في بداية العام الدراسي كانت إدارة التربية بردفان قد اتخذت قراراً يقضي بمنع نظام المعلم البديل وضرورة إلزام المعلمين المنقطعين لسنوات والذين كانوا قد وضعوا بديلاً لهم في المدارس بالعودة إلى عملهم، وهنا اعتقد الجميع أن قرار منع نظام المعلم البديل في المدارس يسري بسهولة وسوف يلتزم كل المعلمين بالحضور لتأدية واجبهم؛ لكن يبدو أن قرار منع نظام المعلم البديل من قبل إدارة التربية ومحاولتهم إلزام المعلمين الأساسيين الغائبين بالعودة إلى مدارسهم للعمل وتأدية واجبهم لم يعجب المعلمين الرسميين الذين يشغلون أماكنهم معلمين بُدلاء منذ فترة، إذ أنه أفرز نوعاً من الانقسام ما بين مؤيدٍ ومعارضٍ ، وبات تطبيق هذا القرار لاشك أمراً معقداً في الوقت الحالي وواجه صعوبات كثيرة طالما وأن بعض المعلمين العائدين إلى جو التدريس غير مهتمين ، وإن حضروا فإن هدفهم إرضاء التربية وإدارة المدرسة ليس إلا..، "الأمناء" بدورها أعدت هذا التقرير، لتناقش هذا الموضوع من جوانب عدة، فإليكم التفاصيل:
فراغ كبير
بعد أن انتهى الفصل الدراسي الأول ظهر فراغ كبير في بعض المدارس التي باتت تعاني من نقص في المعلمين في ظل تقاعس بعض المعلمين عن الحضور وتفرقهم بممارسة أشغالهم وأعمالهم المختلفة والتي اعتادوا عليها من قبل وأصبحت المهنة الأولى ، معتبرين أن الدخل في هذه الأعمال توفر لهم أضعافاً مضاعفة من الدخل في المدرسة والاعتماد على الراتب.
عبء على الطالب
كثيرون من الطلاب في مدارس مختلفة سواء في كبرى مديريات ردفان ( الحبيلين ) أو المديريات المجاورة لها باتوا يتحدثون بكل صراحة بأن بعض المعلمين - إشارة إلى العائدين إلى التدريس - هذا العام بعد انقطاع طويل كانوا بعيدين عن الجو الدراسي ويشكلون عبئا على الطالب وأن المعلم البديل ربما أفضل حال من المعلم العائد بعد فترة من العمل معتبرين أن المعلم البديل توجد لديه النشاط في التدريس ويبذل جهوداً أكبر وملتزم في الحضور على الرغم أن بعضهم يحصل على راتب قليل جداً خلافاً للمعلم العائد التي نسِته المدارس .
واقع صعب
ففي خضم هذا الواقع الصعب الذي يمر به البلد في مختلف الأصعدة ينبغي من إدارة التربية أن تنظر إلى مصلحة الطالب بجد بعيداً عن الإصرار الذي لا يبدي نفعاً ويترك فراغاً كبيراً ويسبب نقصاً كبيراً بالمعلمين في المدارس ، حتى أن الطالب يحدث له نوعاً من الضيق والتعاسة والملل من كثرة الفراغ و لهذا ينبغي من إدارة التربية أن تقوم برفد المدارس بالمعلمين بدلاً عن الغائبين منذ فترة للنهوض بالتعليم طالما وأن المعلم العائد غير جاد في عمله ويظهر تقاعس في الحضور ومحاولة للتهرب من العمل وأن حضوره ليس من أجل الطالب بل إرضاءً لإدارة التربية وتسجيل حضوره.
وسيلة ضغط أخرى
وقد يرى كثيرون أنه ينبغي من إدارة التربية أن تتخذ وسيلة ضغط أخرى وهي المناسبة والحل الذي يرونه ، وخصم مبلغ من راتب المعلم المتخلف عن العمل وإعطاء المعلم البديل راتباً جيداً طالما وأن هذا القرار تطبيقه بات صعباً في ظل هذا الوضع المعقد وفي وقت أيضا لم تقم إدارة التربية بإلزام كل المعلمين المتخلفين بالحضور وأن القرار الذي أصدرته بمنع نظام البديل لم يشمل جميع المدارس وأن بعض المدارس تعتمد بدرجة رئيسية عن المعلم البديل لتسيير العملية التعليمية بينما أخرى محرومة وهناك عجز كبير ونقص في المعلمين ، ولهذا فإن القرار يجب أن لا يقتصر على مدرسة معينة ويجب أن يُطبق بحذافيره في جميع المدارس بدون استثناء في حال أنه وجد إصرار في تطبيقه أو ترك نظام المعلم البديل يسري في المدارس التي تحتاج إلى معلمين لتسير العملية التعليمية على الأقل في الوقت الراهن .
وحول هذا الموضوع والإجابة عن سؤالنا المحوري قمنا بأخذ آراء معلمين وطلاب لمعرفة آرائهم..
يقول "ثابت طاهر" - وهو معلم متقاعد يقطن مدينة الحبيلين كبرى مديريات ردفان -: " إن المعلم البديل يشكل حالة أفضل في الحضور والعمل النشيط وخصوصاً البديل للمعلمين المنقطعين منذ سنوات وحتى القدامى والذين تجاوزت خدماتهم فوق الثلاثين سنة لكونهم كبروا بالسن وتبخرت معلوماتهم وضاقت حالتهم النفسية والعصبية" .
وبالنسبة للمعلم الذي مازال قادراً على العمل ولم تمضِ خدمته أكثر من 20 عاما يضيف ثابت طاهر بالقول : " إنه من العيب أن يتغيب ، ويجب أن يعود للعمل في المدرسة، خلافا للمعلم الذي رَمَته الأقدار خارج الوطن فإنه ليس من المعقول أن يتم جرجرته للعودة للتدريس في ظل هذه الأوضاع الحرجة بمعنى أنه يجب إعطاء البديل راتب جيد من راتب الموظف المنقطع (المغترب) عن العمل لفترة طويلة ".
أما قاسم الريحاني وهو طالب جامعي في كلية التربية ردفان قال : " إن قرار إعادة المنقطعين للعمل قرار خاطئ لأنهم ليس لديهم الكفاءة وذلك بالنظر إلى فترة انقطاعهم الطويل بينما البدلاء لديدهم طاقة ونشاط وفكر جديد لإعطاء الطلاب ".
مضيفا: " إن نظام البديل في الوقت الحالي هو الحل المناسب على أن يؤخذ راتب الموظف الرسمي وإعطاءه للبديل ، داعياً في ذات الوقت المعنيين بهذا الشأن إلى النظر في الجانب التعليمي الذي بات متدهورا بسبب المعلمين القدامى المتقاعسين ويجب رفد المدارس بالمعلمين أصحاب الكفاءة لإخراج جيل متسلح بالعلم والمعرفة " .
أشبه بمنع دخول القات عدن!
أما أ. أحمد البكري شبّه قرار منع نظام المعلم البديل في ظل هذا الوضع المعقد مثله مثل قرار منع دخول القات عدن وقال : " أرى أن يسلم راتب المعلم بالكامل للمعلم البديل أو على الأقل راتب محفز، معتبراً أن المعلم المنقطع لفترة طويلة عن العمل لا توجد لديه حتى نية للتدريس ومنشغل بأعمال أخرى حتى أن بعضهم يحصل على دخل في اليوم الواحد من مهنته الأخرى ما يعادل راتبه الشهري ويفضل عدم ترك هذه المهنة ووضع بديل له في المدرسة.. ولهذا يجب البحث على حلول مناسبة لحل المشكلة التي تصب لمصلحة الطالب والمدرسة ".
ليست مجدية .. ولكن
يقول الاستاذ / ربيع علي سيف أن : " فكرة المعلم البديل قد تم تفعيلها خلال فترة حكم عفاش مع أنها ليس مجدية وليست من ركائز وأسس التربية ولكن العمل فيها يأتي لسد الثغرة التي أحدثها المعلم المتقاعس عن العملية التعليمية".
وقال :" أنا لا أحبذا فكرة المعلم البديل ، لكنها قد تكون أحيانا مناسبة ، فالمعلم البديل قد يكون أفضل من صاحب الوظيفة في ظل تواطؤ المعلم الرسمي في تأدية واجبه ، وعلى اعتبار أن المعلم البديل يكون نشيطا لترسيخ وتغذية التلاميذ بالأفكار والمعلومات ويساهم مع زملاءه في إنجاح العملية التعليمية".
ودعا (ربيع) إدارات التربية إلى التعامل بحزم وجدية مع المعلمين المفرطين والمتقاعسين عن أداء واجبهم وأن يتم التعامل معهم إما بإعادتهم إلى العمل أو حرمانهم من مستحقاتهم المالية وهنا يمكن الاستعانة بالمعلم البديل لسد الثغرة.