تعرض الاقتصاد اليمني بشكل عام والعاصمة عدن بشكل خاص لحالة من الدمار والانهيار التام، نتيجة للحرب الظالمة التي شنتها مليشيات الحوثي والمخلوع صالح على البلاد.. فبعد أن تم إعلان تحرير عدن من قبضة المليشيات وبدأ شريان الحياة ينبض في شوارعها بشكل تدريجي.. برزت العديد من المشاريع الصغيرة المدرة للدخل التي تساعد في حل مشكلة البِطالة الشابة وإبعادهم عن الفراغ الذي أضحى عاملاً يهدد استقرار المجتمع، وكذا تشغيل أكبر قدر ممكن من الأيدي العاملة، وتشجيع المشاريع الصغيرة والخاصة، يدفع بعجلة التنمية ويرفد الاقتصاد الوطني أكثر فأكثر، ويظهر عدن بحضارية أكبر من حيث أنَّ المدنية هي الرفاهية في تقديم وتوفير كل أنواع الخدمات للمواطنين، كما أنَّ هذه المشاريع الخاصة تخفِّف العبء عن الدولة، من حيث توفير الوظائف للمواطنين، ومن هذه المشاريع مشروع فكرة إنشاء مطعم خاص بالسيدات هو الأول من نوعه في مدينة عدن، وهذا ما لفت إليه شريحة واسعة من النساء، وحظيت هذه الفكرة على استحسان العديد من السيدات والشابات لما لها من مراعاة لخصوصيات المرأة.. وحول هذا المشروع تحدثت صاحبة الفكرة الأخت "رندا محمد عبد الله الحسيني" لـ"الأمناء" بالإضافة إلى بعض الآراء الأخرى، ونورد ما قالته تلك الآراء في هذه اللقاءات بالآتي:
بروز الفكرة
وفي استهلالنا للحديث مع رندا صاحبة المشروع، كان الحديث معها عن بدايتها حيث قالت: " كانت بداياتي من البيت، حيث كنت أقوم بعمل بعض الأوردرات (الطلبات) لصديقاتي بشكل محدود.. ومن ثم جاءتني فكرة إنشاء المطعم وبشكل تدريجي تعمقت الفكرة داخلي.. فقمت بطرحها والإعلان عنها على صفحتي في الفيس بوك ونالت إعجاب واستحسان الكثير من زبائني ولله الحمد زاد الإقبال وزادت الطلبات.. وهذا الأمر شجعني بقوة على افتتاح المطعم، إلى جانب تشجيع والدتي – الله يعطيها الصحة والعافية – فهي أكثر شخص وقف إلى جانبي ودعمني على إنشاء مشروعي وتحقيق حلمي.. فكان حافزاً قوياً ساعدني أكثر على الافتتاح في هكذا ظروف، وآمل أن تتعمق الفكرة أكبر فالطموح كبير ويبتدأ بالتدريج" .
خطوة إيجابية
وتضيف: ( فبعد الحرب الظالمة على مدينة عدن توقفنا جميعا عن أعمالنا التي كنا نمارسها قبل تلك الفترة .. فكان لابد من أن أعمل شيئاً أنعش فيه وضعي وأحاول أن أطور فيه من نفسي، خاصة أن الوضع الاقتصادي متدهور والحال متوقف .. وكوني فتاة أندرج من عائلة محدودة الدخل ومعتمدة على الوالد في ذلك وعايشين في بيت إيجار.... ألخ، كما كانت عليّ بعض الالتزامات مثل إكمال دراستي – علماً بأني حاصلة على بكلاريوس محاسبة وحاليا أدرس ماجستير علوم مالية ومصرفية في مرحلة كتابة رسالتي – فكان لابد من أن أخطو خطوة إيجابية إلى الأمام تغير مجرى حياتي وحياة عائلتي .. لأنه إذا استسلمنا للظروف لن يتغير فينا شيء ولن نتطور أو نتقدم بعاصمتنا الحبيبة عدن).
بالإصرار والمثابرة نتجاوز الصعوبات
وتؤكد رندا: ( أول ما بدأت أجهز لمشروعي واجهتني العديد من الصعوبات في البداية ، لكن مع المثابرة والاجتهاد والإصرار على تحقيق حلمي تجاوزت كل هذه المعوقات.. ولله الحمد وبعد (خمسة أشهر) من التأسيس للمشروع، قمت تطبيق الفكرة على الواقع ..فكان يوم افتتاح مشروعي بمثابة حلم وتحقق، لكن للحلم مراحله).
الاعتماد على العنصر النسائي
وعن اعتمادها على العنصر النسائي في العمل أشارت: ( من الملاحظ في مدينة عدن توجد العديد من المطاعم السياحية ذات السمعة الطيبة والتي تسير على نفس الوتيرة – تعتمد على العنصر الذكوري في العمل – لذا فكان الغرض من إنشاء هذه الفكرة (المطعم) هو أن يكون خاصاً بالنساء بدرجة أساسية ومن جميع الجوانب ابتداءً من الشيف إلى المباشرات إلى الزبائن (النساء) وهذا الموضوع بحد ذاته يعمل على تشجيع وتحفيز المرأة على العمل في هذا المجال.. كما أن اعتماد العنصر النسائي في العمل هذا يجعل الزبائن (النساء) يأخذن راحتهن في الأكل والشرب على عكس بقية المطاعم ) .
التفاؤل بغدٍ مشرق
وحول توقعاتها في درجة نجاح المشروع تقول: (كلنا نعلم أن البلاد تمر بوضع سيء وتدهور اقتصادي ملحوظ .. لكن إذا سيطر علينا هذا الأمر واستسلمنا إلى هذا الوضع فلن يتغير فينا شيء .. لذا لابد من أن نشعل شمعة الأمل في وجه الظلام ونتفاءل بغدٍ مشرق ونعمل على تطوير بلادنا بسواعدنا نحن أبناء هذه المدينة الصامدة).
ويبقى الأمل
وتضيف: (عمل بعض المشاريع صغيرة كانت أم كبيرة ستساعد على إنعاش الحياة، كما ستعطي صورة جميلة لعدن التي لم تعرف الانكسار يوما.. وهذا بدوره سيعكس أروع الصور لهذه المدينة الباسلة وإن كانت هناك بعض المنغصات في حياة المواطن البسيط .. ولكن يبقى الأمل بالله كبيراً .. لذا أشجع كل امرأة على العمل والمثابرة مهما كان مشروعكِ صغير ابدئي بالقليل ومع الأيام سيكبر ويتوسع بإذن الله.. وهأنا ذا بدأت بالقليل والآن وبحمد الله سأوسع في مشروعي بحيث يشمل قسماً للعائلات وهذا بناءً على طلب الزبائن).
المرحلة الثانية
وبهذا الخصوص تؤكد رندا: ( بإذن الله وبعد شهر رمضان الكريم سأبدأ بتنفيذ وتجهيز المرحلة الثانية من مشروعي، وذلك نظرا لضيق الوقت والعمل على هذا القسم يتطلب مني وقتاً ومجهوداً كبيرين، إلى جانب كوني حاليا راغبة بعمل بعض التعديلات على المرحلة الأولى من مشروعي).
أكثر أمانة وحركة
وعن المباشرات في المطعم تقول رندا: ( أنا بحاجة ماسة إلى فتيات أمينات وحركيات في العمل لنتمكن من تغطية كل الطلبات وتقديم خدمة متميزة للزبونات.. علما بأن المطعم في الوقت الراهن يقع على عاتقي وعاتق ابنة خالتي، حيث نقوم بعمل كل أنواع المأكولات باستثناء وجبة البروست ، صحيح هي مربحة جدا ..ولكني لا أحب القلي في الزيت أكثر من مرة ).
اختيار موفق
وأثناء تواجد "الأمناء" في المطعم وأخذت آراء عدد من الزبونات في فكرة المشروع وقد نالت إعجاب واستحسان الجميع لما لها من خصوصية مطلقة للمرأة، حيث وصفتها " أم احمد" بأنها فكرة حلوة وممتازة جدا وكان اختياراً موفقاً لصاحبة المشروع بأن تخصصه للمرأة من جميع النواحي، وتأمل أن يتوسع هذا المشروع الذي يراعي خصوصية المرأة.
أما أم ميرا فقالت: (يا ليت يتم توسيع المطعم والإكثار من عدد الطباخات من أجل الإسراع في تقديم الطلبات للزبونات، وكذا الإكثار من عدد العاملات النساء.. أما الفكرة فهي جدا رائعة).
توفير الأرض الخصبة
ويبقى أمام السلطة المحلية في المحافظة بمساندة الدولة توفير الأرض الخصبة لهذه المشاريع والأفكار التنموية التي تعمل على الدفع بعجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.. وكذا استقطاب العديد من الأيدي العاملة في البلاد وتدهورها يؤدي إلى تفشي ظاهرة البطالة والفقر.