
استراتيجية دفاعية أم تحضير لمعركة طويلة الأمد؟
كشف تحقيق استقصائي أجرته منصة "ديفانس لاين" المتخصصة في الشؤون العسكرية والدفاعية عن توسع غير مسبوق لجماعة الحوثيين في إنشاء تحصينات عسكرية تحت الأرض بمحافظة صعدة، مستلهمة النموذج الإيراني في بناء القواعد المحصنة، كما هو الحال في أصفهان. وتهدف هذه البنية التحتية العسكرية إلى تخزين الأسلحة وإدارة العمليات العسكرية بعيدًا عن الاستهداف الجوي، في خطوة تعكس التحول النوعي في قدرات الجماعة وإعدادها لحرب طويلة الأمد.
شبكة أنفاق ومخابئ مدفونة: بنية عسكرية متكاملة تحت الأرض
على مدار سنوات، نفّذت الجماعة مشروعًا متكاملًا لإنشاء شبكة مترابطة من الأنفاق والمخابئ العسكرية، مستغلة التضاريس الوعرة لصعدة لتعزيز قدرتها على التخفي والصمود أمام الهجمات الجوية. ومع تصاعد التوترات الإقليمية، خاصة بعد انخراط الحوثيين في النزاع البحري في البحر الأحمر، تسارعت عمليات التوسع في هذه المنشآت خلال عام 2024، في إطار استراتيجية تهدف إلى تحييد الضربات الجوية الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية.
تحصينات عسكرية مدفونة: عمق استراتيجي وتحصين ضد الضربات الجوية
كشفت صور الأقمار الصناعية، التي حصلت عليها "ديفانس لاين" من مصادر استخباراتية غربية، عن منشآت عسكرية مدفونة على أعماق كبيرة، مشيدة وفق هندسة دفاعية متقدمة تتضمن طبقات من التدريع الترابي والخرساني، في تصميم يحاكي القواعد الإيرانية مثل "قشم" و"الخجير". وتشمل هذه التحصينات:
مستودعات للأسلحة الاستراتيجية، بما في ذلك الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.
مراكز قيادة وتحكم متطورة، مزودة بأنظمة اتصالات مشفرة لإدارة العمليات العسكرية.
مخابئ محصنة لتخزين الوقود الصلب والوثائق العسكرية الحساسة، ما يعكس مستوى التحوط الأمني والاستخباراتي لدى الجماعة.
مواقع استراتيجية: هندسة عسكرية متقدمة لتعزيز النفوذ
1. مديرية الصفراء: تُعد من أكثر المناطق تحصينًا، حيث أنشأت الجماعة شبكة معقدة من الأنفاق والمخابئ تحت الأرض، إلى جانب منشآت متطورة لتصنيع الطائرات المسيّرة وإدارة عمليات الإطلاق، مما يجعلها مركزًا استراتيجيًا حيويًا.
2. قاعدة وادعة العسكرية: منذ عام 2022، تعمل الجماعة على تطوير إحدى أكبر قواعدها العسكرية، حيث تم تشييد أربعة أنفاق رئيسية، مجهزة بأنظمة أمنية محكمة، وقد استهدفتها غارات أمريكية، ما يعكس أهميتها الاستراتيجية.
3. جبل العبلا: جنوب شرق صعدة، وهو أحد أقدم المواقع المحصنة، حيث بدأت عمليات البناء فيه عام 2019. وقد تعرّض لبعض الضربات الأمريكية والبريطانية خلال 2024، ما يؤكد استخدامه في عمليات عسكرية متقدمة.
تصعيد عسكري: استعداد لمعارك طويلة وتأمين مخزون الأسلحة
في منطقتي نشور والرزامات، أظهرت صور الأقمار الصناعية، التي حللتها "ديفانس لاين"، منشآت عسكرية حديثة قيد الإنشاء منذ 2023، حيث تم رصد خمسة مداخل رئيسية لمخابئ تحت الأرض في نشور، بالإضافة إلى توسعات عسكرية في الرزامات تستخدم لتخزين الأسلحة ومنصات إطلاق الصواريخ.
وتشير التقارير إلى أن الحوثيين يعتمدون بشكل متزايد على الخبرات الإيرانية في بناء التحصينات العسكرية تحت الأرض، في خطوة تندرج ضمن استراتيجية دفاعية تهدف إلى حماية الترسانة العسكرية وإدارة المعارك دون التعرض للاستهداف المباشر.
صعدة.. نحو "أصفهان جديدة" واحتمالية تصعيد الضربات العسكرية
مع تعاظم القدرات العسكرية للحوثيين، تتحول صعدة إلى ما يشبه "أصفهان جديدة"، ما يجعلها هدفًا استراتيجيًا محتملاً لموجة ضربات عسكرية مكثفة خلال الفترة القادمة. وتزداد المخاوف من استغلال هذه البنية التحتية في تصعيد الهجمات ضد الملاحة الدولية ودول الجوار، ما يهدد الاستقرار الإقليمي ويدفع باتجاه مزيد من التدخلات العسكرية المحتملة لاحتواء التهديد المتنامي.