(قطع الرأس ولا قطع المعاش).. تحت هذا المثل الشعبي الذي يعني بشكل مباشر كل من انقطعت عليهم رواتبهم منذ ما يزيد عن سبعة أشهر خصوصاً من لا يمتلكون دخلاً غير ذلك الراتب ومن فئة محددة من العمال الكادحين ، وقد خرجت دعوات كثيرة للتظاهر تحت هذه المقولة في صنعاء وغيرها من المدن الواقعة تحت سلطة المليشيات ، ولكن متى ما إن تم الاستعداد للنزول سواء من المدنيين أو العسكريين سريعاً ما يتم إخراج مظاهرات لأنصارهم ولمن تربطهم مصالح بتلك المليشيات مناوئة للشرعية ودول التحالف العربي ، بحيث أن المطبخ الإعلامي والحربي للمليشيات يقوم بتوظيف القضايا والمشاكل المجتمعية والذين هم المتسببين بها بحشد وتجييش الرأي العام وتلفيقها بذكاء وحنكة ضد الشرعية ودول التحالف واستغلال الأخطاء والهفوات سواء التي تقع في سياسات الشرعية أو التحالف واستثمارها لصالحهم .
هناك الكثير من سكان المناطق الواقعة تحت سيطرة المليشيات قد فهموا ألاعيب وأكاذيب تلك المطابخ ، ولكن يبقى القليل من أنصارهم يصدقون تلك الأكاذيب والتزييف للحقائق على جميع الأصعدة سواء كانت على صعيد سير المعارك أم على صعيد المرتبات ، بحيث رسمت المليشيات طريقاً واحداً وتوجهاً واحداً لا يخافها أحد .
سابقا من كان يخالفهم كانوا يطلقون عليه داعشي.. تكفيري.. مرتزق.. إلى آخره من التسميات ، ولا يكتفون بذلك خصوصا من يعيشون في نطاق سيطرتهم ، بل يعتقلونهم ويخفونهم قسراً ويمارسون أبشع أنواع التعذيب بحقهم حتى الموت إلا من سلّم الله وكتبت له حياة جديدة ، وهناك أمثلة كثيرة لمن تم اعتقالهم وتعذيبهم ومنهم لا للحصر "ياسر معوضة" الذي عُذب حتى الموت في محافظة الحديدة، والبعض الآخر وُضع في الأماكن والمواقع المستهدفة من قبل طيران التحالف حتى يتم قتلهم ، ومن أمثلة ذلك الصحفي " العيزري" ، واليوم وبعد انقطاع الرواتب على المدنيين والعسكريين على حد سواء أصبحت التهمة جاهزة لكل من طالب براتبه ولمن لم يتمكن من توفير قوت أسرته فاتهمته أنه طابور خامس ، وبالرجوع لتحليلات المليشيات عن الطابور الخامس فإن كل من طالب بالراتب فهو طابور خامس !.. كل من اشتكى من الوضع الراهن فهو طابور خامس!.. كل من طالبهم بالتوقف عن الحرب فهو طابور خامس! .. فأصبحت هذه التهمة موجهة حتى لأنصارهم الذين تظهر عليهم ملامح التذمر من الوضع الراهن جراء انقلاب المليشيات واستيلائها بقوة السلاح على مؤسسات وموارد ومقدرات الدولة وكان آخر تلك الاعتقالات هي اعتقال ومحاكمة 14 صحفياً يعملون لدى جريدة الثورة الرسمية وذلك بسبب مطالبتهم برواتبهم.
يؤكد " أكرم" وهو موظف حكومي أنه يواجه مضايقات واتهامات بأنه طابور خامس وذلك بسبب مطالبته براتبه !، ويضيف قائلا : " عند تغيبي عن عملي لسبب أو لآخر يهددوني بالفصل النهائي من عملي ! ".
الطابور الخامس له معاني كثيرة ، ويعد اتهام جاهز لاستخدامها ضد معارضيهم ، وكان أول استخدام المليشيات الحوثية لهذا الاتهام ضد شريكهم في الانقلاب من حزب المخلوع إثر تزايد الأصوات المعارضة للمليشيات الحوثية وضد تغلغلهم في مفاصل الدولة وخاصة في الجهات الإيرادية كالجمارك والضرائب وغيرها من المصالح والجهات الحكومية وأيضا تأتي هذه الاتهامات لشريكهم في الانقلاب بعد توقف المرتبات، وانهيار الاقتصاد، والاتهامات المتبادلة عن مسؤولية الانكسارات المتتالية في حربهم ضد اليمنيين وضد الدولة اليمنية الشرعية .
ثانياً : الاتهام بالطابور الخامس لإيقاف واعتقال من تبقى من الصحفيين الذين مازالوا يعملون بنوع من الحيادية في المناطق الخاضعة لسيطرتهم.
ثالثاً: لاعتقال المحايدين المتواجدين في المناطق التي تخضع تحت سيطرتهم بتهمة عدم التأييد المطلق للمليشيات وبالتالي يحسبون ضمن الطابور الخامس.
بالتأكيد أن هذه الاتهامات لن ترى النور نحو تنفيذ العقوبات دون إصدار وتفعيل قانون الطوارئ والذي أعلن عنه زعيم الحوثيين في خطابه الأخير أواخر الشهر الماضي وبعد تظاهر أنصاره والذين طالبوا بتفعيل قانون الطوارئ ومحاكمة الطابور الخامس .
وقد أكد مراقبون أن قانون الطوارئ إذا ما تم أنه سيلغي بما يسمى بحكومة الإنقاذ التي يتقاسمها طرفا الانقلاب وأنه سينشئ بما يسمى بالمجلس الثوري وأن هذا سيغير المعادلة كلياً لصالح الحوثيين وأن السحر سينقلب على الساحر ، كما حذر المراقبون من تزايد البطش وأعمال القتل وانتهاكات المليشيات والتعدي على الحقوق والحريات واستباحة الدماء والأموال تحت طائلة هذا القانون و بما يسمى بالطابور الخامس ضد المدنيين الآمنين .