مرت مدينة عدن اليمنية بعدة محطات في تاريخها، وعُرفت باسم "ثغر اليمن الباسم" و “عين اليمن”، وهي عاصمة الجمهورية اليمنية الديمقراطية، وتعتبر أهم منفذ طبيعي على بحر العرب والمحيط الهندي فضلاً عن تحكمها بطريق البحر الأحمر، وتشكل نموذجًا متميزاً لتكامل النشاط الاقتصادي وتنوع البنيان الإنتاجي، كما تكتسب المدينة أهميتها السياحية من شواطئها الدافئة ومنتجعاتها الجميلة، قال ابن حزم الأندلسي وهو يصف بلده الأندلس ( عدنية في منافع سواحلها ) بالإضافة إلى احتوائها على العديد من المعالم الأثرية، والمنابر الثقافية التي تميزها عن غيرها.
ومرت “عدن” بالعديد من المحطات، نستعرضها في النقاط التالية:
اُفتتح في مديرية الشيخ عثمان بعدن المعبد الهندوسي “هانومان” “Hanoman Tample”، وفي عام 1883م شُيد في مدينة كريتر “معبد النار” “The Persian Fire Tample”، بمبادرة من “قهوجي دانشاو”؛ كما تم بناء “معبد الصمت” فوق الهضبة المطلة على الصهاريج.
وفي العام 1884م اُفتتحت في الشارع الطويل في مدينة كريتر أول مكتبة حديثة (دار الكتب العربية) لصاحبها الحاج عبادي.
وخلال العام 1885م بدأت شركة إيطالية باستخراج الملح في منطقة المملاح بين الشيخ عثمان وخورمكسر، وفي ديسمبر من العام ذاته، قام السيد كيث فولكنر بدعم الكنيسة الاسكتلندية ببناء مستشفى صغير في مديرية الشيخ عثمان.
في العام 1886م تأسست الغرفة التجارية العدنية، وتم بناء مستشفى المعلا للأمراض المعدية، فيما تشكلت أمانة ميناء عدن.
العام 1887م استكملت السلطات البريطانية عملية شراء الأراضي الممتدة من شبه جزيرة عدن إلى شبه جزيرة البريقة وما حولها، وظهر أول ناد رياضي في عدن.
ظهور أول ناد رياضي في عدن
وقعت بريطانيا على اتفاقية شراء منطقة البريقة من الشيخ عبدالله مهدي حيدرة شيخ العقارب، في العام 1888م، كما أنشأت السلطات البريطانية بلدية عدن.
العام 1889م شهد إنشاء شركة هوارد وإخوانه مطبعة تطبع بالإنجليزية والعربية والعبرية، وتم افتتاح مدرسة ابتدائية في المعلا، وقامت شركة هندية باستخراج الملح في منطقة كالتكس جنوب مديرية الشيخ عثمان.
تم بناء أول ملعب لكرة القدم في المعلا، في العام 1890م ، وشُيدت ساعة بيج بن عدن “Aden Big Ben”على الجانب المطل على البحر من جبل البنجسار.
أما العام 1891م فقد بلغ سكان عدن حوالي 44079 نسمة، وبدأت أعمال حفر وتعميق ميناء عدن، وأسس مناحيم عواد مطبعة يهودية وكانت تقوم بطباعة البطاقات البريدية.
وتم بناء مسجد الهتاري في التواهي في العام 1893م.
انتهت عملية تجديد مسجد العيدروس في كريتر بواسطة أحد أثرياء حيدر آباد في العام 1895م، واُفتتح مبنى القنصلية الامريكية في التواهي وكان القائم بالأعمال فيها في ذلك الوقت المستر باراك.
وفي مايو 1899م ، وصل إلى عدن أنتوني بس وعاش فيها إلى عام 1951م، وأصبح من أشهر وأكبر تجار عدن، وترك بصمات قوية في بناء معالم عدن الحديثة.
وفي العقد الأخير من القرن التاسع عشر توسع المعمار في الشيخ عثمان، وانتقل إليها العديد من الساكنين بسبب توفر المياه وهوائها المعتدل أثناء الليل، كما قام بعض أغنياء كريتر ببناء بساتين فيها برك للسباحة ومنازل صيفية.
وفي 1900م أنشأت السلطة المحلية لمستعمرة عدن واُخضعت لها كل الخدمات البلدية في المستعمرة وموازناتها السنوية، وأُنيطت بها مسئولية الحكم المحلي في عموم عدن، وفي أكتوبر من نفس العام أصدر مساعد المقيم السياسي في عدن “ أو. بيل” ( W. Beale ) “جريدة عدن” الأسبوعية ولمدة ستة أشهر، وصدرت الجريدة بثمان صفحات كاملةٍ، وكانت تُطبع في مطبعة هوارد.
انتقلت مخازن الفحم من ميون إلى عدن في بداية القرن العشرين.
بداية القرن العشرين
وفي بداية القرن العشرين توفي ودفن في الشيخ عثمان الولي هاشم بحر (الهاشمي)، وأصبحت زيارة الهاشمي من أهم المناسبات السنوية في عدن والتي تنافس زيارة العيدروس في كريتر.
وفي بداية القرن العشرين بُني مسجد الشيخ العراقي في التواهي.
تأسس نادي التنس العدني ومقره في حي القطيع بكريتر في العام 1902م ، واُفتتح نادي الترفيه الموحد لمزاولة الألعاب الرياضية المختلفة، وتشكلت الهيئة الإدارية برئاسة يوسف محمد خان، وعضوية سعيد عبدالله خليفة، عبدالقادر مكاوي، إبراهيم خان، عبدالرحمن نورجي والقاضي رستم خان، وكان مقر النادي بالقرب من مسجد خواص.
وفي العام 1903م رفعت الحكومة الفرنسية القنصلية المساعدة في عدن إلى وكالة قنصلية، وكان مديرها القنصل المساعد موريس رياس، وبقي مقر القنصلية الفرنسية في عدن في شركة “رياس” إلى عام 1928م، وفي ديسمبر، نشرت “مجلة المنار” في عددها التاسع عشر من عامها السادس تقريراً بعنوان “عدن وبلاد العرب لسائح محب للمنار” تناول الوضع في عدن والمنطقة.
وفي مايو 1904م، نشرت “مجلة المنار” خبراً حول نشاط المبشرين في عدن ودعم سلطات الاحتلال لنشاطهم التبشيري، وشهدت عدن بداية ظهور النشاط المسرحي بوصول فرقة مسرحية هندية كانت في طريقها إلى جنوب أفريقيا، وقدمت عدة عروض مسرحية أثناء توقفها في عدن، ووصل إلى عدن أبرز مهندس في الهند “إم فيش أيشواريا” بتكليف من السلطات البريطانية لتخطيط نظام الصرف الصحي وإعداد خطة لتوفير مياه الشرب.
تأسس نادي الاتحاد المحمدي ومبنى النادي في حي القطيع بكريتر في يوليو 1905م، وأنشئ ملعب المجمع البلدي المعروف حاليا باسم ميدان الحبيشي، وعينت الولايات المتحدة الأمريكية المستر “تشارلز موزر” أول قنصل لها في عدن، وظل هذا القنصل في عدن القنصل الوحيد في شبة الجزيرة العربية حتى الحرب العالمية الثانية.
هيئة لرعاية المسنين
تأسست في عدن هيئة شعبية لرعاية المسنين سنة 1906م، وأثمرت جهودها بإنشاء دار العجزة والمسنين في الشيخ عثمان.
وفي العام 1907م بُني مسجد خواص في الميدان بكريتر.
بلغ عدد سكان عدن نحو 35000 نسمة في 1908م ، وقدمت إلى عدن فرقة مسرحية أقامت مسرحا لها في بناية قهوجي، وقدمت عرضين مسرحيين، الأول “الله حق” والثأني “شيري وفرهاد”. وفي هذه الفترة صدر باللغة العربية كتاب عن تاريخ عدن بعنوان “قلائد الجُمَن” لمؤلفه الفقيه محمد عثمان الهندي المدرس في المدرسة الحكومية الابتدائية في كريتر.
افتتحت أول كلية للتعليم العالي في عدن في العام 1910م، وكانت هذه الكلية تعطي منحاً دراسية لتلاميذها لاستكمال دراساتهم العليا في الخارج، اُفتتحت في كريتر المكتبة الدنماركية لصاحبها مبارك بالغيش، وقدم المستر حمود ناظر إدارة المعارف أول عمل مسرحي باللغة العربية لفريق التمثيل في المدرسة الحكومية وعرض الفريق مسرحية “يوليوس قيصر”، وشهدت عدن أول عرض سينمائي.
وفي العام 1911م افتتحت في كريتر مدرسة الملك جورج الخامس اليهودية للأولاد، واستورد قهوجي دنشهاو ثلاث حافلات لنقل الركاب بين كريتر والتواهي، وتم بناء فنار خليج الفيل في الساحل الذهبي (جولد مور) لخدمة الملاحة في خليج عدن، وفي 7 سبتمبر من العام نفسه، أصدر الأستاذ عبدالقادر محمد مكي كتابه الثالث بعنوان “مبادئ الكيمياء”.