توقفنا في الحلقة الاولى عند مضامين الباب الاول من مؤلف "زوايا من تاريخ ولاية عدن – تاريخ وطن".. وحكاية انسان 1839-1967م للباحث بلال غلام.. وكان للحلقة الاولى وقع كبير لمستها من خلال اتصالات تلقيتها على اثر نزول "الامناء" وخاصة اولئك الذين بدأوا في مطالعة المؤلف وبعض آخر انتهى منه واجمعوا على ان الطبعة الثانية فيها من المتعة لربوع عدن ايام زمان.
وعودة الى الابواب المتبقية التي لا يسع الحيز الى تناولها جملة وتفصيلا وحتى لا نفسد على القارئ - الذي لم يقتنيه بعد – متعة الاطلاع سنحاول استعراض عناوين مهمة فبعد ان انتهى الباحث من الاسترسال في تاريخ الادارة المدنية و البدايات الاولى لتأسيس التعليم ومسيرته ودخول الخدمات الصحية وانشاء مستشفى الملكة اليزابيت وبريد عدن.
كوكبة من الاسماء اللامعة
سيتعرف القارئ في هذا الباب على افتتاح اول مدرسة متى واين..؟ وماهي حزمة (وود) التعليمية ومضامين هذه الوثيقة واثرها على تطوير التعليم بين اوساط السكان وطبيعة الانشطة المدرسية وبداية اول خطة خمسية لتوسيع العملية التعليمية واول مجلس استشاري للتربية والتعليم وحفل الاصدار بصور لمدارس وهامات تربوية تنشر لاول مرة وكوكبة من الاسماء اللامعة التي نهضت بالعملية التعليمية والتربوية.
ومثلما كان للتعليم والتربية منظومة عمل يديرها رجال اكفاء، كانت الخدمات الصحية والتطبيب منظومتها حيث يؤكد الباحث ان اول مستشفى اهلي بني في عدن كان في العام 1843م اي قبل 271 عاما من الان، ثم جاء مستشفى الجدري عام 1848م، المستشفى الاوروبي العام ويعرج الباحث الى اسهامات الوجاهات العدنية في الرعاية الصحية وفي مقدمتهم السيد محمد عبدالقادر مكاوي بانشاء اجنحة خاصة لتقديم الخدمات الطبية للاسر العدنية وابناء السلطنة اللحجية من حر ماله وصولا الى بناء العيادات الحكومية والخيرية وانتهاء بمستشفى الملكة اليزابيت التي وصلت عدن شخصيا لوضع حجر الاساس له في 1954/4/27 حتى ختم الباحث ذلك بابراز كوكبة اخرى من الاطباء والعاملين في القطاع الصحي في تلك الحقبة.
مخزونه التاريخي
وهنا نتوقف قليلا في سؤال دائما ما يردده البعض عندما يطالع مقالة تاريخية او عرض تاريخي للباحث بلال في "الامناء" وكثيرة هي المنشورة في الصحيفة ومفاد السؤال: من اين لبلال هذا المخزون التاريخي الذي ينشر لاول مرة ولماذا لا يضع مراجعه ويذيلها في عرضه التاريخي؟ وكنت انقل له السؤال كما هو حرفيا فيجيب علي: يا بو عبدالله من يشكلك في ما انشر او ما يجافي الحقيقة عليه يأتي بما ينفي ذلك وبالوثائق وهاتوا براهينكم للمناظرة .
في زاوية ديوانه بمنزل اول ما يلفت الزائر ذلك الكم الهائل من الوثائق الانجليزية الذي جمعها الباحث من كل حدب وصوب وانكب في الاطلاع عليها وترجمة نصوصها ساعات الليل وحتى الفجر..هذا جزء من مخزونه التاريخي.
انطلاقة بلال من "الامناء"
كان مزهوا باهتمام القارئ لما ينشره في "الامناء" التي فتحت ذراعيها على مدى الثلاث السنوات الماضية ولمع اسمه ككاتب وباحث تاريخي..وتشرفت الصحيفة بهذا اللمعان ومنحته الحرية المطلقة في النشر والانتقاد بسقف مفتوح لظواهر ومسؤولين بعينهم في عدن جعلت من بعضهم يطالبوننا بالتوقف عن هذا التوجه الذي شعرنا بارتياح العامة له، فكان لسان حالنا: هاتوا براهينكم ان كان قلم بلال يجافي الحقيقة!
وعودة الى زوايا الولاية فقد عرض الباحث في بقية الابواب ما يرتبط بالنواة الاولى لبوليس عدن والجيش والسجن واستعراض للحكام الذين تعاقبوا على عدن من مقيمين سياسيين ورؤساء حكومات وفي الباب الرابع زيارات الملوك والامراء والزعماء منهم الملك جورج الخامس والزعيم غاندي والمارشال جوزف تيتو.
الامبراطوريات التجارية نمت في عدن
وكان للامبراطوريات التجارية مكانا في الكتاب (الباب الخامس) وقبل ايام مضت حضرت ندوة خاصة عن انضمام عدن للمنظمة التجارية العالمية بحضور الوزير الهمام سعد الدين بن طالب، وفي الندوة جرى استحضار لتلك الامبراطوريات التجارية العاملة في عدن وطالب البعض بعودة عدن الى عصر تلك الامبراطوريات.. فابرز الباحث بلال عددا من تلك الامبراطوريات وملاكها الحقيقيين في مقدمتهم الكابتن لوك توماس والقائمة طويلة.
وفي الابواب السادس والسابع والثامن يوثق الباحث بلال لدخول السيارات الى عدن وامتلاك عدن لسكة حديد بطول 29 ميلا في الفترة 1916-1929م ودخول مجال الطيران المدني.
العصر الذهبي الذي عاشته وازدهار الفكر والثقافة والمسرح والرياضة افسح لها الباحث مساحة لائقة وخصص في ابواب المؤلف كالبدايات الاولى لكرة القدم والمسرح ومكتبة ليك التي كانت ملاذ كل الدارسين والباحثين والمثقفين.
مساجد وجوامع وكنائس ومعابد
كما نقل صورا حية للتسامح الديني والعرقي والانساني الذي كان يظلل حياة السكان الاصليين والجاليات وممارسة طقوسهم دون اي ايذاء او مضايقة في الكنائس والمعابد التي تنتشر في المدينة جنبا الى جنب بيوت الله.
مبارز عدن وابار عدن وزيارات اولياء الله الصالحين وصحف ومجلات عدن وجمعيات علماء وائمة عدن بالاسم والصورة وقائمة مطولة باسماء الاسر العدنية والتي ما ان بدأ الباحث في نشر عشرات الاسماء في "الامناء" لقيت رواجا واهتمام القارئ ولم يكمل النشر لاسباب خاصة.
خلاصة ان الباحث بلال رفع الغطاء عن تاريخ ظل مهضوما فترة من الزمن وينشر لاول مرة.
وان كان من كلمة حق في هذا المقام، فان احمد توفيق صاحب جرافيك الذي اخرج ونسق واشرف على طباعته يعد الرجل المجهول الذي يقف وراء هذا النجاح بعد الباحث ولا يسعنا هنا الان الا ان نهنئ الباحث بلال غلام بهذا الانجاز الرائع.