قلائل إن لم يكن من النادر جدا أن نجد من رجال الاستثمار في وقتنا الحاضر من يفقه الفلسفة الوطنية للائتمان ويدرك في الوقت نفسه أن الاستثمار ليس صفقه محمولة (ويقوي الصفقة المحولة ) وإنما هو مشاركة وجدانية تتناقض مع أفراح الوطن وأحزانه وتأدية الواجب تجاه ما يحل به من كوارث الحروب والكوارث الطبيعية وكذلك من نوائب الدهر : هذا السلوك يمليه الضمير الوطني في أحاسيس وشعور الرأس مال المحلي الحقيقي الذي لا يألو جهدا في تنمية الوطن بشريا ومعرفيا وعلميا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا لإنقاذ الشباب من الإنزلاقات الاجتماعية .
من أحلام اليقظة إلى الواقع
وما ميلاد معهد بلفقيه بكريتر وهو بيت القصيد في عنواننا في هذا التحقيق الصحفي إلا خلفا لخير سلف لمعاهد التعليم الفني التي شهدتها عدن ومثلت أوائل المعاهد الفنية والمهنية على مستوى الوطن والجزيرة والخليج مثل المعهد المهني بمدينة المعلا ومعهد الترينق في مصافي عدن واللذان تأسسا في أوائل وأواسط الخمسينيات من القرن الماضي .
العرفان بالجميل أولاً
الحقيقة بأن ما شهدنا الخوض في تاريخ ودور هذا المعهد التدريبي المعرفي والتدريسي اللغوي هو مبادرتنا لنفض غبار رياح النسيان للعرفان بالجميل لهذا المعهد الذي لم يتحدث عنه أحد حتى الان .. لا أصحاب الشأن ولا الإعلام لدوره الإنساني والذي عكس الروح الوطنية الإنسانية النموذجية للقطاع الخاص المعرفي الوطني في دوره الإنساني والاجتماعي والتكافلي والتطوعي الذي بادر به وميزه عن غيره من مؤسسات القطاع الخاص في عدن في أحلك الأزمات والكوارث المدمرة التي شنها الحوثيون والمخلوع صالح ... هذا المركز التدريبي الفني الذي تحول في الحرب إلى ورشة عمل إنقاذية احتضن الأسر اللاجئة من حي القطيع وقدم لها الكثير من الخدمات وكان هذا المركز ومسؤوليه وأساتذته بمثابة الحضن الدافئ لهم، وقد أبلوا بلاءً إنسانيا لإنقاذ النازحين من جرائم الحرب الحوثيه ..
تفرد في المميزات
لهذه المميزات التي تفرد بها معهد بلفقيه بكريتر عدن ودوره الإنساني جعل الأخ خالد سيدو مدير عام مديرية صيره يقوم بزيارة خاصة له عرفانا بالجميل الإنساني الذي قدمه لإنقاذ الناس في الحرب الظالمة وذلك بمعية الأخ نبيل واصل مدير مكتب التعليم الفني والتدريب المهني بمديرية كريتر وعدد من أعضاء المجلس التنفيذي بالمديرية بزيارة لمقر المعهد الذي يعتبر أقدم المعاهد الخاصة بمحافظة عدن والذي أسس خلال السنوات الماضية أي منذ عشرين عاما ولا زال مستمرا وصامدا رغم الظروف التي مر بها.
خلال زيارته للمعهد أثنى الاستاذ خالد سيدو مدير عام مديرية صيرة على جهود المعهد التدريبية والمعرفية معبرا عن شكره لمالك وإدارة المعهد وأساتذته بجهودهم الوطنية في تدريب وتأهيل الشباب .. مثمنا تثمينا عاليا الجهود الإنسانية والوطنية للمعهد في إنقاذ اللاجئين والهاربين من الحرب والخدمات الإنسانية المشكورة والتي قدمها للنازحين .. وقال : إن هذا المعهد يعكس النموذج الوطني والعزة بالكرامة والانتماء والأصالة للرأسمال المعرفي والفني في عدن تجاه أبناء هذه المدينة ومؤسساتهم
واستمتع سيدو خلال زيارته للمعهد إلى حديث غاية في العلمية والمنهجية مشفوع بالإنسانية والرحمة والتكافل من مسؤولي المعهد الذين أطلعوه عن قرب وبشفافية على الخدمات التي يقدمها المعهد للمجتمع وفئاته الشابة .
حيث أفاد مسؤول المعهد أن مقره في كريتر قد تحول أثناء الحرب إلى سكن مؤقت للأسر المتضررة أثناء القصف العشوائي والانفجارات بمنطقة القطيع حيث كان يقدم المعهد الخدمات في وقتها المناسب والضروري مثل شحن أجهزة الكهرباء وتوفير الماء البارد للمقيمين والجيران وبعدها تحول المعهد إلى مركز صحي عند اشتداد الحرب لعلاج الجرحى ومرضى حمى الضنك التي انتشرت بالمدينة في تلك الأيام بأعمال تطوعية من قبل الدكتور عبدربه علي حسن العوذلي والدكتور عمر باطويل وكذا تحول المعهد إلى مقر لإعداد كشوفات الإغاثة بالمنطقة حتى استقرت المدينة وهو عمل إنساني يستحق الشكر وسيسجل في سجل حسناتهما .
ويسألونك عن البطاقة الدولية ISIC ؟
وأعاد ودعان إلى الأذهان : ان ميزات هذه البطاقة هي أنها تقوم بتسهيلات وتخفيضات وإعفاءات وتتواصل بالعالم الخارجي مثل التعليم عن بعد وشراء البرامج والأنظمة وغيرها والتي تعتبر وثيقة فريده للمسافر بالخارج واستفاد منها الكثير من الطلاب المبعوثين على مستوى العالم أو والمعترف بها في 135 دولة حيث كان المعهد معهد ثقه لها .. كما أشاد ودعان أنه ضمن نشاط المعهد تم مؤخرا تدشين افتتاح معرض وحفل تكريم لأوائل الطلاب بجامعة عدن من كلية الحاسب الآلي وإعطائهم البطائق مجانا والبقية برسوم رمزية وأشادت بها رئاسة جامعة عدن .
مخرجات وكوادر مرموقة
ولفت مدير المعهد قائلا : إن المعهد قام خلال الفترة الماضية بتأهيل أغلب كوادر المؤسسات الحكومية والخاصة منهم مسؤولؤن ومدراء لمناصب كبيرة بالمحافظة وخارجها في مجالات الكمبيوتر واللغات والأنظمة والمحاسبية والصيانة والشبكات وغيرها وقال : إنه خلال زيارة السلطة المحلية للمعهد اطلعت عن قرب بدور المعهد والتمست مقترحات وآراء الطلاب وأساتذة بالمعهد حيث توج هذا اللقاء بمنح إدارة المعهد كورسات مجانية لثانوية البيحاني وثانوية باكثير النموذجيتين وللطلاب الأوائل فيها
حان الوقت لدعم المعهد
وفي ختام حديثه دعا الأخ سالم ودعان المعهد ورئيس قسم القطاع الخاص الفني بمكتب التعليم الفني عدن , الجهات المختصة باستمرارية دعم هذه المعاهد ومثل هذه المراكز الفنية والتدريبية والتعليمية التي لعبت دورا كبيرا في التعليم الفني وتنمية الشباب وحصولهم على فرص العمل وتأهيل الموظفين , فضلا عن أن هذه المعاهد استهدفت الإنسان خليفة الله في أرضه الذي كرمه المولى عز وجل عن سائر المخلوقات بنعمة العقل والقدرة على التفكير والإبداع