تقع قرية ثوان في مديرية الشعيب محافظة الضالع وتطلّ على قمة جبلية عالية ويبلغ عدد سكانها حوالي 850 نسمة أثرت الهجرة الداخلية والخارجية على القرية فصعوبة الحياة أجبرت الكثير على الهجرة لم ترَ هذه القرية أي مشروع حكومي منذ مئات السنين سوى حاجز مائي بتكلفة مليوني ريال من المجلس المحلي أهمله المهندس الذي قام بعمله ولم يستخدم له المعاير العلمية للعمل وأصبح الحاجز غير قادر على حجز المياه.
الكفاح من أجل التعليم
ولم تنتهِ معاناة هذه القرية ابتداءاً بالتعليم و الصحة والكهرباء والمياه كلها جهود ذاتية من المواطنين في عام 2009م تم الانتهاء من بناء مدرسة ريفية على نفقة صندوق الدعم الدولي بعدد ستة فصول تم افتتاحها في عام 2011م ولم يتمّ اعتمادها في وزارة التربية حتى اليوم ورواتب المدرسين يتكفل بها طلبة المدرسة، ومن تجاوز الصف السادس يتم نقله إلى قرية " لنجود " التي تبعد ثلاثة كيلو و يقطع الطلاب و الطالبات تلك المسافات مشياً على الأقدام كل صباح ومعهم الأستاذ فريد ناجي أحد أساتذة مدرسة لنجود قال : "منذ ست سنوات تمّ تعييني في مدرسة الشهيد الحازمي "لنجود" وتبعد المدرسة عن منزلي ثلاثة كيلو مع عدم توفر المواصلات أقطع أنا وطلابي هذه المسافة مشياً على الأقدام كل صباح ، متحملين برد الصباح وحرارة الشمس ، وليست هذه مشكلتنا فحسب بل نواجه الكثير من الصعوبات في المدرسة أبرزها :
الكثافة الطلابية داخل الفصول الدراسية ، إضافة إلى نقص كبير في عدد المدرسين مما يجعلنا نتحمل فوق طاقتنا ، وتصل عدد حصصنا الأسبوعية ما بين 25 - 30 حصة لكل معلم . وكذلك نعاني من نقص الوسائل التعليمية الحديثة فما زلنا السبورة السوداء والطبشور في شرح الدروس ، ونقص حاد في الكتب المدرسية وما تمتلكه المدرسة من كتب معظمها تالفة .
وبعد المدرسة مُنِع كثير من الطالبات من مواصلة الدراسة أو الامتناع عن الدراسة منذ البداية " .
أمّا طلبة الثانوية فمعاناتهم أكثر بكثير فهم يقطعون قرابة 5كيلو يومياً للوصول إلى ثانوية " الحبيشي " بخال وهذه الطريق عبارة عن سلسلة جبلية مترامية الأطراف لا يستطيعون المرور منها إلا مشياً على الأقدام وتزداد معاناتهم يومياً ، وهذا الأمر سمح للكثير من الطلبة مغادرة المدرسة والذهاب إلى المهجر أو البحث عن عمل داخل القرية و خارجها .
وبعد وصول الكهرباء إلى القرى المجاورة حلم الناس في قرية ( ثوان ) مغادرة حياة الظلام و العيش مع أنوار الكهرباء ، تخلّت الحكومة عن مهمتها وتعاملت عبر سماسرة لها ببيع كل أدوات الكهرباء من كانبات وخطوط الضغط العالي والشبكة الداخلية وغيرها ، فقد كانت على حساب المواطنين في القرية ، فَرَض عقال القرية مبالغ مالية باهظة على الجميع بمن فيهم المغتربين فقد تحملوا معظم التكاليف تجاوزت مساهمة البعض ألف دولار أمريكي وباقي دول السعودية وبريطانيا ألف ريال سعودي ، تسابق المغتربون خارج الوطن في الوقوف مع أهلهم وإنارة قريتهم وتحمّل المواطنون في القرية العمل والحفر ونقل الكانبات طول الطريق حتى وصلوا القرية فليس لديهم أجهزة حديثة مثل حاملات الأثقال أو الونش ، كانوا كخلية النحل يعملون جميعاً حتى تحقّق حلمهم في عام 2013 م ، نعمت القرية بالنور لكن جاءت الحرب دمّرت أحلامهم وبقيت الضالع بكل مديرياتها تعيش في ظلام شديد .
طرق وعِرة وحكومة غائبة
موقع القرية في قمة أحد الجبال جعل الوصول إليها شاق جدا فطريقها صعبة جدا وتبعد عن عاصمة الشعيب العوابل حوالي ساعتين في السيارة ، لم تلفت الحكومة إلى معاناة أفراد هذه القرية فكل المبادرات التي تمّت من أجل الطريق جهود فردية من أبناء القرية أو مساهمة من المغتربين ، حيث تم رصد عدد من العقبات الصعبة التي حصدت أرواح عدد من المواطنين وعرّضت حياة البقية للخطر عدة مرات ، مع كل تلك الجهود لكن تضل معوقات طريق ثوان كبيرة وتحتاج من يلتفت إليها ففي أيام السيول يصبح الوصول إلى القرية صعب جداً .
تعيش قرية ثوان ثقافة ضالعيّة أصيلة ، فلديها أنظمتها وقوانينها التي تنظم حياة الناس وتحلّ جميع المشاكل و الخلافات عن طريق العُرْف القبلي ، فمنذ صيف 94م لم يذهب أي متخاصمين نحو القضاء أو السلطة المحلية التابعة للاحتلال حدّ قولهم.
حلّ المشاكل
وتشترك قرية ثوان مع الصومعة ولنجود ومهنان وعراعر في حالة وجود مشاكل كبيرة فيتم تشكيل لجنة من جميع القرى وتنفيذ ما يروه مناسباً ، وقد حُلّت أغلب المشاكل منذ عشرات السنين ، من ضمنها مشاكل كبيرة توصل حدّ القتل وبفضل الله ثم رجال السهم النجدي عاش الجميع محبة ووئام إضافة إلى اشتراكهم في الأفراح والأحزان فقد جرت العادة بأن العريس وقت زفافه يرسل دعوات إلى القرى المجاورة للمشاركة ، وكذلك الأحزان ففي وقت الأحزان تجد أفراد القرى يتجهون إلى أهل الحزن لمواساته والوقوف معه في مصيبته .
وفي جانب الأفراح و المناسبات يُمنع إطلاق طلقة رصاص ، ومن يتجاوز ذلك فيدفع ما لا يقل عن عشرين ألف ريال للصالح العام مسجد أو طرقات ، وإذا أطلق الرصاص أحد الضيوف الوافدين من خارج القرية فالعريس يتحمّل كل شيء مالم فعقابه الامتناع عن مشاركته أفراحه من قبل الجميع ، وكذلك شروط الزواج فهناك قانون عام يجبر الجميع على اتباعه داخل القرية ، أما الزواج إلى خارج القرية فترك الحرية لوالد العريس يشرط لبنته ما يريد .
بدوره عبّر محمد سعيد أبو واثق رئيس جمعية أبناء ثوان عن صعوبة الحياة في القرية بسبب وعورة الطريق وبُعدها عن مركز المدينة ، لكنه أضاف بأن الجميع أسرة واحدة في أفراحهم وأحزانهم ونعيش أخوة متحابين في أحسن حال ، معظم مشاريع القرية يتحملها المغتربين أهلنا في المهجر فحين تركتنا الدولة ساندونا أهلنا فمشروع الكهرباء و رواتب المدرسين في المدرسة و مساندة المحتاجين وأهلنا في الجبهات ودعم الجرحى ومواساة أسر الشهداء كلها يتكفلها المغتربون وبعض المقتدرين في القرية وبالتكاتف و التعاون تجاوزنا معظم الصعوبات ولن نقف مكتوفي الأيدي سنقدم كل ما بوسعنا من أجل أهلنا وقريتنا.
" ثوان " مدرسة في الصمود والنضال
وكانت قرية ثوان من القرى السبّاقة في مرحلة النضال السلمي ، فلها الفخر بأن ابنها الشهيد جمال الجوبعي أحد رجال حركة حتم استُشهد في جبال ردفان 30/6/2011م و يُعتبر أول شهيد من مديرية الشعيب في مرحلة الثورة السلمية ، وقدّمت عدد من الجرحى إضافة إلى صمود أبنائها في الحرب ومشاركتهم في جبهات الضالع وتحركهم باتجاه الحبيبة عدن لتطبيع الحياة فيها والمساهمة في حماية عاصمة الجنوب وقلبه النابض .