شهدت العاصمة عدن في الآونة الأخيرة أعمال بسط لأراضي وعقارات وممتلكات الدولة واقتحام لمبانيها ومؤسساتها ولم تسلم حتى الحدائق والمتنفسات العامة من تلك الأعمال التي تزايدت وبشكل كبير ومخيف حتى طالت أيادي النهب والسرقة في اقتحام و الاستيلاء والبسط للعقارات والأراضي الخاصة وكذلك المباني والفلل المملوكة للمواطنين وقد شرع المقتحمون عادة في بيعها أو تأجيرها لصالحهم.
ما بعد الحرب والانفلات الأمني
وبرزت أعمال البسط والاستيلاء في مديريات العاصمة عدن بعد انتهاء الحرب الأخيرة التي شهدتها المدنية مستغلين الانفلات الأمني وغياب أجهزة الأمن والجهات الرقابية والحسابية والقضائية .
وكان لأراضي وممتلكات الدولة من مؤسسات حكومية وغيرها النصيب الأكبر في البسط والاستيلاء لجانب تلك التي تعرضت للتدمير أثناء الحرب في حين تقدم تلك المؤسسات مناشدات ورفعت رسائل بعضها كانت بشكل عاجل لأجهزة الأمن ومن أبرز المؤسسات التي تعرضت للبسط على أرضيها واقتحام لمبانيها " أراضي وزارة الزراعة ، وأراضي هيئة الاستكشاف النفطي ، وأخرى تابعة لشركة النفط ، ومباني شركة التأمينات..".
متنفسات وحدائق حكومية تعرضت للبسط والاستيلاء
ولم تسلم بعض تلك المتنفسات العامة من الحدائق والمنتزهات من خراب آلة الحرب ، وقد طال البعض منها أيادي الباسطين والمقتحمين الذين شرعوا في تأجيرها لصالحهم خارج إطار الدولة وآخرون منهم شرعوا بالعمل عليها دون عقود أو أوراق رسمية . تسبب أعمال البسط والاستيلاء على تلك المنتزهات العامة من الحدائق ومنتزهات في توقف أي أعمال حكومية صيانة أو تأهيل لها حتى المنظمات المانحة رفضت القيام بأي أعمال فيها إلا في حالة عودتها لحاضنة الدولة ، وكانت أبرز تلك المنظمات التي رفضت العمل في صيانة وتأهيل الحدائق والمنتزهات المبسوط عليها "هيئة الهلال الأحمر الإماراتي".
منازل وفلل وأراضي وعقارات خاصة امتدت لها آفة البسط
عادة ما تكون ذريعة المقتحمين للأملاك الخاصة تبعية تلك الأملاك من "فلل وعمائر ومحلات وأراضي" لمواطنين وتجار ورجال أعمال من محافظات شمالية رغم تجريم القانون لتلك الأعمال إلا أنه تداول في الفترة الأخيرة عن قيام مقتحمين بالاستيلاء على فلة رجل الأعمال الجنوبي "باشنفر" الواقعة أمام مكتب المالية بخورمكسر والتي كانت مؤجرة للنيابة العامة ،وقد شرع المقتحمون في بناء ستة محلات تجارية وتأجيرها لصالحهم دون وجه حق في ظل صمت مزري للجهات الحكومية من السلطة المحلية في المديرية وأجهزة الأمن والشرطة.
المجلس المحلي وأعمال البسط
وجه في أوقات سابقة بعض مدراء العموم مخاطبين مكتب الأشغال العامة في المحافظة والشرط والأجهزة الأمنية بإيقاف وضبط أعمال البناء العشوائي والبناء في الأراضي المبسوط عليها وحجز أي مواد بناء ومصادرتها أو معدات أو عمال وعدم إطلاقهم وإعطائهم الصلاحيات الكاملة للتنفيذ .
و نفذت بعض المديريات بشراكة مع مكتب الأشغال والشركات حملات لإزالة الاستحداثات من أكشاك وعوائق في الشوارع والبناء و الأحواش المستحدثة في الشوارع الرئيسية، كما قامت بتوزيع الإشعارات ومحاضر الضبط للمخالفات.
ولم تستطع أي مديرية حتى الآن من تنفيذ حملات حازمة في إخراج الباسطين والمقتحمين للأراضي والعقارات والمباني الخاصة والعامة.
واكتفت بالتحذير عن أي أعمال بيع وشراء للأراضي والممتلكات العامة أو الخاصة دون وجه حق وأن القانون سيطبق ولن يتم تعويض أي أحد.
ماذا عملت المحافظة تجاه البسط؟
بدورها وجهت قيادة المحافظة العديد من الرسائل والخطابات للمديريات وكذلك للمقتحمين والباسطين وتحدثت عن عواقب عمليات البيع والشراء الغير قانونية والتي وصفتها بالباطلة وأنها عازمة عن استعادتها وغير مسؤولة عن أي أعمال بيع وشراء تحدث خارج إطار القانون.
وآخر توجيه صارم من محافظ العاصمة عدن لمدراء العموم بشأن الأراضي والذي طالب مدراء العموم برفع أسماء الباسطين والمقتحمين على أراضي وعقارات ومباني سواء كانت تابعة للدولة أو لمستثمرين أو تجار ورجال أعمال بمدة أقصاها عشرة أيام من تاريخ التوجيه ، وكذلك رفع أماكن الأراضي التي تم البسط عليها والمباني المقتحمة.
البسط يعيق الاستثمار
المشاكل التي تعانيها أراضي المنطقة الحرة عدن ومختلف أراضي مؤسسات الدولة ومخططاتها وادعاءات الملكية وأعمال البسط من قبل النافدين وكذا مشاكل التداخل خلال عملية صرف الأراضي .
ولابد من اتخاذ الاجراءات الصارمة ضد المتنفذين الذين قاموا بأعمال البسط على أراضي الدولة والمنطقة الحرة من قبل الأجهزة الأمنية المختصة .
ولضرورة عودة الاستثمار وفتح المجال أمام رجال المال والمستثمرين لتنشيط الجانب الاقتصادي والاستثماري من خلال تفعيل عمل هيئة المنطقة الحرة عدن وبما يسهم في جذب رؤوس الأموال المحلية والعربية لاستثمار داخل العاصمة..
وتبرز أهمية ودور هيئة المنطقة الحرة بعدن باعتبارها الواجهة الاستثمارية والتي يتوجب على الجميع الحفاظ عليها وعلى أراضيها الاستثمارية وتمكينها من القيام بمهامها الاقتصادية الكبيرة .
الجانب الأمني وردع المتنفذين
ويبدو هنا جلياً حضور الأمن في بعض الجوانب وقيامه بحملات واسعة لهدم المخالفات التي استحدثت في الطرقات وغيرها، وغاب الجانب الأمني في جوانب أخرى، لوقف أعمال البسط والاقتحام على الأراضي والمباني العامة والخاصة جعل من المتنفذين يستمرون بالتمادي والتطاول أكثر.
ورغم التصريحات الإعلامية من قبل قيادات في الجهاز الأمني بتنفيذ حملات صارمة وردع المتنفذين وإخراجهم من الأراضي والمباني المستولين عليها إلا أن تلك التصريحات أثمرت بحملات محدودة، سرعان ما تم إعاقتها، ولا نعرف إلى أين وصلت تلك الحملات.
مناشدات
ناشد مواطنون من مختلف مديريات العاصمة عدن وكذلك منظمات المجتمع المدني وخطباء وأئمة المساجد قيادة المحافظة وقيادة الأجهزة الأمنية وقيادات المقاومة بالوقوف بحزم أمام هذه الظاهرة التي تؤثر على عاصمتنا الحبيبة عدن وتشويهها حتى لا تؤدي دورها السياسي والاقتصادي والتجاري والسياحي والتاريخي.
كما رفع بعض أهالي من مناطق وأحياء تشهد أعمال بسط رسائل إلى محافظ العاصمة في وقت سابق.
وتوجه بعض الأقلام في تسليط الضوء على هذه الظاهرة إلا أنها تعرضت لمضايقات وصلت إلى حد الضرب والتهديد في ظل صمت غريب ومزري من أجهزة الدولة !.