بعد أن افقدوه الأمل بالعلاج وأهملوا جراحه ،جزماً منهم انه لن ينطق ولن يتحرك ،نطق شوقي وقال " الحمد لله "فسبحان الذي أنطقه بعد كل هذه الشهور وفي ظل إهمال لجنة إغاثة الجرحى.
اللجنة التي ماتزال تعاني من عاهات كثيرة رغم التغيير المزعوم ، فماتزال صماء بكماء لاتعرف الا لغة المال والعمل الذي لم يرتقِ لتضحيات الشهداء حتى فاحت رائحه الفساد بالتوازي مع تفاقم الوجع وأنات الجرحى.
أصل الحكاية
... هنا في الاردن يهيمن رباعي الموت على جرحى المقاومة الجنوبية وفي مقدمتهم شوقي الذي تعرض للإصابة في مدينة المعلا بجانب صوامع الغلال وسكنت الشظايا في رأسه...
رباعي انطلق من عبث لجنة لا تمت للطب أو لحقوق الإنسان بصلة وتتبدل الوجوه وتدار الأدوار وتظل رؤوس الفساد باقية ومتربعة ومتصدرة المشهد، فبين لجنة أصبحت لها لجان متفرقة وكلاً على مهله يعمل وعلى رياله يغني ،وبين سفارة تتحول من مهمة إصدار الوثائق الى وسيط يبحث عن المشافي أو يفرض استشاريين أو يستبعدهم.
ومن جهة أخرى يكمتل الرباعي الواقع بين ضلعي أخطاء طبية وإنسانية البعض منها انتهى بالوفاة ،وبين مصروف يومي يذهب به بعض المسؤولين عن حياة الجرحى إلى الحانات ونساء الليل وحدث ولا حرج.
رباعي يقتل الجريح ولا يشفي جراحه ويوسع المساحة والفراغ الذي يجب أن تبسط عليه الدولة بممثلين يكونون خير أخ وأب وطبيب للجريح الذي لم يكن مكانه البيت أو خارج الوطن ولكن كان على الأرض مقاوم.
الا أن هذا الجريح المقاوم مازال يعاني حيث أمضى شوقي أكثر من اربعة أشهر في مستشفى الوالي بعدن برعاية صحية متواضعة ثم جاء نبأ فرصة العلاج في الاردن فجهز شوقي وتم أخذه بطريقة لا إنسانية.
حمل شوقي وكأنه بضاعة في كرتون وليس كشاب مقاوم جريح ،ومع ذلك ظل الأمل بالعلاج هو اساس تحمل تلك المعاناة ، فتبخر الامل وأصبح أشبه بسراب لا يراه الا من اختل عقله لكن شوقي لم يجن بعد رغم كل ماحدث معه ولهذا لم يرَ الأمل ...
في المستشفى
الدخول إلى المستشفى كان حافلا بفرصة الحياة التى تبددت فور طرده دون أي تحرك من اللجنة التى أصبحت عبارة عن فريق طويل عريض وطابور من السيدات والسادة ينتهي بالدكتور باعوم.
لم تأتِ اللجان ولايوجد طبيب مختص من الجانب اليمني ليضع تقرير طبي منطقي للحالة فخرج شوقي من المستشفى بل طرد منها وأصبح الفندق عيادته ومشفاه وبين أم عاجزة عن مساعدة ابنها وجد يذرف الدموع وتخنقه العبرات مايزال شوقي يصلي لله فهو معينه.
أشهر مضت وانطوت لياليها والاستهتار بشوقي مازال المشهد الحقيقي الذي يراه الجميع لكن والدته لم تستسلم وظلت تهتم بشوقي حتى بدأت أنامله بالتحرك وأصابع قدميه تتمدد ، ثم نطق شوقي نعم نطق وقال الحمدلله لتصبح رويات العجز لامكان لها.
فشوقي بحاجه لإعاده بناء جسده كما قال الأطباء والاستجابة التى ظهرت تعني الكثير في لغة الطب ...وبالإمكان إجراء علاجي فيزيائي ثم نقل شوقي لمستشفى خارج الاردن للجراحة.
المال الذي قد يكون حجة لأي جراحة وعلاج كان متوفراً من المملكة العربية السعودية التى تخوض حربا لنصرة اليمن وتقدم كل شيء للجرحى وبالفعل دفعت المملكة فواتير علاج وسكن ونقل تتجاوز الحد المعقول لعلاج جرحى المقاومة الجنوبية في الاردن.
ومع ذلك مايزال شوقي وأمثاله في وضع مزري ما يعني ان هناك من تصيد لهذا الكرم وقطع منه بطريقة او بأخرى للجيب الخاص وظل شوقي يرقد بعين الساهر ويراقب بعين المعاتب ويسال الله النجاة ويدعو بقلب أحب الوطن وبصوت يحشرج بالكلمات المختنقة الرافضة للخضوع وللذل.
مفارقة عجيبة
فحينما تركته اللجنة المكلفة بالجرحى وحيداً جاءت أسراب العدو لتمد يدها له في مفارقة عجيبة ولاتقاس إلا بالمعيار المترهل الذي تعمل به تلك اللجان والعقل الخبيث للعدو الذي يبحث عن فراغ الشرعية وخللها ليسده.
شوقي صرخ ورفض قبول تلقي العلاج على يد من قتل أهله واستباح الأرض والعرض وفي المقابل خسر شوقي فرصة العلاج في ألمانيا ولم يحتسب له وطنيته بهذا الموقف ، ترك شوقي ينوح ويتعذب ولاشكوى إلا لله شكوى قرأتها في عيني شوقي وهي ترفض رؤيتي ورؤية أي شخص يأتي إليه غير أهله ...
نعم رأيت الرفض الذي استشعرت منه حجم الآلام التى افقدته الثقة بالدور الإنساني والواجب الوطني ... شوقي لم يبع ضميره ولم يستسلم للحوثيين وادار لهم ظهره وهم يعرضون المساعدة ونحن كلجنة وكموظفين عند الشعب وخدام للرعية ادرنا ظهرنا لشوقي وللكثير من جرحى المقاومة ... ملف الجرحى كبير ومتداخلة فيه الأوجاع فليس شوقي إلا بداية هذا الملف الذي سنكمل باقي صفحاته في عدد قادم.