كما تطرقنا لبعض رجال المقاومة وكتبنا عن أدوارهم النضالية ، سوف نكتب اليوم عن أحد القيادات البارزة في المقاومة الجنوبية الذي كان لهم أدوار أساسية بمجابهة كل التحديات التي كانت تقف في طريق المقاومة الجنوبية ، والذين لعبوا محوراً أساسياً لتحقيق الانتصارات الساحقة، وكان ضيفنا اليوم هو القائد "محمد عبدالله المليشي" الذي كان ركن الاستطلاع للمقاومة الجنوبية ، وقائد الاقتحامات ، فسوف نكتب نبذة مختصرة عن القائد (المليشي) ونتحدث باختصار عن بعض أدواره ، فهو من أبناء الضالع من مواليد 1967م، وبدأ عمله في صفوف القوات المسلحة بالمليشيا الشعبية في عام 1984م ، بعدها انتقل إلى سلاح المظلات والصاعقة في اللواء الخامس ، وكان يعمل قائداً لحرس الشهيد القائد محمد قاسم عبدالقوي ، قائد اللواء الخامس مظلات الذي استشهد في معركة 1994م وهو يقود أروع الملامح البطولية.
جرح المعركة الأولى
وجرح القائد / محمد عبدالله المليشي في تلك المعركة التي كان يقودها الشهيد القائد محمد قاسم عبدالقوي ، والذي لا يزال "المليشي" يتذكر القيم والشجاعة والنبل الذي كان يتحلى بها القائد الشهيد محمد قاسم عبدالقوي وتأثر فيها بعد أن جرح المليشي في حرب 1994م؛ لكن تم معالجة المليشي في المملكة العربية الشقيقة وعاد إلى أرض الوطن وعمل مع القائد فظل "حسن" ضمن قوات الحماية.
وبعد أن تشكلت حركة تقرير المصير "حتم" التحق المليشي فيها ليعمل مع اللواء القائد عيدروس الزبيدي الذي كان الأب الروحي لحركة "حتم" ومؤسسها آنذاك ، فعمل المليشي ضمن قوات حركة حتم مع القائد عيدروس.
وبعد أن برزت المقاومة الجنوبية إلى مرحلة التحدي ودقت ساعة الجد بين قوات المقاومة الجنوبية الذي كان اللواء عيدروس قاسم رئيساً لها ، وبين قوات الجيش الشمالي الذي كان جاثماً بالجنوب ، فكان المليشي ضمن المدربين العسكريين البارزين لتدريب دفع المقاومة الجنوبية وبعد أن أصدر القائد عيدروس قراراً بتعيين المليشي ركن الاستطلاع للمقاومة الجنوبية وقائد الاقتحامات، فكان من أوكلت إليه المهام من القائد "عيدروس الزبيدي" باقتحام معسكر الجرباء، لأنه يعد المختص بقيادة التدخل السريع للمقاومة الجنوبية، وبعد أن اشتدت المعركة ضراوة، كان لابد من هذا القائد أن يقتحم معسكر الجرباء، وكان على رأس تلك القوة التي باغتت الأعداء، وصرعتهم، لكن الثمن كان غالياً جداً.
ترجل الفرسان
وفي ذلك التدخل السريع، تعرض القائد البطل (أبو عبدالله) للإصابة وفارق الحياة داخل أرض المعركة على إثر تلك الإصابة القاتلة، بعد احتدام الصراع وتبادل النيران القتالية المشتعلة والدخول بمرحلة تحدٍ بين رجال المقاومة الجنوبية وقوات العدو في معسكر الجرباء ، فاستشهد أول شهيد من المقاومة الجنوبية حينها، وهو القائد البطل "أبو عبود"، وبعده استشهد القائد البطل "أبو عبدالله" قائد قوات التدخل السريع والذي كان له صولات وجوالات في أرض المعركة.
وبعد خسارة أحد الأذرع القتالية للمقاومة الجنوبية تم إسناد المهام للقائد "محمد عبدالله المليشي" ليكون قائد التدخل السريع بدلاً عن الشهيد القائد أبو عبدالله ، وفي نفس الزمان كانت مجاميع من المقاتلين تقاتل في مواقع مختلفة منها: الأمن المركزي ، ومعسكر الأمن ، ومعسكر عبود ..الخ ، وبعد هزيمة العدو وتحرير معسكر الجرباء وسقوطه بيد قيادات المقاومة وبعد سقوط معسكر عبود واللواء 33 مدرع ومواقع أخرى بيد مجاميع المقاومة من الفرق القتالية الأخرى ، حيث أن المقاتلين كثير والقيادات كثيرة لا تستطيع أن نسرد الكل بتقرير واحد.
منطقة الركابة بلكمة صلاح (سناح)
بعد تحرير معسكر الجرباء وتسليمه لرجال المقاومة أصدر القائد عيدروس الزبيدي تعليماته بتكليف (المليشي) قائد التدخل السريع والذهاب إلى سناح لقتال العدو في منطقة الركابة بسناح ، فذهب المليشي مع مقاتليه وكانت معارك شرسة بين رجال المقاومة الجنوبية من طرف والحرس الجمهوري والحوثيين من طرف آخر ، وبعد أن احتدم الصراع واشتدت ضراوة المعركة وأصيب المليشي بطلقة في الفك الأيسر من الوجه ، لكن الله أراد له الحياه فتم إصدار أوامر من قائد المقاومة عيدروس بإرجاع السرية من سناح إلى معسكر الجرباء، ومن هنالك تم توزيعها لتعزيز المواقع العسكرية وتقويتها وسد أي فراغ في أي مواقع قتالية أخرى ، وتم إسعاف المليشي إلى مستشفى النصر بالضالع ثم إلى مستشفى الشعيب وبعد خمسة أيام عاد المليشي إلى أرض المعركة ليكون قائداً للتدخل السريع ، وفي أواخر شهر رمضان أتت التعليمات لإرساله إلى جبهات المسيمير.
على مشارف المسيمير
بعد أن أتت التعليمات أن يكون هو ومقاتلوه في جبهة المسيمير وكان بجانبهم سرايا كثيرة من يافع وردفان والضالع والصبيحة ومن أماكن جنوبية مختلفة كل القيادات والسرايا التابعة لهم كانوا يقاتلون على قلب رجل واحد ، وبعد تحرير المسيمير تم إعادته هو وسريته إلى الضالع وتم تعزيزهم بمقاتلين أكثر وبعتاد أكثر ، وعندما تقدم قيادات المقاومة إلى العند أتت التعليمات للمليشي وسريته من القائد عيدروس للتقدم مع المقاتلين في العند ، وعندما تحررت العند وتم تسليمها لقيادات جنوبيين أتت الأوامر للمليشي وسريته أن يعودوا إلى الضالع ، وهناك تم تعزيزهم بمقاتلين وعتاد وتوجيههم إلى عدن.
مخاطبة شباب عدن
عند وصولهم إلى عدن ألقى المليشي خطاباً مختصراً لشباب عدن قال فيه حينها: ( يا شباب المقاومة في عدن.. لقد أتيناكم مدداً ولن نسمح لمن تسوّل له نفسه المساس بأمن عدن ، ونحن لهم في المرصاد ، وحتما سننتصر.. ) ، هكذا كان خطابه في عدن أثناء وصوله إليها ومخاطبته شباب المقاومة فيها ، فكانوا على قلب رجل واحد.
عندما قابل المليشي المقاتلين من أبناء الإمارات العربية الشقيقة في العند قال : ( لقد كنتم لنا صقوراً في السماء ومخالبكم معنا في الأرض ، فإننا نحييكم وسنبقى أوفياء معكم للأبد، ونحن حلفاءكم).
إصابة المليشي وأسره
وقبل عام من الآن كان المليشي عائداً من عدن إلى الضالع لموادعة أهله بعد أن كان يتجهز للذهاب إلى حضرموت لتشكيل لواء للمقاومة في حضرموت ، حيث باغتته عناصر القاعدة في لحج بكمين مسلح، حيث أطلقوا عليه وابلاً من الرصاص أُصيب حينها في رجله اليمنى ، وتم أسره من قبل القاعدة والذهاب به إلى أبين ثم إلى حضرموت إلى أحد معتقلات القاعدة ، وبعد أن تم سجنه هناك وشعر بالألم نتيجة الإصابة أضرب عن الطعام ، فتم أخذه من قبل القاعدة بعد أن لاحظوه مصمماً على الإضراب ، فنقلوه إلى أحد المستشفيات بحضرموت لعلاجه فإذا بالنور ينبثق بعد أن ﻻحظ شباب المقاومة من أبناء حضرموت يطوقون على المستشفى بعملية نوعية ومباغتة لم يتوقعوها ، وحرروه من الأسر ، وبعدما سمع الاشتباكات إذ بشاب من شباب حضرموت يدخل عليه ويقول: " أنت محمد عبدالله المليشي؟! " فكان حائراً من أن يقول نعم !.. فقال له ذلك الشاب : " أنت الآن في أيادي المقاومة الجنوبية فقد تم تحريرك من الأسر.. " ، فقال المليشي : " شكراً لكم والحمد لله أنني بين أهلنا في حضرموت " ثم أخذه أبطال حضرموت إلى منزل أحد القيادات الجنوبيين ، فجلس يوماً هناك ثم أخذوه إلى المهرة ، وجلس يوماً عند إخوانه من رجال المقاومة في المهرة ثم إلى عمان لتلقي العلاج .
فكانت المقاومة في منعطف تاريخي مهم وإنجاز كبير بتحرير أحد قياداتها عبر عملية نوعية فاجأت الجميع، وذلك بتفعيل قسم العمليات الاستخباراتية الدقيقة وإيجاد الترابط بين رجالها على مستوى الجنوب.
العودة لأرض الوطن
بعد عودة القائد / محمد عبدالله المليشي إلى عدن ، تم تكليفه من قبل اللواء عيدروس قاسم بركن استطلاع لواء حماية عدن، ثم تم تكليفه من قبل قائد المنطقة العسكرية الرابعة / فضل حسن ليمسك ركن استطلاع محور الضالع ، وبعدها تم تكليفه أركان اللواء الأول دعم وإسناد بقيادة القائد "أبو اليمامة"، وهذه نبذة سريعة عن هذا القائد الذي عاد مرات عديدة من حَلْقِ الموت..