آخر تحديث :الاربعاء 27 نوفمبر 2024 - الساعة:00:30:02
عدن . . تفجيرات واختطافات
د. عيدروس النقيب

الثلاثاء 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00

مرة أخرى تعود التفجيرات إلى عدن، ومرة أخرى تتم التفجيرات ليس في سوق شعبي مفتوح لمن هب ودب، ولا في محطة استجمام أو في مزرعة في منطقة نائية لا أحد يعرف مكانها على الخريطة، إنها في المكان الذي من المفترض أنه مسئول عن حماية حياة الناس وأمنهم مدنيين منهم وعسكريين، أمنيين وإداريين مسئولين ومواطنين عاديين، وكما قيل زمانا "من لا ينفع أمه لا ينفع خالته"، و"من لا يحمي مكتبه ومقر عمله لا يمكن أن يحمي الآخرين".

السؤال البديهي الذي يطرحه أول ساذج في البلد وخارجه هو كيف يتسلل المهاجمون ويصلون إلى المكان الذي يصعب الدخول إليه من قبل المواطنين العاديين. . .مقر الأمن السياسي في التواهي الملاصق لمقر التلفيزيون، أول تلفيزيون في الجزيرة العربية، هذا الجهاز الذي لم يوجد صدفة بجوار مبنى التلفيزيون، بل جاء ليحمي هذه المؤسسة الإعلامية، بغض عن نوع الخطاب الذي تقدمه والمصالح التي تعبر عنها.

كنت في العام 2008م قد ترددت عدة مرات على مبنى الأمن السياسي في التواهي في محاولة لزيارة أحد زملائي الذي اعتقل على خلفية نشاطه السياسي، . . لم أتمكن البقاء كثيرا في غرفة الاستعلامات فقد اعتبر وجودي هناك مزعجا، وأنا العضو البرلماني الذي يمنحه الدستور حق الدخول في كل المؤسسات والمنشآت الحكومية، لكن صاحب الحزام الناسف وحقيبة المتفجرات يدخل إلى مبني أخطر جهاز في محافظة عدن بأسهل من دخوله مطعم شعبي لتناول وجبة الغداء أو العشاء.

هذه المفارقة تطرح سؤالا محوريا، هو: ماذا كانت تفعل أجهزة الأمن التي تحصي أنفاس السياسيين وحركاتهم وسكناتهم، عندما كان المفجرين يحضرون وينفذون عملهم في أخطر مبنيين في مدينة عدن؟ كيف تمكن المنفذون الوصول إلى هدفهم؟ في حين لا يستطيع المواطن العادي المجرد من أي سلاح الوصول إلى منطقة البنجسار أو الفتح، أو حتى أي حي من أحياء التواهي إلا بشق النفس.

قواتنا المسلحة من أشاوس الحرس الجمهورية وخفر السواحل اختطفت منذ أكثر من سبعة أعوام الصياد واصف مطر من أبناء عدن فقط وفقط لأنه كان يصطاد السمك في منطقة تواجد أشاوس الحرس، . . .اعتقلوه وأخفوه عن أهله ولست ادري أن كان قد أطلق سراحه أو عثر عليه حيا أو ميتا (لاسمح الله) أم لا، بينما لم تعتقل أصحاب الأحزمه الناسفة وحقائب المتفجرات والسيارات المفخخة، . .إنها المفارقة السريالية التي لا يستطيع إدراك خفاياها إلا الله وضباط الأمن السياسي والحرس الجمهوري والأمن القومي.

ملثمون يدخلون إلى طائرة اليمنية ويختطفون ناشطا سياسيا جنوبيا هو السفير أحمد الحسني المدعو وزملاؤه المعارضين السياسيين الجنوبيين للعودة إلى البلد للمشاركة في مؤتمر الحوار الوطني، .. .يختطفونه على طريقة العصابات المسلحة وخاطفي الطائرات، ويخفونه عن الوجود ثم يأتي محافظ عدن لينفي علاقته بهذه الحادثة، وكأن وظيفته هي نفي علاقته، وليست حماية أرواح الناس ومصالحهم وكرامتهم وأمنهم وحقوقهم وأعراضهم وأموالهم.

لا أدري كيف يقبل مدير أمن عدن ووكيل الأمن السياسي في المحافظات الثلاث ومدراء الأمن القومي والسياسي والمركزي، كيف يقبلون على أنفسهم البقاء في مناصبهم وهم عاجزون عن حراسة مكاتبهم التي منها يحصلون أرزاقهم ومعيشة أسرهم، لا أدري لماذا لا يبادر محافظ عدن ومن قبله رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، إلى إقالة كل المسئولين عن الأجهزة الأمنية ومساءلتهم عن التقصير في أبسط واجباتهم الأساسية، وهي حماية مكاتبهم، دعك من حماية أرواح الناس ومصالحهم ودمائهم وأعراضهم فهذه القضايا هي غريبة على قاموسهم المهني.

في البلدان التي يحترم المسئولون فيها أنفسهم، يستقيل المسئول الأمني إذا ما تعرض مواطن عادي في أي منطقة نائية للخطر، وفي بلدنا تفجر مقرات الأجهزة الأمنية فيخرج لنا المسئول ليصرح بدم بارد بأنه بريئ من التنسسيق مع من ارتكبوا هذه الجريمة، وفي أحسن الأحوال يصدر بيان تنديد وكأن العملية تمت في دولة صديقة افقر منا يقتضي الواجب الأخلاقي أن نعلن تضامننا معها.

اختطاف السفير أحمد الحسني ليس فقط جريمة سياسية وجنائية بل إنه عمل لا إخلاقي ولا يمت للمارسة السياسية بصلة وهو مدان من كل من تعلم أبجديات القانون والسياسة والعرف القبلي الذي يتباهى به مسئولونا كثيرا، وهنا يأتي أهمية مساءلة الذين ارتكبوا هذه الجريمة، وتقديمهم للقضاء المدني أو العسكري، ناهيك عن ضرورة اطلاق سراحه على الفور وتعويضه عن كل ضرر معنوي وجسدي ومادي تعرض له، وهذا ما ينطبق على كل الناشطين السياسيين الذين ما يزالون مخفيين حتى اليوم في أقبية الأمن السياسي والقومي والمركزي وغيرها من الأجهزة والوحدات الأمنية والعسكرية، في عدن وصنعا وتعز والحديدة والمكلا وغيرها من مدن اليمن، . . . ألأجهزة والوحدات التي ما تزال تابعة لأفراد قادتها، وليس للسلطة الشرعية ناهيك عن الشعب والوطن الذين ينظر إليهما كخصوم لهذه الأجهزة لا كملاك لها.

لا يمكن الفصل بين تفجير مقر الأمن السياسي في التواهي واختطاف السفير الحسني والاعتداء على وزارتي الداخلية والدفاع، وكل ما قد يأتي من أعمال العنف والإرهاب والتدمير والاختطاف التي يتلاقى فيها أكثر من طرف داخل البلد وخارجها، وداخل المؤسسة الأمنية والعسكرية وخارجها، وإذا كان التفريط في الأمن والاستقرار والتقصير في حماية حياة الناس ومؤسسات الدولة جريمة فما بالنا عندما يكون العدوان على هذه المؤسسات والمنشآت والأرواح آت من الأيدي التي يفترض فيها حماية تلك المؤسسات والمنشآت والأرواح؟

برقيات

* سيكون على الرئيس هادي التمتع بقدر عال من الثقة وهو يتخذ خطواته الشرعية والمدعومة شعبيا وإقليميا ودوليا باتجاه اننتزاع مخالب الذئاب التي ما تزال تهدد مستقبل البلد ومصالح المواطنين وأرواحهم وحياة الرئيس نفسه.

* خاطرة شعرية:

الــعـــيد هـلَّ علينا بعد غـــيــــبــــتهِ يـــوزع الـنور والأفـراح ألـــوانـــا

يطـــــــــبِّب الجرح في من ضرَّهُ ألمٌ ويمـــــــــــــــلأ الأفق أنغاماً وألحانا

يا خالق الكون كن عوناً لمن صدحتْ أصواتهم بـــــــالدعـا حبًّا وإيـمانـــا

وفـــرًّج الكربَ عمَّن بات ممـــــتحَناً بهـمَّهِ واجعل المحزون فــرحــانـا

واغــــفــر إلهـي لمن يتلو رسالـتنا وابدله بالعـــسر يسرًا أيـنـــــما كانا

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل