قرية الصِرفة بالضّالع .. تاريخٌ وشعرٌ ونضالٌ(تقرير)
تقرير/ أكرم القداحي

 تعدّدت الروايات بشأن تسميتها خلة الصرفة فبين قائل بأن هذه التسمية أطلقها أحد الملوك الحميريين ممن استوطنوا أرضها قديماً، فيما مؤرخون رجّحوا نسبة التسمية تلك إلى " لفظة " صرفة من التصريف ربما للمياه حيث كانت بحسب الروايات قديماً أرض أنهار وجنّات، كما قيل..

وتقع الصرفة شمال غرب مدينة " خله "تحيطها سلسلة جبلية من جهات الشرق والشمال والغرب وتتبع إداريا مديرية الحصين ، وتبعد عنها سبعة كم باتجاه الشرق.

موطنُ نضالٍ وشعرٍ

واختلط اسم الصرفة بساحات وميادين النضال ، وقبلها تفنّن الشعراء من أبنائها في فنون الشعر بأنواعه من الحماسة إلى الغزل ، والمدح ، وغيرها من ضروب الشعر المختلفة ، وعُرِف من بين شعرائها الأفذاذ الشاعرة الحاجّة / راوية مفلحي ، أم الشهيد فيصل منصر ، والشاعر المرحوم صالح محمد هرهرة ، والشاعر القدير عيدروس هرهرة ، والشاعر محسن علي محمد  ،  الصرفة هي مهد الشاعر الموهبة الطفل / فياض هرهرة ، ابن الشاعر أنيس عيدروس هرهرة ، وحفيد الشاعر عيدروس هرهرة ، وحفيد الأسرة الأصيلة التي تجيد الشعر والذي يتوارثه الأجيال جيلاً بعد جيلٍ ، وللصرفة تاريخ تليد ، تبيّنه المخطوطات القديمة التي عُثِر عليها في مواقع متفرقة أثريّة تحيط بالمنطقة ، واحتفاظ السكان بكثير من تلك العادات والتقاليد وللتراث الفلكلوري عن أهل خلة نصيب ومكانة يحرص أهلها على إقامتها في مواسم معينة بطقوسها القديمة التي لم تتغير كثيراً .

في أعماق التاريخ

 وبعد أن توارت الأحاديث والأساطير عن أول ساكنيها في الزمن القديم إلا أننا وجدنا دلائل على أول ساكنيها رغم بحثنا العميق وهو السلطان حسين أبوبكر بن هرهرة وإخوانه  ، ثم توالت إليها عدد من القبائل والأسر الأخرى من الشعيب والحصين، كـ آل السقلدي ، والكاش ، وآل أحمد ، والمنصوب ، والنقيب ، والثوير ، والشعيبي ، وآل الهادي ، وعدد آخر لم يتسنَّ لنا ذكرهم .

وتشتهر الصرفة بأهم ثلاثة مباني قديمة تُسمّى " الدور " وهي معالم أثريّة قديمة ، هي الدار الأسفل ، والدار الأعلى ، والدار الجديد ، والدقاقة ، وسُمّي بالدار الجديد لأنه آخر الديار التي بُنيت في ذلك الزمن كما يبدو من خلال شكله ، وثلاثتها تحكي قصص وأساطير ساكنيها القدامى ، حيث اتخذها الحميريّون سكناً لهم قبل وصول القبائل من آل هرهرة والقبائل الوافدة إليها منذ مئات السنين ، والتي مازالت بعض الأودية الجبلية والهضاب بأسمائهم حتى يومنا هذا مثل وادي الحصور ، ووادي جعور ، ووادي المصالل ، ووادي كحمم وكذلك التلال والأودية الجبلية المسمّاة في الصرفة " الشعاب " مثل : شعب جعار ، وشعب حمار ، شعب التعق ، وجميعها بأسماء شخصيات حميريّة والتي مازالت آثارهم موجودة وشاهد حي حتى اليوم ، ومنها دار الزناد وريمة والرزيم ومكحدة ، وهي أماكن كانوا يتواجدون فيها .

تربتها وموقعها المميّز

وتحظى الصرفة بخصوبة تربتها الصالحة للزراعة وموقعها الجغرافي الذي ميّزها عن سائر مناطق الضالع والحصين كما توصف الطبيعة فيها بالخلابة ، وخاصة في موسم الخريف ، حيث تكتسي ثوبها الأخضر الجذّاب لتسبي عقول زائريها خصوصاً عند هطول الأمطار وفي موسم الزراعة حيث تتفجر الأرض عيوناً وينابيع تحت أقدام أهاليها وزائريها لتبدو الفاتنة وكأنها قطعة من جنان الرحمن جلّ جلاله .

تُحيط بها الجبال من ثلاث جهات ، توجد فيها عدد من الأودية الزراعية أهمها وادي الذحلة الشهير ، ووادي عتبة ، واللذان يمتدان بجناحيهما من جهتي الشرق والغرب ، ويمتدان حتى أسفل وادي خلة.

 إن منطقة الصرفة تحظى بعدد من المعالم الأثرية القديمة ، والتي لازالت راسخة حتى اليوم وهذا دليل على مكانة وشموخ هذه المنطقة.

كما تشتهر الصرفة بزراعة عدد من المحاصيل الزراعية مثل الدخن ، والشام ،والذرة الرفيعة ،والغرب..

زياراتُ الرؤساء والقادة

ولم يزُر الصِرفة العامة من الناس فحسب، بل زارها كثير من قيادات الجنوب على مدى ثلاثة عقود من الزمن، لقد وطِأت أقدام عدد من قيادات الجنوب المنطقة ، كأمثال الرئيس علي ناصر محمد ، والشهيد علي عنتر ، والشهيد علي شايع ، والشهيد صالح مصلح ، والفقيد قائد صالح الشنفرة ...وكثيرون ، وذلك أثناء افتتاحهم مجرى السيول العملاق والمعروف بعبر لعبار.

 كذلك زارتها عدد من القيادات الجنوبية منذ بداية انطلاقة الحراك الجنوبي والمقاومة الجنوبية أمثال شلال علي شايع وعيدروس الزُبيدي وصلاح الشنفرة ، وخالد مسعد وكثيرون. تُعتبر منطقة الصرفة عنوان في سجلات التاريخ وصفحاته ، ليست مبالغة وإنما حقيقة ، فمن أراد أن يعرف الصرفة فليزُرها؟! .

كما توجد فيها قيادات عسكرية وتربوية وشخصيات اجتماعية رفيعة لها تاريخ حافل بالنضال والتضحية ، لن ننسَ ولن تنسَ الحصين ولا الضالع الشهيد البطل فيصل منصر شهيد الحركة الطلابية والذي استشهد في جبهة سناح في حرب 1972م، والذي سمّيت مدارس خلة باسمة باسم واحد وهو ( مدرسة الشهيد فيصل منصر الموحدة خلة ) وكذلك الوحدة السكنية كانت باسم ذاك الشهيد البطل "فيصل منصر" حتى تمّ تغييرها هي وعدد كبير من المدارس والمرافق والمؤسسات العامة بعد حرب 1994م، من قبل الدولة التي اعتدت  على الدولة الجنوبية وطمست كل تاريخ لنضال أبنائها، ظانين بأنهم يستطيعون الاستمرار في مشاريع طمس النضال والهوية الجنوبية، كما لا ننسى ابنها الشهيد المقدم عبدالرحمن قحطان مدير الأمن السياسي بمحافظة لحج والذي تمّ تصفيته قبل حرب صيف 1994م في مقرّ عمله.

 

متعلقات
سجون الحوثي.. جرائم وانتهاكات على مرأى ومسمع من العالم
مؤسسة الصحافة الإنسانية ترصد وفاة 60 حالة وإصابة أكثر من 7 آلاف شخص خلال شهر فقط
التسرب المدرسي معضلة تهدد مستقبل الطالبات في ردفان
تقرير: "دثينة وقبائلها".. لا حياد في الحرب على الإرهاب
الأمم المتحدة تتهم جماعة الحوثي الانقلابية بعرقلة العمليات الإنسانية للشعب اليمني