حيث بلغت (72) حالة، ما شكل نسبته 62,60%، فيما لوحظ ارتفاع كبير في عدد حالات الانتهاك التي تضمنت محاكمة الصحفيين واستدعاءهم من قبل المحاكم والنيابات الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية، وإصدار حكم بإعدام الصحفي يحيى عبدالرقيب الجبيحي بتهم ملفقة وواهية.
وأوضحت المنظمة في تقريرها النصفي للعام 2017 أن الحريات الصحفية تعيش أسوأ مراحلها على الإطلاق منذ انقلاب المليشيا على السلطة في 21 سبتمبر 2014, وأن الصحفيين والمؤسسات الصحفية والإعلامية أضحت أهدافا مشروعة للمليشيات، فتمت أكبر عملية تجريف للصحافة وتهجير للصحفيين لم يشهد لها مثيل في المنطقة.