حان الوقت لمغادرة الجميع كل مربعات التمترس خلف المصالح الخاصة والمكاسب الضيقة
لا تقدم مضمون مع بقاء نوازع الثأر الاجتماعي والانتقام السياسي
مهام استثنائية وتحديات تنتظر الانتقالي
لست هنا واعظًا ولا أنا بذلك الشخص الذي يدعي بإمتلاك المعرفة والحكمة؛ ويطلب من غيره الإقتداء به والإستماع لصوته؛ ولا من أولئك الذين يستخفون أو ممن يقللون من وجود الحكمة والحكماء والعقول الراجحة المتقدة بالذكاء وبتراكم التجربة والخبرة المتنوعة لديهم؛ وبأعداد هائلة موجودة اليوم بين أوساط شعبنا الجنوبي العظيم؛ ويشعرون بما نشعر به من قلق وخوف على قضية شعبنا الوطنية؛ ولكنني فقط أحرص دومًا وقدر المستطاع على أن أطرح وبتواضع ما أراه مناسبًا وضروريًا من الآراء والأفكار وبصدق ووضوح؛ ودون غموض أو تخفي خلف الجمل والعبارات المليئة بالمفردات والمفاهيم المجردة.
الأوضاع تتطلب الصدق والوضوح والثقة بالآخر
فإلى عقلاء وحكماء الجنوب ونخبه الواعية والمثقفة؛ وإلى كل من يستشعرون بما عليهم من مسؤولية وطنية؛ نضع عليهم هنا وبإخلاص وما ينبغي أن يقال لهم جميعًا؛ بأن أوضاع الجنوب المأساوية وكما يعرفونها جيدًا وأكثر منا وعلى نحو ملموس؛ تحتاج اليوم ومن الكل للتعامل بلغة الصدق والوضوح والصراحة دون لف ولا دوران؛ وطنياً وسياسيًا وعلى صعيد دور الفكر والإعلام؛ فالغموض في المواقف وتحت أي ظرف كان ومهما كانت المبررات؛ أصبحت ضارة ومربكة جدًا ومقلقة لمجتمعنا الجنوبي وخوفه على تضحياته ومسار قضيته؛ مع ضرورة احترام رأي الآخر والثقة به وبعيدًا عن التخوين أو الإدعاء بإحتكار الوطنية ومن قبل أي كان؛ لأن ذلك بالأساس تعبيرًا عن موقف لا وطني ولا أخلاقي كذلك؛ بالنظر لطبيعة وخطورة المرحلة الراهنة التي يمر بها الجنوب؛ والتي وضعت كل الجنوبيين على سفينة واحدة شاؤوا أم أبوا؛ وبغض النظر عن رؤاهم وقناعتهم ومواقعهم؛ وعليهم جميعًا تقع مهمة التغلب على عواصف وأعاصير أعداء قضيتهم الوطنية؛ ومستقبل شعبهم وأجياله القادمة.
لا تقدم مضمون مع بقاء نوازع الثأر الاجتماعي والانتقام السياسي
لا يعقل بأن العقل السياسي عند الجنوبيين قد أصبح كسيحًا؛ أو أن الحس الوطني صار لديهم في حالة تبلّد؛ أو أنهم عاجزون عن إستشراف آفاق المستقبل ومتطلبات الذهاب إليه وبأيادي متشابكة؛ وفتح أبواب التاريخ الواسعة ليمر منها شعبنا بأمان إلى الغد المأمول والمشرق الذي يليق به ويستحقه؛ وبمستقبل أجياله القادمة؛ حتى لا يبقى أسيرًا للأهواء والإنفعالات والرغبات والأمزجة؛ ونوازع الثأر والإنتقام التي جعلت من الماضي متحكمًا بحاضرنا إلى حد كبير مع الأسف؛ ومقيدًا لسرعة تحركنا المطلوب نحو المستقبل.
مسؤولية حملة الفكر والتنوير وصناع الرأي
لقد حان الوقت لمغادرة الجميع كل مربعات التمترس خلف المصالح الخاصة والمكاسب الضيقة والمنافع العابرة والمؤقتة؛ للأفراد والجماعات وفضح وتعرية أصحابها؛ والتي جعل بعضهم من الوطن والوطنية مجرد قناع يتخفون خلفه؛ وآن الآوان كذلك للنخب الوطنية على تعدد صفاتها وأدوارها في المجتمع؛ أن تمارس دورها الوطني التنويري وعلى نحو أكبر من أي وقت مضى؛ فينبغي على حملة راية التنوير أن يكونوا في مقدمة صفوف من يعبرون بثقة ودون خوف؛ لكل حدود وجغرافية المناطق والجهات والقبائل إلى فضاء الوطن؛ ولمربعات المصالح الفئوية والمهنية؛ وشلل الفساد وبتموضعاتها المختلفة في هيئات ومؤسسات وأجهزة الدولة ومنظمات المجتمع المدني كذلك.
لنتعظ من دروس التاريخ وعبره الغنية
نقول بوضوح لكل أولئك الذين يملكون السلطة والقرار وفي أي موقع كانوا؛ أو أي شكل من أشكال النفوذ والقدرة على إخفاء الحقائق على الناس؛ أو بشراء من لا ذمة لهم؛ أو بإغداق المال العام على بعض المنافقين والمهرجين والمتكسبين؛ وغيرهم ممن يشكلون في ممارساتهم سلوك العصابات؛ ويحملون مع الأسف درجات وظيفية رسمية متعددة المجالات والتسميات؛ ومعهم أولئك الذين يتباهون بالألقاب والصفات القيادية - مدنية وعسكرية - أو تلك ( النضالية ) داخل الصف الوطني الجنوبي على سعته وتنوعه.
الجنوب قبل وبعد الكل وفوق الجميع
نقول لهم بأن كل هؤلاء وكما أثبتت التجارب المختلفة؛ أكانت على الصعيد المحلي أو من تجارب الشعوب الأخرى؛ بأنهم جميعًا سينفضون من حولكم يامن تمثلون لهم أولياء النعمة اليوم؛ وسيتركونكم تواجهون مصيركم بأنفسكم عندما تتغير الظروف وتتبدل الأوضاع؛ بل وسيتحولون إلى شهود إثبات ضد جرائمكم عندما لا تكونوا قادة وسادة عليهم؛ ومصدر ثرائهم غير المشروع؛ وسيفضحون بعض أسراركم الخاصة التي لم يكن يعلم بها الناس؛ ولكم في غيركم عبره؛ وتذكروا بأن الجنوب كان وسيبقى قبل وبعد الكل وفوق الجميع.
مهام استثنائية وتحديات تنتظر الانتقالي
لابد من التأكيد هنا على أهمية الدور الوطني المحوري الذي يضطلع به المجلس الانتقالي الجنوبي ( ماج ) في هذه الظروف الإستثنائية المعقدة والبالغة الخطورة؛ وهو ما يحمله قبل وأكثر من غيره مسؤولية أكبر لجهة وحدة وتماسك جبهة الجنوب الداخلية؛ ولعل في مواصلة الحوار الوطني الجنوبي وبروح وطنية جادة ومسؤولة وعلى نحو لا يقبل التأجيل؛ تشكل أولوية إستثنائية أمامه؛ مع مايرافق ذلك بالضرورة من إجراءات وتدابير بناء الثقة مع شركاء الحياة السياسية؛ ومواصلة مد جسور التواصل مع الجميع دون إستثناء وبعيدًا عن أية حسابات آنية أو قصيرة النظر.
ناهيك عن ضرورة وأهمية تصويب وتصحيح بعض الأخطاء وأوجه القصور التي رافقت مسيرته خلال السنوات السبع الماضية؛ ومراجعتها وتقييمها مجددًا ووفقًا للظروف القائمة وبجدية وشجاعة وطنية؛ وإستخلاص المفيد؛ وبما يمكنه من تجديد أساليب ووسائل عمله النضالية والوطنية؛ بعيدًا عن الطابع الوظيفي والعمل الدواويني وكأنه قد أصبح دولة قائمة بذاتها؛ وبما يعزز من الطابع الوطني المتوازن والمنصف ويجعله أكثر حضورًا وعلى كامل هيكليته وقوامه التنظيمي والإعلامي والإداري وعلى قواعد ومعايير الكفاءة والنزاهة وجدارة الإستحقاق وقبل أي شيء آخر.
حتى يتمكن وبإقتدار من خوض المعركة السياسية والوطنية الفاصلة؛ والمتعلقة بعملية التسوية المريبة والمقلقة؛ وبالدفاع الوطني الشامل والفعال عن مشروع الجنوب الوطني؛ وبالشراكة الفعلية مع بقية قوى شعبنا الوطنية والسياسية؛ ولضمان مواجهة أي عدوان غادر وشامل قد يشنه الحوثيين وحلفائهم المعروفين والمحتملين كذلك؛ وفي أي لحظة قد لا نتوقعها؛ أو لم تكن في حساباتنا الدقيقة من حيث نطاقها ووسائلها؛ وما قد تستخدمه من أدوات عابثة داخل الجغرافيا الجنوبية بهدف خلط الأوراق والإرباك؛ وجعل الفوضى والفتنة هدفًا رئيسيًا ومشتركًا لكل أعداء الجنوب وقضيته الوطنية العادلة.
(مفكر وسياسي جنوبي)