مركز أبحاث الكود الزراعي بأبين هل يعود مجده من جديد؟!
استطلاع/ أحمد حسن العقربي

أصبح من الصعب أن تعود لهذه المكتبة قيمتها البحثية والعلمية بعد إحراق ونهب وإتلاف وثائقها وأبحاثها ومراجعها وأجهزتها وتجهيزاتها العلمية المقدرة بملايين الدولارات ، وبات من العسير البحث عن هذه الأبحاث الزراعية القيمة والتي من أهمها أول بحث زراعي في منتَج القطن طويل التيلة للباحث الإنكليزي الذي تقلد منصب أول  مدير للمحطة عام 1946م، وهو يُعد من المراجع البحثية الزراعية المهمة التي خسرها الوطن.. فقلت في نفسي : لا يسعنا إلا أن نحزن ونواسي أنفسنا...

 

ويسألونك عن مزرعة التجارب البحثية للمحطة؟!

 

أحد الباحثين من المنتسبين للمحطة قال لي : تعال معي ، سأريك بأم عينيك كيف تم العبث والسطو على أراضي المزرعة التجريبية البحثية التي أعادت المحطة تأهيلها وتثبيت عمالها المزارعين وتصفية أشجار السيسبان الطفيلي ، وتم إعادة تأهيل أرضية المزرعة التجريبية المعدة للأبحاث الزراعية التي تراوحت مساحتها ما بين 160 فدان و107 فدان ، اشترتها المحطة وإلى جانب 53 فدان استأجرتها لإجراء الأبحاث الزراعية التجريبية ، وجزء منها خصصتها المحطة لإنتاج محاصيل المانجو والباباي بطريقة علمية متطورة من خلال الأنسجة التي تقلل من عمرها الافتراضي للزراعة وتزيد من نوعية وكمية منتوجها ، وهي طريقة حديثة في الأبحاث والعلوم الزراعية ، ثم توسعت المزرعة التجريبية إلى أن أصبحت مساحتها 775 فدان لكن تم نهبها في الهجمة البربرية على أبين من قبل الظلاميين والحوثيين والعفاشيين ومن ضعفاء النفوس والفاسدين ، وبحسب قول المختصين في الاقتصاد والتخطيط الزراعي من أبناء أبين أفادونا بأن إجمالي الأضرار التي لحقت بالمحطة جراء هذه الأعمال الوحشية التدميرية بلغت ما يقارب الثلاثة مليار ريال.

وأفاد البعض من الباحثين المنتسبين لهذه المحطة أن المحطة قبل الحرب في 27/5/2010م، كانت شغالة بخبرات متراكمة من الباحثين وبمعدات وأجهزة حديثة وأسطول من المواصلات والآليات والجرارات وأدوات صغيرة وسيارات نقل للإنتاج بالإضافة إلى آبار ومضخات وكفاءات نوعية ممتازة ، لكن للأسف ما جرى للمحطة والمزرعة التجريبية البحثية لم يكن في الحسبان ولم يتوقعه أي إنسان.

 

مستقبل الكادر البحثي للمحطة إلى أين؟

 

أحد الباحثين القدامى المتقاعدين الذي كان ضمن المتواجدين من باكيي أطلال المحطة قال لي :" مشكلتنا أنه قد وصل عدد المتقاعدين في العام الماضي 139 باحثاً وباحثةً ، معظمهم يعتبرون من العلماء الزراعيين وهم من بيوت الخبرة الزراعية والبحثية والعلمية المتراكمة ومن مؤسسي المحطة من حاملي الماجستير والبكلاريوس وخريجي المعاهد الفنية الزراعية ، ومثل هذه الثروة العلمية البشرية نعتبر تقاعدها كارثة ستصيب المحطة بالشلل إلى جانب كارثة التدمير وأعمال النهب وتدمير البنية التحتية.."  ، وأشار بالقول :" كل شيء ممكن إعادته بسهولة إلا إعادة العقل ! ".

وشكا أيضا من تبليد الكادر بحرمانه منذ عام 1990م، من التدريب والتأهيل لتجديد المعارف والتناغم مع مستجدات العلم الزراعي الجديد ، موضحا أن التدريب لكادر المحطة الزراعية قد انقطع منذ عام 1990م، لافتاً أن عدد الكوادر البحثية الزراعية التي تم تدريبهم في الخارج عبر المنح الدراسية 34 دكتوراً كان ذلك في العام 1985م، ومنذ ذلك العام لم يتم بعث أي كادر إلى الخارج للدراسة أو التدريب بسبب ارتفاع تكاليف التدريب والمنح الدراسية إلى الخارج التي تكلف مبالغ خيالية.

 

هل تعيد "كلية ناصر" الأمل لكوادر المحطة؟

 

ومضى يقول :" لولا كلية ناصر للعلوم الزراعية لكان عدد الباحثين الزراعيين بعدد أصابع اليد،  أي 6 باحثين ، لكن مخرجات الكلية أعادت لنا الأمل ربما بعد إعادة إعمار المحطة وبنفس فاعليتها وهذا ما نأمله من خلال إحلال كادر بحثي جديد يؤدي الغرض ، وإن كنا بحاجة إلى أصحاب الخبرة لتتوسع المعارف والتجارب لديهم وحتى يصلون مرحلة النضوج وهو الأمر يستدعي إجراء عملية الإحلال بالتعاقد مع أصحاب الخبرة الباحثين المتقاعدين لمساعدة جيل الباحثين الجدد للمصلحة العامة ولو لبضعة سنوات ولو بصورة استثنائية " ، وأضاف بالقول :" لقد استكمل برنامج التدريب للكادر البحثي من عام 1984م حتى عام 1992م ولذلك أصبحت كلفة المنحة الدراسية أو الدورة التدريبية إلى الخارج في مختلف دول العالم وبحسب مستويات جامعاتها ومعاهدها البحثية تصل إلى 250 ألف دولار وهو مبلغ خيالي مقارنة بما كانت الكلفة للمنحة الواحدة في الثمانينات تصل إلى 68 ألف دولار لكن الآن صعب التأهيل".

وأعاد إلى الأذهان أن التأهيل أو برنامج التأهيل للكادر في الخارج في تخصصات نادرة في حين أن محطة أبحاث الكود أهلت كوادرها من حملة الدكتوراة والماجستير والبكلاريوس ، وانتقلوا فيما بعد إلى جامعة عدن للتدريس ومن بينهم هامات بحثية قلّما تتكرر أمثال الدكتور / أبوبكر المعلم ، وهو من أبين ، وكذلك الدكتور ، باعنقود الذي تأهل في كندا ، فضلا عن الدكتور/ فؤاد عبدالولي طاهر في كلية الزراعة ، والدكتور/ أحمد علي مقبل ، وهناك كوادر معروفة بحثيا في المجال الزراعي من كوادر محطة الكود بعضهم هاجروا إلى الجزيرة والخليج وأرسوا أساس بحثي زراعي حقيقي أينعت ثماره في إحداث نهضة زراعية في منطقة الجزيرة والخليج.

أحد الباحثين في مكتبة المحطة قال أنه من الكوادر التي أسهمت في تأسيس المكتبة حجراً حجراً ،  وكان حلماً بالنسبة لكوادر المحطة ، وهي المكتبة التي احتضنت كل الوثائق والتقارير البحثية العلمية والتي بدأ عملها في عام 1946م، لكن المحطة فتحت بشكل متكامل عام 1955م، والتي تعتبر ذات قيمة منذ عهد الاستعمار البريطاني للجنوب ، وهذه الأبحاث أعدت من قبل باحثين إنجليز في البداية منذ أيام الاستعمار البريطاني إلى ما بعد الاستقلال، كما أن المكتبة تحتضن مراجع علمية مكلّفة وتجهيزات خاصة في خدمة الباحث والقاعة وهي عبارة عن متحف للحياة البرية والنباتات والحيوانات المحيطة ، وجميعها للأسف سُرِقت ونُهبت وأُحرقت من ضعفاء النفوس والحاقدين على العلم والعلماء والمعرفة عديمي الانتماء وفاقدي الهوية وحب الوطن.

 

 

متعلقات
سجون الحوثي.. جرائم وانتهاكات على مرأى ومسمع من العالم
مؤسسة الصحافة الإنسانية ترصد وفاة 60 حالة وإصابة أكثر من 7 آلاف شخص خلال شهر فقط
التسرب المدرسي معضلة تهدد مستقبل الطالبات في ردفان
تقرير: "دثينة وقبائلها".. لا حياد في الحرب على الإرهاب
الأمم المتحدة تتهم جماعة الحوثي الانقلابية بعرقلة العمليات الإنسانية للشعب اليمني