التعليم ركن أساسي من أركان الحياة، والعِلم عالم مفتوح الأفق ولا يمكن للإنسان معرفة حدوده, فبالعلم تتطور الأوطان وتنمو الشعوب وتتزايد معارف الإنسان بما يحيط به من ضر ونفع, ومن هنا بدأت الشعوب والأمم بإعطاء العلم والتعليم اهتماماً خاصاً ، لما لذلك من أهمية في حياة الفرد والمجتمع, كما أن العلم لا يعتبر شهادة وبرواز بقدر ما هو معرفة وإدراك، لذلك ينبغي علينا إدراك حقيقة واجبٍ ومسؤوليةٍ يتطلب على كل أفراد المجتمع القيام بها ابتداءً بالأسرة ثم المجتمع والدولة تتمثل في الاهتمام بالمؤسسات التعليمية باعتبارها النواة الحقيقية لبناء مجتمع متسلح بالعلم والمعرفة ، مجتمع خالي من الأمية, فما تعرضت له مؤسساتنا التعليمية خلال الفترة الماضية خاصة في مجال التعليم والتأهيل أمر لا يمكن قبوله أو الاستمرار عليه طالما أصبحت اليوم مؤسساتنا بأيدينا..
ومن هذا المنطلق فإن مديرية حبيل جبر واحدة من المديريات الجنوبية التي تعرضت مؤسساتها التعليمية إلى التهميش والتغييب والإصابة بفيروسات الفساد الموروثة عن أجهل احتلال عرفه تاريخ الأمة في الجنوب ، ووجهت "الأمناء" عدداً من الأسئلة والاستفسارات لعدد من المختصين والمهتمين في الشأن التعليمي عن الأسباب والعوامل التي كانت وراء كل هذا التسيّب والإهمال بمستقبل أبنائنا الطلاب ، فكانت الحصيلة كالتالي:
نقصٌ حادٌ وعدمُ التزام
وكانت البداية مع أ." عبدالباري قاسم" مدير مدرسة "ابن سيناء للتعليم الأساسي"، وأ."محمد صالح عليب" مدير "ثانوية الفقيد عبدالمنتصر ناجي"، واللذان يتفقان على أن النقص الحاد في الكادر التعليمي الذي وصل حد توقف بعض المواد الدراسية! , بالإضافة إلى عدم التزام بعض المعلمين بالدوام الرسمي للدراسة بسبب تأخر صرف مرتبات المعلمين وعدم قدرتهم على مواجهة تكاليف النقل من وإلى المدرسة في ظل عدم توفر سكن مدرسي للمعلمين, مضيفان إلى ذلك إشكالية تهالك عدد من الفصول الدراسية والذي أصبح الكثير منها غير صالح للدراسة ، ناهيك عن عدم وجود أثاث مدرسي, حسب قولهم.
أما الشيخ / محمود محمد قاسم الزعيم - رئيس مجلس الآباء في مدارس عاصمة المديرية - فيرى بأن تأخر عملية صرف مرتبات المعلمين ليست مبرراً لغيابهم أو إضرابهم عن العمل لطالما ومشكلة الرواتب مشكلة عامة تعاني منها كل مؤسسات الدولة, ويرى بأن المشكلة الذي يعانيها القطاع التعليمي تكمن في عدة أشياء وهي: الكثافة الطلابية، والنقص حاد في الكادر التعليمي, وعدم وجود ميزانية خاصة لترميم وصيانة الفصول الدراسية التي أصبح الكثير منها لا يصلح حتى مساكن للقطعان!.
توقف عملية التوظيف
بدوره، أ."خالد عبدالكريم" - رئيس قسم التوجيه في مكتب التربية بالمديرية - فيرجع سبب التدهور إلى توقف عملية التوظيف للسنوات الأربع الماضية ، ونزول أكثر من مئة معلم للتقاعد ، بالإضافة إلى المرضى وحالات الوفاة والانتقال إلى مرافق أخرى هي وراء إشكالية النقص في المعلمين, ناهيك عن الكثافة الطلابية, وعدم تأهيل المعلمين على استخدام الوسائل والأساليب والطرق التعليمية الحديثة.
فيما أضاف الأستاذ "شاكر جابر" - رئيس قسم التعليم العام بمكتب التربية بالمديرية - سبباً آخر وهو أن التركيبة الجغرافية للمديرية المترامية الأطراف والذي يعتبر عائقاً أمام وصول المعلمين إلى تلك المناطق النائية.
وعن مشكلة البدائل يقول "جابر" بأن نظام البدائل جاء نتيجة النقص في الكادر التعليمي وبرغم سلبيات البدائل إلا أنها أصبحت عامل نجاح للعملية التعليمية في تغطية النقص.
مرارة وألم
لهذا كان لزاماً على "الأمناء" أن تتجه إلى مكتب التربية والتعليم بمديرية حبيل جبر لعل وعسى أن نجد إجابات شافية ، وحلول كافية لكل معاناة طلابنا ومعلمينا ومدارسنا ، فكان باستقبالنا الأخ العزيز الأستاذ "أحمد ثابت قاسم" مدير مكتب التربية والتعليم بالمديرية ، والذي حدثنا بمرارة وألم شديدين عما آلت إليه الأوضاع التعليمية بالمديرية ، موضحاً أبرز الإشكاليات التي يعانيها المكتب ، والتي تمثلت بالنقص الحاد بالكادر التعليمي والذي وصل إلى ١٥٠ معلماً في مختلف التخصصات ، بالإضافة إلى حجم الكثافة الطلابية التي تجاوزت الأرقام المتوقعة ، والذي وصل إلى ١٢١٩٥ طالباً وطالبةً في المستوى الأساسي والثانوي ، في الوقت الذي ليس لدينا من القوة الوظيفية العاملة في حقل التعليم سوى ٣٥٩ معلماً ، موزعين على ٣٦ مدرسة و ست ثانويات ، الأمر الذي جعلنا نعمل على تغطية النقص من خلال نظام البدائل الذي نعتبره النظام السلبي إلا أنه يشكل عامل نجاح لتغطية النقص واستمرار العملية التعليمية.
من جانب آخر هناك إشكالية في جانب الصيانة ، فلدينا أكثر من ٤٧ فصلاً دراسياً بحاجة ماسة إلى الترميم بصورة عاجلة, وهذه الإشكاليات لا يمكن لمكتب التربية بالمديرية حلها فيما إذا لم يتم تدخل السلطة المركزية بالمحافظة والوزارة من خلال اتخاذ آلية تنهي معاناة القطاع التعليمي تتمثل :