"الأمناء" تنشر مختارات من كتاب (الإرهاب أوروبي المولد أمريكي التهجين) لمؤلفه أ.د. علوي مبلغ ..الحلقة (1-4)
عدن / الأمناء نت / خاص :

استهلالة :

على مدى أربع حلقات متتالية تفرد صحيفة "الأمناء" حيزاً لتناول ملخصات هامة من كتاب الأستاذ الدكتور/ علوي عمر مبلغ عميد كلية الآداب بجامعة عدن المسمى بـ " الإرهاب أوروبي المولد.. أمريكي التهجين " ,وفي هذه الحلقة الأولى نتناول مفهوم الإرهاب وتعدد تناولاته ووجهات النظر إليه من زوايا مختلفة ومتعددة بغية في التوصل لرؤية شاملة ودقيقة وواضحة لمفهوم الإرهاب ومن هو الإرهابي؟ ، ومن يمكن أن نصنفه بالعمل الإرهابي  ؟ وخلال الحلقات القادمة سنتطرق إلى مواضيع هامة وحيوية حول هذا المفهوم الذي لم يتم التوصل لتعريف عام وشامل بصدده , وسنبرز أهم ما تناوله المؤلف من مواضيع بهذا الشأن .

 

 

الإرهاب .. مشكلة المفهوم والواقع :

الإرهاب كموضوع معرفي حديث ومعاصر حمل في طياته معاني كثيرة وأسئلة أكثر خلال تصور مفهومه المعبر عن أحداثه ووقائعه المتفرقة  هنا و هناك ، حتى غدا إعلاميا مشكلة العصر بما يجعل الإنسان العادي يتساءل : ما هو الإرهاب ؟ وما هي جذوره وأسبابه ؟ ومن يكون الإرهابي ؟!

يكمن دافع في البحث في أن الباحث كفرد ينتمي إلى هذا العصر , الذي يشهد تصاعد الحرب ضد الإرهاب , يتفاعل مع مجريات الأحداث و المفاهيم ,والواقع التي يطلق عليها عصره ، فوجد أن هنالك مشكلة في المفهوم والأحداث والواقع التي يطلق عليها, أو الأحداث صفة الإرهاب و الأحداث  الإرهابية  , وهي لا تقع في صميم الإرهاب , وهناك أعمال وأحداث أخرى هي في صميم الإرهاب و لا توصف بالإرهابية ! , هناك من يعتبر الحجر حين تُقذف من يد طفل على دبابة محتلة إرهاباً بينما لا تعتبر قتل الأطفال وتشريد النساء والشيوخ وهدم المنازل وجرف الأراضي واقتلاع  الأشجار المثمرة وإقامة الأسوار العازلة وقتل صور الحياة المختلفة أعمالاً إرهابية !! .

وهناك بعض الساسة الذين لا يعتبرون استباحة دول بأكملها وتكميم أفواه الشعوب بالقوة التي تصل حد الاحتلال مرة , وبالتهديد باستخدام الفيتو مرات أخرى , لا يعتبرون تلك أعمالاً إرهابية أو تتدرج تحت هذه الصفة !  .

 

شمولية المفهوم .. تشخيص الحاضر والتنبؤ بالمستقبل :

ونهدف هنا إلى التوصل لرؤية شاملة ودقيقة لمفهوم الإرهاب , تستطيع أن تفند أشكال فهمه , وتفك ارتباطاته بالمفاهيم الأخرى , وتحدد اللفظ بالمعنى , والمعنى بالحدث ، وتبين أساليبه وأشكال تجلياته المعاصرة و أنواعه المختلفة وتكون في متناول الجميع وذلك يمثل أمراً لا يتحقق بتناول مفهوم الإرهاب وفق رؤية ضيقة كالرؤية السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية بمنهجيتها المتعارف عليها في أساليب البحث التاريخي أو الوصفي المقارن أو الاستدلالي الاستقرائي , فتلك الشمولية لا يحققها سوى التناول العلمي الذي من خصائصه تشخيص الحاضر لمعالجة المستقبل بمنهجه المفتوح ...

كما نحاول تجنب الوقوع في شراك التفسير الأحادي لمفهوم الإرهاب الذي خضع للأهداف والمطامع الضيقة التي يمليها التصور السياسي أو الثقافي , لأن نتائج تعاملها مع المفهوم ستظل جانبية قاصرة , لا تستطيع تكوين الرؤية الموضوعية الواضحة الدقيقة والشاملة لمفهوم الإرهاب ومن يكون الإرهابي.

وهذا ليس معالجة لمفهوم واحد هو مفهوم الإرهاب بقدر ما يطمح أن يقدم محاولة متواضعة لمعالجة الأوضاع التي وصل إليها العالم العربي والإسلامي , ومساهمة لانتشاله من حالة السبات الطويل التي يعيشها في ظل وضع عالمي مختل سادت خلاله شريعة القوة والهيمنة ...

 

مفهوم الإرهاب .. إعادة تشريعات القوانين وإزالة التمييز :

ويشكل كذلك دعوة إلى خيري العالم ومعتدلة للإجماع على آلية للتعامل مع مفهوم الإرهاب , وإعادة النظر في القواعد التشريعية القانونية التي تتعامل مع المفاهيم والأحداث وفق رؤية عالمية موحدة تستلهم الأبنية الثقافية والمفاهيمية لكل ثقافات العالم وتصوراتها حول مفهوم الإرهاب , وإزالة التمييز بين عالم غني وآخر فقير بين عالم أول يشرع القوانين والمفاهيم والأنظمة العالمية وعالم ثان يطبق وتطبق عليه تلك المفاهيم ...

ولقد نظرت معظم التناولات السابقة إلى الإرهاب من خلال الإطار السياسي وحده باعتباره لا يتحقق إلا من خلال استخدام القوة وهو ما ترتب عليه اعتبار  الإرهاب  اعتداءً مسلحاً يصل إلى مصاف الحرب من قبل الأفراد والجماعات ضد الدولة , إرهاب الدولة والإرهاب الشامل ...

 

الخلط بين مفهومي العنف والإرهاب وانعدام معايير التصنيف :

وأجمعت تلك التناولات على أنه لا يوجد تعريف جامع مانع  للإرهاب ولم تبين الآليات والأساليب التي يمكن أن توصلنا والعالم إلى ذلك الإجماع المنشود خلطت في معظمها بين العنف والإرهاب وأصبح بذلك كل عنف إرهاب وكل إرهاب عنف وهو ما لا يتحقق من الناحية المنطقية لعدم وضعها لمعيار ثابت يجري التصنيف خلاله لهذا العمل أو ذلك ,كونه عملاً إرهابياً ، ناهيك عن عدم إفصاحها صراحة عن من هو يكون الإرهابي .

إن هذه القراءة تمثل الحلقة المفقودة في سلسلة التناولات التي سبقته وما يميزه أنه محاولة  لتبيان الأساليب الحقيقة الثقافية والسيكولوجية والأخلاقية القيمة التي قادت إلى فهم الإرهاب فهماً ذاتياً مختلفاً ونتائجه المترتبة على ذلك الفهم , ومحاولة لوضع القاعدة القانونية الأخلاقية التي تقوم عليها تصنيف العمل الإرهابي وتحديد الفئة التي يناط بها وضع الآليات والأساليب الكفيلة بمعالجتها وتجاوز العلاقات العالمية الرتيبة التي أحاطته بتمثل ميثاق إنساني جديد للبشرية يفتح الآفاق الواسعة لتحقيق ليس فقط الأمن والسلام العالمي الحقيقي بل والسلام العادل والابتعاد عن المعايير المزدوجة وينقله من حيز التنظير المعرفي إلى واقع الممارسة العملية لتجنيب البشرية ويلات ومآسي الإرهاب .

الإرهاب موضوع بكر والطريق إلى إبراز ظواهره شاق وصعب :

وأحب أن أشير إلى أننا في النهاية وعبر عرضنا لظاهرة الإرهاب , ولم نقف موقفاً حيادياً من المسألة ولم نكتفِ بفهم وغرض مفاهيم الإرهاب ، لقد عملنا على النقد هنا كي نبرز موقفنا من هذه الظاهرة في ثنايا الغرض ذاته , وسواء جاء رأيي واضحاً وصائباً أو لا ، حسبنا أننا حاولنا ذلك و لا يحسبني  أحد أن الطريق إلى إبراز هذه الظاهرة كان مفروشاً بالورد بل العكس من ذلك لهذا ، ناهيكم عن أن التعامل مع المادة ذاتها صعب .

إنني لا أستطيع أن أنكر أني دخلت موضوعاً بكراً وأنا في البداية مسلماً بالعدة المعرفية الضرورية للخوض في هذا الموضوع , ولكني بفضل الحوارات الطويلة مع الكثير من المجتمعين بهذا الشأن قد ساعدني كثيراً على حرية التجوال في الموضوع هذا.

دون أن يفي ذلك أني لست مسؤولا عن ما وصلتُ إليه , لكن الإشارة إلى ما ذكرت وإذا كانت العادة قد جرت أن يعرض المؤلف لفصول الكتاب في المقدمة وما انطوت عليه الفصول من فقرات فإني لا أرمي أن في ذلك تكرارا لا حاجة إليه , لأن ذلك موجود في الكتاب .

بقي أن أقول أنني ما أن انتهيت من كتابة هذا الكتاب حتى انتصبت أمامي أسئلة جديدة ما كنت لأضمنها و تيقنت أن طريق المعرفة ليس هو الطريق يبدأ من اللا معروف إلى المعروف , فكل معرفة جديدة ننتج أسئلة جديدة وعن الأسئلة الجديدة أتمنى أن أكمل كتابي الثاني ...

  مشكلات دراسة الإرهاب :

إن أول ما يلفت الانتباه ويصادف الباحث من إشكاليات هو النقص الواضح في الدراسات العربية لظاهرة الإرهاب الدولي في الوقت الحاضر والدراسات الموجودة التي تكاد تعد على أصابع اليد الواحدة , إما أنها تتناول بعض المظاهر المحلية للعنف السياسي , والتي تعمل على الخلط  فيما بينها وبين الإرهاب , أو أنها تدرس الظاهرة من زاوية محددة فقط  , وتفتقر إلى الشمول , أو حتى التعريف الوافي بالأبعاد الكاملة للظاهرة , وبينما تغرق بعض الدراسات في الجانب الفلسفي , الذي يخرج بالموضوع إلى نطاق التجريد والجدل الفلسفي البعيد عن الواقع ...

وتمثل المشكلة الرئيسة الثانية في تحفيز المراجع الأجنبية , فقد نجح الإعلام الإسرائيلي على سبيل المثال في أن يقرن الإرهاب بالنضال الفلسطيني , بل وصل الأمر أحيانا لفظ عربي مرادفاً للفظ إرهابي ! وانعكست ذلك في الدراسات الأكاديمية في بعض الدول الخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية , وفي نفس الوقت نشط الباحثون الإسرائيليون في دراسة ظاهرة الإرهاب الدولي ...

متعلقات
سجون الحوثي.. جرائم وانتهاكات على مرأى ومسمع من العالم
مؤسسة الصحافة الإنسانية ترصد وفاة 60 حالة وإصابة أكثر من 7 آلاف شخص خلال شهر فقط
التسرب المدرسي معضلة تهدد مستقبل الطالبات في ردفان
تقرير: "دثينة وقبائلها".. لا حياد في الحرب على الإرهاب
الأمم المتحدة تتهم جماعة الحوثي الانقلابية بعرقلة العمليات الإنسانية للشعب اليمني