حي المحوى بتعز .. تهميش ونقص في الخدمات

 

هذا الحي في بيئة حضرية كونها أقرب الأحياء إلى الشوارع الرئيسة والأسواق، لكن المنظور تجاهها يبدو مختلفا تماما، فالأبنية في الحي المقابل لحي "المحوى" حديثة، وذات طابع حضاري جميل، ولكن الشلل أصاب الجهة الأخرى من الشارع..

كنا في باص لنقل الركاب، لفت انتباهنا تلك العشش والمنازل الشعبية البسيطة والمتهالكة ، فورا أوقفنا سائق الباص ومن هنا بدأت خطواتنا الأولى في اعداد التقرير.

ليس بخاف ولا بعيد ذلك الحي، وما يحتضن أوساط عششه من معاناة بالغة، في الاتجاه المواجه تماما لمبنى المجلس المحلي وأمام أعين أعضاءه .. لربما طمستهم الجهات الرسمية والمعنية من سجلاتها، وإنهاء استحقاقاتهم من الخدمات.

لم تكن هذه الزيارة هي الأولى لـ "الأمناء" لهذه  الفئات المهمشة وسط محافظه تعز، فقد سبق أن تناولت الصحيفة ولمست معاناة بعض الأحياء التي يقطنها المهمشون، وغيرها من الصحف والقنوات وجهت عدسات الكاميرا وأخذت الدور في لفتتها الإنسانية لهؤلاء الناس.

بطالة أنهكت كاهلهم

قبل أن نبدأ الولوج إلى حي "المحوى" توقفنا في جولة الروضة، التي تبعد أمتاراً فقط عن الحي، لنجد أحداً يكون على دراية ومعرفة بقاطني هذا الحي، فوجدنا بعض المهمشين يفترشون بسطاتهم، كلاً حسب مهنته، لاكتساب الرزق الحلال، وبعد أن عرفنا أنهم من أبناء الحي تبادلنا أطراف الحديث معهم، وكان الوقت قد أوشك على وقت الفطور لنستعجل برصد معاناتهم، حيث أفادوا بالقول: البطالة أنهكت قوانا، ولكوننا في أنظار الجميع طبقه متدنية وفقيرة أصبحت فرص العمل لدينا قليلة لكوننا أخدام، ونحن نعول أسراً ونسعى جاهدين في توفير لقمة العيش لنا ولأطفالنا من خلال مزاولة بعض المهن، وأحياناً قد يتم ابعادنا من الشوارع وتعسفنا!!

الضمان الاجتماعي هو مشكلتنا !

التقينا مع أحد المسؤولين عن الحي، وجدنا عاقل الحي "سعيد الغنيمة"، الذي أخذنا برفقته إلى منزله المتواضع ليدلي بحديثه، فباشرنا نطرح أسئلتنا عليه من حيث الخدمات الأساسية، فأجاب علينا بكلمات قليلة ثم بدأ يسرد الحديث قائلاً: "كهرباء ومياه ومجاري هذه المشكلة الكل يعاني منها، ليس نحن المهمشين وحسب، ولكن أنظر وتكلم عن الضمان الاجتماعي الذي يصرف للبعض وهناك من هم في أمس الحاجة لذلك.

ويستدرك حديثه "كوني عاقل الحارة لكنني لا أمتلك ضمانا اجتماعيا، ولا موظف كنت سابقا موظف في صندوق النظافة والتحسين وبعد أن مرضت زوجتي وعجزت عن علاجها في اليمن أخذتها الى السعودية لغرض العلاج، وتم الغاء وظيفتي وأنا أعول أسرة مكونة من 20 فردا".

ويضيف  الغنيمة بقوله "لكن كل ما أتمناه من الجهات المسؤولة النظر فى حالة هؤلاء البشر والعدل والإنصاف في حقهم، وإضافتهم إلى سجل الضمان الاجتماعي، ولم أسجل نفسي وأهلي وبدأت في المتابعة لمن هم الأولى والأحق بالمساعدة، ونتمنى أن تصل رسالتنا إلى قلوب رؤوفة ".

معاناتنا تختلف شكلاً ومضموناً !

المواطن علي مرشد محمد، الذي يعمل مشرف نظافة في خط الحوبان والمسؤول عن الشباب وسط الحي بحرقة وطفح قال: "نحن في هذا الحي نعاني ما يعانيه الآخرون من بقية الطبقات ولكن معاناتنا أشد وأقوى نظراً للفقر والبطالة المخيمة علينا، وتختلف الشكوى لدينا عن بقية الأحياء شكلاً ومضموناً.

ويتابع حديثه "لتكن على علم أن أكثرهم من هذا  الحي حي "المحوى" وموظفين في أماكن وأحياء وشوارع أخرى، وحين يطفح من تكدس القمامة ومياه المجاري، وهذا ليس عدلاً في حقنا، وعندما ينشغلون في أماكن أخرى يكونوا عاجزين عن إزالة هذه الأوساخ والقذارة".

وبجام غضبه ينهي حديثه "ليس هذا وحسب ما نشكوه، فللمياه والمجاري والتعليم حديثاً آخر وتفاصيل واسعة وكثيرة تحتاج إلى وقت طويل لسرد هذه القصة، فالأمية المنتشرة بيننا نحن فئة الأخدام شيء محزن جداً".

رسالة من المهمشين ..

قالوا في رسالتهم : "نحن بشرا لنا مشاعر وأحاسيس، لكن الحكومة استفردتنا وأصبحنا نعاني الفقر والبطالة وأكثر شيء محزن أن الأغلبية فينا لا تدرس في المدارس ولا يسمح لنا بذلك، وأيضاً لم تعتمد لنا مدارس وسط أحيائنا وبعض المدارس التي وجدت في بعض أحياء المهمشين بسيطة ومتواضعة لتعليم القراء الكتابة فقط لا غير، نتمنى بل نطالب الجهات الرسمية الحكومية بإعطائنا حقوقنا والزامنا بواجبتنا كبقيه الناس، وتوفير الخدمات لنا وأن يراقبوا الله فينا فنحن أمانة في أعناقهم " .

السؤال لم يعد مبهماً !..

فئة الأخدام هي الأشد تهميشاَ في أوساط المجتمع اليمني، والجهات المسؤولة والحكومة لا تنظر لحالهم، ولأوضاعهم المعيشية، رغم أن هذه الفئة من البشر نزحوا بمعاناتهم من القرى والمناطق الريفية من ظلم القبائل لهم، واستخدامهم كالعبيد، فحاولوا الفرار والهروب ليأخذوا الحياة نفسها لهم ولأولادهم.

حاولوا اللجوء إلى أوساط المدن واستقروا في أماكن محدودة غير متفرعة، وفي أحياء معلومة وتجمعوا من مناطق مختلفة لكنهم لم يستطيعوا الهرب من الظلم ونظرات السوء التي تلاحقهم، وكأنهم من عالم آخر، بل ويتم معاملتهم وكأنهم ليسوا بشرا .. التهميش وقصور الخدمات في احيائهم أصبح عنوانا واضحا لكل حي يلجؤون إليه، حيث أنه لم يكن هذا أول تقرير نرصد فيه معاناة المهمشين، ولكن وجودهم في كل محافظات الجمهورية، وقد تم تناول تقرير سابق من محافظة عدن وآخر من تعز، فكانت المعاناة والشكوى واحدة غير مختلفة.

السؤال لم يعد مبهماً تجاه هؤلاء البشر : لماذا يتم النظر إليهم هكذا ؟ ولماذا ينظر إليهم بنظرات سوداء، أليسوا بشراً؟ أليسوا أناسا لهم احساس ومشاعر كغيرهم؟  .. فلماذا الجهات المسؤولة لا تنظر إلى أحوالهم، وتعيش معاناتهم وواقعهم؟!

 

متعلقات
سجون الحوثي.. جرائم وانتهاكات على مرأى ومسمع من العالم
مؤسسة الصحافة الإنسانية ترصد وفاة 60 حالة وإصابة أكثر من 7 آلاف شخص خلال شهر فقط
التسرب المدرسي معضلة تهدد مستقبل الطالبات في ردفان
تقرير: "دثينة وقبائلها".. لا حياد في الحرب على الإرهاب
الأمم المتحدة تتهم جماعة الحوثي الانقلابية بعرقلة العمليات الإنسانية للشعب اليمني