قدم روحه رخيصةً لله ثم لوطنه الذي عشقه عدد قطرات دمه
كتب / شايف الحدي :

حلت علينا يوم الأحد الموافق 2016/5/8م الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد المناضل/علي ناصر قاسم حسين الثوير في معركة استمرت (٢٠) ساعة حرب سُميت بــ(عاصفة الضالع) في جبهة غول سبولة/لكمة الحجفر/القراعي/حياز.

تمر علينا هذه الذكرى الأليمة والحزينة على قلوبنا، وهي الذكرى الأولى لاستشهاده، ولكننا في الحقيقة أمام ذكرى رجل كرس جُلّ حياته للنضال من أجل قضية شعبه العادلة ومن أجل العدالة والكرامة وعزة وطنه الذي عشقه عدد قطرات دمه.

قلة هم أولئك الرجال الذين يتسنمون قمم الخلود والسمو والعظمة، أولئك القلة هم عظماء شعوبهم وأبطالها.

ولذلك تبقى مسيرة الحياة ومسيرة الإنسان مشدودة الخطى نحوهم، وما أروع الشموخ والسمو والعظمة حينما نأخذه من سيرة هؤلاء الأبطال العظماء.

عمل بصمت ونال الشهادة التي كان يصبو إليها بصمت بعدما أذاق العدو طعم الموت والمر وقدّم حياته بكل طيب خاطر لما كان يؤمن به من أفكار وكان للثائرين رمزاً وعنواناً وقائداً وذلك بزناد سلاحه وعنفوانه وروحه الوثابة.

 من هنا كانت البداية

من هنا كان المجد والخلود حقيقة حية للشهيد البطل/علي ناصر قاسم الثوير الذي ينحدر من أسرة نضالية عريقة في مقارعة الغزاة، فلاننسى أنّ هذه الأسرة قدمت خيرة رجالها الأبطال فداءً للوطن عبر مراحل تاريخية طويلة حافلة بالمآثر الخالدة ونذكر منهم القائد الثائر الذي ملأ أرجاء الوطن ضجيجاً بسمعته النضالية القائد الميداني البطل/قائد صالح الشنفرة الذي يعد رجلاً بحجم وطن قدّم كل عطائه وخبراته في كفاحه المسلح وبناء وطنه وممن كان لهم مواقف وطنية مشرفة لهذا الوطن الذي رفض المساومة عليه وفضّل أن يكون ثائراً في الجبال الضالعية واليافعية، ولم يكتفِ القائد الشنفرة عند هذا الحدّ، بل أنه ملأ صيته الوطن لشجاعته ومواقفه الوطنية ورفضه مقايضة الغزاة أو الاستسلام لهم رغم كل الإغراءات التي كانت تأتيه من عاصمة الاحتلال صنعاء.

وعلى نهج هذا البطل سار الشهيد/علي ناصر قاسم الثوير الذي ولِد في أواخر عام 1947م في قرية غول سبولة 7 كيلو متر إلى الشمال الشرقي لمدينة الضالع .

الشهيد البطل متزوج ولديه ثلاثة أولاد وأربع بنات، وينحدر من أسرة نضالية كبيرة في مقارعة الغزاة عشقت الحُرّية والعزّة والكرامة والنضال والتضحية والإقدام والإيثار .

وتوارثت النضال منذُ وقت مبكر بدايةً من الغزو التركي للضالع عندما استشهد البطل/ قاسم حسين الثوير وهو يقارع الاستعمار التركي أثناء محاولتهم اقتحام قرية غول سبولة من إتجاه جبلها الشامخ الذي يُسمى (قمّر) عام 1917م من القرن الماضي.

ثم تلا ذلك غزوات الزيود في ثلاثينيَّات القرن الماضي للضالع وكيف وقف رجال هذه الأسرة ومعهم كل أبناء الضالع في وجه أطماعهم الاستعمارية لأرض الجنوب .

وفي ثورة عام 1956م التي اندلعت شراراتها الأولى في منطقة الجليلة واستشهد فيها أربعة من الثوار كان بينهم الشهيد/أحمد مثنى علي الثوير، تلاه الشهيد البطل/قايد مثنى إسماعيل الثوير وجُرح شقيقه الفقيد المناضل حسين مثنى إسماعيل أثناء قيامهم بتنفيذ هجوم على المعسكر البريطاني الواقع في منطقة الصفرى بجليلة الضالع وكانوا حينها برفقة عدد من أبناء أسرة آل(الثوير) منهم المناضل أحمد صالح حسين الثوير والمناضل قايد علي حسن بقيادة المناضل علي أحمد ناصر عنتر والمناضل الكبير/قايد صالح الثوير الملقب بـ"الشنفرة".

وفي عام(1957م) قدمت هذه الأسرة الشهيد البطل شائف مسعد سعيد الثوير التي تحمل مدرسة غول سبولة اسمه إلى الآن .

مراحل ومحطات من حياة الشهيد:

ـــ التحق الشهيد بمعلامة القرية ثم بالمدرسة الإبتدائية في عام 1959م والتي كانت تعرف باسم مدرسة (الفتح الناصرية) وتخرّج منها في عام 1965م في مدينة قعطبة بشمال اليمن.

ـــ أثناء دراسته في عام 1965م في مدينة قعطبة عمل مراسلاً سرّياً لثوار الجبهة القومية بين الجبهات وبإشراف المناضلُين علي عنتر وقائد صالح حسين الشنفرة.

ـــ شهد العديد من الأحداث كان أولها المشاركة في ثورة 14أكتوبر ضد الاحتلال البريطاني.

ـــ انخرط في جيش التحرير في أواخر عام 1965م ليتم منحه ميدالية مناضلي حرب التحرير بعد رحيل المحتل البريطاني عام1967م.

ـــ عند اندلاع حرب 1972م بين شمال اليمن وجنوبه كان الشهيد علي ناصر قاسم الثوير من أوائل المشاركين في تلك الحرب، وكان برفقة القائد/قايد صالح الشنفرة حينما قاد عملية اقتحام جبل الجميمة وجبل بركان في قعطبة  إلى جانب شقيقه الشهيد/ مسعد ناصر قاسم الثوير وعمه الشهيد/محمد صالح حسين الثوير وبعد انتهاء الحرب عاد ليمارس عمله في الزراعة إلى جانب عمله الحزبي حيث عمل بعد تأسيس الحزب الأشتراكي سكرتير أول لمنظمة الحزب القاعدية بقرية غول سبولة.

ـــ شارك في العام  1979م في الحرب الثانية بين الشمال والجنوب بحماس منقطع النظير إلى جانب نخبة من المناضلين حتى تمكنت القوات الجنوبية من التوغل داخل الأراضي الشمالية حتى وصلت إلى منطقة نجد الجماعي على تخوم مدينة إب وبعد انتهاء الحرب عاد ليمارس عمله الثوري في إطار المديرية.

ـــ ساهم في العديد من المشاريع الإجتماعية منها توسيع مدرسة غول سبولة وإدارة مجلس الآباء وكذلك إيصال مشروع مياه الشرب إلى القرية وكذا قيادة الكثير من المبادرات الجماهيرية الطوعية آنذاك.

ـــ عضو في جمعية مناضلي حرب التحرير وأسر الشهداء .

ـــ عضو في اتحاد فلاحي اليمن الديمقراطيين 1977م.

ـــ سكرتير أول للحزب الاشتراكي قرية غول سبولة 1972م.

ـــ عضو دائرة الاحتياط لدى وزارة الدفاع لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.

ــ شارك في حرب صيف 1994م وكان من أوائل المناضلين الذين هبوا للدفاع عن أرض الجنوب في بلدة سناح الحدودية إلى جانب الفقيد المناضل/قائد صالح حسين الشنفرة واللواء/سيف صالح الضالعي والعميد/هادي أحمد العولقي، حيث نفذ عدّة عمليات وكمائن لقوات الاحتلال في الخط العام مع مجموعة من المناضلين منهم نبيل قائد صالح حسين و محمد فضل شائف.

وفي تلك الحرب أُصيب شهيدنا البطل إصابة بليغة في عينه مما اضطره إلى السفر إلى السعودية ثم إلى جمهورية مصر العربية للعلاج .

ـــ بعد حرب صيف 1994م في مرحلة يكتنفها الصمت والغموض فقد فيها كل أبناء الجنوب الأمل ظل الشهيد شامخاً كشموخ جبل شمسان ولم يفقد الأمل ولم يستسلم لذلك الواقع الأليم الذي استسلم فيه بعض أبناء الجنوب، حيث سارع كل منهم إلى سرعة ترتيب وضعه باستغلال عروض كانت قد سارعت قوات الاحتلال في تقديمها حيث كان للشهيد نصيبه منها إلاّ أنه رفضها رفضاً قاطعاً.

ــ انخرط في حركة (موج) عام 1996م

ـــ عضو في حركة تقرير المصير (حتم) في عام ١٩٩٧م.

ـــ شارك في أحداث زُبيد وحياز بالضالع أثناء قصف قوات اللواء 35 مدرع لهما ومحاولة السيطرة عليهما.

ـــ من مؤسسي جمعية الشنفرة الخيرية عام 2005م.

ـــ في العام 2005م كان أحد مندوبي الحزب الإشتراكي إلى مؤتمر العام الخامس للحزب الذي انعقد في صنعاء في الفترة من 26_28 يوليو 2005م.

ـــ وبعد ذلك بعامين كان الشهيد البطل من أول المشاركين في أول مهرجان للتصالح والتسامح الجنوبي ثم شارك بفعالية في كل الفعاليات والمهرجانات التي أقامها الحراك الجنوبي في الضالع وبقية محافظات الجنوب.

ـــ من مؤسسي جمعية المتقاعدين العسكريين الجنوبيين في عام 2007م.

ـــ عضو في المؤتمر الوطني الأعلى الذي عقد في( 2 /10 /2012 ) للحراك السلمي.

ـــ كان الشهيد من أول المحتفلين والمحفزين للاحتفال بأعياد الثورة الأكتوبرية.

ـــ ساهم الشهيد في الحشد الجماهيري وجمْع التبرعات لإقامة الفعاليات والمناسبات المختلفة التي كانت تدعو لها قوى الحراك الجنوبي السلمي. 

ـــ من أوائل مؤسسي جمعية المقاومة الجنوبية قرية غول سبولة.

ـــ ساهم في تموين المقاومة الجنوبية بقافلة غذائية ومفروشات من أبناء قرية غول سبولة أثناء محاصرتها القطاع العسكري في ردفان.

ـــ لازم القائد/صلاح قائد الشنفرة في كل معاركه ونزولاته ومهرجاناته.

ـــ كان للشهيد نظرة واسعة مليئة بالحلم والأمل حيث كان يلاحقها بالمثابرة والعمل وكان يرى التحرير والاستقلال نصب عينيه حيث قال في كلمته الشهيرة لقناة عدن لايف في مهرجان تشييع حفيده الشهيد الطالب الجامعي/ حزام فهمي علي ناصر الثوير: (إنَّ الغزاة اليمنيين سيخرجون من الجنوب كما خرج إبليس من الجنة) ...

ـــ الشهيد هو حفيد الشهيد قاسم حسين الثوير وابن شقيق المناضل الكبير/قائد صالح حسين الثوير الملقب بــ(الشنفرة) وهو والد المناضل/فهمي علي ناصر الثوير أحد أبرز قيادات المقاومة الجنوبية وهو كذلك جد الشهيد الطالب الجامعي/حزام فهمي علي ناصر الثوير، الذي اغتالته قوات الاحتلال اليمني في الضالع قبل استشهاد جده بأربعة أشهر .

ـــ عند تحول مجريات الأمور وتحول ثورة الجنوب من طابعها السلمي إلى طابع المقاومة المسلحة نتيجة للظروف المحلية والإقليمية التي فرضت ذلك، حمل الشهيد بندقيته وتقدم صفوف المقاومة الجنوبية المسلحة في محافظة الضالع لصد عدوان مليشيات الحوثي والجيش الموالي لها.

ـــ في يوم الجمعة صلى صلاة الفجر وبعدها اغتسل وتجهز للجمعة وعند خروجه من البيت ودّع أولاده وأهله وقال لهم (اليوم أنا شهيد بإذن الله ، لا أحد يبكي عليَّ).

وكانت في ذاك اليوم أشد وأشرس المعارك واستمرت (20) ساعة حرب وسميت لشدة المواجهة (عاصفة الضالع) واستُخدمت فيها جميع أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة بما في ذلك المدفعية وسلاح الدبابات والهاونات و(23) والدشكا .

ـــ وفي يوم الجمعة الساعة الحادية عشر صباحا الموافق 8/5/2015 أُصيب الشهيد بطلقة قناص في رأسه أدّت إلى وفاته في الحال وسقط شهيداً في جبهة غول سبولة وهو يؤدي واجبه الوطني في الدفاع عن الدين والعرض وتراب وطنه الذي عشقه عدد قطرات دمه .

ـــ شُيع جثمان الشهيد إلى مقبرة غول سبولة تحت القصف العنيف والمتواصل من قِبل قوات الاحتلال اليمني .

متعلقات
سجون الحوثي.. جرائم وانتهاكات على مرأى ومسمع من العالم
مؤسسة الصحافة الإنسانية ترصد وفاة 60 حالة وإصابة أكثر من 7 آلاف شخص خلال شهر فقط
التسرب المدرسي معضلة تهدد مستقبل الطالبات في ردفان
تقرير: "دثينة وقبائلها".. لا حياد في الحرب على الإرهاب
الأمم المتحدة تتهم جماعة الحوثي الانقلابية بعرقلة العمليات الإنسانية للشعب اليمني