كشفت مصادر سياسية عن جهود دبلوماسية ولقاءات غير معلنة تجري في العاصمة العُمانية مسقط، بهدف الدفع بتحضيرات محادثات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة بين الحكومة اليمنية الشرعية والانقلابيين إلى الأمام، ويتزامن ذلك مع تقدّم ملحوظ للقوات الشرعية ميدانياً شرق العاصمة صنعاء، ومحافظة الجوف المحاذية لمعاقل الحوثيين في صعدة.
وتشير هذه المصادر إلى أنّ الجهود تأتي متزامنة أيضاً مع زيارة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى مسقط، بحضور ممثلين عن الحوثيين غادروا العاصمة صنعاء من دون إعلان من "الجماعة"، في وقت لم يتسن التأكد فيه عما إذا كان موفدون من حزب "المؤتمر " الذي يترأسه الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح قد حضروا اللقاءات أم لا.
ووفقاً للمصادر نفسها شهدت مسقط لقاءات مع دبلوماسيين غربيين معنيّين، وسط أنباء عن لقاء ضمّ ممثلين عن الحوثيين بمسؤولين سعوديين، على غرار لقاءات سابقة عُقدت في مسقط بحضور ممثلين عن الولايات المتحدة وعُمان، كشفت عنها رسالة مسرّبة للمبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أوائل سبتمبر/أيلول العام الماضي.
ويشدد الجانب الأممي ممثلاً بالمبعوث الخاص، على مختلف الأطراف اليمنية أثناء اللقاءات التي يجريها، على ضرورة أن تبقى تفاصيل النقاشات بعيدة عن وسائل الإعلام، وفقاً لمصادر مقربة من الحكومة وأخرى من الحوثيين، وجاءت هذه التطورات بالتزامن مع زيارة الأمين العام للأمم إلى المتحدة إلى مسقط، الاثنين إذ التقى وزير الخارجية العُماني، يوسف بن علوي، وناقش جهود السلام في المنطقة ولا يُستبعد عقد لقاءات مع ممثلين عن الأطراف اليمنية المعنية بمحادثات السلام، أو مع الأطراف الإقليمية والدولية المعنية، بحسب المصادر الحكومية.
وفشلت الأمم المتحدة بعقد جولة من محادثات السلام بين الحكومة الشرعية والانقلابيين، كان من المقرر أن تُعقد في منتصف يناير/كانون الثاني الماضي، وتأجلت إلى موعد مجهول بعد الاشتراطات التي يضعها الطرفان، إذ يطالب الحوثيون بوقف شامل للحرب قبل أي محادثات، بينما تطالب الحكومة بتنفيذ إجراءات لبناء الثقة والالتزام بقرار مجلس الأمن 2216 كشرط للسلام.
إيران تتخلى عن الحوثيين
وعلى صعيد متصل قال مراقبون في تصريحات خاصة لـ"الأمناء" بأن إيران قد أعلنت عن تخليها عن الحوثيين لصالح نظام الرئيس السوري بشار الأسد .
وأشاروا بأن من ضمن الصفقات السرية التي أبرمتها إيران من روسيا وواشنطن هو تخليها عن حليفها الحوثي لصالح سوريا وبما يضمن إجراء تسوية سياسية وصفقة لصالح الأطراف المتنازعة على البرنامج النووي الإيراني .
على صعيد آخر، شهد اليمن تطورات ميدانية متسارعة في الفترة الأخيرة، من شأنها أن تدفع الحوثيين وحلفاءهم الموالين لصالح إلى تقديم المزيد من التنازلات، وخصوصاً بعد وصول قوات من "المقاومة الشعبية" والجيش الموالي للشرعية إلى الأطراف الشرقية لصنعاء وسيطرتها على منطقة استراتيجية، بالتزامن مع مواصلتها التقدم في محافظة الجوف، المحاذية لمعاقل الحوثيين في صعدة.
وأوضحت مصادر ميدانية من المقاومة، أنّ قوات الجيش الموالي للشرعية إلى جانب "المقاومة"، سيطروا على المزيد من المواقع في منطقة فرضة نِهم، شرق العاصمة، على الحدود مع محافظة مأرب، بعد اشتباكات عنيفة مع الحوثيين. وسقط 7 قتلى في صفوف الجيش اليمني و"المقاومة"، و10 قتلى من الحوثيين وحلفائهم، وأسرت "المقاومة" 7 منهم في معارك السيطرة على قرية ملح في مديرية نهم، وتعتبر منطقة فرضة نِهم بمثابة أهم منطقة جبلية على طريق المدخل الشرقي للعاصمة، وتدور فيها معارك، منذ منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي، غير أنها اشتدت في الأيام الأخيرة وحققت خلالها القوات الموالية للشرعية تقدّماً مهماً.
قوات هادي على أبواب صنعاء
بهذا العنوان أو بالأصح بهكذا عبارات نشر موقع روسيا اليوم مقالا لمحمد الأحمد أشبه بالتقرير السياسي استعرض فيه تطورات الأوضاع التي تشهدها صنعاء وبعض المدن والبلدات اليمنية .
ويقول الأحمد بأن قوات الرئيس هادي بسيطرتها على منطقة "فرضة نهم" شرق صنعاء، تكون قد وصلت إلى المدخل الشرقي للمدينة، وأصبحت قاب قوسين أو أدنى منها.
إذ لم يكن أحد يتوقع هذه التطورات الميدانية السريعة، وأن تقترب قوات الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي من العاصمة، ولا سيما أن المعارك لا تزال مستمرة في مدينة تعز، التي تبعد نحو 280 كيلومترا عن العاصمة، وأن الحوثيين وقوات الرئيس السابق أظهروا شراسة قتالية أحبطت الخطط السابقة لتحرير المدينة من قبضتهم.
ولعل تعثر مباحثات السلام وبقاء الكفة راجحة لمصلحة الحوثيين والرئيس السابق في تعز، والهجمات المتواصلة على الأراضي السعودية.. لعل ذلك أغراهم بالاستمرار في القتال، والتراجع عن المرونة، التي أظهروها أثناء الجولة الثانية من مباحثات السلام في سويسرا. غير أن تطورات الأيام القليلة الماضية والتحضيرات، التي تتم للدفع بقوات جديدة إلى تعز ومحافظة صنعاء، ربما أجبرت هذا الطرف على مراجعة مواقفه؛ وذلك متوقع مع عودة قريبة للمبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ إلى صنعاء لإحياء هذه المباحثات.
ولقد راهن الرئيس السابق والحوثيون على الحزام القبلي للعاصمة، والطبيعة الجغرافية الصعبة لها، وكانوا متأكدين من صعوبة الدفع بقوات غير يمنية إلى هذه المناطق، لأنها ستكون صيدا سهلا لهم؛ لكن السعودية، التي تمتلك تاريخا طويلا من النفوذ لدى قبائل الشمال، وتعرف تضاريس اليمن وتركيبته الاجتماعية، لم تغامر وحلفاؤها بإرسال قوات برية، واتجهت نحو إعادة تأهيل قوات الجيش الموالية للرئيس هادي، وأشرفت على تجنيد ألوف آخرين من أبناء القبائل؛ وهو أمر مكن هذه القوات من تجاوز محافظة مأرب الصحراوية إلى عمق جبال نهم، والتقدم نحو صنعاء.
هذه التطورات الميدانية يمكنها أن تسمح لحلفاء هادي والسعودية باستعادة زمام المبادرة، وكسر حاجز الخوف، الذي تشكَّل بفعل القوة الجامحة للحوثيين وقوات الرئيس السابق، والتي تمكنت من سحق الزعامات القبلية الكبيرة الحليفة للرياض، مثل عائلة الأحمر، واجتياح المدن بسهولة ويسر؛ إذ بدأ المعارضون لهذه القوة يُظهرون مواقف لم تكن معلنة من قبل، وهذا أمر يمكن أن يساعد على تحقيق تسوية سياسية - الكل يُجمع على أنها هي المخرج الملائم للصراع المدمر في اليمن.
وبينما تدور منذ نحو أسبوعين في الكواليس اتصالات مكثفة لإنضاج تسوية سياسية وعسكرية شاملة، صعَّد الطرفان من عملياتهما العسكرية لتحسين شروط التفاوض. وتبين أن التحالف بقيادة السعودية تمكن من استغلال هذه المدة الزمنية لتحقيق مكاسب على الأرض، تعزز من قدرته التفاوضية، وليس من قدرته على هزيمة الحوثيين والرئيس السابق.
خروج الرئيس السابق
الاتصالات ترتكز على فكرة خروج الرئيس السابق بشكل مؤقت من البلاد، ورفع العقوبات الدولية المفروضة عليه، وعلى نجله أحمد المقيم في الإمارات، على أن يلتزم التحالف بهدنة طويلة المدى للحرب، ويقوم الحوثيون بالإفراج عن وزير الدفاع والقادة العسكريين الآخرين، ويتم تشكيل لجنة عسكرية تتولى الإشراف على تسلم المدن ومنع تمدد المسلحين.
أما سفراء الدول الكبرى، التي ترعى التسوية في اليمن، فيعملون بشكل متواصل مع المبعوث الدولي الخاص باليمن من أجل إتمام هذه الصفقة لأنها تلبي جزءا كبيرا من مطالب الطرفين. فهي من جهة تُنهي الانقلاب، ومن جهة أخرى، ترفع العقوبات عن الرئيس السابق، وتوقف الحرب كما يطالب بذلك الحوثيون. لكن الخشية من أن تؤدي المكاسب، التي حققها التحالف اليوم إلى إثارة شهية التحالف للتصلب في مواقفه، وهو ما سيقابله بالضرورة إصرار من الحوثيين والرئيس السابق على القتال.
وإذا ما قدر للجهود السياسية النجاح في إبرام الصفقة السياسية، فإن اليمن يُشرف على مرحلة جديدة من السلام، ويدخل معركة سياسية واقتصادية معقدة وشاقة. بيد أنه إذا ما أتت الأحداث بغير ذلك، فإن المزيد من الدمار سيحل بهذا البلد، الذي يعاني أكثر من ثمانين في المئة من سكانه من الجوع، وخسر كل ما تم بناؤه خلال السنوات الخمسين الماضية.