تتهيأ شرعية الرئيس هادي وحكومة رئيس الوزراء الحالي الدكتور أحمد بن دغر لترتيب مسودة المفاوضات المزمع إقامته في 18 من أبريل الجاري في دولة الكويت الشقيقة وذلك لإنهاء الأزمة اليمنية ووقف الحرب وتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 2216 والمضي على مخرجات المبادرة الخليجية وآليتها إضافة إلى مخرجات الحوار الوطني الشامل ..
الأنظار تترقب تلك المفاوضات التي يرى خبراء سياسيون وعسكريون أنها جاءت لإنقاذ المليشيات الانقلابية ممثلة بمليشيات الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع صالح بعد حربٍ ضارية أنهكت قواتهم في الجبهات الداخلية في اليمن وعلى الحدود السعودية لتأتي مباركة تلك المفاوضات بعد انتزاع مبعوث مجلس الأمن الدولي ولد الشيخ تسوية سياسية تعمل على إنهاء الأزمة والحرب ...
تحضر المفاوضات شرعية الرئيس هادي وحكومة بن دغر وهي الأقوى هذه المرة لامتلاكها النصيب الأكبر في الرقعة الجغرافية اليمنية وذلك بعد تصريح سابق لنائب الرئيس رئيس الوزراء المهندس خالد بحاح أدلى به في وسائل الإعلام الخليجية قائلاً الشرعية تمتلك نسبة 80% من الأراضي اليمنية بينما المليشيات الانقلابية تسيطر على الجزء المتبقي والحكومة هي الأقوى في أي مفاوضات قادمة ..
مفاوضات من نوع آخر تتهيأ دولة الكويت الشقيقة استقبالها فالغريم التقليدي لجماعات الحوثي وصالح أصبح المفاوض لتلك التسوية والعد التنازلي على بعد خطوات من إعلان تسويه حقيقية لإنهاء الأزمة أو عودة الصراع ولكن بأدوات مغايرة من ذي قبل فاليوم محسن الأحمر هو الثقل المعول عليه في استعادة العاصمة اليمنية صنعاء والطرق المؤدية فخخت بمئات الآلاف من الألغام نصبتها المليشيات الانقلابية كدرع واقي للعاصمة المحتلة.
اليمن إلى أين ؟
نتذكر حلقة النقاش التي أقامها نائب الرئيس ورئيس الوزراء الأسبق المهندس خالد بحاح في دولة قطر بعنوان اليمن إلى أين ؟؟ حسب معلومات أكدتها مصادر مقربة للرئيس اليمني المخلوع صالح أن هناك انهيارات عسكرية وسياسية حدثت في المؤتمر الشعبي العام التابع للمخلوع وأصبح التمرد على قرارات بات صالح يصدرها أشبه بقرارات رجل منتحر لم يعد لديه شيء يخسره، وذلك بعد الضربة الموجعة التي تلقاها من جماعة الحوثي مؤخرًا بعد الذهاب إلى المملكة العربية السعودية لطلب إنهاء الأزمة ..
مؤشرات دولية وإقليمية رسمت ملامح التسوية السياسية في اليمن وحددت عن تلك الملامح عبر تسريبات نشرتها وكالة إخبارية وكان شعار مؤتمر الحوار الوطني الشامل هو دليل تلك الرسمة والخارطة لتتجلى الصورة وتعلن عن تسوية قادمة بثلاثة أقاليم تحت سلطة فدرالية وحكومة مركزية لكل إقليم عاصمة مستقلة تخضع لسيطرتها المحافظات التابعة لها بجميع المؤسسات الحكومية والعسكرية المدنية ..
هكذا كانت الملامح حسب مؤشرات دولية وخبراء وقد تصدق ولكن تظل تكهنات ؛ أصبح العالم ينتظر إلى أحداث مفاوضات الكويت ويترقب بشغف، فجنيف 1 فشلت فيه المفاوضات لعدم التوافق العسكري والأرض فالمليشيات كانت هي المسيطرة على أكبر مساحة في اليمن وكانت وقتها متغلغة في العاصمة الجنوبية عدن لتأتي مفاوضات جنيف 2 ويكون مصيرها الفشل ولكن شرعية الرئيس هادي كانت هي الأقوى في تلك المفاوضات ليتم التأجيل إلى منتصف يناير الماضي في إثيوبيا وهنا تم إلغاء تكملة الجولة لتعنت القوى الانقلابية وخرق الهدنة في تلك الأيام ..
أحداث مرت خلال سنة ابتلعت المليشيات الانقلابية جميع مؤسسات الدولة وجميع الأسلحة، واليوم نجد تلك المليشيات على مفترق طرق وجهته الكويت؛؛ فالتسوية القادمة توحي أن اليمن ستتجزأ لثلاثة أقاليم لم يحدد ملامحها وأين ستكون التجزئة أين سيكون الإقليم المستقل شمالاً أم جنوباً ؛ وهذا ما قد تكتبه المسودة النهائية في المفاوضات برسم خارطة جديدة لليمن أم بعودة محسن إلى صنعاء فاتحا واستعادة العاصمة بقوة السلاح في حالة فشلت المفاوضات ..
قرارات رئاسية عصفت بالحوثيين وصالح !!
استمرت الحكومة اليمنية في فخ الإخفاقات وأصبحت الصوت الذي يستخدم المنبر الإعلامي فقط فبعد تحرير العاصمة الجنوبية عدن منذ أكثر من شهور والفوضى والإهمال والتجاهلات وعدم تنفيذ خطط التنمية وإعادة عجلة الحياة وحل جميع المشاكل الموجودة سواء ملفات الجرحى وأسر الشهداء وأيضا الأسر المتضررة جراء قصف المليشيات لمنازلهم كل هذه، سببت إخفاقا لدى الحكومة التي صبت تركيزها على مفاوضات الكويت وتجاهلت الكم الهائل من المشاكل في عدن ..
لم يكن رئيس الوزراء هو السبب فقط فالحكومة التي ظلت قابعه في العاصمة السعودية الرياض لها نصيب الأسد من تلك الإخفاقات إلا أن الرئيس هادي أصدر قرارات رئاسية غيرت مجرى المفاوضات المزمع عقدها منتصف أبريل الجاري لتعصف معها مسودة قدمها الحوثيون وصالح تطالب نقل السلطة إلى نائب الرئيس ومن ثم عقب انتهاء المفاوضات تشكيل حكومة انتقالية جديدة تعود إلى العاصمة اليمنية صنعاء وتسلم لها جميع المؤسسات الحكومية والعسكرية ..
هكذا كانت الرؤية المستقبلية لدى المليشيات الانقلابية إلا أن قرار تعيين الخصم التقليدي علي محسن الأحمر كنائب لرئيس الجمهورية أجهض حلم المليشيات وجعلهم أمام أمرين لا ثالث لهما إما التمسك بنقل السلطة إلى محسن أو القبول بهادي رئيساً للجمهورية ؛ قرارات تحدث محللون سياسيون أنها صفعة قوية تلقتها مليشيات الحوثي وصالح ورسمت خارطة مستقبلية جديدة بعودة اليمن إلى ما قبل عام 90 ولكن تحت حكومة فدرالية ..
ضجيج إعلامي وسياسي لمطابخ صالح والحوثي كان بمثابة الرد لتلك القرارات وخطاب ممنهج اتهم الرئيس هادي بأن تلك القرارات بمثابة انتحار يوجهه للعمق الإقليمي ودول التحالف والقضية الجنوبية ،، ليجد محسن الأحمر أن قبوله ليس مرغوب به بينما المهندس بحاح كانت القوى متفقة عليه ؛؛ قرارات كانت مؤثرة وتحمل رسائل عديدة لتلقى تأييدا من قوى سياسية يمنية وخارجية ودولية ويقابل ذلك التأييد سخط في بعض القوى السياسية لدول شقيقه، ولكنها كانت صفعة قوية وجهها الرئيس هادي للحوثيين والمخلوع ..
الجنوب القشة التي قصمت ظهور البعير !!
أيام قليلة تفصلنا عن مفاوضات الكويت يدخل الإصلاح في تلك المفاوضات كطرف سياسي قوي وتدخل الأحزاب السياسية المؤيدة للرئيس هادي والشرعية ولكن تدخل كل هذه التكتلات باسم الرئيس هادي وتسحب منها الانتماءات الحزبية ويظل السؤال يدور في حلقة مفرغة " أين الحراك الجنوبي والقضية الجنوبية من تلك المفاوضات" يعلم التحالف العربي أن الحراك الجنوبي هو من أعاد الشرعية إلى العاصمة الجنوبية عدن فالمقاومة الجنوبية استطاعت بدعم التحالف من استعادة جميع المحافظات الجنوبية التي سيطرت عليها المليشيات الانقلابية في 21 يوم وكانت القوة التي رسمت ملامح النصر وإفشال المشروع الإيراني ..
قيادات جنوبية تطالب من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والرئيس هادي من إشراك الحراك الجنوبي الحقيقي في تلك المفاوضات وتضع خارطة الطريق لحل الأزمة السياسية في اليمن بإعلان اليمن دولة فدرالية شمال وجنوب بحدود عام 90 وإعطاء الشعب الجنوبي حريته في تقرير مصيره فالحرب الأخيرة أثبتت كليا أن الانتماءات الوطنية تختلف كليا فالشعب الجنوبي الجنوبية بمقاومته للحوثي والمخلوع استطاع إحكام قبضته ودحرهم في مدة زمنية تعادل الشهر بينما الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في مأرب وتعز استنفذت التحالف ولم تتقدم سوى في محيط انتماءاتهم القبلية ..
محللون سياسيون و عسكريون في دولة خليجية يرون أن مفاوضات الكويت قد ترسم مستقبل اليمن الاتحادي الجديد وتجاهل القضية الجنوبية يعقد سير عملية المفاوضات في حالة إن نجحت فالأمر قد يتغير في المحافظات الجنوبية فالشعب الجنوبي يرى التحالف العربي أقر بأذنه وسمع ل 125 الف حوثي بينما يصم أذنه لسماع 6 مليون جنوبي يطلب استعادة الدولة الجنوبية بحدودها كاملة وذلك عبر دولة مركبة من إقليم شمالي وإقليم جنوبي ومن ثم تقرير مصيرهم ...
في الجانب الآخر يستعد الحوثيون وصالح من ترتيب أوضاعهم في الحكومة الجديدة فالاعتراف بهم كقوى سياسية يمنحهم الهروب من الجرائم التي ارتكبتها مليشياتهم في المحافظات الجنوبية خاصة وتعز والبيضاء ومحافظات شمالية أخرى عامة ؛ ويبدأ الهروب عبر بوابة التسوية السياسية الجديدة وتسليم المؤسسات الحكومية والعسكرية والسلاح إلى الحكومة التي سيتم الإعلان عنها في ما إذا أثمرت المفاوضات إلى طريق النجاح وهذا ما يجعل صالح والحوثي يشعرون بالعودة إلى السلطة ولكن بشخصيات وأسماء جديدة لم تخض حربها الإعلامي ضد الشرعية ولا ضد الانقلابيين ..
وزراء في حكومة بن دغر يستعدون لشد الرحال!!
التغييرات الرئاسية الأخيرة لم تكن هي الأخيرة في سلم حكومة دولة رئيس الوزراء الأسبق المهندس خالد بحاح بل تؤكد المصادر في حكومة الدكتور أحمد بن دغر أن وزارات سيادية وأخرى محلية وغيرها بدأت الترتيبات بإعفاء وزراء فشلت تلك الأسماء من إدارة المهام المكلفة بها في ديوان الوزارة وأصبحت تهتم بالقضايا التي يصب الإعلام الخارجي والعربي عليها، لتظهر أسماء أولئك في قائمة أكثر مسؤولين أدلوا بتصريحات متلفزة وغيرها مقروءة بينما المشاكل المتعلقة بالقضايا المتراكمة في ديوان الوزارات أهملت بشكل كلي .
الخارجية والإعلام وحقوق الإنسان وأربع وزارات أخرى أخذت نصيب الأسد في جدول التغييرات وكانت الدراسات لدى رئيس الوزراء الدكتور أحمد بن دغر ومستشاري الرئيس هادي مكثفة حول رفع أسماء لرئيس الجمهورية بإصدار قرارات تقتضي إقالة وزراء تلك الوزارات وتنصيب كفاءات وطنية جديدة وذلك بعد الانتهاء من المفاوضات المزمع عقدها في منتصف أبريل الجاري بدولة الكويت الشقيقة ..
متغيرات قد تعصف بالبلاد وتنهي أحلام رسمتها قوى سياسية يمنية وخارجية ودولية ؛؛ تقابل تلك المتغيرات أوراق سياسية أخرى أخفتها تلك القوى لتغيير بوصلة اليمن الجديد وتمكينها من التشبث بسلم السلطة حتى بعد عزلها، مثل ما فعل صالح بعد عزله من الرئاسة ؛؛ في تلك المواجهات يترأس هادي قوى سياسية يمنية يعلم جيداً مدى خبث تلك القوى فالند لهادي مليشيات انقلبت على الدولة وانهكتها الحرب لتصبح قابلة لأي تسوية سياسية لإنهاء الأزمة في اليمن ولكن تظل الحلقة مفرغة والقضية الجنوبية خارج المفاوضات، ولكن قد تحدث معجزة يقلب بها هادي الطاولة رأساً على عقب فالسياسة فن الممكن وشعارها النفس الطويل.