الشيخ سنان أبو لحوم شاهد على حقبة انطوت ويجهلها الكثيرون (6)

مضت العلاقة بين الرئيس صالح والنائب البيض في حالة توتر ووصل صيتها إلى الشارع العام الذي أخذ يحتقن يوما بعد يوم يوم حتى بلغ مداه إلى مؤسستي الجيش والأمن اللتين توحدتا شكلا أما مضمونا فالانقسام كان عنوانا لمجمل أنشطتها.

وفي الوقت الذي كان صالح يعقد من الاجتماعات في ظل غياب البيض، والمعتكف في عدن، فإن قيادات من المؤتمر والاشتراكي تواصل لقاءاتها لإصلاح ذات البين بين الرجلين..  والخلاف  بين الحزبين، وفي اجتماع يقول الشيخ أبو لحوم تم الاتفاق على عقد لقاء وتحديد أسماء الحضور فيه.. من المؤتمر علي عبدالله صالح وعبدالكريم العرشي وعبدالعزيز عبد الغني وعبدالكريم الأرياني ويحيى المتوكل ومحمد سالم باسندوة ومجاهد أبو شوارب والشيخ عبدالله بن حسين الأحمر والنقيب ناجي عبدالعزيز الشائف ومن الاشتراكي حيدر أبوبكر العطاس، وسالم صالح محمد وياسين سعيد نعمان وهيثم قاسم طاهر وصالح أبوبكر بن حسينون ومحمد حيدرة مسدوس وفضل محسن وجار الله عمر ومحمد سعيد عبدالله محسن والفريق الثالث: سنان أبو لحوم ومحمد الخاوي وصالح الأشول وعلي أبو لحوم.

وترأس اللقاء الشيخ سنان أبو لحوم بعد أن اقترح العطاس أن يرأسه صالح ولكن سنان رد: أنا سأرأسه لكي نصل إلى أمور واضحة ونخرج من المجاملات.

و تحدث الجميع في اللقاء ما عدا صالح الذي ظل صامتا.. وتحدث أبو لحوم :"نحن الحاضرين من غير الحزبيين نشعر أن بينهما – يقصد صالح والبيض – أسرارا لا نعرفها لأن الخلاف ظاهر ولكن أسبابه غير واضحة فينبغي علينا الطرح بوضوح حتى نستطيع حل الخلاف وأقول للإخوة في الحزب الاشتراكي إن أي كلام بدون حضور نائب الرئيس علي سالم البيض غير مجد، فغيابه يعرقل كل شيء تقولون النائب لن يوافق ونحن نعلم ان الحزب هو الذي يتخذ القرار فانتم ملزمون بإحضار البيض".. وبعد المداولات اتفق الجميع على تشكيل لجنة وزارية من الحزبين.

جناحان في القصر الجمهوري

بعد أسبوع من ذلك اللقاء.. توجه صالح إلى الحديدة برا ومعه أبو لحوم وأبو شوارب والمتوكل والشائف على أن يأتي البيض من عدن للقاء هناك.. وخصص الجناح الشمالي للوفد المرافق لصالح والجناح الجنوبي للوفد المرافق للبيض الذي وصل إلى الحديدة ترافقه حملة كبيرة لا تقل عن 60 سيارة تقل مرافقين وبعض المؤن بحسب شهادة أبو لحوم.

وعقد صالح والبيض لقاءين الأول في العصرية والآخر بعد المغرب واستمر حتى منتصف الليل ولم يتفقا.. ويقول أبو لحوم أن الرئيس صالح كان مستفزا من الحملة الكبيرة التي جاء بها البيض فقرر مغادرة الحديدة ليلا عن طريق حجة ورفض السير في موكب واحد مع البيض.. وعاتب أبو لحوم وأبو شوارب السير في موكب اصطحاب ذلك العدد الكبير من السيارات والمرافقين فاقترحا أن يتوجه المرافقون برا وأن يسافر الرئيس ونائبه على الطائرة فلم يمانع البيض .. وعندما أبلغ صالح بالاتفاق قال: الطائرة موجودة.

وفي صنعاء التأم الجانبان بمقيل في بيت الرئيس بشعوب ويعلن أبو لحوم على ذلك في مذكراته :"هكذا بكل بساطة وكأن شيئا لم يكن ووضعت اللجنة الوزارية تصورا حول تمديد الفترة الانتقالية وتم مناقشته في اجتماعات عدة بحضور الرئيس ونائبه ورؤساء الأحزاب وبعض أعضاء المجلس الاستشاري وتم الاتفاق على تمديد الفترة الانتقالية وبدأت الامور تسير سيرا طبيعيا.

اتهام البيض في أحداث تعز

يروي أبو لحوم بإسهاب عن أحداث تعز التي تمثلت في المظاهرات يومي 9-10 ديسمبر 1992م، وما شكلته هذه الأحداث من أزمة جديدة في القيادة السياسية.. وعلى إثرها حمل صالح الحزب الاشتراكي مسؤولية كل ما حصل وعقد سلسلة من الاجتماعات انبثقت عنها لجنة وساطة برئاسة أبو لحوم وتحفظ البيض على بعض الأسماء واقترح إضافة حسين المقدمي.. لكن الموقف تأزم أكثر وأكثر وساور القلق الجميع حتى هناك من قال أن علي سالم البيض يتآمر وأنه تتسلم 250 مليون دولار واعترض أبو لحوم على هذا الطرح بقوله :"أرجو أن نتجنب الاتهامات التي لا تؤدي إلا إلى الفرقة".

فشل وساطة عرفات

كان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات أكثر حماسا للوحدة اليمنية ويتذكر من عاشوا اجتماع قيادتي الشمال والجنوب في قاعة في قاعة فلسطين يوم 21 مايو 1990م، قول عرفات عن التئام اللحمة اليمنية وعن قريب ستلتئم اللحمة الفلسطينية.. وفور علمه بتأزم الموقف بين صالح والبيض وصل عرفات في اليوم السادس من أحداث تعز ولكنه لم يتوصل إلى نتيجة بين الرجلين وفشل في إصلاح ذات البيت بينهما.

وفاة شقيقة البيض يقارب ما بين الرجلين

في خضم أزمة أحداث تعز تعرضت والتي تزامنت بوفاة  أخت البيض فاقترح ابو لحوم على صالح ان ينتهزها مناسبة للقاء بنائبه وتقديم واجب العزاء عندها قال باسندوة حاسمة بحسب رواية ابو لحوم :"خليك والمجاملة على حساب البلد"،. إلا أن أبو لحوم ظل على موقفه.. وذهب الجميع إلى سكن البيض الكائن بجانب القصر الجمهوري وقصر الضيافة واقترح الرئيس صالح أن يتحرك معهم إلى القصر فنصحه البعض أن يتأخر لأن حرس النائب مرتبين في القصر خشية حدوث مواجهة بين حراسة الرئيس ونائبه، وبالفعل حدثت مشادة بسيطة بين الحرس كما ورد في الرواية.

يقول أبو لحوم عند إبلاغ البيض بمجيء الرئيس صالح إلى دار الضيافة لتعزيته اشترط البيض أن يأتي إلى بيته وقال: هكذا الأصول واستجاب صالح وزاره وقدم واجب العزاء في اخت البيض.. و ما كاد أبو لحوم يخرج من بيت البيض حتى سقط على الأرض من شدة التعب في الذهاب والإياب بين صالح والبيض.. فعلق صالح على الواقعة  :"دوخ لأننا سدينا".. ويختم أبو لحوم هذا الفصل: تصالح الرئيس ونائبه وتناولوا طعام الغذاء وقيلوا مع بعضهما".  

 

 

متعلقات
سجون الحوثي.. جرائم وانتهاكات على مرأى ومسمع من العالم
مؤسسة الصحافة الإنسانية ترصد وفاة 60 حالة وإصابة أكثر من 7 آلاف شخص خلال شهر فقط
التسرب المدرسي معضلة تهدد مستقبل الطالبات في ردفان
تقرير: "دثينة وقبائلها".. لا حياد في الحرب على الإرهاب
الأمم المتحدة تتهم جماعة الحوثي الانقلابية بعرقلة العمليات الإنسانية للشعب اليمني