تشهد أسعار السلع الأساسية وتعريفة المواصلات في اليمن،ارتفاعا تدريجيا وسط حالة من السخط الشعبي، بعد قرار مفاجئ للحكومة اليمنية، الأسبوع الماضي، برفع أسعار الوقود.
وانتقد مراقبون وسكان محليون، عدم تزامن قرار زيادة أسعار الوقود، مع تطبيق برنامج إصلاح اقتصادي شامل، رغم تدارك الحكومة ذلك بإعلانها عن إجراءات، لتحسين وضع المواطن اليمنى، وامتصاص غضب الشارع، والتأكيد بأن ما وصفتها بـ”الإصلاحات السعرية”، لن تمس المواطن بضرر.
وتعتزم تكتلات ثورية، منها “حملة 11 فبراير” المحسوبة على جماعة الحوثيين، تنظيم سلسلة مظاهرات بهدف “إسقاط الجرعة” (إلغاء زيادة الأسعار)، بدأت منذ أمس الأول الاثنين، كما جري توزيع منشورات تدعو الناس لعصيان مدني مع بدء الدوام الرسمي الأحد االماضي.
ورفعت اليمن، أسعار البنزين بواقع 75 %، والديزل (السولار) بواقع 90 %، وذلك في إطار خطة لخفض دعم الطاقة.
وقام الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، السبت الماضي، بترأس اجتماع حكومي، تلاه اجتماع استثنائي للحكومة، اكدت فيه حرصها على اتخاذ كافة التدابير، لتخفيف تبعات تصحيح أسعار الوقود، وأعلنت عن جملة قرارات كان أبرزها تفعيل علاوات موظفي الجهاز الإداري للدولة,، الموقوفة منذ 2012.
وقالت مصادر في وزارة الخدمة المدنية، لوكالة الأناضول، إن مقدار العلاوات لا يتجاوز أربعة آلاف ريال (19 دولار).
ويتراوح متوسط دخل الموظف اليمني، ما بين 150-200 دولار امريكي.
ورغم كل التطمينات الحكومية، بأن الزيادة في أسعار الوقود لن تمس المواطن اليمني بشكل مباشر، إلا أن تعريفة المواصلات ارتفعت في كافة المحافظات اليمنية حوالى 100 %، وذلك بمجرد إعلان الزيادة، قبل ان تحدد وزارة النقل في اليوم التالي، مقدار الزيادة في أجور النقل داخل المحافظات وخارجها، بـ 20% فقط من السعر القديم.
وتبلغ تعريفة التنقل بواسطة حافلات الأجرة، داخل غالبية المدن اليمنية، ما بين خمسون ريال يمني (0.23 دولار) ومائة ريال (0.46 دولار)، وأضيف لها حاليا 20%.
وقال محمد البعداني، طالب جامعي في محافظة إب (وسط) ، لوكالة الاناضول: “ملاك حافلات النقل، لا يلتزمون بالقرار الجديد، ومازالوا يفرضون على الناس ما يريدون، كنت أدفع نصف دولار لكى أذهب إلى الجامعة، والآن أدفع دولار كامل”.
وتضاعفت تعريفة التنقل بين محافظة وأخرى، وبلغت قيمة الزيادة فى تعريفة الانتقال بين العاصمة صنعاء ومحافظة تعز (جنوب)، في وسائل النقل الجماعي الخاصة 500 ريال يمني (2.3 دولار) .
ووفقا للبنك الدولي , فإن اليمن البالغ عدد سكانه نحو 28,9 مليون نسمة , يعد الدولة الأشد فقرا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ,بنسبة فقر تصل الى 42.8 % , فيما تصل مستويات سوء التغذية بين الأطفال الى حوالي 59 % , حسب إحصاءات عام 2011 .
ويرى مواطنون أن أسعار السلع تشتعل أكثر مع مرور الوقت، واستسلام الشارع للزيادة في أسعار الوقود، المدعومة قبلا من البنك الدولي.
وقالت الحكومة اليمنية السبت أنها ضمت 250 ألف حالة جديدة لبرنامج الضمان اجتماعي للأسر الفقيرة, كما قامت بتشكيل لجان لتكثيف الرقابة الميدانية على الأسواق والمحلات.
والضمان الاجتماعي عبارة عن راتب حكومي شهري، للأسر الأشد فقرا ،مقداره 3 آلاف ريال يمني (14 دولارا)، وتقول الحكومة انها سترفعه في الفترة القادمة بمقدار 50%، حتى يصل الى 30 دولارا شهريا تقريبا.
وقال محمد عبد القادر، موظف حكومي،: “مازال البعض غير مصدق ما يجري بعد هذه الزيادة، سعر رغيف الخبز ارتفع 50% من 10 ريالات إلى 15 ريال، والفرد الواحد منا لا تكفيه 5 أرغفة، أي ان الخبز فقط سيكلف الفرد في الوجبة الواحدة ما يقترب من نصف دولار ” .
وأضاف عبد القادر فى تصريحات للأناضول: “حاليا، التجار يجسون (يتحسسون) نبض الشارع، حيال الزيادات الفورية التي طرأت على بعض السلع، وسيباغتوننا بزيادات جديدة “.
وأعلنت الحكومة اليمنية أن عدد من المصنعّين، أكدوا أنه لن يطرأ تغيير في أسعار السلع الأساسية، لكن مواطنون يرون أن ذلك الإعلان ليس إلا “تخدير موضعي”.
وقال مفيد عبده سيف، مدير الغرفة التجارية بمحافظة تعز اليمنية (جنوب)، لوكالة الأناضول :”أصحاب المصانع والمستوردين، أكدوا انه لا تغيير في أسعار القمح، والدقيق، والسكر، والحليب، لكن هناك سلع قد يطرأ عليها تغيير بسبب ارتفاع أجور النقل، مثل الأرز “.
وأضاف المسئول اليمني: “من الطبيعي أن تحدث زيادة في الأسعار... نحن في عصر اقتصاد السوق الحر “.
ونفس الأمر أكده “محمد بامشموس” رئيس الغرفة التجارية بمحافظة عدن (جنوب) بأن أسعار السلع الأساسية ستبقى كما كانت عليه قبل الجرعة السعرية الأخيرة , لكن اتحاد الغرف التجارية في العاصمة صنعاء , قال بلسان احد اعضاءه أنهم يحتاجون لعدة أسابيع لتقييم الأمر.
ويؤكد مواطنون في العاصمة صنعاء أن جشع التجار جعلهم يرفعون أسعار عدد من المواد التي لم يشملها الرفع القرار الحكومي , مثل مادة الغاز المنزلي .
وقال “عبد الملك حسن” , وهو عامل و رب أسره في العاصمة صنعاء لمراسل الأناضول “التجار يذبحوننا والسلطات نائمة , الحكومة أعلنت ان سعر أسطوانة الغاز بـ 1200 ريال (6 دولار) , لكن التجار يبيعونها بـ1900 ريال (9 دولار)”.
وكان اتحاد مستوردي الأدوية في اليمن قد أعلن أنه لن تطرأ أية زيادة في أسعار الدواء بسبب رفع سعر الوقود , والحال نفسه أعلنه وزير الاتصالات اليمني بعدم تأثر قطاع الاتصالات بالرفع , وكذا أسعار الانترنت.
يذكر أن اتحاد مستوردي الأدوية في اليمن، أعلن أنه لن تطرأ أية زيادة في أسعار الدواء، بسبب رفع سعر الوقود، كما أعلن وزير الاتصالات اليمني أيضا عدم تأثر قطاع الاتصالات، وتعريفة الاشتراك فى خدمات الانترنت بارتفاع اسعار الوقود.
وأعلن وزير النقل اليمني في وقت سابق، أن شركات الطيران لن تفرض أية زيادة جديدة على أسعار التذاكر للركاب، لأنها تقوم بالفعل بشراء الوقود بالسعر المحرر منذ وقت طويل.
وتحاول السلطات اليمنية، الحصول على قرض بقيمة 560 مليون دولار من صندوق النقد الدولي، والذي طالبها بتطبيق إصلاحات مثل خفض دعم الوقود.
ويشهد اليمن منذ خمسة اشهر، أزمة خانقة في المشتقات النفطية، مما أدى الى انعدام الوقود في غالبية المدن الرئيسية، وبيعه في السوق السوداء.
وكشف تقرير حكومي حديث، أن الحكومة اليمنية انفقت خلال العشر السنوات الماضية، حوالي 5 تريليون ريال يمني (22 مليار دولار) على دعم المنتجات النفطية.
وأظهر التقرير الحكومي الصادر عن وزارة المالية، بحسب ما نشرت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية، في نهاية يوليو/ تموز الماضي، أن إجمالي ما أنفقته الدولة على دعم المواد البترولية خلال الأشهر الماضية من العام الجاري 2014، بلغ 656 مليار ريال (3 مليارات دولار)، وهو ما شكل نسبة 20% من اجمالي النفقات العامة لموازنة الدولة، ما تسبب في حدوث عجز مقداره 1.067 ترليون ريال (5 مليار دولار) وبنسبة 13% من الناتج المحلي.
(الدولار = 214.8 ريال يمني)