المخدرات.. حرب قذرة وخطيرة على الجنوب أرضًا وإنسانًا
"الأمناء" استطلاع/ مريم بارحمة:

ما أسباب تعاطي الشباب للمخدرات؟ وكيف انتشرت بالعاصمة عدن والجنوب؟

هل هناك مؤامرة لإغراق عدن والجنوب بالمخدرات؟

كيف يمكن حل قضية تعاطي الشباب للمخدرات؟

 

المخدرات من أخطر الآفات ضررًا بالمجتمعات، فمن أضرارها تفكك الأسرة وارتكاب الجرائم، وبالتالي خراب ودمار المجتمعات وانهيارها، والفئة المستهدفة بدرجة أساسية هم الشباب؛ لأنهم عماد المستقبل فبهم تبنى الأوطان؛ ولذلك يسعى أعداء الجنوب من تجار ومروجي المخدرات، لاستقطاب الشباب لتدميرهم جسديا ونفسيا وعقليا وأخلاقيًا، وتحويل طاقاتهم الإيجابية الفاعلة إلى طاقة سلبية لتحطيم وتفكيك المجتمع، وبالتالي السيطرة عليهم توجيههم بحسب الأجندة والمخططات المرسومة من قبل أعداء الجنوب، في هذه الزاوية نستضيف نخبة من الاختصاصين في التوعية من خطر المخدرات وتربويين وإعلاميين وقيادات أمنية لتسليط الأضواء على أهم أسباب تعاطي الشباب المخدرات، وأسباب انتشار المخدرات بالعاصمة عدن والجنوب، وهل هناك خطة ومؤامرة تحاك لإغراق عدن والجنوب بالمخدرات؟ وما أكثر أنواع المخدرات انتشارا بين الشباب؟ وهل يوجد سلوكيات مختلفة أو اضطرابات لمتعاطي المخدرات؟ ما هذه السلوكيات والتصرفات؟ وكيف يمكن علاج قضية تعاطي الشباب للمخدرات؟  ومن هو الطرف الأكثر تأثيرًا واقناعًا للشباب في تعاطي المخدرات (الاصدقاء أو الاقرباء)؟ وهل للحكومة استراتيجية جديدة لمعالجة هذه الآفة (من خلال إنشاء مراكز لعلاج الإدمان أو إعادة تأهيل الشباب المتعاطي)؟ وهل الحملات التوعوية المستمرة تقوم بواجبها بالحد من هذه الظاهرة؟ أم يلزم الحكومة اتخاذ مواقف جادة وحازمة لمحاسبة التجار ومروجي المخدرات؟

 

المخدرات وأسبابها

البداية كانت مع الأستاذة سعاد علوي القاضي، رئيس مركز عدن للتوعية من خطر المخدرات فتقول: "تختلف أسباب تعاطي الشباب المخدرات من شخص لآخر، بحسب الظروف المحيطة والأحداث والقدرات الفردية لكل شخص، الإنسان الضعيف هو الأكثر قابلية للوقوع في مصيدة تعاطي وإدمان المخدرات، فهو الأسرع تأثرًا بالأصحاب والانقياد لهم، والظروف الأسرية كالتفكك الأسري والعنف والإهمال."

ويضيف الإعلامي فهمي أحمد: "من الأسباب كذلك، الفراغ وغياب دور الأسرة في مراقبة ومتابعة أبناءها الشباب، وتقاعس السلطات المحلية وأجهزة الإعلام عن القيام بدورها في التحذير من خطر المخدرات على المجتمع".

ويتابع فهمي:" يلجأ بعض الشباب إلى تعاطي المخدرات نتيجة جهلهم وعدم إدراكهم لمخاطر الإدمان على تلك الآفات والنتائج الكارثية المدمرة للمجتمع! بينما البعض الآخر ينزلق إليها دون قصد أو إدراك؛ نتيجة استدراجهم من قبل شبكات ترويج المخدرات من خلال دس المواد المخدرة لهم حتى يقعوا في خطر الإدمان".

ويتحدث القيادي في النخبة الشبوانية محمد أحمد بارحمة قائلا: "في أول قائمة أسباب تعاطي الشباب للمخدرات هو الوضع المساوي للبلاد، بسبب الحروب التي يشنها الاعداء على الجنوب وأهله؛ مما سبب تدهور كبير للوضع الاقتصادي للبلاد والذي جعل البطالة تنتشر بشكل كبير بين أوساط المجتمع الجنوبي وأدى إلى فراغ كبير يجعل الشباب أكثر عرضه للجوء إلى هذا الآفات التي غزت المجتمع بكثرة وبشكل كبير وسط غياب الدور الرقابي للجهات المسؤولة عن مكافحه المخدرات".

 

انتشار المخدرات

وحول انتشار المخدرات بين أوساط الشباب تقول الأستاذة اشراق محمد عبده حنبلة، موجهة وزارية بوزارة التربية والتعليم:" أسباب انتشار المخدرات الفراغ لدى الشباب، رفقاء السوء، وعدم وجود المراكز الرياضية والترفيهية، وغياب دور الأسرة، وانعدام دور الحكومة في الرقابة وعدم تنفيذ القوانين، وضعف الوازع الديني، وضعف التوعية من المدرسة، وتوفر المخدرات بسهولة في البقالات وبالشارع ورخص ثمنها، وغيرها".

 

المخدرات أخطر وأقذر سلاح

وبالنسبة لأسباب انتشار المخدرات بالعاصمة عدن والجنوب، وهل توجد خطة ومؤامرة تحاك لإغراق عدن والجنوب بالمخدرات؟  تؤكد الأستاذة سعاد بالقول :" الأسباب كثيرة، وأهمها الحرب على العاصمة عدن والجنوب ليس من 2015م بل من قبل حرب 1994م. فالمخدرات سلاح في كل حرب مثل أي سلاح آخر بل هو أخطر وأقذر، فخلقوا الفقر والبطالة والانفلات الأمني؛ ليدفعوا بالشباب إلى تعاطي المخدرات وارتكاب الجرائم".

ويضيف محمد بارحمة: "كذلك سياسة العدو الذي فشل في تثبيت مشروعه في الجنوب عسكريًا مما يجعله يستبدل خطته التي فشلت عسكريا بخطة النشر لهذه الآفات التي تدمر المجتمعات، فإذا نظرنا إلى مماطلة الحوثي للحرب فهو لسبب انه فشل بإسقاط النظام العسكري والأمني في الجنوب، ويسعى إلى اطالة أمد الحرب لكي يسقط المجتمع بنشر المخدرات باتخاذ سياسة الحرب قصيرة الأمد تسقط النظام والحرب طويلة الامد تسقط المجتمعات، فهو فشل بالخطة الاولى في الجنوب وسعى لتنفيذ الخطة الثانية".

بينما يؤكد الإعلامي والناشط السياسي فهمي أحمد، أن ظاهرة ترويج وتعاطي المخدرات في أوساط الشباب في الجنوب تعود لأسباب عديدة منها الحرب الممنهجة التي تشنها قوى الاحتلال اليمني على الجنوب أرضاً وإنسانا، والتي تستهدف فئة الشباب بشكل خاص، نظراً للدور الحيوي والفاعل الذي يلعبه شباب الجنوب في مقاومة المحتل، بعد أن فشلت قوى الاحتلال اليمني في مواجهة الشباب في جبهات القتال، ها هي اليوم تلجأ إلى تلك الأساليب الرخيصة للنيل من شباب الجنوب.

 

أكثر أنواع المخدرات انتشارًا بين الشباب

ولمعرفة أكثر نوع منتشر من المخدرات يقول محمد :" حسب الاطلاع على أكثر القضايا التي يتم تداولها إعلاميا هي مادة الحشيش التي يتم تهريبها من سواحل إيران إلى سواحل محافظات الجنوب وتسليمها لعملاء مكلفين من عناصر حوثيه وترويجها للشباب لتدمير المجتمع، وأيضا تغذيه مشروعهم من العائد المالي عن طريق بيع المخدرات، وهو أحد المصادر المالية لمشروعهم الظالم"، ويتابع قائلا:" قد سبق نشر مادة الشبو حديثًا، وهي أخطر أنواع المخدرات وربما كادت تكون كارثه كبرى سوف تحدث، ولكن واجهت حملة توعوية وإعلامية كبيرة ساهمت في توعوية المجتمع من هذا الآفة القاتلة".

 

سلوك المتعاطي

وحول السلوكيات المختلفة أو الاضطرابات لمتعاطي المخدرات توضح الأستاذة سعاد علوي: "التمرد هو أول سلوك لمتعاطي المخدرات، فهو يقوم بمخالفة كل النظم والضوابط مثل: التأخر خارج البيت أو الغياب لأيام عدة، رفع الصوت أو الاعتداء على الأب والأم، ومخالفة الأوامر وعدم الرضوخ للأهل، وغيرها"

 

علاج مشكلة تعاطي الشباب للمخدرات

يقترح الإعلامي فهمي، للقضاء أو الحد من تعاطي الشباب للمخدرات تكثيف جهود التوعية المجتمعية بمخاطر المخدرات، إذ ينبغي استقلال وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي وكذا منابر المساجد في التحشيد المجتمعي لأجل التصدي لهذه الظاهرة والتعريف بمخاطرها على المجتمع.

وترى الأستاذة سعاد، أن المعالجات مشكلة تعاطي الشباب للمخدرات تكمن بتوفير الاحتياجات لها، وأهم احتياج حاليا هو انشاء مركز للعلاج واعادة التأهيل خصوصًا مع تزايد أعداد المدمنين الذين هم بحاجة للعلاج بل ويطلبونه بأنفسهم، لكن ليس متوفرًا للأسف، مضيفة بالقول :"ويتميز علاج إدمان المخدرات في كل الدول بالغلاء وارتفاع سعره بحيث يفوق قدرة المريض، لذا نتمنى ان يكون لدينا مركز يعالج الإدمان بسعر رمزي حتى تتاح الفرصة للجميع بالحصول على خدمة العلاج وإعادة التأهيل، كذلك الاستمرار بالتوعية ونشرها في المدارس والجامعات بل وتكون جزء من المناهج والمقررات الدراسية، ومادة أساسية في وسائل الإعلام".

ويقول القيادي بارحمة :" علاج قضية تعاطي الشباب للمخدرات يمكن في تحسين الوضع المعيشي والاقتصادي للبلاد، والتخفيف من حدة البطالة عبر خلق فرص عمل للشباب تغطي فراغهم وتلهيهم من تعاطي المخدرات مع تفعيل الدور الرقابي للجهات المختصة لمكافحة المخدرات، ومحاربة هذا الآفات من أماكن دخولها، ومحاربة انتشارها في المجتمع والضرب بيد من حديد لكل من يعبث ويدمر المجتمعات بهذا الأعمال الغير إنسانية".

 

خطر الأصدقاء

وبالنسبة للطرف الأكثر تأثيرًا وإقناعًا للشباب في تعاطي المخدرات (الأصدقاء أو الأقرباء)  تقول الأستاذة سعاد:" الأصدقاء هم الأكثر اقناعًا لهم والأقارب ممكن يؤثروا إذا كانوا يمارسون التعاطي أمام الأطفال منذ سن مبكر؛ ليصبح بعد ذلك الأمر معتاد لديهم".

بينما يؤكد الإعلامي فهمي قائلا: "الأصدقاء طبعاً، غير أننا كثيراً ما نردد عبارة (أصدقاء السوء) ربما دون إدراك بأن هؤلاء هم في الواقع جزء من نسيج مجتمعنا، ويجب النظر إليهم باعتبارهم ضحايا الإفساد والتجهيل الذي دأب عليه المحتل الغاصب".

 

دور ضعيف ونادر

وحول التوعية من خطر تعاطي المخدرات، وتؤكد الأستاذة اشراق حنبلة، أن دور الأسرة، والمدرسة، والجامعة، والمسجد، ومنظمات المجتمع المدني، في توعية الشباب من خطر المخدرات ضعيف ونادر.

 

حماية الشباب من المخدرات

وتقترح الأستاذة اشراق لحماية الشباب من المخدرات تكثيف الجهود من قبل الكل الحكومة ممثلة بوزارة الداخلية، وكذلك وزارة التربية والتعليم، ووزارة الشباب والرياضة، ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، ووزارة الصحة العامة، ومنظمات المجتمع المدني، وخطباء المساجد ورجال الدين، والمراكز المختصة بعلاج المخدرات إن وجدت ". وتتابع الأستاذة اشراق:" وعمل ملاعب في كل منطقة وعمل اندية رياضية متنوعة ومسابح (أماكن للترفيه)، وإشغال الشباب بأعمال ودورات ومشاركتهم بالمسابقات والاهتمام بالأندية العلمية، وكل ما هو جديد في عالم التكنولوجيا، وتنفيذ حملات توعوية مستمرة من خلال التلفزيون والمساجد ووسائل التواصل الاجتماعي مثل الدعايات القصيرة التي تكون مع الألعاب لتنبيه بخطورة المخدرات وأضرارها ونتائجها السيئة، وكذلك التوعية المستمرة بالمدارس والجامعات، وفرض الرقابة من قبل الشرطة للبقالات؟، ومراقبة الحدود لكل ما يدخل للبلاد وفرض عقوبات مالية وسجن للبائعين والمروجين والمتعاطين".

 

فتح مراكز لعلاج الإدمان

ولمعرفة هل للحكومة استراتيجية جديدة لمعالجة هذه الافة؟  من خلال انشاء مراكز لعلاج الادمان أو إعادة تأهيل الشباب المتعاطي؟  تقول الأستاذة سعاد :"النماذج التي تتحكم في الجنوب لا تمثل حتى نصف دولة ولا تمتلك أي رؤية لمعالجة أي مشكلة من مشاكل المواطنين بل هم عاجزين عن توفير أبسط أساسيات الحياة، فكيف لهم أن يمتلكوا استراتيجية لحل مشكلة أصبحت ظاهرة خطيرة تهدد حياة الجميع، وربما هي قد توغلت في بيوتهم وبين أبنائهم. فالمخدرات لا تعرف العنصرية فهي للفقير والغني، والمرأة والرجل، وللطفل والشاب والكبير".

بدورها الأستاذة اشراق تضيف: "لا أتوقع ان تكون للحكومة استراتيجية لمعالجة المخدرات، وانما بعض النخب العلمية والمتخصصة ممكن تفتح مراكز لعلاج الإدمان وإعادة تأهيل الشباب"

 

اجتثاث الظاهرة من جذورها

وبالنسبة للحملات التوعوية المستمرة والدور الذي تؤديه للحد من هذه الظاهرة، وهل يلزم الحكومة اتخاذ مواقف جادة وحازمة لمحاسبة التجار ومروجي المخدرات؟

تؤكد علوي:" التوعية اليوم بحمد الله وتوفيقه ومع الحملات الكثيرة التي نفذها مركز عدن للتوعية من خطر المخدرات وانتشارها في كل محافظات الجنوب، ووصلت إلى كل بيت رغم شحة امكانياته. إلا أنها تركت أثر مثل النقش على الحجر" مضيفة: " نحن اليوم نشاهد العديد من المبادرات الشبابية والمجتمعية وحتى الكوادر الجامعية والإعلاميين وبعض أئمة المساجد والإعلام قد بدأوا يعملون باهتمام كبير وحماس في جانب توعية المجتمع، وهذا أمر جميل جدًا وسيثمر، لكن أيضًا نحتاج لدولة قوية تستطيع مجابهة عصابات المخدرات واجتثاث الظاهرة من جذورها".

بينما حنبلة تقول: "الحملات التوعوية المتكررة بين فترة وأخرى لها دور وتأثير جيد في حل تعاطي المخدرات، لكن دورها ثانوي، الدور الأول والأساسي يقع على عاتق الحكومة فهي تستطيع تمنع وتحارب وتقلل من هذه الظاهرة وهي التي تساعد في انتشارها".

وتابع: "الحكومة لو فرضت القوانين الصارمة ونفذتها بشأن تجار المخدرات والمروجين وراقبت الحدود والمنافذ التي تدخل منها المخدرات ستحل هذه المشكلة بنسبة 90%".

متعلقات
الصندوق الخيري للطلاب المتفوقين يقيم دورة تدريبية في مجال التحليل الاحصائي لطلاب الماجستير
أمريكا تدين اقتحام الحوثي مكتب المفوضية السامية بصنعاء
أسعار الذهب اليوم الخميس 15-8-2024 في اليمن
درجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس في الجنوب واليمن
مركز الملك سلمان يدشن توزيع حقائب مهنية لـ93 مستفيدًا من مشروع التدريب المهني ودعم مهارات الأعمال