مستشفيات تفاقم أمراض الموطنين وتتسبب بكوارث فادحة ( 3 )

كنا نسمع ومازلنا عن عمليات جراحية تجري للشخص الواحد أكثر من مرة والسبب أن الطبيب الجراح وفريقه من الممرضين يتركون قطعة شاش أو قطن أو مقص جراحة داخل بطن المريض.. وكنا نسمع أيضاً عن مستشفيات حكومية تعطي الطبيب حديث التخرج فرصاً كثيرة للتدريب على مرضى أبرياء ليتعلم من خلالهم طرق وأساليب الفتح والإغلاق قبل وبعد إجراء العمليات.. وأشياء كثيرة كنا نسمع عنها.

اليوم لم نعد نسمع بل نرى ونلمس الأخطاء الطبية بوضوح والسبب أن كل خطا طبي جسيم يعني موت إنسان , وما أكثر الذين قضوا نحبهم في بلادنا بأخطاء ومن غير أخطاء فأما الذين قتلوا عن طريق الخطأ فهم بمثابة برهان يثبت وجود خلل طبي واضح أثنا عملياتهم الجراحية أو في تشخيص حالاتهم , وأما الذين يقتلون من غير أخطاء فهم من يسلمون أرواحهم لأطباء يرتقون إلى درجة القتلة لأنهم يمارسون مهنة الطب من دون تخصص أولاً ومن ثم من دون أن يكونوا على قدر من الكفاءات الطبية وقبل كل ذلك يغامرون بأرواح الناس فيما يقبلون إجراء عمليات جراحية كبيرة أو صغيرة لمجرد أنهم يحاولون إثبات وجودهم .

مستشفيات خاصة تعبث بحياة الناس

لعل الشواهد كثيرة ومن ضمنها ذلك الشاب في مقتبل عمره والذي توفي قبل فترة لسبب واحد وهو أن المستشفى الخاص اعتمد على فحوصات ووأشعة كانت قد أجريت للمريض قبل عامين علاوة على أن الأطباء بهذا المستشفى أجروا للشاب العملية الجراحية في إحدى قدميه باستخفاف واستهزاء شديدين فكانت النتيجة وفاة الشاب وهو الذي دخل إلى المستشفى بقدميه ثم غادرها محمولاًٍ على أكتاف والديه في إشارة واضحة إلى أن العاملين في هذا المستشفى _ بعد إدانتهم من قبل الطبيب الشرعي بمكتب النائب العام _ يستحقون أقصى العقوبات طالما وأنهم تعاملوا مع الضحية بكل استخفاف .. وكما يقول أهل المريض وقبل ذلك أجروا العملية من دون أن يتوقعوا حدوث مضاعفات تؤدي إلى الوفاة ..

وغير هذا الشاب الذي كان يبحث عن العافية , هناك ضحايا على نفس الشاكلة رحلوا عن أهاليهم لمجرد أنهم وثقوا في طبيب يجيد توزيع ابتساماته على مرضاه .. وماهراً أيضاً في أن يقدم نفسه على أنه وحيد زمانه , وحين تخوض معه التجربة تكتشف أن الطبيب مريض نفسي ومع هذا يعمل في مستشفى خاص ..

يموت الأبرياء بسكاكين الرحمة :

الحياة حين تحمل العبث  بأرواح الناس فإنها تضع (الموت)  في مقدمة مسؤولياتها وبالتالي يموت الأبرياء بسكاكين الرحمة ومعهم نفقد ثقتنا بالحياة وبالطب وتبقى فقط رحمة الله تشمل الأحياء إلى أن يتوفاهم الموت ..

إن الأخطاء الطبية في بلادنا _ وهي تتكرر من مشهد لآخر_ تستدعي أن نجد صرخاتنا ودعواتنا إلى الجهة المختصة أن تتعامل مع الخطأ الطبي حين يتكرر على أنه قتل عمد , أفضل بكثير من أن تغلق أو يتحفظ حول الكثير  من القضايا عوضا عن الحلول القبلية .

والذي بموجب هذه الأعراف قد يتنازل عن دم الضحية ليس عملاً بقوله تعالى (( ومن عفا وأصلح ..)) الآية , لكن لأن ثقتهم في القضاء باتت مهزوزة ولعلمهم المسبق أن الأحكام القضائية سوف تمتد إلى آخر العمر بين حكم ابتدائي واستئناف ومحكمة عليا وهلم جراً من السنوات.

نريد أن يتم التعامل مع القضايا ذات الأخطاء الطبية بكثير من الحزم , وذلك لأن القاتل في هذه الجريمة ليس شخصاً واحداً وإنما مئات الآلاف سوف يتهاونون بأرواح الناس طالما وأن وفاة الضحية لا يعني إعدام طبيب أو إغلاق مستشفى خاص أو إقالة إدارة حكومية , وفاة الضحية هو في نظر أهل العلم خطأ طبي قد يحدث في بلادنا وقد يحدث في بلاد أوروبا.. هكذا تكون التبريرات سخيفة وتافهة .. وهكذا تبدو الجريمة على أنها قتل رحيم وليس كما يتصوره البسطاء من عامة الناس الطيبين على انه قتل عمداً ومع سبق الإصرار والترصد..

سمعنا كثيراً عن أخطاء طبية وشاهدنا بأم أعيننا صوراً لضحايا الأخطاء , ورأينا ممارسات بشعة لا تمت بصلة لملائكة الرحمة , ومع ذلك لسنا وحدنا الذين نسمع أو نشاهد ثم نكتب , لكن ذلك هو نهاية المطاف بالنسبة لنا, غير أن اللوم كل اللوم والمسؤولية تقع على الجهات المعنية بوزارة الصحة ومكاتبها التي تركت الأبواب مفتوحة واكتفت بإصدار التراخيص دون عمل اللوائح المنظمة , والعقوبات الرادعة والإشراف المستمر على هذه المنشآت الصحية , لما فيه المصلحة العامة , وحصول المواطن على خدمة صحية آمنة ومخففة التكاليف في مرافق القطاع الخاص , وكذلك القطاع العام الذي يتراجع وتختفي فيه الخدمات مع زيادة كل ميزانية سنوية .

 عملية لوزتين تدخل ام محمد في إغماء طويل

ام محمد 50 عاما ضحية احد ضحايا الاخطاء الطبية وان كانت على قيد الحياة، بدات حكايتها عندما ذهبت إلى عيادة الطبيب أذن وانف وحنجرة قبل عدة سنوات لغرض إجراء عملية استئصال (اللوزتين), وفعلاً أجرى الطبيب العملية ومن ثم غسل يديه من آثار الدم ثم طمأن أهل المريضة بان مريضتهم سوف تفوق بعد دقائق لأنها مازالت تحت تأثير التخدير العام.

ويروي احد اقربها تفاصيل ماساتهم: مرت الدقائق والساعات والمريضة لم تفق , ومعها لم تقف مشاعر أهلها من الصدمة حين علموا بعد يوم كامل من التخدير أن مريضتهم لن تفوق ثانية ولن تعود لحالتها الطبيعية لأنه وببساطة شديدة (خطأ طبي) حدث أثناء تخدير المريضة أدى الى إتلاف خلايا جهازها الدماغي والعصبي , وهذا ما نتج عنه فقدان القدرة على الحركة، حيث يتناوب افراد اسرتها يومياً على السهر مع المريضة خشية أن يتضرر جسدها من جراء التصاقه بالأرض.. متسائلين: من يدري كيف ستؤول حالتها الصحية بعد أن طوال سنوات العذاب؟.

الغريب في هذا المشهد المؤثر أن الطبيب مازال يعمل في عيادته وأهل المريضة يعانون الأمرين بين جهات أمنية ونيابية وقضائية وإلى أن يقول القضاء كلمته , سيكون هناك بالطبع ضحايا جدد يتعرضون لحقنة تخدير لا يفوقون بعدها ابداً .

المؤكد ان ضحايا جرائم الطب في بلادنا لن ينتهوا وحكايات عنهم لن تنقطع وتحتاج إلى مجلدات ومصنفات حتى يتمكن الشخص من توثيقها، في ظل تجاهل الجهات المعنية .

 

 

متعلقات
سجون الحوثي.. جرائم وانتهاكات على مرأى ومسمع من العالم
مؤسسة الصحافة الإنسانية ترصد وفاة 60 حالة وإصابة أكثر من 7 آلاف شخص خلال شهر فقط
التسرب المدرسي معضلة تهدد مستقبل الطالبات في ردفان
تقرير: "دثينة وقبائلها".. لا حياد في الحرب على الإرهاب
الأمم المتحدة تتهم جماعة الحوثي الانقلابية بعرقلة العمليات الإنسانية للشعب اليمني