آخر تحديث :الثلاثاء 30 ابريل 2024 - الساعة:01:08:44
صحف عربية: تركيا تعود إلى نقطة الصفر مع استقالة السراج
(الامناء/وكالات:)

أثار تصريح رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج بالتنحي عن منصبه نهاية أكتوبر(تشرين الأول) المقبل، غضباً وانزعاجاً كبيراً لدى تركيا ما قد يجعلها تعود إلى نقطة الصفر حول مشاريعها التوسعية في المنطقة واختراقها للملف السياسي الليبي.
ووفقاً لصحف عربية صادرة اليوم السبت، أشار مراقبون إلى أن قرار الاستقالة جاء تحت ضغط أمريكي تمهيداً للحل السياسي في ليبيا، فيما تجد أنقرة نفسها في مأزق جعلها تقف وحيدة في مواجهة ضغوطات دول المنطقة.
انزعاج تركي
قالت صحيفة العرب اللندنية، إن "ما أثار غضب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بخصوص عزم رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية فايز السراج التنحي من منصبه، هو أن الأخير لم يكمل كل ما طلب منه من قبل الأتراك خلال الفترة الماضية، مقابل التدخل لصد الهجوم الذي نفذه الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر للسيطرة على العاصمة طرابلس".
وعزا متابعون للشأن الليبي غضب أردوغان إلى أحد السببين إما الاقتصادي أو السياسي، مستبعدين وجود سبب عسكري نظراً إلى أن أغلب الكتائب تتواصل معها تركيا بشكل مباشر، كما أن ولاء أغلبها لوزير الداخلية في حكومة الوفاق فتحي باشاغا.
ويفسر مراقبون هذا الانزعاج بإمكانية وجود تفاهمات اقتصادية، على الأرجح، بين السراج وأنقرة لم يتم تنفيذها، غير مستبعدين أن تكون متعلقة بالموانئ وخاصة ميناء مصراتة الذي تحدثت تقارير إعلامية إيطالية الفترة الماضية عن بدء التجهيز لإنشاء قاعدة عسكرية بحرية تركية داخله، في حين تحدثت تقارير أخرى عن أطماع تركية للسيطرة على كامل الموانئ البحرية غرب ليبيا.
وكان مسؤولون أتراك أكدوا وجود محادثات مع السلطات الليبية لبدء عمليات تنقيب عن النفط والغاز في حقول برية وبحرية، إضافة إلى محادثات تتعلق بمجالات أخرى مرتبطة بالطاقة مثل إنتاج الكهرباء.
وأوضحت الصحيفة أن تركيا ستضطر في حالة مغادرة السراج للسلطة دون الحصول على ما يضمن تنفيذ مشاريعها المستقبلية، إلى العودة إلى نقطة الصفر مع الحكومة القادمة وإن كان من غير المستبعد أن يسيطر عليها حلفاؤها الإسلاميون.
وأضافت أنه "يمكن ربط الانزعاج التركي من تلويح السراج بالتنحي بانعكاسات الإعلان عن طموحات أنقرة في اختراق المسار السياسي، حيث أن أطراف المحادثات المحسوبة على السراج كأعضاء لجنة الحوار التابعة للبرلمان الذين انشقوا عنه احتجاجاً على هجوم الجيش على طرابلس قد يغيرون ولاءاتهم".
ضغط أمريكي
وبدورها، ذكرت صحيفة البيان الإماراتية أن تركيا لم تكن على علم بقرار الاستقالة، وأنّ السراج لم يتشاور مع من حوله من مسؤوليها، وإنما تم فرضه عليه من جهات أخرى.
وأشار مراقبون إلى أنّ تركيا فوجئت بما ورد في كلمة السراج، لافتين إلى أنّ الأتراك أدركوا أنّ ضغوطاً مورست لدفع السراج لإعلان استقالته من أجل التمهيد للحل السياسي وفق مخرجات مؤتمر برلين وإعلان القاهرة، واجتماعات مونترو السويسرية وبوزنيقة المغربية، والتي تجمع على تشكيل مجلس رئاسي جديد وحكومة وحدة وطنية.
وأوضح المراقبون، أنّ قرار السراج الاستقالة جاء بضغط مباشر من واشنطن التي عادت بقوة إلى الساحة الليبية، وطرحت جملة من الاقتراحات لتحقيق الحل ومن بينها تثبيت وقف إطلاق النار، وتشكيل سلطات جديدة تباشر عملها من سرت التي ستتحول لعاصمة مؤقتة منزوعة السلاح.
كما أعلن مسؤولون ليبيون، أنّ الأيام المقبلة ستشهد إطلاق جولة جديدة من حوار جنيف للاتفاق على المجلس الرئاسي الجديد، وأن هناك مساعٍ كبيرة تبذل لعقد اجتماع للجنة الحوار أواخر سبتمبر(أيلول) الجاري أو مطلع أكتوبر(تشرين الأول) المقبل في جنيف.
خواء دبلوماسي
ومن جهتها، أشارت صحيفة الشرق الأوسط إلى أن سحب تركيا المفاجئ لسفينة الأبحاث "أوروتش رئيس" من المنطقة المتنازع عليها مع اليونان، يعد بمثابة خطوة كاشفة عن الخواء الدبلوماسي في السياسة الخارجية التركية، وعن نجاح يوناني في بناء جدار حماية قوي أدى إلى عزل تركيا.
وقالت إن "سحب السفينة تزامن في الواقع مع زيارة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو مساء السبت الماضي إلى قبرص، حيث وجّه رسالة أعرب فيها عن القلق البالغ من تحركات تركيا في المنطقة، ودعاها إلى دعم الطرق الدبلوماسية مع مختلف الأطراف".
وأضافت أن رسائل بومبيو الحادة والواضحة إلى تركيا، وُجّهت عقب اجتماعه مع الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسياديس، معلناً عن قرب إنشاء مركز جديد للأمن البري والبحري والموانئ، في جنوب قبرص كجزء من الجهود المبذولة لتعزيز التعاون الأمني في المنطقة بموجب مذكرة تفاهم وقعها في قبرص.
ووفقاً للصحيفة، أغضبت هذه المذكرة أنقرة، التي أعلنت عبر وزارة خارجيتها أنها تعد في حكم العدم بالنسبة لقبرص الشمالية، كما أنها لن تخدم السلام والاستقرار في شرق البحر المتوسط، بل ستضر بحل قضية قبرص.
ويرى كثير من المراقبين أن تركيا وجدت نفسها في مأزق، وأنها تقف وحيدة في مواجهة الاتحاد الأوروبي ودول منطقة الشرق المتوسط والولايات المتحدة، وربما روسيا أيضاً، كما أنها شعرت أن سياسة الأمر الواقع التي اختبرتها في شرق المتوسط لن تجدي نفعاً ضد هذا التكتل الذي يحيط بها من كل ناحية.
وأكد المراقبين إلى عزم الاتحاد الأوروبي على اتخاذ موقف حازم من تركيا، وأنه لن يتجاهل أي تحرك من أنقرة قد يكون من قبيل المناورة لتفويت الفرصة على الاتحاد لمعاقبتها وفرض عقوبات محتملة ضدها.
دعوة للمصالحة
وأما الكاتب الصحافي عماد الدين أديب، فقد تساءل عن مدح أنقرة لمصر في مقال له بصحيفة الوطن المصرية، قائلاً "هل تصدق رسائل تركيا العلنية والسرية للتقارب وللمصالحة مع مصر؟".
وأضاف "هل يمكن لهذا النظام الحالي أن يتحول بين ليلة وضحاها من حالة عداء كامل على جميع المستويات، إلى الإعلان عن رغبة كاملة في علاقات طبيعية مع مصر؟".
وتابع "ما الذي تغير في المعادلة، وفي الظروف؟، الرئيس التركي لم يتغير، والرئيس المصري لم يتغير، والمواقف الثابتة لم تتغير، ما زالت مصر ضد الإرهاب التكفيري، وما زالت تركيا مع جماعة الإخوان، وما زالت تركيا تتحالف مع قطر، وما زالت مصر مع السعودية والإمارات والبحرين، وما زالت تركيا تدعم حكومة السراج والميليشيات، وما زالت مصر تدعم الجيش والبرلمان الشرعي".
وأشار الكاتب إلى أن التغير هو في معادلات القوى لدى الطرفين، حيث أن الطرف التركي ظهرت مظاهر ضعفه الضاغطة عليه محلياً ودولياً وعالمياً، بينما أظهر الطرف المصري قواه محلياً وعسكرياً وإقليمياً ودولياً.
وأوضح أن أردوغان أصبح بلا حليف صريح وواضح في عملياته التوسعية في المنطقة، وخاصة في ليبيا وشرق المتوسط، إذ أنه يواجه في 10 أيام موقفاً جماعياً غاضباً وصل إلى حافة استنفاد الصبر الأوروبي مع سياسته.
وأردف قائلاً "يجب أن تفرق تماماً بين أهمية تركيا كجغرافيا وتاريخ ودور، وقوة إسلامية سنية مؤثرة، ولاعب مهم على المسرح الاقتصادي، وقوة عسكرية فاعلة، وبين الجنون الأيديولوجي، والحماقات السياسية لأردوغان وأقطاب حزبه الأيديولوجي المتطرف".
واختتم مقاله "يمكن الثقة بتركيا من خلال الأفعال لا الأقوال، ولكن يصعب تماماً تصديق أي حرف من حروف أي تعهد ينطق به رجب طيب أردوغان، حتى لو قال لنا (جونا يدن) وتعني بالتركية (صباح الخير)".



شارك برأيك