صحيفة "الأمناء" تقوم بجولة في النقاط الأمنية بعدن وتوصل بعضاً من شكاويها..(تقرير وصور)
تقرير / فواز الحيدري

تراهم بين كل نقطة ونقطة، لا يحمي رؤوسهم شيء من اختراق أشعة الشمس، وحرارة الأجواء المحتقنة رؤوسهم، إنهم رجال العاصمة عدن، الذين يُقدِّمون حياتهم قرابين رخيصة، لأن يفدوا بها مدينتهم وأهاليهم.

ورغم الظروف الصعبة جداً التي تمر بها البلد، ومرارة وضعهم، إلا أنهم لم يستسلموا ولم يهنوا، ولم يتخلوا عن أمانتهم في الرباط والجهاد المقدس، الذي قد يكلفهم حياتهم بأي لحظة، مفضلِّين أن يموتوا في خدمة تأمين المواطنين البسطاء والنساء والأطفال، وتجدهم على كل طريق وفي كل جولة، يحافظون على مرور الحياة بين شرايين وأوردة مدينة التنوع والتعايش والسلام.. 

وكان الانتشار الأمني (النقاط) في مداخل ومخارج المدينة كفيل بتحجيم تلك الانفجارات، التي تستهدف النقاط بعربات مفخخة, الأمر الذي زاد بإصرار رجال الأمن المتواجدين بتلك النقاط صلابة وتحدٍ وشراسة, وحول هذا الموضوع قامت "الأمناء" بجولة لاستطلاع الوضع عن كثب، حول أوضاع رجال الأمن والمقاومة، ولنقل معاناتهم لإيصالها لمن يمتلكون زمام الأمور.

إهمال الحكومة وعدم مبالاتها 

حيث كانت بداية مشوارنا من نقطة العقبة التي تم استهدافها في فترة سابقة، والتي تعتبر مدخل كريتر من الناحية الغربية والمدخل الوحيد من المعلا، وهناك قابلنا الجنود المرابطين بقيادة "عبد لله أحمد سعيد" الذي رحب بـ"الأمناء" في مستهل حديثه، وبعده قال إنهم يقومون بالعمل ليل نهار، على أكمل وجه وبدون التفاتة من الجهات المختصة، لمساعدة زملائنا الجرحى الذين يقبعون في المستشفيات برغم الإهمال الذي يواجهونه من الدولة، التي لم تقم بالاهتمام بهم أو بأسرهم، فنحن خرجنا للعمل بروح وطنية للدفاع عن الدين والعرض والأرض، ونحن هنا صامدون حتى تتحقق كل آمالنا المشروعة، فالكل يعلم أن هذه النقطة قدمت الكثير من الشهداء من أجل أن ينعم المواطنين بالأمن والاستقرار، ولذلك ندعو الحكومة القابعة في معاشيق تقديم الرعاية لأسر الشهداء والجرحى، والاهتمام بنا كجنود فاعلين في تثبيت الأمن ودعمنا في هذا المضمار.

هنيئاً لك يا ولدي

ويقول لــ"الأمناء" والد أحد شهداء رجال الشرطة والأمن، الذين سقطوا في الأيام السابقة، بجولة سوزوكي الواقعة في مديرية الشيخ عثمان، إنه فخور بابنه وهو ليس حزين عليه، رغم الإهمال والتقصير من جانب البعض، مضيفاً:" كان ولدي يقوم بواجبه تجاه مدينة أحبّها وأحبته، فاستشهد في أحضانها وبسبيلها".

ويواصل حديثه كما لو أنه يسخر من قاتلي ولده:" ابني لم يمت بل هو حيٌ يُرزق في ضمير هذه المدينة، وفي ضمير كل مواطن أو طفل أو امرأة، متبعاً: استشهد ولدنا وهو يرتدي الزي العسكري، وما ذهب من البيت إلا وهو متيقنٌ أنه في مهمة مقدسة، لم يقتل أحداً ولم يسرق ولم يؤذِ أو يجرح أحدا، فعلام الحزن إذن..؟!

ويختتم كلامه مفتخراً ومهنئاً:" هنيئاً لك يا ولدي الشهادة، فلا يُوفق لها إلا الأصفياء الأنقياء، وأنت كنت تنظم السير، ولم توجه بندقيتك نحو أحد، لنا الفخر بك، لأنك لم تقتل في مكان سيء أو مشبوه، بل استشهدت ومتَّ موت الأبطال، قررت أن تقف مع المواطنين وإلى صف الضعفاء والطيبين في هذه الأرض، وكان هذا أفضل قرار قمت به، فهنيئاً لك"..

باع سلاحه الشخصي ومجوهرات زوجته

وعلى الصعيد نفسه، وفي مكان ليس بالبعيد من النقطة الأولى التقت "الأمناء" ضابط نوبة نقطة جولة "النافورة" في عقبة المعلا الصلاحي، الذي باع مجوهرات زوجته وسلاحه الشخصي من أجل مصاريف النقطة التي تحتوي على قرابة العشرة أفراد كما قال لنا.

 وأضاف: منذ ما يقارب السنة وحتى يومنا هذا ونحن نعاني الأمرّين في سبيل حصولنا على الترقيم العسكري والرواتب الخاصة بنا كجنود، وقد قمنا برفع رسائل ومناشدات متكررة، ولم نتلق أي استجابة، مواصلاً: "نحن معرضين للخطر ونعمل بأسلحتنا الشخصية وبدون ذخائر أو عتاد عسكري أو حتى غذاء، ونتوجه عبر صحيفتكم الموقرة "الأمناء" بالنداء للأخ محافظ محافظة عدن العميد "عيد روس الزبيدي"، وإلى مدير شرطة عدن العميد "شلال علي شائع"، بسرعة ترقيم الجنود المرابطين في الثغور والملتزمين بالعمل في النقاط العسكرية كافة وتسليمهم الرواتب.

 وأشار الصلاحي إلى أن ثلاثة من الجنود الذين كانوا مرابطين معنا، في هذه النقطة، تم إسعافهم يوم أمس بعد عناء أسبوع لإصابتهم بحمى الضنك وهم الآن رقود في إحدى المستشفيات بلا حول منهم ولا قوه.

رسالة خاصة للمواطنين

وشاركنا الحديث أبو همام الحدي الملقب بـ(أبو شنب) في نقطة حجيف والذي قال إنه منذ خروجنا في شهر رمضان حتى يومنا هذا، استلمنا راتبين فقط، مرَّة سلمونا في رأس عمران وبالتحديد في مثلث الوهط، والمرة الأخرى هنا، ولم نستلم ريالا واحدا بعد ذلك، مدركا حديثه:" كنا نعاني من مشاكل كثيرة أهمها مشكلة الغذاء، التي تبناها هذه الأيام سيادة المحافظ ومدير شرطة عدن، وبخصوص الملفات الخاصة بالأفراد فلقد تم رفع تلك الملفات وتعبئة الاستمارات، ولم يبق إلا الرقم العسكري، ولذلك نتمنى من المسؤولين أن يكونوا عند حسن ظننا بهم.

ويضيف قائلاً: أرجوا منكم أن توصلوا رسالتي للمواطنين في هذه المحافظة الغالية على قلوبنا جميعا، وهي أن المواطن هو أساس الأمن وهو منبع الاستقرار وبدونه لن نستطيع فرض الأمن، فأقول لكل المواطنين: "أنتم الأمن فاحرصوا دائما على أن تكونوا يداً فاعلة في استتباب الأمن وتعاونوا معه وادعوا لهم بالخير والتثبيت فهم في خدمتكم".

وبخصوص كتيبة سلمان، أكد أبو همام على قدر ما قدمت كتيبة سلمان من تضحيات ومن شهداء وجرحى ومعتقلين وتركهم لأعمالهم في الخارج، إلا أنهم لم يحظوا باهتمام القيادة السياسية والحكومة الشرعية، ولم يحصلوا على أي دعم خارجي أو داخلي.

متعلقات
سجون الحوثي.. جرائم وانتهاكات على مرأى ومسمع من العالم
مؤسسة الصحافة الإنسانية ترصد وفاة 60 حالة وإصابة أكثر من 7 آلاف شخص خلال شهر فقط
التسرب المدرسي معضلة تهدد مستقبل الطالبات في ردفان
تقرير: "دثينة وقبائلها".. لا حياد في الحرب على الإرهاب
الأمم المتحدة تتهم جماعة الحوثي الانقلابية بعرقلة العمليات الإنسانية للشعب اليمني