تراجع التعليم في الجنوب كثيراً بعد الوحدة الغير مباركة وأصبح تجهيل الطلبة سياسة ممنهجة يحظى بها طلاب الجنوب دون غيرهم، إضافة لذلك عمدت عصابة صنعاء على اغتصاب المناهج التعليمية وتغيير مجريات التاريخ بما يتوافق مع سياسة تلك العصابة الحاكمة للبلد آنذاك ، محاولة تغيير أفكار الأجيال بما يتوافق مع قبح أعمالهم ، واستمرت تلك السياسية التعليمية أكثر من عقدين ونيف من الزمن حتى اندلعت الحرب الثانية لغزو الجنوب وصنعت واقعاً تعليمياً جديداً يحاول فيه الجنوبيون تغيير السياسة التعليمية جنوباً وتحاول مليشيات الحوثي تغيير المناهج التعليمية شمالاً.
طريقة مختلفة
مديرية الشعيب بمحافظة الضالع حاولت الانطلاق بطريقة مختلفة، من بين ركام المعاناة التي تعاني منها التربية في المديرية ، حيث بدأت انطلاقتهم بفكرة عمل مسابقات تعليمية و ثقافية بين طلاب المدارس وتحديداً صفي (تاسع و ثالث ثانوي) وقد اختتمت المسابقات العلمية لطلاب وطالبات الصف التاسع في جميع مدارس مديرية الشعيب والتي انطلقت في 20 مارس الماضي بدعم ورعاية من أبناء الشعيب في المهجر ، ونظمتها وأشرفت عليها إدارة التربية والتعليم والسلطة المحلية بمديرية الشعيب، حيث خاض نحو 168 طالباً وطالبة يمثلون نحو 24 مدرسة أساسية وأفضت تلك المسابقات إلى حصول مدرسة الفقيد عبادي على المركز الأول بعد تغلبها في المسابقة النهائية على نظيرتها مدرسة الشهيد الوهبي ( الجذء ) .
وعبّر مدير مدرسة الفقيد عُبَادي الأستاذ / محمد راشد لصحيفة " الأمناء " بالقول : " مدرسة عبادي لها تاريخ تعليمي حافل بالإنجازات على مستوى المحافظة وقد تخرج منها معظم كوادر الشعيب" .
وأضاف : " بأن الاجتهاد و الجد و العمل داخل المدرسة أتاح لنا فرص التفوق وحصد المركز الأول كأفضل مدرسة داخل الشعيب " .
وأشاد بجهود المدرسين المبذولة واهتمامهم في الطلبة وكذلك جهود الطلبة التي مكنتهم من الانتصار أمام الجميع .
وفي ختام حديثه قدم رسالة شكر و ثناء لكل من مدير مكتب التربية في الشعيب و جميع اللجان التربوية التي ساهمت في إنجاح المسابقة العلمية وكذلك الداعمين جميعاً فهم أصحاب الفضل الأول بعد الله في إنجاح هذا المهرجان العلمي ، فلهم كل الشكر ونسأل الله بأن يعوضهم في أموالهم و أولادهم .
إنجاز ساحق
ويعتبر حصول مدرسة الشهيد الوهبي على المركز الثاني إنجاز ساحق حققه طلابها بسبب معاناة المدرسة و الصعوبات التي تقف أمامهم منها نقص المدرسين وعدم وجود فصول دراسية كافية لاحتواء جميع الطلبة ، حيث يتم تدريس بعض الفصول تحت الأشجار و تحت سلم الدرج ويتم تقاسم فصول المدرسة لفترتين من أجل المساهمة في احتواء الجميع ، وتحدث لـ صحيفة " الأمناء "مدير مدرسة الشهيد الوهبي الأستاذ / محسن صالح شعفل قائلاً : " مدرسة الوهبي عانت كثيراً ، و معاناتها ولدت الإبداع ، واستطعنا بفضل جهود المدرسين واجتهادات الطلبة و مساندة أسرهم معنا بدفع رواتب أربعة مدرسين متعاقدين ليدرسوا أبناءهم ، حيث تعاقدنا مع أوائل الخريجين واخترناهم من مختلف المحافظات وكذلك المتابعة المستمرة من قبل إدارة المدرسة " .
وأضاف: " بأن وصول مدرستهم إلى المركز الثاني يعني لهم الكثير فرغم الصعوبات التي تعيقنا إلا أننا حققنا المركز الثاني واستطعنا رفع اسم الجذء عاليا ، فرغم التجاهل وظلم السلطة لنا خلال السنوات الماضية إلا أن طلابنا استطاعوا ترك بصمة لنا في سماء الشعيب .وعرف الجميع عن مدرستنا وأدركوا جزءاً يسيراً من معاناتنا وحاول بعض رجال الخير المساهمة في تذليل المعوقات أمامنا وتم دعمنا بمبالغ مالية بعد حملة خيرية تمت في أدوات التواصل الاجتماعي ، ونحن بدورنا نشكر كل تلك الأيادي البيضاء التي امتدت لأجل مدرستنا و طلابنا شكرًا لهم و نسأل الله بأن يجعلها في ميزان حسناتهم " .
الإلتزام والمتابعة
وتحدث مدير مديرية الشعيب العميد / عبدالجبار السقلدي في كلمة قدمها خلال حفل الختام جاء فيها : " نبارك للجميع ما تحقق من إنجاز عظيم ونقدّم تهانينا للمدارس المتفوقة ونشد على أيادي جميع المدارس التي لم يحالفها الحظ في الاجتهاد و نحث المدرسين على الالتزام و المتابعة فطلابنا هم حلم اليوم ورواد الغد " .
وقدم شكره : " لكل الأيادي البيضاء من المغتربين و الداعمين الذين دعموا وساهموا في تحقيق عمل ثقافي وعلمي مميز وكان لهم الفضل الأول بعد الله حيث لم يغب عطائهم يوما عن الشعيب وبصماتهم موجودة في شتى المجالات الخيرية و الثقافية و التعليمية ، نقدم شكرنا لهم جميعاً إلى كل بقاع الأرض فقد كان لتنافسهم شأن عظيم في تحريك ركود المدارس و الدفع بعجلة التعليم إلى الأفضل ، كما شكر مدير مكتب التربية في المديرية وكافة اللجان التربوية و التعليمية وكل من ساهم أو دعم من أجل إنجاح أنشطة المديرية " .
مؤكداً عزمه على السير نحو عملية إصلاح و تصحيح شامل للعملية التعليمية في المديرية من أجل تحقيق الهدف السامي الذي يعمل من أجل تطوير العملية التعليمية و تحسين مستويات الطلبة و الاهتمام بهم في شتى المراحل الدراسية وذلك من خلال الإعداد و التحضير لعقد لقاءات و حلقات نقاش و ترتيب فرق نزول إلى مدارس المديرية من أجل معرفة مشاكل المدارس و المساهمة في عمل الحلول الأزمة .
ويواصل مكتب التربية والتعليم بالمديرية استعدادات مكثفة لإطلاق المسابقات العلمية لطلاب الثالث الثانوي جميع مدارس المديرية والتي ستبدأ فعالياتها صباح الإثنين بمشاركة 3 مدارس ثانوية من إجمالي 13 مدرسة ستشارك في هذه المسابقات، مراقبون وتربيون أشادوا بهذه الخطوة الإيجابية واللفتة الكريمة من أبناء المديرية في المهجر ومساهمتهم الفاعلة في إنجاح العملية التعليمية في المديرية وإيجاد جيل جنوبي متسلح بالعلم والمعرفة كما أشادوا أيضا بمستوى الإعداد والتحضير الذي بذلته إدارة التربية والتعليم والسلطة المحلية في تسيير وإنجاح سير المسابقات وكذلك إدارات المدارس التي ظهرت بمستوى عال من الإبداع والمنافسة والأخلاق الرفيعة.