قبائل الصبيحة.. عامان من الصمود في وجه المليشيا "تقرير"
الأمناء نت / تقرير/ عيدروس علي عبده :

عمدت المليشيات الحوثية وقوات صالح، إلى تعبيد كل الطُرق المؤدية إلى العاصمة الجنوبية عدن من مختلف الجهات الأربع على مدى العامين الماضيين، مستخدمةً بذلك كل أنواع الآلات التقليدية والمتطورة، وكذا استغلالها للآلاف المؤلَّفة من عناصرها البشرية الذين تسوقهم إلى الجبهات كالعُمي؛ إلا أن ذلك كله سرعان ما ارتطم بحاجز الجبهة الغربية واستماتة قبائل الصبيحة في الدفاع عن كل الجنوب وعاصمته الأبدية عدن ، ونذرت قبائل الصبيحة نفسها للقتال على أكثر من محور من أجل نصرة المطالب الحقة والعادلة، لشعبٍ تمَّ إقصاؤه وتهميشه لما يزيد عن العقدين ونصف من قبل نظام صالح. 

 

الأغبرة .. شبح الحوثيين

وعندما تُذكر قبائل الصبيحة عند أفراد المليشيا من الحوثيين وأتباع عفاش فسرعان ما يُذكر معها هزائمهم وخسائرهم التي تلقَّتها المليشيا من هذه القبيلة التاريخية، والتي سطَّرت في تاريخها ملاحم البطولات عبر أجيالٍ مضت وأجيال لا يزالوا يسيطرون ملاحمهم على منوال آباءهم الذين هم  ثوار ثورة كابرٍ عن كابر رغم ظروف الحياة وقلة الإمكانيات وفارق العدة والعتاد بينهم وبين المليشيا إلا أنهم كانوا ثابتين كثبات جبالهم الراسية والمستعصية على فلول إيران وأتباعهم الذين تكسرت أطماعهم وأحلامهم عند جبال (النجج والخًزام والبراحة والضهورة وذي عهدة).

 

ومن قبائل الصبيحة، تبرز قبيلة (الأغبرة) ، تلك القبيلة التي تقع في غرب المضاربة في تماس الحدود مع الوازعية ، تحيط بها الجبال ويسكن أهلها في وديان ومنطقه تسمى "هقرة " عدد سكانه 4000  نسمة ، يعتمد معظم أبناءها على الأراضي الزراعية وما تنتجه لهم أيام مواسم الأمطار من خير يعيشون به في حياتهم ويرعون به عائلاتهم ، وفيهم الطبيب والعميد ، منهم عميد طيار /عمر سعيد العدني الذي استشهد في حرب ٩٤ ، وعميد الأسرى الجنوبيين / بجاش علي الأغبري الذي يعد من كوادر وكبار الأغبرة التي كان لها فضل كبير بعد الله في منع تقدم الحوثيين في المضاربة غرب عدن.

 

ثبات أسطوري

وفي تاريخ ٢٠١٥/٤/٢٣ سقطت مديرية الوازعية التابعة لمحافظة تعز بالكامل خلال ساعات معدودة ، حيث دخلتها المليشيا بقوة كبيرة وبكل أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة ، حيث كان من أهدافها مواصلة الزحف مباشرة باتجاه المضاربة والسيطرة عليها ،لكن هيهات لهم ورجالها الشمُّ الأباة أصحاب الوجوه السمراء ، حيث كانوا رجال قبيلة الأغبرة لهم بالمرصاد بعد أن تصدت لهم في أول هجوم ، حيث سقط أول شهيد لهم وهو الشهيد "أحمد رشاد الصوفي" الذي جعل من فدائيته طريقاً يشق بها إخوانه من أبناء القبيلة الذين جرّعوا المليشيا هزائم متتالية حتى يومنا هذا ، والتي لم تستطع المليشيا السيطرة على متر واحد من أراضي المديرية ، حيث يتمركز رجال هذه القبيلة في عدة مواقع بدايةً بموقع "النجج" و "ذي عهده" الاستراتيجي وجبل "البراحة" و"الخُزام" هذه المواقع استماتت فيها ومنعت المليشيا من الدخول والسيطرة عليها لما يقارب العامين.

 

تضحيات من أجل وطن..

 وضحت قبيلة الأغبرة خلالها بما يقارب من(60) شهيداً من خيرة أبناءها ؛  وجرح ما يقارب من (150) جريحاً في مقدمتهم شيخ القبيلة (علي حسن ثابت) والذي جرح في بداية الحرب ولازال منذُ ذلك الحين يتلقى العلاج في الخارج على نفقته الخاصة حيث بترت  رجله نتيجة لجرح تعرض له في إحدى المعارك التي تخوضها قبيلته مع المليشيا ،حيث كان أول فدائي لقبيلته التي تقدم صفوفها في الحرب كما لو كان في السلم.

 

صمود رغم قلة الإمكانيات

واستطاعت قبيلة الأغبرة أن تضرب خير مثال في صمودها الأسطوري في تماس الحدود مع الوازعية بإمكانياتها البسيطة في بداية الحرب ، حيث كانت تعتمد على دعم بعض أبناءها البسطاء لشراء الذخيرة والسلاح لدعم المقاتلين من أبناءها في جبهات القتال في بداية الحرب لها ،حيث لم يكن هناك الدعم من أي جهة رسمية لها ، ورغم فقر أبناءها واعتماد أسرهم على أرباب الأسر والذين يعتمدون على الدخل اليومي إلا أنهم أُجبروا على ترك أعمالهم والتوجه نحو جبهات القتال مدافعين عن عقيدتهم وأرضهم دفاع الأبطال ، مستميتين في مواقعهم رغم ما يتلقوه من خسائر في الأرواح إلا أنهم صمدوا أمام المليشيا التي كانت تواصل هجومها على المواقع التابعة لقبيلة الأغبرة بشكل يومي في بداية الحرب معها إلا أنها وصلت لطريق مسدود أمام رجال يفضلون الموت على حياة .

 

ومع تحرير الوازعية قبل ما يقارب الـ6 الأشهر شاركت هذه القبيلة في تحرير مديرية الوازعية التابعة لتعز وكان لهم الدور الكبير بجانب قبائل الصبيحة مُجتمعين من أبناء الوازعية ، و تم طرد فلول المليشيا في وقت قياسي من هذه المديرية المحاذية وإزاحتهم إلى مفرق البرح التابع لتعز لتتمركز قوة في الوازعية بقياده العميد / حسن عبده الأغبري ، ومع توقف الدعم تمت السيطرة مجدداً على الوازعية من قبل المليشيا ، وعادت المليشيا هجومها على المضاربة من جديد حيث كانت قبيلة الأغبرة تصنع بطولات وأمجاد جديد في جبهات القتال ،ومع تولي العميد الركن/ عبد الغني الصبيحي قائد المحور الغربي ولواء زايد مسؤولية دعم هذه الجبهات التي كانت في السابق معتمدة على أبناءها وإمكانياتها البسيطة ، واصلت هذه القبيلة التصدي للمليشيا حيث سقط آخر شهيد وهو/عبد الباسط الهارب في جبهة الظهورة بتاريخ٢٠١٦/١٠/٢٨ ولازالت هذه القبيلة مستميتة في الحدود حتى اليوم.

 

ومديرية (المضاربة) و(رأس العارة) هي إحدى مديريات محافظة لحج الواقعة إلى الجنوب الغربي من المحافظة وأكبر مديريات المحافظة من حيث المساحة  حيث تبلغ مساحتها (  1848.50 )كيلو متر مربع وتشكل 30% من مساحة المحافظة وتقطنها قبائل الصبيحة ويعمل أبنائها في الجيش  وفي الزراعة والرعي.

متعلقات
سجون الحوثي.. جرائم وانتهاكات على مرأى ومسمع من العالم
مؤسسة الصحافة الإنسانية ترصد وفاة 60 حالة وإصابة أكثر من 7 آلاف شخص خلال شهر فقط
التسرب المدرسي معضلة تهدد مستقبل الطالبات في ردفان
تقرير: "دثينة وقبائلها".. لا حياد في الحرب على الإرهاب
الأمم المتحدة تتهم جماعة الحوثي الانقلابية بعرقلة العمليات الإنسانية للشعب اليمني