لم أفق بعد من هول الصدمة التي حلت عشية الثالث عشر من يناير لعام 2016والتي نزلت كالصاعقة حال تلقيت خبر وفاة الوالد الفقيد المناضل /عبدالرب المطري والتي أفقدتني حالة التركيز والقدرة على ترتيب الأفكار ونثر مشاعر الوجدان ونالت من قدرتي العقلية والمعرفية في وصف حالة الارتباط العضوي في المجال الوطني التي جمعتنا ساحات الثورة وميادين الكفاح وكذلك التعايش في رقعة الجغرافيا وروابط الأسرة ورباط الدم فعن ماذا أكتب..؟! لعل مجلدات لا تكفي لسرد حكاية مسيرة الرجل العامرة بمحطات من الإثارة المعرفية التي تجسد سمو المعاني الوطنية والأخلاقية لحياة فارس مضفرة كان مهدها الفريد منطقة الرباط موطن النشأة وميلاد الترعرع طفلا"يحمل إكليل الزهد وأرقى سمات الانتماء الوطني توارثها ليخط بها درب حياته حتى الممات فما أروع الخصال ونقاء المعدن ! وفي سن الشباب قاده سلوك الانتماء الوطني للالتحاق بالجيش الجنوبي مسجلا"هنالك لوحة فريدة من العمل والإخلاص كما أوضح لنا رفاق الفقيد ليأتي عام 94م وفي صيفها وبعد ان خاض الفقيد تجربة في الدفاع عن الارض ببسالة وشجاعة تجتاح القوات الشمالية الجنوب لتفرض احتلالها وتمنح الفقيد الطرد القسري كحال رفاقه من الضباط الجنوبيين وسجل الشهيد عندها عهدا"جديدا"من الوفاء الفريد في حب الوطن رافضا "ومقاوما" للاحتلال وبعد سنوات من النضال الطويل والشاق ساهم الفقيد بدور بارز وفعال في ابتكار مشروع التصالح والتسامح التربة الخصبة والبذرة التي مهدت الطريق لتفجير الثوره الجنوبيه في 7-7-2007م بوقوفه وزملائه من العسكريين والأمنيين في ساحة الحرية (العروض )بخور مكسر مدشنين نقطة التحول التاريخي في مسار معركة الكرامة والحرية ضد الغزاة المحتلين وشارك بفعالية في إنجاح الأنشطة الثورية للحراك الجنوبي السلمي وكان الفقيد مثال يحتذى به في الصدق والإخلاص قائدا "حكيما"شجاعا" يمضي بخطى ثابتة مقدما"روحه وماله وحاملا"لكفنه في مواجهة المحتلين ماضيا"بثبات الثائر الصلب والقائد الوفي والوطني الصادق راسما"لوحة الشرف خطتها بسالة الاقدام و نجاعة الفكر الوطني ميزة منحت الفقيد سمت الحب بين ابناء ردفان خاصة والجنوب عامة وكان لي شرف أن أكون طالبا" في مدرسته الوطنيه منذ اللحظة الاولى لثورة الجنوب السلمية وشاركت بمعية الفقيد كل منعطفات الثوره وكفاحها الوطني في ردفان والضالع ويافع ولحج وعدن و لودر وفرت لي فرصة الارتشاف من عبير حياته الوطنية والتزود من ريحان نضاله العطر كمثال للإنسان المتواضع الخير وسمات للقائد الفذ المتسم بالتواضع ودماثة الخلق والحكمة والكرم فكان لنا كشباب الموجه والمرشد والدافع والمحفز لممارسة دورنا في الانتصار للجنوب الوطن والانسان وأتذكر نصيحته التي لا تبارح خيالي في مجلس الشيخ رفيق دربه /عبدالله محرز في اجتماع لقيادات الحراك بردفان قائلا":علينا الايمان بالشباب كطليعة للعمل الوطني وهذا يقودنا للتسليم بأهمية تأهيلهم لقيادة دفة الثورة والانتصار لها ونكون مرشدين لهم لبناء دولة الجنوب الحرة المستقلة وطن الجميع"وبين ذكريات الماضي وألم الفراق يبقى له حقٌ علينا في الوفاء لمبادئ وقيم وطنية واخلاقية تكون لنا مظلة لسلوكنا في الحياة.
حقا لقد خسرنا رجلا"نبيلا"جمع مفاهيم الرجال الاوفياء لأوطانهم وأهلهم فرحمة الله تغشاك والى جنة الخلد وفردوسها أيها الوالد أبا أنور رحمة الله عليك ..