"ترامب" يدشن الجولة الثانية
تقرير/ حســــين رضـــــا

تُوسِّع الإدارة الأمريكية الحالية من عملياتها ضد القاعدة في اليمن، وذلك بعد صعود الرئيس الأمريكي ترامب إلى الحكم، وتوعده بمحاربة القاعدة وتنضيب مصادرها في حملاته الانتخابية، كما وعد باتخاذ إجراءات كبيرة لإنهاء وجود "تنظيم داعش" من المنطقة التي يبسط عليها نفوذه، واصفاً الإدارة الأمريكية السابقة بالتساهل في محاربتها لهذا التنظيم.

وعلى الرغم من أن 20 غارة جوية، لم تنجح سوى في إرداء نحو 10 من عناصر القاعدة قتلى، إلا أن الإدارة الأمريكية في طريقها لتوسيع هذه الحرب، وحماية مصالحها في المقام الأول، رغم حرص البنتاغون على الحديث عن مساحات غير خاضعة للسلطات اليمنية أصبحت في يد التنظيم.

معلومات مسربة

وتفيد معلومات مسرَّبة بأن الولايات المتَّحدة في جولتها الثانية لن تُقدِم على عمليات إنزال أخرى - على الأقل في هذه الفترة بالذات- وجاء اتخاذ هذا القرار بعد، مداولاتٍ واجتماعاتٍ مكثَّفة وصفت فيه بعض الأطراف ما جرى سابقاً بأنَّه كان مجازفةً كبيرة، وذلك بسبب حادثة الإنزال الليلية الأخيرة بمحافظة البيضاء في بلدة (يكلا)، والتي أثارت جدلاً واسعاً في وسائل الإعلام العالميَّة، والأوساطِ اليمنيَّة - الأمريكية على وجه الخصوص، بعد سقوط نساء وأطفال فيها، وكذا والد أحد الضباط الأمريكيين الذين لقوا حتفهم، في العملية البرية التي تمَّ التكتيم على عدد جرحاها وقتلاها، من جنود الكومندوز.

وحسب تلك المصادر فإنَّ تلك الاجتماعات أدت إلى الاكتفاء مؤقتاً من عمليات الإنزال المفاجئة، وبدلاً عنها القيام بتنفيذ عمليات تستهدف أهدافاً متنوعة، عبر الغارات التي تشنها طائرات من دون طيار، وبالمقابل، فإن هنالك "معلومات متضاربة" تقول بأن قوات أمريكية مدعومة بطائرات بلا طيار وطائرات هيلوكوبتر من طراز أباتشي نزلت إلى قرية وادي يشبم في محافظة شبوة بعد منتصف الليل واشتبكت مع من يُشتبه أنهم متشددون من تنظيم القاعدة في معركة استغرقت نحو نصف ساعة، وكان أحد الأهداف منزل "سعد عاطف" وهو قيادي بالقاعدة في المنطقة.

 وذكر السكان أن الهجوم تضمن ما بين 10 و15 ضربة جوية أصابت بعضها منازل مدنيين. وأضافوا أن من بين المصابين عدد من المدنيين، كما أصابت الضربات منزل الزعيم المحلي الجنوبي "ناصر النوبة" الذي قال لصحيفة "عدن برس" إنه كان على مسافة 100 متر من القتال.

وبعد ذلك بنحو ثلاث ساعات أفاد سكان بمنطقة جبل موجان بمحافظة أبين المجاورة بتنفيذ طائرات حلقت فوق المنطقة ضربات جوية.

وأضافوا أن الاشتباكات بين من يشتبه أنهم مقاتلون من تنظيم القاعدة والجنود الأمريكيين هناك استمرت لنصف ساعة تقريبا ثم تجددت نحو الخامسة صباحاً.

ووصف سياسيون ومراقبون أمريكيون بأنَّ عملية الإنزال ببلدة( يكلا) في البيضاء، قد تكون لها آثار سلبية كثيرة، وأنها لم تكن موفقة ، إذ أدت في النهاية إلى عملية تجييش وتعاطف أكبر، وهو ما رصدوه من حالة الاستهجان اليمني ضدَّ العملية التي أدت إلى مصرع مدنيين فيها.

أسلحة القاعدة وتكتيكاتها الجديدة

ونشرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية تقريراً يسلط الضوء على الغارة الجوية التي نفذتها قوات العمليات الخاصة الأميركية في اليمن في يناير الماضي، وأقرها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مؤكدة أن تلك العملية فاشلة.

وقالت الصحيفة: " إن أجهزة كمبيوتر وهواتف محمولة عُثر عليها خلال مداهمة للعمليات الخاصة في اليمن في يناير الماضي تقدم أدلةً حول طبيعة الهجمات التي يستطيع تنظيم «القاعدة» تنفيذها في المستقبل، بما في ذلك أنواع جديدة من المتفجرات المخفية وتكتيكات حديثة لتدريب مقاتليه، وفقا لمسؤولين أميركيين".

وأضافت الصحيفة في تقريرها: " إن مدى اضطلاع الجيش الأميركي على الخطط والعمليات المستقبلية لفرع تنظيم القاعدة في اليمن ما زال غير واضح، رغم أن المعلومات تعطي لمحة عن أساليب متطورة للتنظيم، حسبما قال المسؤولون".

وأشارت إلى أن إدارة الرئيس دونالد ترامب سعت للدفاع عن نفسها ضد المزاعم بأن الغارة التي نُفذت ضد منزل تابع للقاعدة، وأسفرت عن مقتل أحد أعضاء فريق «سيل 6» بالبحرية وسقوط قتلى مدنيين، واصفةً الغارة بالفاشلة «لأنها لم تجلب إلا القليل من المواد الاستخبارية ذات المغزى».

وقال المسؤولون: " إن المعلومات الواردة في الهواتف الخلوية، وأجهزة الكمبيوتر المحمولة وغيرها من المواد التي ضبطت خلال الغارة ما زال يجري تحليلها، لكنها لم تكشف بعد عن أي مخططات محددة، ولم تؤدِّ إلى توجيه أي ضربات ضد متشددي التنظيم في اليمن أو في أي مكان آخر". ويقول مسؤولو مكافحة الإرهاب الأميركيين: " إن فرع القاعدة في اليمن هو أحد الأفرع الأكثر دموية في العالم، ويشكل أكبر تهديد فوري للولايات المتحدة، وقد قام بـ3 محاولات غير ناجحة لتنفيذ هجمات بطائرات فوق الولايات المتحدة ".

وأشارت الصحيفة إلى أن محللين حذروا من أن المعلومات حول هذه الجماعة ومخططاتها قلصت إلى حد كبير عندما انسحب المستشارون الأميركيون من اليمن في مارس 2015 بعدما أطاح المتمردون الحوثيون بحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، شريك الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب.

30 غارة جوية في يومين

وفي هذه الأثناء ارتفعت وتيرة التصعيد الأمريكي منذ تولي "ترامب" مقاليد الرئاسة في الولايات المتحدة، في مقابل تصعيد موازٍ لتنظيم القاعدة، الذي يعكف على حشد المزيد من المقاتلين والسلاح، متوقعاً سيناريوهات مواجهة محتملة مع واشنطن.

وأكدت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"، تنفيذ مقاتلاتها أكثر من 30 غارة جوية، اليومين الماضيين، ضد تنظيم القاعدة في اليمن.

وقال المتحدث باسم البنتاغون" جيف ديفيس" في الموجز الذي عقده من مقر الوزارة بواشنطن: " إن الغارات نُفذت ضد أهداف للقاعدة في محافظات شبوة  وأبين والبيضاء باليمن".

وأشار أن : "الغارات ضربت أهدافاً متنوعة تعود لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية بينها معدات ومنشآت ومواقع قتالية وأسلحة ثقيلة".

وشدد على أن : "القوات الأمريكية ستواصل استهداف مسلحي ومنشآت القاعدة في شبه الجزيرة العربية، لعرقلة مؤامرات إرهابيي التنظيم وبالتالي حماية حياة الأمريكيين"، وفقاً لتعبيره.

في الأثناء قال مسؤولون أمريكيون : " إن هذه الضربات ستقلص قدرة التنظيم على تنسيق هجمات إرهابية بالخارج وتحد من قدرته على استخدام الأراضي التي انتزع السيطرة عليها من الحكومة الشرعية في اليمن كمكان آمن للتخطيط لأعمال إرهابية".

وكان البنتاغون صرح في بيان أصدره مؤخراً : "ستستمر قوات الولايات المتحدة بالعمل مع الحكومة اليمنية لهزيمة القاعدة وحرمانها من القدرة على تنفيذ عمليات إرهابية في اليمن".

الشريك اليمني الغامض!

وإزاء ذلك، يتساءل محللون ومراقبون سياسيون مهتمون بقضايا الإرهاب، عمن يكون الشريك الغامض الذي يقوم بجمع الاستدلالات والمعلومات التي تستهدف هذه المجاميع بهذه الدقة؟!، وتشغل هذه التساؤلات حيزاً كبيراً في أذهان المراقبين الخارجيين والداخليين.

 

البحث عن إنجاز

واعتبر الصحفي المتخصص في شؤون القاعدة" عبدالرزاق الجمل"، أن الإدارة الأمريكية ربما أرادت من العملية الجديدة، أن تضع حداً للحديث الدائر حول فشل العملية السابقة بالبيضاء، وذلك من خلال إنجاز ملموس في عملية مماثلة.

وقال الجمل : "يبدو أن عملية الإنزال الثانية فشلت أيضا، لكن فشلها لن يكون محل جدل كبير في أمريكا مادام أنها لم تُحدث أي خسائر بشرية في صفوفهم".

وفيما ذهب محللون إلى ضرورة مواجهة تنظيم القاعدة والقضاء عليه كقوة تهدد وجود الحكومة الشرعية في المحافظات المحررة من الحوثيين جنوبي البلاد، يرى آخرون أن إشعال حرب أخرى سيؤدي إلى مزيد من تعقيد الأوضاع.

مزيداً من التعقيد

 

أما الكاتب والمحلل السياسي اليمني عبدالباري طاهر فقال أنه : "من الواضح أن تجاه الإدارة الأمريكية الجديدة يصب في خانة تصعيد الحرب ضد القاعدة باليمن، لكن التعويل على الحسم العسكري في بلد يعيش حالة حرب، لن يؤدي إلا إلى مزيدٍ من الانهيار".

وأضاف طاهر : "اليمن مركز رئيس للقاعدة، والقاعدة موجودة ولديها تحالفات، لكن المعالجة بالقوة العسكرية هدفها إطالة أمد الحرب ضد التنظيمات المتطرفة.. البلد بحاجة إلى حل سياسي ومصالحة وطنية، ثم معالجة الأوضاع المجتمعية ومحاربة الإرهاب".

 ويعتقد طاهر، أن تصعيد الحرب على القاعدة وتنفيذ معارك برية للقوات الأمريكية، سيزيد من قوة "القاعدة"، بدليل التجربة الأمريكية في أفغانستان والعراق، وسيدفع بمزيد من التعاطف في بيئة قابلة للاشتعال والتطرف.

 

متعلقات
سجون الحوثي.. جرائم وانتهاكات على مرأى ومسمع من العالم
مؤسسة الصحافة الإنسانية ترصد وفاة 60 حالة وإصابة أكثر من 7 آلاف شخص خلال شهر فقط
التسرب المدرسي معضلة تهدد مستقبل الطالبات في ردفان
تقرير: "دثينة وقبائلها".. لا حياد في الحرب على الإرهاب
الأمم المتحدة تتهم جماعة الحوثي الانقلابية بعرقلة العمليات الإنسانية للشعب اليمني