عام مضى مليء بالمآسي ..والقادم بلا مراسي!
استطلاع/ ماهر عبدالحكيم الحالمي

يستعد الجنوبيون لاستقبال عام جديد، من سلسلة الأعوام التي تشكل العمر الزمني لهذه الحياة التي يعيشها المواطنون بحلوها ومرها، وعند نهاية كل عام وبداية عام جديد نودع العام الفائت بحزن، ونستقبل العام الجديد بسعادة وتفاؤل وأمنيات كثيرة ، بعضها يتحقق والبعض الآخر سيبقى مجرد أمنيات، وتمر الأيام والشهور لنبدأ سنة جديدة ونطوي سنة مرت بكّل ما فيها وبكّل ذكرياتها المؤلمة.

بأي حال عدت؟!

عام كامل وما زالت الصورة كماهي! ، وكأنها بدأت الآن لم يتغير شيء منذ ذلك اليوم الأسود الذي أشعلوا فيه نار الحقد الأعمى على أرض الجنوب، وبالذات عاصمة الجنوب "عدن" التي لم تشهد مثل هذه الحرب التي خلفت وضعاً إنسانياً كارثياً ودماراً كبيراً في البنية التحتية، فضلاً عن عدد الشهداء والجرحى والجرائم التي ارتكبوها بحق المدنيين الجنوبيين العزّل، ولنكن أكثر وضوحاً في السرد ، فقد خرج أبناء الجنوب جميعاً مدافعين عن المذهب قبل الأرض وقضيتهم الجنوبية والتحرير الذي يبحثون عنه، لأنهم آمنوا أن هذا الغزو هو احتلال زيدي خطير سوف يستعبدهم قروناً قادمة وسوف يشيعهم ويستبيح الأرض والعرض ،ولأن هذا المذهب لا وجود له جنوباً ولا حاضنة نفسية ولا قبلية ،خرجوا رافضين بل وقدموا الآلاف من الشهداء والجرحى لدحر هذا الفكر الدخيل فنجحوا ،لأن المنطق والعقل يقول أنه لا قبول نفسيّ ولا فكريّ ولا مذهبيّ لهم.

وأثناء زيارتنا إلى الجبهات الحدودية المحاذية بين لحج وتعز (كرش-الشريجة) والتي تشهد معارك ضارية بين قواتنا المقاومة الجنوبية والجيش الوطني ضد المليشيات الإنقلابية الحوثية العفاشية الاحتلالية.

أخذنا هنا بعض الجنود المحاربين من أجل وطننا وعز وشرف الجنوبيين ،فكانت أبرز آرائهم ما ينتظرونه من العام الجديد هو الخروج من هذا الواقع ،الذي يعاني منه شعبنا ،فيما يباشر آخرون التعبير عن يأسهم وقهرهم من القيادات الجنوبية ، وبعضهم من الواقع واعتبار الأمل خداعاً .

وداعاً عام (٢٠١٦)..

وكانت البداية مع الجندي" قايد صالح" الذي قال: " أنتظر أن ينقضي هذا العام بفارغ الصبر ؛ ولكن بالحقيقة غير قادر على التخلص من مشهد العام الذي أوشك على الانقضاء بسبب ما خلفته الحرب الظالمة إلى يومنا هذا، الدم الذي خضب الشهداء وأنين الجرحى وأصوات الثكالى والأطفال عالقة في أذهاننا ومسامعنا، أريد العام(٢٠١٦) أن يبتعد بذاكرته المليئة بمشاهد الدمار الذي لحق ببلدي".

" نعم..أستعد للاحتفال بقدوم العام الجديد وإن أختلف الاحتفال هذا العام عن الأعوام الماضية.."  هكذا أجاب المحارب"ياسين محمد الشعيبي" عند سؤاله عن استعداداته لاستقبال العام الجديد ، ويواصل بالقول بنبرة ممزوجة بالنغمة من واقع مدمر تمر به البلاد ،مع الدعوة إلى التفاؤل وإن كان ذلك على سبيل الأمنيات بالقول : " أحتفل بالعام (٢٠١٧) بصرامة أكثر.. بشغف لما أطمح أكثر..فمسألة أن  تخلق الحرب في بلادي كل هذه الفجوة من التراجع الاقتصادي والأمني والتعليمي أمر لا يمكن التهاون به ".

بحسب تقديراتهم الرسمية مستقبل شباب الجنوب تعبث به الحرب الطاحنة التي تصاعدت في (٢٤)مارس من عام(٢٠١٥)من قِبل مليشيات الاحتلال والتي قتلت عدداً كبيراً من أبناء الجنوب ،وفيما تتصدر أوضاع البلاد اهتمامات الشباب ونظرتهم للاحتفاء بالعام الجديد ،لا يزال مستقبل البلاد في فوهات مدافع الحرب المدمرة، ولا يعرف المقاتلون على وجه التحديد أين ستستقر أوضاع البلاد؟! ،ولكن يعرفون حجم الخسائر التي لحقت بهم على المستوى الشخصي والعام في البلاد من قِبل العدو ، وهذا ما يزيدهم إصراراً للمضي قدماً للتحرير والاستقلال.

لا أريد أن أكذب!

ولا يخفي المحاربون هنا حالة الإحباط - وإن حاول البعض إخفاءها - وذلك ما تعكسه الإجابة الصريحة للجندي "دليل حازم محمد" رداً على سؤال (الأمناء) حول الاحتفاء بهذا العام، قائلاً: " لا أريد أن أتحدث عن التفاؤل لأنني لا أريد أن أكذب.. "، ويضيف: " أريد أن أخبر العام الجديد أن جرعات التفاؤل والنظر المّشرقة للغد انتهت صلاحيتها بداخلي بسب هذا الاحتلال البغيض الذي دمر أرض الجنوب الذي كان بداخلي لا محدود لجماله رغم بساطته، رغم كدّ العيش وضنك المعيشة فيه عند الكثير.. أيُّ احتفاءٍ بهذا العام ودماء أبناء الجنوب تسفك من قِبل قوى الاحتلال؟!  ".

عام مضى بالمآسي وعام يأتي بلا مراسي.. لعلّ العام الذي نودعه، هذه الأيام ليس الأقسى في التاريخ ولكنّه لم يكن سوى استمرار لمسلسل المآسي الذي نعيشه في بلادنا الحبيبة، والموصوفة بالجهل، والفساد والكذب، والنفاق وقد اشتمل ذلك العام على الكثير من القتل والكوارث وخسرنا فيه الكثير من الأهداف، ودخل الكثير من الكور الخبيثة وغير الخبيثة وبواسطة قوى الاحتلال أو من صنع أيادينا وأرجلنا بحُسنْ نيّة أو بسوء تقدير أو خيانة مقصودة، ولا تزال البوصلة تسير على أحلام الشعب، ولا يزال يدفع غالياً، ثمن إدمانه على الحرية، ولكن سموم الفتنه المعلبة لازالت وبنكهات إقليمية ودولية مختلفة، لا تزال تسير، وتحاول جاهدة بفراملها المستوردة أن تحطم مستقبل وطن يُحتضر، ولاتزال رائحة الدم المشبعة بحقد النفوس عابقة في شوارع بلد كان وربما سيبقى حلبة صراع.

واقعنا الحالي

بينما يقول الملازم" صالح شايف العلوي" : " أرض الجنوب لم تتحرر بالشكل المطلوب مازلنا نعيش تحت رحمة الزناد الذي يمكن أن يكبس عليه الطابور الخامس في أي وقت، الحرب الفعلية لم تنتهي، والحرب المعنوية الباردة مازالت مستمرة ومازالت جمراً تحت الرماد، فأي حرب لا تُعالج نتائجها هي مهيأة للوقوع في أي لحظة قادمة" .

 

متعلقات
سجون الحوثي.. جرائم وانتهاكات على مرأى ومسمع من العالم
مؤسسة الصحافة الإنسانية ترصد وفاة 60 حالة وإصابة أكثر من 7 آلاف شخص خلال شهر فقط
التسرب المدرسي معضلة تهدد مستقبل الطالبات في ردفان
تقرير: "دثينة وقبائلها".. لا حياد في الحرب على الإرهاب
الأمم المتحدة تتهم جماعة الحوثي الانقلابية بعرقلة العمليات الإنسانية للشعب اليمني