استهلالة :
ما تزال الانتهاكات ومخالفات حقوق الإنسان تلقى تجاهلاً وتعتيماً إعلامياً على مستوى وسائل الإعلام المختلفة من صحف ومواقع وقنوات فضائية، ولقيت انتهاكات حقوق الإنسان ازدواجية في موازين العدالة نتيجةً لغياب العدالة ونهج سياسة المعايير المزدوجة التي تتبعها الدول التي تدّعي دفاعها عن حقوق الإنسان , وإيماناً منها بإظهار الحقائق للرأي العام المحلي والإقليمي والدولي ارتأت صحيفة " الأمناء " العدنية كواجب مهني وأخلاقي أن تنشر ملفاً خاصاً عن الجرائم والانتهاكات التي ارتُكبت في العاصمة عدن خلال الفترة من مارس إلى أغسطس 2015م وعلى مدى خمس حلقات متتالية .
الاحتجاز التعسفي:
تنص المادة ( 9) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان , على أنه (لا يجوز اعتقال أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفاً ) وتكفل المادة 9 (1) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (لكل فرد حق في الحرية وفي الأمن على شخصه , ولا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفا ولا يجوز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون).
انتهاكات إنسانية :
جاء في تقرير منظمة " حق " : ( مارست الميليشيات الحوثية والقوات المسلحة المنشقة , جملة من الخروقات والانتهاكات الإنسانية , بحق مدنيين وموظفين تابعين للهيئات الإغاثية والكوادر الطبية , فقد تعمدت تلك القوات دون وجه حق , على تعريض المحتجزين لديها للهلاك والإعاقة والحرمان من الحرية , وبأعداد كبيرة , واحتجازهم كدروعٍ بشرية , في أماكن عسكرية معرضة للغارات الجوية لقوات التحالف العربي ) .
احتجازات غير قانونية :
الشاب/ أصيل علي عبده ( 22 سنة ) كان قادما من محافظة حضرموت في الجهة الشرقية بمسافة 1600 كيلو متر عن محافظة عدن في إحدى حافلات الأجرة ( ميكروباص )مساء يوم الجمعة 17 /4/2015 م وعند وصول الحافلة الحاجز الأمني في (نقطة العَلَم ) مدخل مدينة عدن , يقول والد الشاب :" عند الساعة العاشرة والنصف مساءً استلمت اتصال هاتفي من ابني "أصيل" أبلغني بأنه محتجز لدى أفراد الميليشيات في نقطة العَلَم ومعه خمسة من الركاب دون أن يذكر أسباب احتجازه , انتهت المكالمة وأغلق هاتفة نهائيا " , ويضيف بأنه قد تواصل مع عدد من الشخصيات الجهوية ومنهم الشيخ القبلي الهمداني الذي بدوره أبلغه بعد يومين بأن نجله محتجز في مطار قاعدة العند العسكرية بمحافظة لحج شمالا - تبعد عن محافظة عدن بمسافة 23 كيلو متر تقريبا - التقت المنظمة بوالد المعتقل في تاريخ 22/4/ 2015 م وظل التواصل مستمر معه إلى أن تمكن نجله أصيل من الهرب بعد 33 يوما من احتجازه وقد كان اتصالنا به بتاريخ 28/5/2015م
قال للمنظمة : "عند وصولنا (نقطة العَلَم ) الساعة العاشرة مساء من يوم الجمعة 17/4/2015م وبعد إنزالنا من الحافلة سألنا عن سبب احتجازنا؟, رد علينا أحد العناصر: (مش نحنا اللي نتفاهم معكم ،هناك ستعرفون الأسباب! ) , قلت له : " أنا قادم من حضرموت حيث أعمل هناك وأحمل معي (كيس دقيق ) سآخذه لعائلتي نظرا لنفاد معظم المواد الغذائية في محافظة عدن , ولا يوجد معي سلاحاً ولم أكن في جبهة قتال , أنا راكب حافلة أجرة متجه إلى بيتي ولم أرتكب أي ذنب يستحق احتجازي عليه! " , رد علي بسخرية : " ستفهم كل شيء لاحقاً ! " , أخذونا إلى محافظة لحج واحتجزونا في فندق آزال بمنطقة المحلة لليلة واحدة ومن ثم أخذونا إلى قاعدة العنَد العسكرية واحتجزونا في مكاتب تابعة للمطار الحربي , وكان يوجد في كل مكتب سبعون شخصا من المحتجزين تقريبا وتقدر أعداد المعتقلين حوالي من 1300 إلى 1500 شخص واستمر احتجازنا دون تحقيقات لمدة 33 يوماً ، وبعد هذه الفترة من احتجازنا تعرضت أماكن تواجدنا للقصف الجوي من قبل قوات التحالف - حوالي الساعة التاسعة والنصف صباحا لم أتذكر تاريخ ذلك اليوم - وفي هذا الوقت تحديدا سمعنا انفجار الغارة الأولى استهدفت حراسة البوابة وأخرى استهدفت محيط المكاتب وكانت الثالثة من الغارات قد استهدفت عددا من المكاتب , تمكنت وثلاثة آخرين من الهرب بعد سقوط الجدران ,وكان المشهد مروعاً وبشعاً , حيث شاهدت جثثاً للمحتجزين وأشلاء متناثرة وآخرين تعرضوا للإصابات , وبعد خروجنا بسلام اتخذنا من الوديان في الجهة الجنوبية باتجاه محافظة عدن طريقاً لنا واستمررنا بالسير على الأقدام حتى فجر اليوم التالي إلى أن وصلنا محافظة عدن , بعد أن تجنبنا أماكن جبهات القتال" .
تفاصيل الغارات الجوية متكررة الأخطاء :
عبرت "منظمة حق" في وقت سابق عبر وسائل إعلامية عن مخاوفها من الأخطاء المرافقة للغارات الجوية لقوات التحالف العربي , التي تهدد سلامة وأمن المدنيين , تبين ذلك في سياق المسح الميداني في جمع المعلومات والتحقق منها ميدانيَا ,وعن الخلل الذي أدى إلى العشوائية لتلك الغارات في استهداف أماكن لم تكن أهدافاً عسكرية ما أسفر عن سقوط عدد من الضحايا المدنيين وتدمير أماكن مدنية ومنشآت غير عسكرية , بمخالفة القانون الدولي الإنساني الذي يحمي الفرد في عدم حرمانه من الحياة تعسفَا , وعملاً بالمادة 3 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ( لكل فرد الحق في الحياة والحرية والأمن على شخصه) .
"مركز عدن للتوعية من خطر المخدرات" .. مساعدات للمنكوبين حسب الإمكانيات المتاحة :
الناشطة د/ سعاد علوي - مديرة مركز عدن للتوعية من خطر المخدرات - التقينا ها في مستشفى 22 مايو بالمنصورة في 7 /5 /2015م أثناء قيامها بأعمال المساعدات الإنسانية ضمن البرنامج الذي يقدمه المركز في تقديم المساعدة بالإمكانيات المتاحة تجاه المنكوبين جراء العمليات العسكرية التي تنفذها القوات المتمردة والمليشيات الحوثية في محافظة عدن , حيث استهدف العمل الطوعي مستشفى 22 مايو بالمنصورة ومستشفى باصهيب العسكري بمدينة التواهي وأحياء سكنية بمنطقة القلوعة بمديرية المعلا .
قالت د / سعاد علوي بأنها تؤيد الحملة العسكرية الجوية التي تنفذها قوات التحالف العربي , لكنها حذّرت من الأخطاء المتكررة للعمليات الجوية التي عرضت المدنيين للخطر , كما أشارت بوضوح أنه كان يجب على قوات التحالف العربي تأمين الغذاء والدواء قبل بدء عملياتها العسكرية على اعتبار أن الجنوبيين يعيشون أوضاعاً إنسانية صعبة منذ أوقات سابقة فرضها عليهم النظام السابق ( لصالح ) , فقد ضاعفت تلك الضربات الجوية العشوائية من المآسي الإنسانية أثناء نزوح الأهالي دون مأوى أو دواء .
ملعب 22 مايو الدولي :
ويقع على مفترق طرق لثلاثة أحياء سكنية بمديرية الشيخ عثمان حيّ ( الممدارة وعبدالقو ي ) جهة الشمال ، وحي ( الدرين ) في الجهة الغربية , وفي تاريخ 26/4 /2015 م وعند الساعة الثانية عشرة ظهرا تقدمنا بطلب باسم المنظمة مع إبراز بطاقة العضوية , للسماح لنا بالدخول إلى المنشأة التي تعرضت للقصف الجوي من قبل قوات التحالف العربي في صباح 7/4/2015م لمسؤولي الحراسة والتأمين لملعب 22 مايو من المقاومة الشعبية الجنوبية قبل دخولنا للمنشأة قال أخبرنا أحدهم بأن هذه المنشأة المدنية كانت تخضع للحراسة من قبل قوات الأمن الخاصة كما هو الحال في المنشآت والدوائر الحكومية الأخرى حتى 19 مارس 2015 م بعد أن تعرضت تلك القوات للهزيمة من قبل القوات الشعبية بأطيافها , ومنذ ذلك التاريخ ونحن في المقاومة الشعبية الجنوبية نقوم بحراستها حتى الآن . وقد تم إبلاغنا من قبل مسؤول في المقاومة بأن قوات التحالف ستقوم بقصف الملعب , بذريعة وجود غرفة اتصالات ومستودعات أسلحة , وقد تمت عمليات القصف الجوي في يوم واحد من خلال ست غارات جوية أطلقت 12 صاروخاً على المنشأة .. تعرضت ثلاث نساء للإصابة أثناء تواجدهن في المنشأة ساعة القصف .
بعد قصف الطيران لم نجد أنفاقاً ولا مستودعات أسلحة أو غرفة اتصالات :
قمنا بالدخول إلى الملعب للبحث والتحقق وطرح الأسئلة الممكنة وتصوير أماكن الدمار الذي لحق بالمنشأة وقد كانت لدينا فكرة مسبقة بما تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي و ما كان يردده الناس منذ وقوع الغارات الجوية على الملعب في تاريخ 7/4/2015م بأن هناك كانت أنفاقاً أرضية متصلة بمعسكر القوات الخاصة ( الصولبان) الواقع بمنطقة العريش بمسافة تقدر بـ 2500 متر تقريباً وعن وجود مستودعات للأسلحة , هذا ما تم الترويج له من قبل الجهات التي أرسلت الإحداثيات لقوات التحالف قبل الغارات وبعدها , وفي حقيقة الأمر ومن خلال البحث والتدقيق , لم نجد للأنفاق الأرضية إيّ أثر ولا وجود لأيّ مستودعات للأسلحة ولا غرفة اتصالات , فكل المشاهد تؤكد على دمار هائل لحق بالملعب وكذا سقوط ضحايا من المدنيين , وقتل امرأة تدعى ( نجوى غالب السفياني ) صادف وجودها بجانب الملعب أثناء الغارات , بحثنا كثيراً عن ذويها للتأكد من صحة مقتلها و لم نجدهم , وهناك ثلاث نساء تعرضن للإصابة قمنا باللقاء مع إحداهن , ومن الممكن القول به وبمصداقية الباحث عن الحقائق وكشفها , كان ينبغي على الجهات المسؤولة عن الغارات الجوية في قوات التحالف التأكد من صحة الإحداثيات المرسلة إليهم , وكذلك التأكد بعد إتمام الغارات من أنها حققت أهدافها وفق النظم العسكرية حتى لا تتمادى في تكرار الأخطاء ولا يكون الأبرياء وهم الحلقة الأضعف رهن قذائف الدبابات على الأرض وصواريخ الطيران من السماء , وكما نشير على ما روّج له قبل بدء الغارات على الملعب عن وجود الأنفاق ومخازن الأسلحة , كان ينبغي عدم ضربها في حال وجودها بالفعل على اعتبار المنشأة وما فيها هي تحت سيطرة المقاومة الشعبية منذ 19 / مارس / 2015 م إلى الآن ولماذا يتم تدميرها ؟
ومن المصابين : مخلصة محمد عبده 50 سنة ربة بيت تسكن حي عبد القوي بمديرية الشيخ عثمان ، وسبأ محمد مهدي ، ووداد فيصل تم حجزها في مستشفى 22 مايو بالمنصورة 30 يوماً لخطورة إصابتها , بعدها تم تسفيرها خارج البلاد لتكملة العلاج , المصابة الطفلة / ولاء عادل غالب 11 سنة .
ضحايا الغارات بخورمكسر :
أسماء الضحايا جراء الغارة التي استهدفت حي الأحمد ي بمديرية خور مكسر مساء يوم الإثنين الموافق 30 مارس 2015 م : فارس حسين عبد الرب , 2- أحمد قاسم الداوودي , 3- عبدالله صالح العيسائي , 4- عمر مرشد شمسان -5 سعيد زهري , 6- سعيد قاسم الباخشي , 7- صلاح محمد مسعد , 8- ناصيف عباس , 9- أمير أمين كوشب .
وهناك عشرات الضحايا في مناطق وقرى سكنية متداخلة مترابطة بين محافظتي عدن ولحج وغيرها من المناطق الأخرى بمحافظة عدن .