في ظل غيابٍ تام للسطلة المحلية عن المحافظة.. تتفاقم أوضاعها وتتردى خدماتها.. أبين.. بريد مغلق وصحة غائبة وموظفون دون رواتب منذ شهور!(تقرير)
تقرير/ الخضر عبدالله

عقب تحرير مناطق أبين من سيطرة العناصر المسلحة استبشر الناس خيراً بخروج هذا الجماعات، لكن سرعان ما تبددت أحلام المواطنين, وأضحت المناطق المحررة من هذه الجماعات  تبدو وكأنها مدينة أشباح يقطنها مسلحون ينتمون إلى فصائل مختلفة من المقاومة والجيش  ولا يثق أحدهم بالآخر.

 مهمة الذهاب إلى مناطق أبين الواسعة لم تكن سهلة، فأفراد وجنود الحزام الأمني الذين ينتشرون على الطرق المؤدية لها من منطقة العلم وحتى  مناطق مديرية المحفد المحاذية لمحافظة شبوة شرقاً يبدون متعبين وبمزاج سيء، وهم لا يثقون بالغرباء كثيراً، فكل شخص في نظرهم قد يكون عضواً محتملا لدى الجماعات المسلحة، حتى يثبت العكس.

"الأمناء" تجولت في مناطق أبين التي كانت من أهم  معاقل أنصار الشريعة في عام 2011 م في أبين، ولكن الجيش واللجان الشعبية تمكنت من السيطرة عليها، كما أن مدينتي زنجبار وجعار تعرضتا  لتدمير المنازل  والخدمات الحياتية ولعمليات سرقة للمنازل والمحال التجارية. وإليكم ما خرجنا به في هذا التقرير ..

 

انفلات أمني

منذ عودة الحياة نشاطها في معظم مناطق أبين بعد الانتصار على الجماعات المسلحة بات الدور الأمني مشلولاً ، وغياب كبير للأمن وتنصله عن القيام ولو بجزء يسير من المهام المطروحة على عاتقه, فهناك اختلالات أمنية أضحت تسبب الإزعاج والفوضى للسكينة العامة .

ومازال غياب الأمن يسيطر على كافة أرجاء مناطق أبين ويملأ قلوب أهلها بالرعب والخوف مما ينتج عنه من انفلات أمني..

 

أزمة رواتب .. لا أفق لحل المشكلة!

ويزيد من تفاقم الأوضاع، أزمة تأخر صرف رواتب الموظفين في مؤسسات محافظة أبين بشكل يومي وتزداد معها حاجة المواطنين ومشاكلهم المادية في ظل استمرار غياب السلطة المحلية التي لا ترعوي لمطالب الموظفين بالمحافظة وعدم وجود أفق قريب لحل هذه الأزمة المستمرة .

 

في هذه المحافظة المغلوبة على أمرها يتجمع يومياً  العشرات من الموظفين من معلمين وعمال مياه وعمال نظافة  أمام  بوابة ديوان المحافظة للمطالبة بصرف رواتبهم المتأخرة ..

المطالبين قالوا " :  إن تأخر الرواتب انعكس على حياتهم المعيشية بشكل كبير وانعكس أيضا على أدائهم في العمل ولم يعد بإمكانهم الاستمرار بهذا الشكل إذا لم تجد الحكومة حلا للأزمة".

 وأضافوا: " لم يستلم جميع الموظفين في مؤسسات الحكومية بأبين رواتبهم  ، وبعضهم لم يستلم منذ أكثر من عدة شهور, والكثير منهم لديه التزامات مالية لا يمكن تأجيلها". وقال أحد الموظفين : " أنا مستأجر ولم أدفع الإيجار منذ شهرين ، والبعض منا يحتاج إلى رواتب  للوصول إلى مقر أعمالنا ,والسلطة المحلية  بالمحافظة تدعي أن بإمكانها صرف مرتبات الموظفين وهذه وعود عرقوبية و حل غير مقبول ، سنضطر إلى ترك الوظيفة والبحث عن عمل آخر إذا ما استمر الحال على ما هو عليه! .."

وفي حديث للموظفين المطالبين بصرف رواتبهم : إن جميع موظفي محافظة أبين يتعرضون لضغوطات مادية كبيرة في ظل تكرار تأخر رواتبهم، وأضافوا: تمر المحافظة بأزمة مالية انعكست بشكل كبير على شريحة الموظفين. عمال النظافة والمياه وغيرهم  هم أكثر المتضررين من هذه الأزمة لأن رواتبهم تتأخر باستمرار وهم لا يملكون موردا آخر للعيش. معتقدين " أن على السلطة المحلية معالجة هذه الأزمة وإيجاد حلول سريعة لكي لا تستفحل مشاكل  الموظفين بالمحافظة  وتشل الحياة فيها"

 

أوضاع صحية متردية

والتقت "الأمناء" ببعض المواطنين  الذين عبروا في بادئ الأمر عن شكرهم لصحيفة «الأمناء » على تناولها هموم ومعاناة المواطنين في شتى المجالات حيث قالوا : “لا يختلف اثنان حول تردي هذه الأوضاع وكأن المواطن يعيش في القرون الوسطى، نظراً لعدم وجود العناية في هذا المجال من قبل مكتب الصحة في المحافظة وبدون وجود المراقبة من قبل السلطة المحلية والتنفيذية، حيث نجد الدولة تنفق ملايين الريالات في بناء المستشفيات والمستوصفات والعيادات، ولكنها تبقى خالية على عروشها، بسبب افتقار هذه المنشآت إلى الكثير من الامتيازات مثل: الطبيب المختص والكادر الصحي المؤهل، والأدوية، إضافة إلى ذلك افتقارها لبعض الأجهزة الطبية مثل: الأشعة وأجهزة المختبرات، لهذا يضطر المواطن للجوء إلى المحافظات الأخرى لتلقي العلاج نظراً لانعدام ثقته في صحة المديرية!”.

وأشاروا قائلين : “أيضاً لعدم وجود الرقابة تواجدت العيادات والصيدليات غير المرخصة وغير المكيفة وكأنها (بقالات) مواد غذائية ما يؤدي إلى تلف الأدوية وضعف فعاليتها، إن لم تؤثر سلباً على حياة المواطنين”. مضيفين: “لهذا نناشد الجهات المختصة بوضع حلول سريعة ورفع المعاناة عن أبناء هذه  المحافظة الباسلة‘‘ .

التعليم يتراجع

ثمة أسباب باتت معروفة بالضرورة أدت إلى تدهور مستوى التعليم في مناطق محافظة أبين  ، وإذا كانت ثورة التعليم في البلاد قد وسعت مجالات التعليم وركزت على الكم وليس الكيف، وانطوى ذلك على آثار سالبة كانت خصمًا على العملية التعليمية، فإن القطاع التعليمي في محافظة أبين يشارك بقية محافظات الجمهورية في التدني العام وينفرد دون المحافظات الأخرى بمؤشرات تدني واضحة يجب التنبه إليه ومعالجته قبل أن ننعي العملية التعليمية هناك، ومن مؤشرات التدني والانهيار التي بدت لنا من خلال جولة في المحافظة  وقفنا ميدانيًا على أوضاع التعليم المريع وجلسنا إلى المسؤولين عن التعليم هناك، وتحدثنا مع خبراء في مجال التعليم وأُسر الطلاب لمعرفة أسباب التدهور الذي أخذ بتلابيب  أوضاع القطاع التعليمي بالمحافظة لاتزال معظم مدارس التعليم الأساسي والثانوي بمحافظة  أبين ,تعاني من نقص حاد في المعلمين وبالذات للمواد  العلمية إذ لم يدرسها الطلاب في عدد من المدارس للعام الدراسي 2015/2016م وما قبله .

ويعد هذا الوضع جريمة جسيمة تقترف بحق الطلاب .. وما يزيد الشعور بالمرارة عدم تفاعل الجهات ذات الاختصاص بالمحافظة مع هذا الأمر , ناهيك ما تعانيه المدارس من  شحة في الأنشطة التربوية صفية واللاصفية..

 ويعود  ذلك النقص إلى قيام إدارة التربية السابقة بالمحافظة بتوظيف معلمين ومعلمات (يقرأ ويكتب ) وتجاهلت الخريجين الذين يحملون الشهادات الجامعية بكافة التخصصات مما سبب النقص الحاد الذي تعاني منه غالبية مدارس المحافظة!!.

 

إغلاق مكاتب البريد وتلاعب وسمسرة

ويشكوا المستفيدون من مكاتب  البريد بمناطق أبين استيائهم وغضبهم جراء استمرار إغلاق مكاتب البريد والتأخر في صرف معاشاتهم ، وقال مواطنون يتجمهرون أمام مكاتب البريد لـ" الأمناء" : " إننا نأتي كل يوم والبعض منا  يأتي من مناطق بعيدة من خارج المدن  إلى أمام  مكاتب البريد من أجل استلام معاشهم الشهري والذي يعتبر مصدر دخلهم الوحيد لكنهم يتفاجؤون ليجدوا أمامهم أبواباً مغلقة ويظلون ينتظرون  إلى وقت الظهر وأحيانا  يزيدون من الانتظار والبريد لم يفتح أبوابه! .  ."

 

وأرجع المواطنون قولهم من أن إغلاق مكاتب البريد لأيام كثيرة يعود إلى  وجود حزمة من البطائق البريدية الخاصة بصرف المعاش   لموظفين عند عدد من التجار الذين تفرقوا  بمفردهم إلى استلام معاشات الموظفين من أجل تسديد بها ديون الموظفين والتنسيق مع موظفي البريد  وهي سبب في التهام السيولة قبل وصولها الأمر الذي يدفع موظفو البريد إلى إغلاقه بحجة عدم توفر السيولة! .

 

 

انتكاسة الإنتاج الزراعي

وتعد مناطق أبين من أبرز مناطق محافظات الجمهورية اليمنية في الإنتاج  الزراعي بكل أنواعه  وأشكاله , إلا أن الزراعة شهدت بعد الحرب الضروس  انتكاسة حقيقية أفقدت المحافظة بريقها  الزراعي ، الأمر الذي كان كفيلاً بجنوح المزارعين عن الزراعة، بحثاً عن مصدر آخر للرزق، في الوقت الذي تتنصل فيه الجهات المعنية عن القيام بدورها تجاه هذه الثروة التي باتت مهددة بالاندثار.

 

معاناة مياه الصرف الصحي

وهنالك مأساة حقيقية تشهدها مناطق محافظة أبين  وطفح غير مسبوق حتى أصبحت إحدى أهم المشكلات التي تؤرق أهالي مدينتا زنجبار و لودر وخنفر والتي باتت مشهداً ثابتا في الأحياء الراقية والفقيرة على حد سواء، في ظل غياب تام للسلطة المحلية فلم يعد غريباً أن يبحر المواطنون بمياه الصرف الصحي وتلال من القمامة بشكل يومي في مختلف شوارع المدينتين  وأحيائهما.

ورغم الأضرار الصحية الفادحة التي ستتسبب بها هذه الكارثة للمواطنين إلا أن الجهات المعينة والسلطة المحلية، لم تحرك ساكناً بعد لمعالجة مشكلة طفح المجاري, وتكدس القمامة!

مشهد تراه عيناك عشرات المرات بشكل يومي وسط تساؤلات تهكمية واستفسارات شتى من المواطنين تارة يقولون :” متى ستنعم  مدن أبين بالنظافة؟ إلى متى تظل تلال وجبال من القمامة في الشوارع؟!.

وتساءل أبناء مناطق أبين عن دور المسؤولين في معالجة هذه الظاهرة التي جعلت من المدن وكأنها مدن أشباح وليست راقية ؟؟

 

متعلقات
سجون الحوثي.. جرائم وانتهاكات على مرأى ومسمع من العالم
مؤسسة الصحافة الإنسانية ترصد وفاة 60 حالة وإصابة أكثر من 7 آلاف شخص خلال شهر فقط
التسرب المدرسي معضلة تهدد مستقبل الطالبات في ردفان
تقرير: "دثينة وقبائلها".. لا حياد في الحرب على الإرهاب
الأمم المتحدة تتهم جماعة الحوثي الانقلابية بعرقلة العمليات الإنسانية للشعب اليمني