المرأة الجنوبية.. تاريخ نضالي وعملي وعلمي مشرف سجله التاريخ صفحاته بماء الذهب، وكالعادة بيومها العالمي الـ8 من مارس من كل عام، احتفلت المرأة الجنوبية هذا العام كغيرها من نساء المعمورة، ورغم كل شيء إلا أنها أحيت هذا اليوم واحتفلت فيه.. إنها المرأة الجنوبية البطلة، أم الشهيد وابنته وأخته وزوجته.. ومهما تحدثنا عن تاريخها النضالي وأعمالها المشرفة والعظيمة نجزم أننا لن نفي أو نعطي ماجدات الجنوب وحرائره حقهن، ولو الشيء اليسير من ذلك، لقاء ما قدَّمنه من تضحيات جسام، لهذه الثورة العظيمة.
حقاً إنها المرأة الجنوبية التي كانت ولا تزال حرة ثائرة، شاركت وتشارك شقيقها الرجل الثورة والكفاح والفداء .. وبالتربية والتنمية والعمل والبناء .. وفي المجالات الأخرى .. في الماضي والحاضر سجل التاريخ بماء الذهب صفحات ناصعات .. ولمَ لا..؟
المرأة الجنوبية ومشاركة النضال
وتعتبر تلك الماجدات الجنوبيات هن من شاركن الأحرار النضال والكفاح التحرري ضد الاستعمار البريطاني قبل وحين تفجرت ثورة الـ14 أكتوبر المجيدة، كانت ماجدات الجنوب في عدن وسلطنات ومشيخات الجنوب الأخرى مع الأحرار في المقدمة منهن من حملن السلاح ضد المستعمر، ومنهن من شاركن بتظاهرات حاشدة في عدن دعما لثوار أكتوبر ورفضا للتواجد الأجنبي آنذاك، وفيهن من قامت بدعم الثوار وإيوائهم .. ومنهن من زودن الثوار بالطعام والذخيرة..، بل أن بعضهن قطعن المسافات الطويلة بالجبال لإيصال متطلبات الثوار (أزواجهن وآبائهن وإخوانهن) وما يحتاجونه ومساندة لرجال أكتوبر (أجدادنا) الفدائيين الأبطال ..
بعد انتزاع الاستقلال وبزوغ فجر الحرية يوم الثلاثين من نوفمبر 1967م. كانت المرأة شريكة الرجل في بناء الدولة الجنوبية الوليدة دولة النظام والقانون .. سنوات البناء وازدهار الدولة الجنوبية في مختلف الجوانب.. الدولة التي كفلت لها حقها .. ولأنها نصف المجتمع فقد شاركت شقيقها الرجل .. فأبدعت وبرزت المرأة الجنوبية في شتى المجالات العلمية والعملية..
التاريخ يعيد نفسه
وها هو التاريخ يعيد نفسه اليوم وبالأمس.. بعد أن أضعنا تلك الدولة بوحدة سلمية ونية مخلصة وصادقة مع نظام العربية اليمنية التي نكث نظامها مواثيق ومعاهدات الوحدة واحتلت أرضنا بالقوة ولا زال حتى اللحظة ..
واليوم نجد ونرى أن ماجدات الجنوب لا زلن يسطرن أروع الملاحم النضالية التحررية .. كفاحاً وتضحية .. إلى جانب الأحرار في ثورتنا المباركة ضد الاحتلال اليمني .. وفي المجالات والنشاطات الاجتماعية والتعليمية والتوعوية وغيرها ..
ماجدات الجنوب (جدة - أم – أخت – زوجة – ابنة) ما أعظمكن وأنتن في مقدمة الصفوف .. مشاركات بنضالات شعبكم الجنوبي الأبي.. النضال التحرري المشروع .. وفي التضحية .. والعلم .. والتنمية .. والتوعية و.. إلخ.
مواقف وتضحيات للمرأة الجنوبية
وهنا نتعمد عدم التطرق إلى ذكر أسماء ماجدات جنوبيات عظيمات، لوفرة تلك النسوة، اللائي برزن بنضالهن الوطني وتفوقهن العلمي ومجالهن العملي وغيرها ..، فمنهن من نالت المرتبة الأولى على مستوى الوطن والإقليم بمجالات مختلفة .. أو عظيمات قدمن من أبنائهن أكثر من شهيد من أجل الحرية للوطن الغالي واستعادة الحق المسلوب، بل أن بعضهن استقبلن جاثمين الشهداء بالزغاريد ومنهن من تقدمت جنازة ابنها الشهيد، أو زوجها بالزغاريد والمباخر، وكأنها تزف ولدها، في موقف قلما تراه الأعين في هذه الحياة، تنشر (الروائح الزكية) وقلبها يتفطر ألماً من الداخل، إلا أن وطنها كان غايتها وهمها الأغلى، وتضحي بالجزء ليبقى الكل، وفي هذا درس عظيم، في الإيثار بأغلى ما يمكن أن تمتلكه امرأة في حياتها.. فتحملت العذاب والألم وقدمت فلذة كبدها وهو أغلى ما في الكون ..
ومنهن من ينشرن العلم والمعرفة ويعملن جاهدات ليلاً نهاراً كالنحل، على مكافحة ومحاربة العادات الدخيلة والأشياء الضارة والمهلكة (كالمخدرات..) من خلال توعية المجتمع بأضرارها وأخطارها..
ومنهن من جرحت وبترت إحدى أطرافها وهي تتنقل كالنحلة في الأودية والجبال وبين الهضاب، ومنهن من سجنت واعتدي عليها، من قبل أشباه الرجال، ممن يحملون الرتب العسكرية، ودون أن تكون لها أدنى جريرة، إلا أنها تمارس حقها في الحياة، وحقها في الدفاع عن لغمة أبنائها وإخوانها في ساح النضال..
كثيرات هن العظيمات بأعمالهن ونضالهن لا يسعني ذكر ما قدمن ولا يزلن على عهدهن..
ملحمة الماجدات
وقد سجل التاريخ لتلك الماجدات بنضالهن وتضحياتهن وأعمالهن العظيمة، صفحات على جبين التاريخ، بماء هو أغلى من ماء الذهب، كيف لا وهن قد كتبن ذلك، بدماء وأشلاء أطفالهن، ماذا يعني الذهب وماؤه، وماذا يعني ما قد يكون أغلى منه، إلا أن الواجب يستلزم الجود بالرخيص والغالي بلا ثمن، وبهذا يكنَّ قد شكلن ملحمة في التاريخ المعاصر والحديث، وهكذا يمتدُّ المجد..!
وعندما نتذكر بعض المواقف التي شاهدناها بأعيننا .. سرعان ما تذرف الأعين بالدموع، على ما قدمتن يا ماجدات الجنوب و يا أمهات الأبطال .. عندها نجزم بأن من يتقدم الصفوف هو أنتن يا شقيقات الرجال، فأنتن من أسقاهم كؤوس الحرية والكرامة والعز والكبرياء الملامس للسماء، لأنكن أنجبتن أطفالا معلمين إياهم معنى الوطن وحبه وواجب التضحية من أجله بلا زمن أو ميعاد، ذهاب قد لا يرافقه عودة..
أنجبتن وربيتن أجيالاً لا يهابون الموت ولا يخافون بالله لومه لائم .. أرواحهم نذروها من أجل الحرية للوطن المسلوب..
سمو فوق الجرح والحرف
وإلى هنا سنتوقف .. لأننا لا نستطيع إكمال الكتابة بأحرف تصف فعالكن، مؤمنين بأننا لو كتبنا ما كتبنا عن حرائر الجنوب المكافحات حقاً فلن نعطيهن حقهن، وبيومهن العالمي نهنئهن ونحييهن مؤخرا، يا ماجدات الجنوب على وجه الخصوص، ونساء المعمورة جميعاً، فأنتن ولا شك أنكن تسمون فوق الجرح والحرف..
وبالختام، نقف احتراماً وإجلالا لكنَّ يا حرائر الجنوب ويا أمهات الأبطال وماجدات التاريخ لكن أنتن فقط.. ودمتن بخير يا سيدات نساء المعمورة، وفخراً وذخراً للوطن ..
صحيفة الامناء