لا يختف اثنان على حجم المعاناة والبؤس التي تعيشها المناطق الريفية بشكل عام، رغم انه يشكل الغالبية العظمى من سكانه، فتجد الكثير من القرى مفتقرة لأبسط الخدمات الانسانية والحياتية وتجد القيادات الحكومية في سبات دائم ونوم عميق، تتعدد الامثلة وتكثر النماذج، ولكننا سنعرض اليوم واحدة من اكثر القرى معاناة، وهي قرية العرينة التابعة لمديرية الرضمة بمحافظة إب.
يقطن تلك القرية ما يزيد عن ثمانمائة نسمة وتحتوي على ما يقارب المائة منزل ، ومجمل نشاط سكانها ومصدر دخلهم يتمحور حول الرواتب الشهرية ونشاط الرعي والزراعة ويوجد في هذه القرية الكثير من الفئة الفقيرة التي لا تجد ما تسد به رمقها رغم أن هناك مجالس محلية ولكن لا تهتم بالفئة الفقيرة التي غلب عليها الفقر في وقتا لا يرحم احد، فاغلب سكانها من الشباب وصغار السن، فعرينة الرضمة الواقعة بمحافظة إب بصورة واضحة تعاني الفقر.. الحرمان.. القسوة.. والتهميش وهي من يوميات تطبع في حياة ساكنيها والزائر لعرينة إب يلمح من الوهلة الأولى الوضعية المزرية والحالة الصعبة التي يعيش وسطها سكان عرينة إب، الذين يشتكون العزلة والتهميش من طرف الجهات المحلية وكل القائمين على المديرية.
طريق وعرة ..
تعد المواصلات من اهم الوسائل الحياتية والمساهمة في تطور الظروف المعيشية للمواطن، ولكن مشكلة المواصلات من ابرز المشاكل التي تواجه تلك القرية المنسية ،فالطريق الاسفلتي يبعد مسافة ستة عشر كيلومترا من القرية وصولا الى المديرية نفسها، أي مسيرة ما يقارب ساعتين ونصف بسيارة الدفع الرباعي .
ويواجه الطريق الواصل بينها وبين المديرية الكثير من الجبال المحتوية على العقبات الضخمة والمطبات الصخرية والمنحنيات المميتة، تأكل اطارات السيارة كما تاكل النار الحطب ،حيث ان السفر من القرية الى المديرية معاناة بحد ذاتها ، وجعلت من السيارة وركابها وكأنهم على كف عفريت ،ينتظرون ساعة تعرقلها او سقوطها وما بأيديهم حيلة.
سفرِ
بعد القرية عن المديرية ساهم سلبا في توفر الخدمات لها فعندما يحتاج المواطن الى ابسط الأشياء يجب عليه السفر الى المديرية نفسها، أي ان بعض الاهالي يحتاج الى السفر اكثر من مرة في الاسبوع ، وتوجد في القرية سيارتين فقط ذواتي الدفع الرباعي التي تحتاج الى الكثير من الوقود الامر الذي دفع مالكي السيارات الى رفع اجرة السيارة الى الف ريال ،فمن اين للمواطن المسكين الذي لا يستطيع ان يفي بمتطلبات المعيشة ان يوفر ولو على اقل تقدير اربعة الف ريال اسبوعيا .
مدرسة بلا مدير ..
هكذا بات حال مدرسة عمر بن عبدالعزيز اول مدرسة بنيت في تلك الناحية المدرسة التي تخرج على ايديها العديد من الشخصيات البارزة فمنهم الدكاترة والاطباء والمهندسين وغيرهم ،ها هي اليوم مدرسة بلا مدير يديرها فمديرها والمعين من قبل الوزارة مشغول بأموره الشخصية ولا يكاد يحضرها الا نادرا وحتى وان حضر فانه تارة يهدد الطلاب واولياء الامور بأقفال المدرسة وتارة اخرى يهددهم بنقلهم الى مدرسة القرية التي تلي قرية العرينة والتي تبعد عنها مسيرة ساعة ونصف مشيا على الاقدام ،كون المدرسة بلا مدير جعل من مدرسيها متهاونون في اداء عملهم ومقصرين فيه بشكل كبير جدا ،وجعل حضورهم ثلاثة ايام في الاسبوع فقط ،والدوام الدراسي ساعتين فقط ،بالرغم من ان اهالي القرية تكفلوا بإطعامهم واحتوائهم دون أي مقابل سوى القيام بأعمالهم التي يتقاضون بها رواتبهم .شقاء في التعليم ..
الجدير بالذكر ان المدرسة تحوي المرحلة الأساسية لا غير وتتكون من ستة فصول فقط فاذا اراد احدهم ان يكمل دراسته فعليه بالانتقال الى القرية المجاورة والتي تبعد مسافة كبيرة عن القرية اما بالنسبة للمرحلة الثانوية فدراستها تتطلب الانتفال الى المديرية نفسها كل هذه الامور جعلت من التعليم شقاء ، الامر الذي ساهم في انتشار الامية وتفشي الجهل الذي انعكس سلبا على مجتمع تلك القرية النائية .
جسد بلا روح..
في اواخر 2005 استبشر اهالي القرية ومن جاورها حيث قارب المستوصف الواصل بين جميع القرى والذي كان من المخطط ان يربط بين جميع القرى في تلك العزلة على الانتهاء من بناءه ولكن اهالي القرية والمنطقة بشكل عام تفاجئوا بهروب المقاول المسئول عن بناءه ليظل هكذا الى يومنا هذا ولسان حاله يقول هدمت قبل ان ابنى ،مستوصف كن من شأنه ان يخفف من معاناة الاهالي الدائمة والمستمرة ولو على مجال الصحة فقط.
لا حياة لمن تنادي ..
قام اهالي القرية بأرسال الكثير من الشكاوي والمناشدات الى مدير المديرية بشان الطريق والمدرسة وايضا المستوصف ولكن لا حياة لمن تنادي يقومون بإسكاتهم بوعود عرقوبيه ،او انهم يتجاهلونهم باستمرار وكأن تلك القرية غير تابعة لخريطة الجمهورية اليمنية ،قد يستجيب البعض لمطالبهم وبيداء بإنزال معداته وألاته لكن لا يلبث ان يخرج من منصبه ليأتي مسئول غيره ويبدأ بهيكلة جديدة وعلى نفس المنوال بدون الوصول الى حل .
شهادة ابنائها..
قبل ما يقارب الثلاثة اعوام اتت العديد من المعدات والآلات لإصلاح الطريق بأمر من مدير المديرية وبدأت العمل بالفعل وفي هذا يحدثنا الأخ /سليمان الحنشلي احد شباب تلك القرية : لقد استبشرنا خيرا وفرحنا جميعا لقدوم تلك الاصلاحات حيث اننا قمنا بالمشاركة في انجاز الطريق بأسرع وقت ولكننا تفاجئنا بمغادرة الآلات لمنطقة العمل قمنا بسؤال المقاول فقال لقد توقف التمويل للمشروع قدمنا العديد من الشكاوي لكن لم يستجب لنا .
وأما فيصل صالح احد أولياء الامور فيقول : لقد قمنا بتقديم العديد من الشكاوي للإصلاح المدرسة وتكفلنا بأكل وشرب العاملين في الاصلاح ولكننا لم نلق الرد من أي جهة واضاف ايضا انه يريد ان يعلم ابنائه كما هو حال اهل القرية جميعا .
الى متى..؟
سؤال يتردد على اذهان اهالي القرية الى متى التجاهل الى متى الرفض المستمر ينادون القيادات الحكومية وكل من يهمه الامر الى النظر في حال اهالي القرية والرأفة بهم يطالبون بتوفير ولو ابسط الخدمات الإنسانية لا يريدون طائرات ولا يريدون قصورا معبدة ولامطارات معبدة يريدون فقط توفير حياة كريمة لهم ولأبنائهم .