من أجل إحياء الذكرى الأولى لحرب 2015م على الجنوب أقيمت حلقة نقاشية حول دور المرأة العدنية في أتون الحرب الظالمة على عدن حيث تضمنت العديد من الجوانب منها الإغاثي والغذائي والحقوقي والصحي والإعلامي وذلك من أجل إبراز دورها خلال فترة الحرب والتي نظمها عدد من الناشطين ومؤسسات ومنظمات المجتمع المدني والمتطوعين من شباب عدن برعاية اللواء عيدروس الزبيدي محافظ العاصمة عدن،
وما تم التأكيد عليه في الحلقة النقاشية هو: يجب على الجهات المعنية الإسراع بتوفير المساعدة والحماية للنساء ضحايا الحرب المتأثرات بالنزاع المسلح ، ورفع الوعي بين أوساط الناس والنهوض بدور المرأة في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها عدن والمساعدة في استبيان الأمن والأمان واتخاذ تدابير قوية وعاجلة من اللجنة الدولية للصليب الأحمر وبرنامج الأمن الغذائي والجهات الاغاثية الدولية والإقليمية لإمداد النساء بالمساعدة التي يستحقونها بموجب القانوني الوطني والقانون الدولي ، ويجب على الدولة حماية النساء بعد الحرب من خطر الجماعات الإرهابية التي تعمل على الحد من حرية المرأة ومحاربة نشاطها السياسي والاجتماعي والثقافي بحجة الدين والقيام بالتوعية لخطباء المساجد بحيادية الخطاب الديني وبعده عن الإرهاب والتحريض والمغالاة والتشدد في الدين ،وتفعيل دور المؤسسات الأمنية الشرعية والعمل من خلالها لفرض سيادة القانون وهيبة الدولة وحماية المواطنين وحرياتهم وفرض الأمن والأمان والنظام العام .
حيث هدفت إقامة هذه الذكرى تحت شعار(( عدن أسطورة مقاومة .. وإيقونة سلام )) لإبراز دور المقاومة الشعبية الجنوبية والجيش الوطني التابع للشرعية من أجل صد عدوان تلك المليشيات المتحالفة وقوات صالح على أرض الجنوب وتجسيد ذكرى الحرب المريرة على أرض الجنوب المعتدى عليه من قبل مليشيات الحوثي وقوات صالح وأنصارهما ، وتخليدا لهذه الذكرى سنوياً من أجل تعزيز واستمرار صمود شعب الجنوب الأبي وتثمينا" منا لدور دول التحالف العربي الذي قامت به في هذه الحرب على رأسهم المملكة العربية السعودية و دولة الإمارات العربية المتحدة ، ومن أجل إبراز عدن مدينة السلام والتعايش الاجتماعي.
على هامش الحلقة النقاشية التقينا بعدد من المشاركات في الحلقة النقاشية يعرضن أداور المرأة العدنية في أتون الحرب الظالمة على العاصمة عدن فإلى حصيلة لقاءاتنا معهن:
دمرت عدن تدميراً ممنهجاً
حول موضوع اللقاء تحدثت مديره دائرة المرأة صندوق الرعاية الاجتماعية م / عدن الأستاذة عهد جعسوس قائلة : إن المرأة الجنوبية لعبت دورا جميلا وبارزا أثناء العدوان الحقير على مدينة عدن من قبل المخلوع صالح ومليشيات الحوثي التي دمرت عدن تدميراً ممنهجاً وقاموا بتشريد أهالي عدن من منازلهم ، وقد شاركت المرأة في مجال الإغاثة وذلك من خلال توفير المعونات الغذائية إلى كل مديريات عدن المتضررة للأسر النازحة جراء هذه الحرب.
ضحوا بكل غالٍ ونفيس
وأشارت جعسوس إلى أنه خرج جميع سكان عدن للدفاع عن مدينتهم الغالية وضحوا من أجلها بأرواحهم وأولادهم وبكل غال ونفيس من أجل هذه المدينة التي تحتضن الجميع فهي حاضنة الثقافات والأجناس والديانات.
نساء عدن حملن السلاح
وأضافت أن نساء عدن كان لهن دورا في جبهات القتال فقد دافعن عن أرضهن وبيوتهن فمنهن من حملن السلاح ووقفن بجوار أبناء المقاومة في التفتيش وغيرها ، فلم تخفهن أصوات المدافع وهي تمر من فوقهن وكذا القناصات، فالمرأة الجنوبية ضربت أروع الأمثلة في الشجاعة والبطولة فكان حب عدن يجمعهن.
تعرض المرأة بعدن للإهانات
واستطردت قائلة :إن المرأة الجنوبية أثناء عملها في الحرب تعرضت إلى العديد من الإهانات اللفظية والجسدية لكن لم يكلوا أو يملوا طول أشهر الحرب القذرة على عدن، فعملت بكل قوتها وكان لها بصمة رائعة لكل شبر من أرض عدن وانتصرت عدن وشاءت الأقدار أن يُفرِح الله أهل عدن وأن دفاعهم عن الدين والعرض والأرض لم يذهب هباءً منثورا وارتفع صوت الحق على كل أرض عدن الطاهرة وستظل عدن هي مدينة الحب والسلام.
المرأة والنزاعات المسلحة
وأوضحت المدير التنفيذي لمؤسسة الوضاح لحوار المحامية هدى الصراري أن المرأة لم تصنع الحرب ولم تكن أبدا سبب في نشوبها بل فرضت عليها مجبرة ، ولطالما كانت داعية ومحبة للسلام لكن النزاعات المسلحة بين القوى السياسية ظلت بشكل أو بآخر تقحم المرأة فيها باعتبارها المتضرر الأكبر ، وبالرغم من ذلك سعت لإيجاد حلول استشعارا منها بحجم الخسارة التي تقدم عليها القوى الراغبة والمتورطة في إشعال فتيل الحرب من خلال مسئوليتها تجاه أسرتها ومجتمعها ووطنها الذي يأتي في المقام الأول لها .
المرأة هي الخاسر الوحيد
وأضافت أن المرأة هي المتضرر الأكبر والخاسر الوحيد في حال فقدان أحد أفراد أسرتها أو تشريدها من منزلها وبيئتها أو حتى من خلال تدمير البنى التحتية للخدمات وحرمانها من الموارد .
المرأة دورها الحقوقي والإنساني
مشيرة إلى أنه خلال الاجتياح الغاشم لمليشيات الحوثي وصالح في نهاية مارس 2015 م وسقوط معظم مديريات محافظة عدن في أيادي المليشيات وتشريد حوالي (مليون ) أسرة من مديريتي كريتر – خور مكسر – المعلا – التواهي – القلوعه والجبهات الأمامية من دار سعد والبساتين وخط عدن تعز إلى (جولة الكراع )، إلى جانب موجة نزوح من محافظة أبين ولحج إلى عدن تفاقم الوضع الإنساني و امتلأت المدارس والفنادق و أماكن النزوح في مديريتي الشيخ عثمان والمنصورة والشعب والبريقه بالأسر النازحة التي شردت قسريا من منازلهم وحوصروا في مناطقهم من أجل تضييق الخناق عليهم وحرموا من أساسيات الحياة من المأكل والمشرب والماء وحرمانهم من الخدمات الأساسية والاتصالات إلى جانب حرمانهم من رواتبهم الشهرية ازداد الوضع الإنساني قساوة ومأساة لضراوة العدو و استخدامه الوسائل غير الإنسانية في التعامل مع السكان والأهالي .
المرأة ساعدت المتضررين والنازحين
وفي ظل غياب الدولة بمؤسساتها نشطت منظمات المجتمع المدني والنشطاء من الشباب بعدن وفي مقدمتهم المرأة التي برزت بشكل واضح في المجال الإنساني لمساعدة المتضررين والنازحين جراء الحرب بحيث عملت بشكل منظم ومدروس وفق الخبرات المتواجدة لديها وكلا في مجال عملها أولا في تخصيص أماكن مناسبة للإيواء كالمدارس والفنادق والسكن الطلابي في الجامعات والمناطق والوحدات السكنية ومن ثم رصد النازحين من كافة مديريات م/ عدن وعمل قاعدة بيانات بالأسماء والأرقام والعناوين وعمدت للعب دور الوسيط في مراسلة كافة البيانات للمنظمات الدولية المختصة بتقديم الإغاثة والمهتمة بإحصائيات النازحين من السكان وكذلك رجال الأعمال والخير في عدن وخارجها من أجل الاهتمام بتقديم المساعدات الإنسانية (غذاء- دواء – إيواء) .
المرأة عملت ضمن الفرق الشبابية
تحدثت الصراري عن عملها ضمن مبادرات وفرق عمل شبابية أو شبكات من مؤسسات المجتمع المدني العاملة في المجال الإنساني والحقوقي بتوزيع المواد الغذائية للنازحين في المدارس والفنادق والمناطق السكنية التي يوجد بها نازحين والنزول الميداني لتغطية تلك المناطق وعمل مسح كامل لها وإمدادها باحتياجات الإيواء من أدوات معيشة للنوم والطباخة ومواد النظافة فبالرغم من شح الإمكانيات والوسائل إلا أنها اجتهدت وواصلت العمل الدؤوب برغم صعوبة المواصلات وخطورة الوضع حتى إنها كانت العنصر الوحيد الذي لدية القدرة والشجاعة في التحرك بين النقاط الأمنية والمناطق المحتلة من قبل الميلشيات وقد تعرضت حياة المرأة للكثير من الخطورة فسقطت بين جريحة وشهيدة .
انتهاك للقانون الدولي الإنساني
وأضافت الصراري أن الخدمات الصحية تعتبر من الحقوق الاجتماعية وتوفيرها هو التزام من قبل الدولة أولا وثانيا لا يحق بأي حال من الأحوال للأطراف المتنازعة أن تقوم بحرمان المواطنين المدنيين وحتى المقاومين من الحق الصحي في تلقي العلاج اللازم حتى يتم الشفاء ، فانتهاك هذا الحق يعد مساسا بحقوق الإنسان وانتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني .
فمع غياب دور اللجنة الدولية للصليب الأحمر في المناطق المحتلة من قبل المليشيات والهلال الأحمر وفي ظل استهداف المليشيات للطواقم الطبية وقنصهم بدم بارد .. مضيفة إلى أن استخدام المراكز الطبية والمستشفيات كثكنات عسكرية تستهدف أثناء قصف الطيران كما تقوم بطرد كافة الطواقم الطبية وتوقف عمل المراكز الحيوية فيها كمركز الغسيل الكلوي مثلا في مستشفى الجمهورية ومركز طيبة – مستشفى باصهيب – مستشفى عبود – مستشفى الشعب (الصين ) – مجمع المعلا .
الحصار الذي فرضته المليشيات على م/عدن
لم يتبق غير مستشفى 22مايو (زايد حاليا ) ومستشفى الصداقة و أطباء بلا حدود والصليب الأحمر وهذه المراكز الطبية كانت توجد في المديريات التي لم تحتلها المليشيات وكانت تعمل بإمكانيات شحيحة نتيجة الحصار الذي فرضته على م/عدن ورفضها دخول المساعدات الطبية إليها حتى تحرم السكان المدنيين الجرحى والمقاومة من فرصة العلاج والتشافي .
رصد انتهاكات تتعرض لها المرأة
وأشارت إلى دور المرأة في المجال الحقوقي، حيث لم يقف دور المرأة في عدن أثناء الحرب على النشاط الإغاثي والصحي والإيواء و إنما امتد ليشمل العمل الحقوقي ، والذي ترى بأنه هو الأهم في مرحلة النزاع المسلح لرصد الانتهاكات التي يتعرض لها الإنسان بشكل عام والمرأة بوجه الخصوص .
العنف الذي لا يطال إلا المرأة
وأضافت الصراري إلى أن المرأة رصدت في الحرب العديد من الانتهاكات المتعلقة بالعنف القائم على أساس النوع الاجتماعي ، فالحرب تحمل في طياتها العديد من الانتهاكات للنساء كالطلاق – والتشرد – النزوح – عدم الإنفاق – القتل – الجرح – الاغتصاب –الحرمان من الموارد – العنف الجسدي – الاتجار ، وغيرها من صنوف العنف الذي لا يطال إلا المرأة فقط .
رعاية شئون الأسرة والأطفال
وتحدثت عن المرأة قائلة : عندما نتحدث عنها تلقائيا يأتي الطفل باعتبار أن المرأة هي المسئول الوحيد على الاهتمام ورعاية شئون الأسرة والأطفال في حالات الحرب نتيجة توقف عمل الأب وانقطاع مصدر الدخل أو انخراط المعيل في صفوف جبهات القتال وتعرضه أحيانا للقتل أو الإصابة فعندها تكون الأم هي المسئول الوحيد على تحمل أعباء الحياة والإنفاق وتوفير ما يلزم للأسرة ، لذلك تم رصد ما يقارب( 45%) من النساء تعرضن للعنف جراء الأحداث التي شهدتها عدن خلال فترة الحرب وما بعدها .
التضحيات التي قدمتها المرأة في الحرب
وفي ختام حديثها أشارت الصراري إلى ما قدمته المرأة من التضحيات الجليلة في فترات السلم والحرب ولكنها مازالت تدفع الثمن باهظا كونها الضحية الأولى والمتضرر الأكبر من تلك الأحداث لعدم وجود تشريعات محلية تحمي النساء في فترات الحرب وللجهل وعدم التزام الأطراف المتنازعة على احترام القانون الدولي الإنساني في عدم المساس بكرامة الإنسان وسلامته في فترات الحرب .