عندما تحلُّ الحرب على أرض ما، فإنها تأكل الأخضر واليابس، وتخلف شعوباً منكوبة وراءها في كل مجالات الحياة، وهذا الأمر هو ما فعلته حرب المليشيات على الجنوب، والتي بسببها دكّت البنية التحتية لكل منطقة مروا أو مكثوا فيها، منها تدمير مناطق عديدة في لحج، وبالذات مديرية تبن التي نالها نصيب وافر من الدمار.
"الأمناء" بدورها، زارت قطاع التربية والتعليم، في هذه المديرية التي تعرضت لنكبة كبيرة، فمدارس فيها، تم تدميرها كلياً، وأخرى جزئياً، وما تبقى سكنها النازحون.
أطلال مدارس
تقع مدرسة الشهيد "علي عبدالعليم" بقرية المجحفة مديرية تبن، التي لم يمر على افتتاحها سوى أربع سنين، وقد أصبحت اليوم في عداد المفقودين، واختصار حكايتها تتلخص بأكوام من الأحجار، بعد احتلالها من قبل مليشيات الحوثي وقصفها صباح يوم 13/6/2051م، فصارت أطلالاً، يحكي عن واقع التعليم في المديرية.
فأصبح أكثر من 500 طالب وطالبة، مشردون بلا مدارس، ويتم تعليمهم في (خمسة) منازل بوضع غير لائق صحياً، والضرورة فرضت عليهم هذا الأمر؛ لخصوصية المنطقة وعدم قدرة أولياء الأمور على تكاليف المواصلات.
وحتى لا ينقطع الطلاب عن الدراسة، تطوع مواطنو المنطقة بمنازلهم للتعليم على أمل إعمار المدارس، ولكن لا شيء يبدو في الأفق، عن عودة المدارس في أسرع وقت ممكن.
وحذر أخصائيون اجتماعيون، من استمرار هذا الفراغ، الذي سيحفز من تسرب الطلاب ويزيد حضور هذه الظاهرة السيئة، ومن ثم ذهابهم إلى أماكن ربما قد تضرهم وتضر المجتمع.
افتتاح خمسة منازل بدلا عن المدارس
وعن هذا الشأن، تحدث لـ"الأمناء" مدير المدرسة "فارس أحمد محسن" قائلاً: حتى لا ينقطع الطلاب والطالبات عن التعليم، قمنا بمساعدة الأهالي، بافتتاح صفوف دراسية بـ"خمسة منازل"، ونقوم بتعليم الطلاب من صف أول أساسي إلى صف تاسع صباحاً، بينما البنات من أول أساسي إلى أول ثانوي فترة مساء، والبنات من صف ثاني وثالث ثانوي تم ترحيلهم إلى مدرسة "الخنساء"، ويقطعون مسافة أكثر من 3 كم، وكذلك طلاب صف أول ثانوي الى الثالث الثانوي تم ترحيلهم إلى مدرسة "معاذ بن جبل" بنفس المسافة.
ويضيف مدير المدرسة بأنه منذ ما بعد الحرب قامت بزيارة المكان وسائل اعلامية وبعض المنظمات؛ ولكن للأسف تصوير وحصر معلومات، دون أي عائد ملموس على أرض الواقع يحل هذه المشاكل.
وتساءل المدير: لماذا لا تقوم دول التحالف بإعمار مدارسنا؟ ألسنا مواطنون، ولنا حقوق، أبرزها "حق التعليم" أسوةً بالغير، موضحاً أن الطلاب والطالبات اليوم يعانون من وضع نفسي صعب جداً، فكيف لهم التعلم بهذا الوضع الذي يؤثر سلباً على دراستهم وحياتهم اليومية، وأيضاً على صحتهم الجسدية.
فرحة لم تكتمل
أما مدرسة "مصعب بن عمير" الواقعة في قرية "طهرور"، والتي تم بناء هذه المدرسة بجانب المدرسة القديمة، على أن يتم افتتاحها مع بداية العام الدراسي 2015/2016م .
وحسب قول مدير المدرسة "محمد علي يحيى" فقد احتلت المليشيا هذه المدرسة، وحولتها إلى ثكنة عسكرية، فتم قصفها من قبل طيران التحالف، فتحولت إلى خراب وأكوام من الحجارة بما في ذلك المدرسة القديمة.
وأضاف: تطوع الأهالي بتوفير "ثلاثة منازل" لتعليم الطلاب والطالبات داخل القرية وحالياً يتعلم بالمنازل أكثر من 326 طالب وطالبة من صف أول أساسي إلى صف تاسع فترة صباح للأولاد، أما البنات فه ففترتهن في المساء، من صف رابع إلى تاسع.
تعليم المنازل مؤقتا
ويقول مدير هذه المدرسة، بأن الوضع صعب على هذه الحالة، حيث أنه لا تتوافر، بيئة تعليمية ولا صحية مناسبة، والعامل النفسي له تأثير سلبي على نفسية المتعلم والمعلم، وكذلك افتقار الوسائل التعليمية، والأنشطة الترفيهية، وهو أمر فرض عليهم بالقوة حتى لا يحرم الطلاب من حق التعلم.
ونبه ميرا المدرستين، بأن الأهالي فتحوا بيوتهم هذا العام، فمن يعرف ماذا يفعلون في العام الآخر، وعليه فنناشد الرئيس وحكومته، والتحالف العربي سرعة إعادة الإعمار، حتى لا يتسرب الطلاب من بين أيدينا، إلى جهات مجهولة.
الأطفال يحلمون بلعبة
إلى ذلك، قالت الأستاذة "سميحة" بأن الأطفال يتأثرون نفسيا كثيراً، من القصف الذي طال مدارسهم، فقد أصبحوا يتعلمون في فصول، لا تليق بهم صحياً ونفسياً، خاصة بعد هذه الحرب، مشيرة إلى أنه من حق الأطفال اللعب، ولو بكرة القدم أسوة ببقية أطفال العالم، وأوضحت بأن المنازل لا تصلح لغرض الدراسة، ولا توجد مساحات كافية، وبعض المنازل لا توجد فيها حمامات للطلاب، بالإضافة إلى الازدحام في الغرف الصغيرة والمتقاربة، مما يتسبب بالتداخل مع بعضها البعض عند شرح الدرس، واختتمت حديثها معنا بأن إدارة المدرسة بدون سقف، مما جعل الإرشيف عرضة للأتربة وأشعة الشمس والأمطار.
إدارة التربية توضح
من جهته، قال "أحمد الجعدي "، مدير إدارة التربية في مديرية تبن، لـ"الأمناء "، بالنسبة لحجم الأضرار التي لحقت بقطاع التربية، فهي كبيرة جداً وخروج عدد من المدارس عن الخدمة كلياً، وبعضها جزئياً والأخرى تحتاج ترميمات، نحن بدورنا وعقب الحرب مباشرة، قمنا بحصر تلك الأضرار وتوثيقها بالصور، وإعداد تقرير متكامل، وتم تسليمه للأخ المحافظ السابق د. فضيل.
وفي السياق نفسه، طالب مدير عام مكتب التربية في لحج د. هشام السقاف، باهتمام كبير من قبل الأخوة في التحالف وإعادة إعمار المدارس، وترميم الأخرى، كذلك نطالب الحكومة والمنظمات بالشيء نفسه.
وأفاد بأنهم قد قدموا لمحافظ لحج، د. ناصر الخبجي، تقريراً، بحجم الأضرار معززين ذلك بالصور، ووعدنا المحافظ بتحرير رسالة مع التقرير للأخوة بالتحالف لإعادة الأمل وإعمار وترميم ما تعرض له قطاع التربية والتعليم، بمديرية تبن، مضيفاً: نحن على ثقة بالله بشخص المحافظ والأخوة الأشقاء ومتفائلون خيراً بأن الأيام القادمة ستكون أيام خير وتنمية شاملة لكل البنى التحتية، التي تهدمت بسبب مليشيات الحوثي وصالح.
واختتم تصريحه بتمنيه أن يأتي العام الدراسي 2016/ 2017م، ومدارس مديرية تبن أفضل وأجمل مما كانت عليه، قبل الحرب.