تتجه الأوضاع في مدينة الحوطة عاصمة محافظة لحج نحو مزيد من التصعيد، واتساع رقعة المواجهات المسلحة التي اندلعت صباح أمس بين عناصر مسلحة وقوات الشرطة، عقب قيام عناصر مسلحة تجمعت في محيط مبنيي قيادتي المحافظة والأمن احتجاجاً على ما قالوا بأنها "حملة اعتقالات نفذتها الأجهزة الأمنية بحق عدد من المواطنين المشتبه صلتهم ببعض الاغتيالات التي شهدتها لحج مؤخراً"، عقب قيامها بنصب كمين لاستهداف قائد الشرطة العميد عثمان معوضة، أدى إلى مقتل أحد مرافقيه وإصابة اثنين بينهم (نجله)، ومقتل أحد المسلحين.
وكانت الاجهزة الامنية خلال اليومين الماضيين قد أفرجت عن 21 شخصا من سجن صبر بلحج، بعد عدة ايام من احتجازهم على ذمة البحث عن مشتبهين.
وقال شهود عيان لـ "الأمناء" بأن المسلحين ولأول مرة يستخدمون الاسلحة المتوسطة، وانتشارهم كجماعات متفرقة بين اطراف ووسط المدينة لمهاجمة رجال الامن، في خطوة قالوا بأنها قد أثارت مخاوفهم بأن يكون بين المسلحين بعض من العناصر الإرهابية المنتمية إلى تنظيم القاعدة.
وتتواصل حتى ساعة التقرير عصر أمس الأحد الاشتباكات المسلحة بين قوات الأمن والعناصر المسلحة، التي تتحصن ببعض المنازل وبعض الأحياء السكنية مخلفة حالة من الخوف والذعر بين صفوف السسكان، الذين لزموا منازلهم وامتنعوا عن الخروج لجلب المستلزمات الضرورية من السوق, فيما تفرض قوات أمنية وعسكرية طوقاً أمنياً على مداخل ومنافذ المدينة استعداداً لتنفيذ حملة أمنية وعسكرية مشتركة لاقتحام المدينة، والقبض على العناصر المسلحة .
مدير أمن لحج: العناصر الخارجة عن القانون معروفة !
ونفى مدير أمن لحج العميد عثمان معوضة صحة الأنباء التي تحدثت عن وقوف عناصر من تنظيم القاعدة وراء محاولة الاغتيال التي تعرض لها، والتي أدت إلى مقتل احد مرافقيه ويدعى عبد الناصر صالح حيدرة، وإصابة اثنين بينهم نجله (فاروق). وقال في تصريح خاص لـ "الأمناء" إن العناصر المسلحة التي وصفها بـ "الخارجة عن النظام والقانون"، التي أقدمت على ارتكاب الجريمة وإثارة الفوضى وإقلاق السكينة العامة للمواطنين هي عناصر معروفة، وسوف يتم تعقبها وملاحقتها حتى يتم القبض عليها، مهما كلفنا ذلك من ثمن.
تقليل أمني من خطورة الأوضاع !
وقلل مسؤولون محليون من خطورة الأوضاع الأمنية الراهنة، التي تشهدها محافظة لحج، ومن وجود أية مؤشرات أو مخاطر لإسقاط المحافظة بأيدي الجماعات الإرهابية المنتمية إلى تنظيم القاعدة، في حين تشهد المحافظة تناميا مضطردا ومخيفا لجرائم القتل والاغتيالات التي تستهدف ضباطا وجنود الأمن وبعض المواطنين في عاصمة المحافظة، والتي أرجع مدير عام الشرطة في المحافظة أسباب البعض منها إلى وجود نزاعات على قضايا أراضي، وجرائم قتل جنائية، فيما أرجع الجزء الأكبر منها إلى وجود مخططات قال إن جهات - لم يسمها - تقف خلفها، بغية إدخال المحافظة في أتون الصراعات وأعمال العنف والاقتتال.
وقال العميد عثمان معوضة، مدير أمن لحج: "الوضع الأمني في المحافظة عامة، والحوطة خاصة ليس كما يروج له البعض، فالمحافظة كغيرها من المحافظات تحدث فيها جرائم وأحداث بسبب نزاعات على أراضي أو جرائم قتل جنائية، وتتعامل معها الأجهزة المختصة وفقا للقانون، لكن في الوقت نفسه؛ هناك العديد من المواطنين المثقفين والشخصيات الاجتماعية المحترمة نكن لها كل التقدير والاحترام، وهناك ـ للأسف ـ أمور أدت إلى تسهيل وصول بعض الخارجين عن القانون من أنصار الشريعة والموالين لهم، أو ممن لهم انتماءات أخرى إلى المحافظة، مما تسبب في مقتل 23 ضابطا وجنديا، وهم يؤدون واجبهم، من قبل عناصر مسلحة ثم تلوذ بالفرار إلى أحياء وحارات في المدينة، وهناك من يتستر عليهم في بعض الحارات، وهي مرصودة لدينا، وكان بمقدورنا اتخاذ إجراءات رادعة وقوية، لكن هناك مواطنين أبرياء في المدينة هم من عرقلونا عن استكمال المهمة".
وأضاف: "وبالرغم من سقوط شهداء من رجال الأمن من أجل الأمن والاستقرار في المدينة؛ فإننا لن ندمر الحوطة من أجل ملاحقة متهم، ولنا إجراءاتنا وسنعمل بها وسنستمر حتى يتم القبض على كل المطلوبين، ونؤكد أن تعاملنا مسؤول عند ملاحقة المجرمين والخارجين عن القانون، وسنستمر حتى لو قتل منا ألف جندي، ويهمنا كثيرا خلال هذه المرحلة تعاون الموطن مع رجال الأمن.. ولكني أقولها وبصراحة إن صبرنا بدأ ينفذ، وقد بلغ السيل الزُبى، فلا تهاون مع أي من يحاول إثارة الفوضى وارتكاب جرائم القتل, وسوف نعمل على ملاحقتهم وضبطهم ولن نتوقف في حملتنا حتى نلقي القبض على تلك العناصر التي تحاول استغلال الأوضاع العامة للبلاد لتصفية حساباتها، وتحويل الحوطة إلى ساحة للقتل والدمار".
وحول مطالب العناصر المسلحة بإطلاق سراح العشرات من المعتقلين، الذين اعتقلتهم الأجهزة الأمنية مؤخراً، أكد العميد معوضة أن "ما أقدمت عليه العناصر المسلحة اليوم (أمس) أمر لا يوجد ما يبرره، وهو مجرد شماعات وتبريرات لإثارة الفوضى وارتكاب جرائم قتل بحق الجنود الأبرياء, كما أنه هناك تهويل من قبل وسائل الإعلام حول قيام الأمن بالقبض على أربعين شخصا، وهذا لا يعني أن من أوقفهم الأمن مدانون، فبالتحقيق والإجراءات الأمنية سوف يتم معرفتهم، والإفراج عن الأبرياء والإبقاء على المشتبهين، رغم أننا أعلناها أكثر من مرة أننا نمد أيدينا للجميع للعمل من أجل المدينة وأهلها، وعملية القبض تلك جاءت إثر معلومات أمنية".. موضحاً القول: "ونؤكد أننا نعرفهم بالاسم، وخلال الحملة تم القبض على ثلاثة من أنصار الشريعة وتنظيم القاعدة والمتهمين بقتل الطيارين، وهناك دعوات من سابق من قبل قيادة المحافظة بعودة هذه العناصر إلى جادة الصواب والانخراط في المجتمع، ولكن من المفارقات العجيبة أن من يقوم بقتل الجنود لم نسمع أنه قتل مسؤولا كبيرا في الأمن أو السلطة المحلية، وأود التوضيح أنه تم الإفراج عن عدد من الموقوفين خلال الأيام الماضية".
ماذا يحدث في لحج إذن؟!
محافظ لحج أحمد عبدالله المجيدي، من جانبه؛ دعا تلك العناصر المسلحة إلى سرعة تسليم نفسها للأجهزة الأمنية والاحتكام للنظام والقانون, مؤكداً أن استهداف الضباط والجنود وقتل الأبرياء وإغلاق المرافق الحكومية والشوارع وتعطيل الحياة في المدينة، ومصالح المواطنين أمور لن تتغاضى السلطة المحلية عمن يقفون خلفها، وسوف يتم تعقبهم وملاحقتهم حتى يتم القبض عنهم، وتقديمهم للعدالة.
وأوضح المجيدي، في تصريح خاص لـ "الأمناء"، أن الأمن والاستقرار مطلب جميع أبناء محافظة لحج، ومن يقومون بزعزعة الأمن والاستقرار هم اشخاص ينفذون اجندة خاصة ببعض الجهات والجماعات الإرهابية، التي تحاول جاهدة السيطرة على المحافظة وتحويلها إلى ساحة للصراعات والاقتتال والعنف المسلح، الذي قال إنه سوف يكتوي بناره الجميع ودون استثناء، في حال تم السكوت عن تلك العناصر، والتغاضي عن تلك المخططات.
ودعا (المجيدي) أبناء لحج، وخاصة أبناء الحوطة وتبن، إلى التعاون مع السلطة المحلية والأجهزة الأمنية في الإبلاغ عن تلك العناصر، وعدم التستر عليها أو إيوائها, مؤكداً أن مسؤولية الحفاظ على الأمن تقع على عاتق الجميع ودون استثناء.. لافتا إلى "وجود مخاطر محدقة بلحج جراء المحاولات الحثيثة للعناصر الإرهابية التي تحاول التسلل إلى المحافظة، بعد الضربات الموجعة التي تلقتها من أبطال القوات المسلحة واللجان الشعبية في أبين وحضرموت وشبوة, إضافة إلى وجود مخططات لبعض القوى تحاول خلق العثرات والعقبات أمام قيادة المحافظة والأمن، واستغلال بعض الشباب العاطلين عن العمل لتنفيذ أعمالها الخارجة عن النظام والقانون وإثارة الفوضى، وتعطيل مصالح المواطنين واستهداف رجال الأمن والجيش".
ما يدور في "صنعاء" ينعكس في لحج ..
وحول وجود أية علاقة بين ما تشهده البلاد من أوضاع عامة، وكذا ما يحدث في أبين وحضرموت وشبوة، مع ما يحصل حالياً في لحج، قال مدير الأمن بمحافظة لحج العميد عثمان معوضة: "نحن في حالة طوارئ تعيشها البلاد، وخاصة المنطقة العسكرية الرابعة بعد حرب أبين، وما يحدث في شبوة وتأثيراتها وانتصارات الجيش، كل ذلك انعكس على محافظة لحج التي اتخذت العديد من الإجراءات الأمنية المختلفة لمنع تلك العناصر من الدخول من خلال تعزيز اليقظة الأمنية في مختلف المناطق، وعلى الرغم من ذلك؛ هناك جهات وأشخاص تتهمنا بالعنصرية، وهذا كلام مردود على من يتحدث به، ومهامنا ومسؤولياتنا تفرض علينا التعامل بمسؤولية بعد قتل أبرياء راحوا ضحية هؤلاء المسلحين، وما يدور في صنعاء ينعكس هنا، ويجب أن نفهم ذلك، فقد كنت المتهم رقم (17) في قائمة أحداث 13 يناير 86 في الجنوب، وحكم عليَّ بالإعدام أربع مرات، ولست خائفا من أحد، لأنني أقف مع الحق ولن أحيد عنه قيد أنملة".
وأضاف: "أوجه كلمتي لأبناء لحج الشرفاء، وخاصة مدينة الحوطة، وأقول إن الأمن مسؤولية مشتركة، وندعوهم إلى التعاون والإبلاغ عن الجريمة والعناصر الخارجة عن القانون، ويكفي أننا ندفع حياتنا ثمنا لأمن المدينة والحفاظ على سلامة وسكينة المواطنين، كما أدعوهم إلى تقدير دور رجال الأمن، فهم أبناؤهم وإخوانهم، وينبغي الوقوف إلى جوارهم في مواجهة العناصر المسلحة والخارجين عن القانون، وأقول للبعض: ينبغي أن تعرفوا أن القتلة والعناصر المسلحة مرفوضون، ويجب أن تفهموا ذلك، ولن نسمح بتحويل لحج (القمندان) إلى إمارة للإرهابيين والقتلة".