عمالة الأطفال .. الظاهرة التي أثقلت كاهل عدن(تقرير)
تقرير / دفاع صالح

 

يٌقال إن الطفولة هي الخطوة الأولى في الطريق الطويل .. لكن الصورة تقول إن الطريق هو خطوة أولى في الطفولة ..

طفلةٌ على قارعة الطريق ترسم بأناملها ملامح غابت عن واقعها ، ومن مثلها أطفال كُثر نراهم في زوايا النسيان .. على الطرقات وتحت لهيب الشمس وقد تجنى عليهم المجتمع وسلب منهم أبسط حقوقهم كالحق في التعليم والصحة والتمتع بأيام الطفولة التي لا تعوض ...

أزمة مفتعلة ضحيتها الأطفال

مؤشرات عمالة الأطفال في ازدياد .. وعدن التي التزمت حقوق الطفل منذ وقت مبكر أصبحت حاضنة لهذه الظاهرة التي أثقلت كاهل المدينة الجاذبة للهجرة الداخلية

في ظل إقصاء ممنهج لها منذ ما يقارب الـ(25) عاما..

يشخص الاختصاصي الاجتماعي د/ عبد الله بكير واقع الظاهرة في الفترة الأخيرة على أنها نتيجة طبيعية لعدة أزمات مفتعلة بحق سلامة عدن ، ويرجع تنامي الظاهرة لمجموعة عوامل اقتصادية واجتماعية، ولا يستبعد بكير وجود بعض أولياء أمور تتملكهم رغبة في التخلص من مسؤولية أبنائهم في جوانب عدة خاصة التعليم ، فيدفعونهم إلى العمل أيا كان وهمُّهم الأساسي أن يأتي الطفل آخر النهار ببعض المال ..

العمل .. بيئة قاسية

تشير إحدى التقارير المحلية إلى أن  ظاهرة عمالة الأطفال في عدن خلال السنوات الأخيرة أكبر بكثير مما قدرته المسوحات والإحصاءات حيث يرتفع هذا العدد بشكل ملحوظ.

ووفقاً لدراسة أجريت على بيئة عمالة الأطفال بدعم من المنظمة السويدية لرعاية الطفولة وشملت عينة عشوائية تقدر بـ (1000) طفل عامل ما بين سن (7-15) سنة فإن الأماكن التي يعمل فيها الأطفال تنضوي على عدة أخطار وغالباً ما تكون أعمالهم مضنية ، وسجلت الدراسة ذاتها ارتفاعاً عالياً لمعدل الإصابات بين الأطفال حيث كشفت أن (22%) منهم يعانون من إصابات عمل مستديمة أكثرها الإصابة بالتسمم بنسبة (18%) يليها الإصابة بالنار بنسبة (13.6) و(7.2%) بالصدمات الكهربائية و(7%) بأمراض معدية خطيرة.

ويرى الخبراء أن الأمر الذي يثير القلق هو التأثير النفسي لبيئة العمل على الطفل العامل.. حيث إن العنف يولد العنف وبتعرض الطفل العامل لسوء المعاملة فإنه سيصبح عنيفاً تجاه المجتمع..

ما هو البديل؟

هناك خياران بالنسبة للأطفال الفقراء كما يحددها علماء النفس : الأول هو أن يعيشوا في فقر مدقع مع عائلاتهم والثاني هو الانطلاق للعمل لمساعدة أنفسهم وذويهم مهما تضمن ذلك من آثار نفسية واجتماعية سيئة .. وفي كلا الحالتين نجد العمل قد سرق منهم براءتهم وسلبت منهم الحاجة أجمل لحظات حياتهم.. وأحلامهم الصغيرة ذهبت أدراج الرياح فأجبروا على ترك عالمهم ومدارسهم وتوجهوا إلى عالم يجهلونه وحملوا أعباء لا تقوى عليها أجسادهم الصغيرة وانطلقوا يجوبون الشوارع ويفترشون الأرض.. بين الأزقة وعلى أرصفة الطرقات سعياً وراء لقمة العيش ..

أسباب ومعالجات

دراسة المنظمة السويدية أشارت أيضا أن أهم أسباب انتشار ظاهرة عمالة الأطفال هي تدني معدلات النمو الاقتصادي ومستويات الدخل واختلال توزيع الدخل بين الفئات الاجتماعية المختلفة وارتفاع معدلات النمو السكاني والإعالة والبطالة والتضخم وضعف شبكة الأمان الاجتماعي، وقبل ذلك فالفقر دافعاً رئيسياً لوجود الطفل في العمل .

وتطرقت الدراسة ذاتها إلى عدد من المجالات والتدابير للحد من الظاهرة في إطار جهد تنموي متكامل ومنظم وإشراك منظمات المجتمع المدني للتخفيف منهم مواجهتها ومن هذه التدابير إعداد دراسات متعمقة حول الظاهرة وأسبابها ووضع برامج ومشروعات وإستراتيجيات وسياسات بديلة لعمالة الأطفال وتوفير الرعاية والحماية للأطفال العاملين وأن يكون التعليم والتدريب أحد المحاور الهامة لجهود الرعاية، إضافة إلى إعداد اللوائح والقرارات المكملة والمنفذة لإحكام قانون العمل في مجال تنظيم عمل الأطفال ومراقبة المنشآت والأماكن التي تستخدم الأطفال خارج إطار القوانين واتخاذ الإجراءات الرادعة ضد المخالفين، إضافة إلى تفعيل برامج شبكة الإمكان الاجتماعي واستهداف الفئات الفقيرة الأكثر تضرراً وتشكيل تحالفات عريضة تضم الحكومة ومنظمات مجتمع مدني وأصحاب عمل وعمال لتحقيق الأهداف والغايات المرجوة لمعالجة هذه الظاهرة.

مابين الناصية والمنحدر

تقارير وإحصائيات ودراسات ومراكز وندوات وبرامج يتحدثون عنها حول عمالة الأطفال، لكن ذلك لم يؤت ثماره بعد.. . وما زالت هذه الظاهرة في تزايد مستمر فالأطفال المتجولون في الشوارع بحثاً عن قوتهم كثيرون جداً ولكل منهم طريقته الخاصة في تسويق سلعته أو الاستجداء بالناس ..

 تلك هي الطفولة التي أهملت وتمادى المجتمع في نسيانها... وأصبحت مجرد يافطة يتغنى بها الكثيرون ممن يدعون اهتمامهم بهذه الشريحة التي تعتبر رقماً صعباً في حياة الشعوب والدعامة الأساسية والقوية في بناء المجتمعات وهي التي ستقود تلك المجتمعات إما إلى ناصية التقدم والتطور أو إلى منحدرات السقوط ...

 

متعلقات
سجون الحوثي.. جرائم وانتهاكات على مرأى ومسمع من العالم
مؤسسة الصحافة الإنسانية ترصد وفاة 60 حالة وإصابة أكثر من 7 آلاف شخص خلال شهر فقط
التسرب المدرسي معضلة تهدد مستقبل الطالبات في ردفان
تقرير: "دثينة وقبائلها".. لا حياد في الحرب على الإرهاب
الأمم المتحدة تتهم جماعة الحوثي الانقلابية بعرقلة العمليات الإنسانية للشعب اليمني