مهنة الخياطة من أكثر الحرف اليدوية انتشاراً وتغلغلاً بين الأوساط العدنية..(تقرير)
تقرير/ مروى السيد

 تعدُّ الخياطة من أشهر الحرف اليدوية ذيوعاً وانتشاراً في عدن، فأكثر الأسر بعدن لا تخلو باحات بيوتها من ماكينات الخياطة، التي تساعد بعض الأسر على كسب مصادر رزقٍ جديدة، عبر هذه المهنة.    

"الأمناء" ترصد كيف تحولت مهنة الخياطة إلى مهنة احترافية عند بعض الأسر العدنية، وهي صاحبة الفضل في ذلك، وجعلت عجلة خياطتها تدور مع عقارب الساعة لتكون مصدر رزق إضافي لها ولمن حولها؛ كي تحسن من مستواها المعيشي، ولتساعد على استمرار عجلة الحياة فيها، رغم الظروف الصعبة والمريرة، التي تمر بها هذه الأسر، التي تعتبر بعضها من الطبقة الفقيرة والمتوسطة.

أسباب عـديدة

جملة من الأسباب جعلت سيدات عدن وبناتها يتجهن نحو الخياطة والعمل لساعات طويلة، دون كلل أو ملل، أهمها عدم توفر فرص عمل للفتيات، خاصة اللاتي منعتهم  ظروف الحياة من تكمله مشوارهن العلمي، ولا تزال لديهن طاقات عقلية شابة يردن استقلالها فيما ينفع، لتتبلور بجملة من الأفكار، تم إسقاطها على عدة منسوجات؛ لتشكل تطريزات محلية بالطابع والذوق العدني الخاص، وبعضها الآخر يواكب الموضة الجديدة بيد محلية، لذى تم إنشاء العديد من المراكز والجمعيات المعنية بالخياطة، في معظم مديريات العاصمة عدن، وأتيحت الفرصة للفتيات للتعلم، والعمل في هذا المجال، بالإضافة إلى شغل وقت الفراغ الذي تعانيه بعض النساء، بما ينفعها ويدر عليها بالمال، بدلاً من حالة العطالة التي كانت تعاني منها، وكذا تخلصها من أن تكون عبئاً على المجتمع، فتصبح يداً عاملة ومنتجة ولو كانت في بيتها، طالما وهي قد استطاعت أن تصنع لنفسها مهنة وحرفة جديدة..

وتستند العديد من الأسر على العائد النقدي من ممارسة هذه المهنة  لتلبي احتياجات الحياة الضرورية، ولتغطي في شقها الآخر احتياجاتها الخاصة بشأن خياطة ثياب الأسرة ذاتها - أضعف الإيمان -  إذ أن "الماكينة" في بعض البيوت العدنية أصبحت ليست مجرد مهنة فقط، بل أضحت بعض النساء يعتبرنها، كممارسة هواية مع رفيقة دائمة تعطي أصواتها طابعاً وحيوية خاصة للبيت العدني..

التخفيف من أعباء الحياة

وتقول "آم صبري" لـ"الأمناء": " لم تساعدني ظروفي المادية، وكذا الأسرية على إكمال دراستي، فامتهنت مهنة الخياطة؛ للتخفيف من أعباء الحياة علي، عملت بشكل دؤوب ومستمر، حتى تمكنت من التطور أكثر وأكثر.." مضيفةً : "اليوم أصبح لي معمل متكامل، ولدي عاملات أشرف على تعليمهن كل جديدٍ في السوق بخصوص هذه المهنة التي أحبها."

وتتابع حديثها بالقول: "لم تكن حياتنا غنية بقدر ما كنا نفتقر للـ"قرص الروتي"، أنا وإخوتي الثمانية، مشيرة إلى أنها سارعت مع إحدى صديقاتها للشراكة، بشراء ماكينة خياطة بمساعدةٍ من فاعل خير، وبدآنا نتعلم عليها واحترفنا المهنة، ودخلنا إحدى الجمعيات النسائية المعنية بمجال الخياطة، وتخرجنا وساعدتنا هذه الجمعية أيضا بفتح معمل صغير، وها نحن الآن أصبح لنا زبائن من أقصى المحافظات والمعمل أصبح يعمل، والفتيات تأتي إلينا للعمل والحمد لله على أن فتح علينا باب الرزق هذا عبر هذا المشروع الصغير".

انتهاز الفرصة

أما "أم جابر" ففتاة ريفية قدمت من محافظة لحج؛ كي تتعلم أصول الخياطة والتطريز شدنا الحديث معها لتقول لنا: "منذ نعومة أظافري وأنا أرى جدتي وهي تخيط العباءات، ودروع السهرات فقد أتممت دراستي الجامعية والحمد الله وأحببت أن أنتهز فرصة فراغي بتعلم مهنة الخياطة حيث لا يوجد في لحج جمعيات أو منظمات تعتني بتعليم الخياطة ودعمها إن لزم الأمر لتحويلها إلى مشروع تجاري ناجح إلا في عدن، وهكذا بدأت مع إحدى المؤسسات العاملة في مجال الخياطة بالمنصورة وها أنا إن شاء الله في المراحل الأخيرة من تعلمي هذه المهنة التي أجد نفسي سعيدة بممارستها.."

 

معمل متكامل في البيت

وأصبح من الممكن العمل في البيت لجميع أنواع الخياطة كالتصاميم الشعبية مثل : الدروع والجلابيات وتفصيل الزي المدرسي، والتصاميم الراقية مثل: الفساتين والتنورات والبناطيل والبلايز، التي كانت تحتاج إلى مصانع ومعامل كبيرة، حيث تعمل "الخالة زبيدة" في بيتها، برفقة بناتها الثمان، وكلهن يعملن في مجال الخياطة والتطريز.

 وعند دخولنا منزلها فوجئنا بوجود فساتين أعراس مخيطة ومفصلة بدقة عالية، سألناها كيف تعملين ذلك؟ فأجابت بقولها: "بناتي من أشد المعجبين في مجال الأزياء فهنّ يقرأن المجلات ويطلعن على صور أزياء كفساتين السهرة وما شابه الفستان الذي يردن تفصيله يقمن أولا برسمه ورقيا وبشكل كبير، بعدها يعرضونه على زبائننا والتي يعجبها أي رسمة، نقوم بخياطته خلال أيام نتفق فيها مع الزبون وقت تسليمها وبنصف قيمة الفستان بالمعرض" ، حسب قولها .

كلمــة أخــيرة

من خلال ما استعرضناه في تقريرنا عن كسب حرفة يدوية بسيطة، استطاعت المرأة العدنية أن تفرض نفسها في السوق المحلية، وكذا في معتركات الحياة القاسية، مرافقة أخاها الرجل يداً بيد، وآخذة بيده وبيد الأسرة كلها، بأصابع يديها الحريريتين اللتين يخيطان الذهب بعرق الجبين، في وسط معترك الحياة التي تخلو من أبسط مقوماتها الاقتصادية، وبالذات بعد الحرب على عدن خاصة والجنوب عامة، الأمر الذي ضاعف المصاعب أمام المرأة العدنية، وجعل التحدي أمامها كبيراً.

 

متعلقات
سجون الحوثي.. جرائم وانتهاكات على مرأى ومسمع من العالم
مؤسسة الصحافة الإنسانية ترصد وفاة 60 حالة وإصابة أكثر من 7 آلاف شخص خلال شهر فقط
التسرب المدرسي معضلة تهدد مستقبل الطالبات في ردفان
تقرير: "دثينة وقبائلها".. لا حياد في الحرب على الإرهاب
الأمم المتحدة تتهم جماعة الحوثي الانقلابية بعرقلة العمليات الإنسانية للشعب اليمني