سبحان الله الذي خلق الإنسان متكاملاً !, حتى إذا أخذ منه إحدى الحواس الخمس التي تعتبر من أهم الأشياء التي تساعده على العيش بسلام , لكن من كرم الله أنهُ أعطى لهم امتيازاً كبيراً بحواس أخرى تساعدهم على تحدي الزمن و الواقع الأليم الذي يعيشونه, واستطاعوا فرض أنفسهم بقوة في المجتمع كفئة لا نستطيع الاستغناء عنها.
عندما نشاهد بعض أصحاب الاحتياجات الخاصة من فئة " المكفوفين " يتحدون أنفسهم, ويتحدون المجتمع و يقولون : نحن هنا موجودون معكم, حتى و إن فقدنا إحدى الحواس الخمس , فنحن نستطيع الصمود و الامتياز في مجالات الدراسة, و أيضاً في الحياة العملية و قد ضرب لنا بعض " المكفوفين " المتواجدين داخل كلية الآداب أروع الأمثلة في قوة الإرادة و التصميم من أجل النجاح, فكل شخص منهم لديه أحلام و طموحات كبيرة، يريد أن يحققها رغم كل الصعوبات والعراقيل، بيد أن على المجتمع الاهتمام بهم و معرفة مشاكلهم التي يجدونها في حياتهم عامة وفي الدراسية خاصة، ومساعدتهم في تحقيق أحلامهم..
" الأمناء " التقت ببعض المكفوفين الذين يبلغ عددهم 12 طالباً في كلية الآداب، وأيضاً عميد الكلية، وأجرت معهم لقاءاتٍ سريعة، إليكم تفاصيلها:
صوت الحق ومعاناة الناس
كانت البداية مع أحمد خالد - الطالب في قسم صحافة والإعلام - والذي ابتدأ حديثه بقوله: " أنا من أبناء عدن التواهي دخلت قسم الصحافة و الإعلام من أجل أن أكون إعلامياً و صوت الحق داخل مجتمعي و أوصّل معاناة أصدقائي للعالم و أن أكون عاملاً محفزاً للشباب حتى يستطيعون التغلب على كل مصاعب الحياة و أتمنى أن أكون إعلامياً كبيراً في المستقبل القريب , و سوف أحقق حلمي مهما واجهت من مشاكل " .
أما ماجد سلطان - طالب في قسم لغة عربية - فقال: " أنا أحد أبناء عدن الخساف, و أحد المكفوفين داخل كلية الآداب دخلت قسم اللغة العربية , حباً في اللغة , و لنصرة اللغة العربية في الوطن العربي , في الوقت الذي نراها انهضمت !! و هي أفضل لغة في العالم بلا تحيز أو تميز , و يكفينا شرفاً أنها لغة القرآن الكريم.. و بإذن الله حابب أن أكون كاتباً و باحثاً في اللغة العربية , على مستوى الوطن العربي " .
بينما يقول "هارون سالم", الطالب في قسم علم اجتماع، فيقول: " أنا أحد أبناء محافظة لحج الفيوش , و أحد المكفوفين داخل كلية الآداب , دخلت قسم علم اجتماع بسبب أكثر المواد بالنسبة لي سهلة جداً و بإذن الله حابب أكون في المستقبل مدرس علم اجتماع و بإذن الله أكمل دراساتي و أحضر للماجستير و أكون معيداً داخل الكلية".
في حين يقول فارس علي ناصر- طالب في قسم علم اجتماع- : " أنا أحد أبناء محافظة لحج الفيوش , و أحد المكفوفين داخل كلية الآداب , دخلت قسم علم اجتماع بسب أهمية هذا القسم , ومدى تأثيره في المجتمع , و مدى احتياج المتجمع للكوادر في هذا التخصص , و بإذن الله حابب أن أكون دكتوراً في كلية الآداب " .
خدمة الوطن وتربية الأجيال
وتقول سناء علي - طالبة في قسم علم اجتماع- : " أني إحدى فتيات لحج الفيوش, و إحدى المكفوفات داخل كلية الآداب , كان حلمي منذ الصغر بدخول إعلام أو علم اجتماع , فاخترت قسم علم اجتماع من أجل العمل في المستقبل مع المنظمات المجتمعية , من أجل خدمة الوطن ومساعدة أكبر قدر من الناس " .
أما منى سيف - طالبة في قسم خدمة اجتماعية - فقالت : " أني إحدى فتيات عدن , وإحدى المكفوفات داخل كلية الآداب, دخلت قسم الخدمة الاجتماعية عن حب ، كنت متعلقة و حابه أدخل هذا القسم من أيام الثانوية , بسبب أهمية هذا القسم ومدى المساعدة التي يقدمها للمجتمع بشكل عام , و حابه أكون في المستقبل بإذن الله مشرفة اجتماعية في مدرسة ".
صعوبات ومشاكل تعترضنا
بدورها "عبير علي منصر" - الطالبة في قسم علم نفس , و مندوبة المكفوفين في الكلية - فتقول: " أني إحدى المكفوفات داخل الكلية , دخلت قسم علم نفس من أجل أن أكون باحثة نفسية , و أساعد الناس على التخلص من مشاكلهم , و المصاعب الموجودة في الحياة " .
وأضافت: " نحن المكفوفون داخل الكلية نتمنى من الإدارة و بعض الدكاترة في الكلية مراعات الحالة الصحية التي نعيشها و لا يتعاملوا معنى مثل الأشخاص العاديين ، لابد أن تكون هناك جزء من الرحمة ، و تقدير لما نمر به من ظروف قد تؤثر على المستوى التعليمي الخاص بنا , و برغم هذا سوف أقول للكل : " لسنا بحاجة لعيون حتى نستطيع الدراسة ، يكفينا امتلاك قلوب تعشق العلم " و برغم مساعدة أكثر الطلاب و الطالبات و بعض الدكاترة و الإدارة معنا لكن هناك بعض المشاكل التي تعوقنا في العملية الدراسية و نتمنى من عميد الكلية تقديم العون لنا حتى نستطيع التميز في مجالات الدراسة .. و من أهم المشاكل التي نعانيها:
1/ عدم توفر المواد الدراسية بصيغة الوورد , بسبب أنها مطبوعة من كتب و هذا يؤثر علينا بشكل كبير بسبب عدم توفر الشخص الذي يقرأ لنا لكن إذا توفر المواد بصيغة الورد فلن نحتاج لأحد .
2/ عدم تلخيص المواد لنا من قِبل الدكاترة , حتى يسهل علينا الحفظ , حتى إذا استطعنا تسجيل المحاضرة بالجهاز التسجيلي , فلا يكون التسجيل جيداً بالشكل المطلوب !! حتى نستطيع المراجعة منه , بسبب دخول عدة أصوات من الزملاء , في القاعة و يصعب علينا الاستماع لصوت المحاضر فقط .
3/ نتمنى أيضاً من إدارة جامعة عدن , و عميد كلية الآداب بشكل خاص إعفاءنا من دفع أي رسوم لعدم توفر مصادر الدخل لدينا .
4/ ونتمنى من الشؤون الاجتماعية إعطاءنا حقوقنا , و سرعة صرف المخصص الخاص بنا ، فنحن لا نستطيع شراء الملازم و لا نستطيع القدوم للكلية بسبب عدم توفر المال لدينا , و نحن لا نملك عملاً خاصاً أو كفيلاً يكفلنا بعد الله غير هذا المخصص الذي يساعدنا في التغلب على المصاريف الدراسية .
و في الأخير نطلب من إدارة الكلية الوقوف معنا و النظر لنا بعين الرحمة , و لابد من تقدير الحالة الصحية الذي نعيشها وإذا الله أخذ منا نعمة البصر فتكفي نعمة القلب الذي نستطيع من خلاله التغلب على جميع المشاكل و صعوبات الحياة الدراسية و الحياتية أيضاً ، هذا هي أهم مشاكلنا و المعذرة على عدم تسجيل بعض المكفوفين بسبب اختلاف أيام الدراسة و عدم حبهم للظهور بشكل كثير في الإعلام و خاص بعض المكفوفات ترفض التصوير " .
وعد بتذليل الصعوبات وحل المشاكل
وعن هذا كله التقت "الأمناء" د/ عمر علوي مبلغ - عميد كلية الآداب - لتطرح عليه أبرز المشاكل والصعوبات التي يعاني منها المكفوفين في الكلية، فقال لنا: " إن كلية الآداب مفتوحة لكافة شرائح المجتمع, وليس عندها فرق بين طلابها , لكن هناك مراعاة كبيرة تتخذ بحق المكفوفين داخل جامعة عدن بشكل عام, من أجل تشجيعهم على الدراسة و تحفيزهم على الإبداع, فهم أبناءنا ومن حقهم الطبيعي أن يتعلموا وينخرطوا في العمل معنا في كافة أقسام الدولة , و نحن متفائلون بهم خيراً كثيراً فهم لديهم قدرة كبير على الحفظ و الفهم و الإدراك بشكل عام".
وعن تذليل الصعوبات قال بأنه سوف يساعدهم في عملية بنائهم بشكل صحيح, حتى يستطيعوا مواجهة العالم بالثقافة الكبيرة التي سوف يتحصلون عليها من الكلية , وسوف يكون هناك متابعة كاملة للمستوى الدراسي الخاص بهم , وتحفيزهم بشكل دائم , وسوف نعمل المستحيل من أجلهم فهم أبناءنا و بإذن الله سوف أعطي توجيهات للأساتذة والدكاترة بضرورة إعطاء الملازم على صيغة الوورد من أجل المكفوفين بشكل خاص, وأيضاً سوف يتم امتحان الطلاب المكفوفين بقاعة خاصة وسوف نوفر لكل مكفوف شخص يساعده في الكتابة, أما بالنسبة للمبالغ المالية سوف أحاول اعفاءهم منها حتى لو دفعت المبالغ من مرتبي الخاص فالمهم عندي أبنائي المكفوفين يتميزون بالدراسة, وحابب أقول للمكفوفين بشكل خاص ولكل طلاب الآداب بشكل عام : أنتم كلكم بدون استثناء مثل أبنائي ومكتبي مفتوح لكم جميعا لتقبل كل شكاويكم ومقترحاتكم, وسوف نتساعد بيننا البين من أجل صناعة واقع جديد للتعليم الجامعي داخل كلية الآداب.