آخر تحديث :الاحد 05 مايو 2024 - الساعة:13:57:14
التمديد ... شرارة التفجير والتدويل الأزمة اليمنية
فائز سالم بن عمرو

الاحد 00 مايو 0000 - الساعة:00:00:00

مقدمة :

          استطاعت اتفاقية الخليج التي وقعت عليها الأطراف السياسية المتصارعة أن تجنب اليمن كارثة محققة من الصراع والعنف والاحتراب ، ولكن هذه الاتفاقية شكلت استراحة محارب للأطراف المتنازعة إذ ظلت الأطراف المتصارعة محتفظة بقوتها ونفوذها ومصالحها ، بل اتسعت رقعة الصراع داخليا وخارجيا بدخول أطراف جديدة على اللعبة اليمنية كالحوثيين والجنوبيين إضافة إلى بعض الأطراف الثانوية مثل الشباب وحراك تهامة وصنعاء ، أما خارجيا فقد دخلت اليمن رسميا تحت الوصاية الإقليمية والأجنبية والدولية لتفرز هذه اللعبة المعقدة أطراف جديدة لساحة الصراع اليمني مثل روسيا وقطر وتركيا وإيران إضافة إلى القوى التقليدية السعودية والدول الخمس الكبرى .

تمهيد : " سياسة الرقص على الثعابين "

          المشكلة الأساس في اليمن فقدان مشروع الدولة مما أدى بالأطراف جميعا " السلطة والمعارضة التقليدية " ( المؤتمر والإصلاح ) للرقص على رؤوس الثعابين وترحيل المشاكل المتراكمة . سياسة الترحيل والهروب إلى الأمام ما زالت مستمرة وترخي بظلالها على مقررات مؤتمر الحوار الوطني ، فهذه القوى التقليدية المتصارعة والرافضة في فكرها وتركيبتها القبلية والحزبية والمذهبية الرافض لفكر وثقافة الدولة قبلت باتفاقية الخليج ووافقت على بنودها مكرهة استمرت سياسة الهروب إلى الأمام لتنتقل أزمة الرقص على رؤوس الثعابين إلى داخل مؤتمر الحوار الوطني ، وتتراكم المشكلات وتتزايد الثعابين والافخاخ مهددة بانفجار الوضع عسكريا وسياسيا ومذهبيا ؛ لتنكشف الأزمة اليمنية عن مشهد معقد ومتفجر يهدد اليمن والمنطقة ، المتمعن بان كل ما اتخذ من خطوات شكلية من هيكلة الجيش والأمن لخلق توازن في السلطة والثروة للتمهيد لتأسيس يمن حديث ودولة المؤسسات لم تستطع سلب المتقاتلين والمتصارعين ورؤوس الثعابين في اليمن قوتهم ونفوذهم بل استمرار وضع اللادولة ساهم في إيقاد الصراع وتدويله بدخول أطراف كثيرة تصفي حساباتها الإقليمية والدولية على الساحة اليمنية المعقدة .

السياسة المتبعة في المرحلة الانتقالية

          لم تحمل المعارضة التي رفعت مشعل التغيير والثورة في اليمن مشروعا سياسيا أو اقتصاديا أو وطنيا ، فقد جددت المعارضة التي تولت المناصب في حكومة الوفاق أخطاء النظام الماضي في وقت قصير وقياسي ، ولم تعبر حكومة باسندوة عن الشعب اليمني ولا عن الشباب ولا الثوار ، وسجلت الأخطاء المتراكمة والسياسية الاقصائية للحكومة إجماع على رفضها ورفض سياستها ، جاء الرئيس عبد ربه منصور مدعوما بغطاء خارجي دولي وتوافق محلي للسير باتفاقية الخليج المزمنة والمحددة النقاط والخطوات ، وقد اتخذ خطوات قرارات كثيرة شملت الجيش والمؤسسات الأمنية والمؤسسات المدنية ، لكن هذه القرارات لم تكن محل إجماع إذ اتهمت القوى الوطنية والمعارضة القرارات بالمناطيقية والتعجل وبأنها قرارات شكلية لم تستطع أن تنهي أو على الأقل تقلل الصراع السياسي والحزبي والمذهبي الذي تمدد ليخرج الصراع عن العاصمة إلى المركز إلى المحافظات وتغيب هيبة الدولة ، وتتسع الفجوة بين الدولة الوليدة المرجوة من مؤتمر الحوار الوطني والواقع المعاش المتردي امنيا وسياسيا ، ليبرز السؤال المنطقي : كيف ستطبق القرارات الكبرى لمؤتمر الحوار في واقع متشظي يسوده الصراع من  قبل قوى تقليدية رافضة الدولة ؟! . فاستمرار الرئيس هادئ على القفز على الواقع وادعاء حضور الدولة وترسخها في الفترة الانتقالية إضافة إلى الاستقواء ببعض القوى الإقليمية والدولية وتزايد القوى الرافضة والمناوأة لسياسية الرئيس هادئ التي يسيطر عليها " حزب الإصلاح " سيمنع أي توافق أو تطبيق لمخرجات ومقررات الحوار ، وسيدفع بالرئيس التوافقي إلى التصادم مع القوى والكيانات اللاعبة على الساحة اليمنية الكبرى " الحوثيون ، الجنوبيون ، المؤتمريون ، الأحزاب اليسارية والليبرالية " .

" التمديد للرئيس وسيناريوهات المحتملة "

          رفض الرئيس هادئ أي خطاب أو مبادرات للتمديد للانتخابات متمسكا بالمبادرة الخليجية التي ستخرج اليمن من أزمته بصيغة جديدة يتم فيها صياغة دستور جديد وقوانين جديدة تنهي المرحلة الانتقالية بانتخابات رئاسية ، ولكن شهدت الفترة الأخيرة خطوات تسير على طريق التمديد للرئيس هادئ بداءت بتصريحات إعلامية وسياسية ، تبعتها تعطيل مبرمج للجنة الانتخابات التي عطلت استكمال لجان القيد والتسجيل ، والاهم المراهنة على الأمر الواقع والغطاء الدولي وضغط الزمن المؤشر لاستحالة إجراء انتخابات رئاسية لتتدخل الدول والجهات الضامنة لمبادرة الخليج بالتمديد للرئيس هادي .

          خطورة هذه الخطوة التي تبدي شكلية وإجرائية إن التمديد الانتخابات الرئاسية سيمتد لنتائج الحوار ، وتجميد أو تأخير تأسيس يمن جديد يخرج اليمن من أزمته المتفجرة خاصة مع واقع سياسي واقتصادي وامني يسير للانحدار والتردي في كل المجالات . واجهت هذه الخطوة للتمديد للرئيس تأييد حزب الإصلاح وبعض القيادات المؤتمرية حيث قدّم مقترحا يدعو لتمديد للرئيس هادي يتبعه تجميد وإرجاء لتقسيم اليمن لأقاليم ، بينما رفض الحوثيون والمؤتمر والشباب وتيار الجنوب في الحوار معتبرين التمديد محاولة فاشلة للقفز على مقررات الحوار واتفاقية الخليج ، وفتح باب الصراع والتصادم على كل الأبواب في اليمن .

سيناريوهات الصراع والانفجار " المستقبلية "

           تعقد المشهد اليمني على الأرض سياسيا وعسكريا ، وتضاربت الأجندات واتسعت المشاريع والأطروحات ، مهددا مرحلة الوفاق الانتقالية ، فالقوى الكبرى القادرة على تغيير المشهد وتقعيده هم الحوثيون ويمتد نفوذهم من صعدة المحادة للسعودية إلى محافظة عمران وهو في تزايد وامتداد ، حزب الإصلاح يمتلك قوة عسكرية يمثلها علي محسن الأحمر ويلقي دعما من قطر والتنظيم العالمي للإخوان ، إما حزب المؤتمر رغم كل القرارات التي حاولت سحب القوة العسكرية والمالية من الرئيس السابق علي عبد الله صالح ما زال يحافظ على قوة قبلية وشعبية وسياسية واضحة ، إما قوى الحراك في الجنوب التي اغقلت الجنوب أمام كل المشاريع سوى المطالبة بتقرير المصير من قبل شعبه ، إضافة إلى قوى أخرى مثل القاعدة والسلفيين والشباب والحراك التهامي والحراك الشمالي ، وأكثر هذه القوى ترفض التمديد لعبد ربه منصور وتزداد الفجوة بينهم وبين الرئيس هادئ وأطروحاته وقراراته . في ظل هذا المشهد المعقد وذي التركيبة المتصارعة والمتضاربة المصالح والرؤى والتمويل ، فان سيناريوهات الاشتعال كالآتي :

= السيناريو الأقوى بان القوى المسيطرة والقوية لابد أن تتقاطع مشاريعها ومصالحها مع الرئيس هادئ ومشروع الدولة المدنية الحديثة ، فتعمل إلى اغتيال الرئيس هادئ لتقاطع المصالح وإشعال الصراع لتحقيق مشاريع داخلية وخارجية ، وقد حذر الرئيس الجنوبي علي سالم البيض من هذا السيناريو ، لان الجيش والأمن والمناصب الكبرى في الدولة لا تأتمر بأمر الرئيس هادئ وتدين بالولاء لأطراف أخرى . وفي حالة تحقق هذا السيناريو ستدخل اليمن في صراع مسلح وعسكري بين الأطراف المسيطرة ، وسيجعل اليمن ساحة صراع محلي وإقليمي ودولي .

= السيناريو الثاني بان يضغط المجتمع الدولي ويفرض التمديد للرئيس عبد ربه لفترة انتخابية اعتماد على ضغوط الأمر الواقع السياسي والميداني ، وتعاد الحكومة التوافقية وربما تطعم بشخصيات جنوبية وحوثية . ورافضو هذه الخطوة يشيرون بان استمرار حكومة الوفاق هو استمرار للازمة وقفز على نتائج الحوار ، ومزيدا من رخاوة وغياب الدولة على مستوى الأمن والدولة والإدارة تسمح في النهاية من تدويل الأزمة اليمنية ، وتقسيم اليمن وفق مشاريع الدول الإقليمية .

= السيناريو الثالث لانفجار اليمن هو إقرار حالة الفيدرالية بإقليمين أو عدة أقاليم التي نص عليها مؤتمر الحوار سيقود في ظل دولة هشة وفي ظل انعدام تام لثقافة ومظاهر الدولة في كثير من المحافظات إلى إعادة إنتاج المشكلة اليمنية ، وتتزايد دعوات الانفصال لتعود اليمن إلى المربع الأول من الصراع .

=  تراهن بعض القوى الإسلامية كحزب الإصلاح وبعض الأحزاب السلفية والحوثيين  على الحسم العسكري ؛ معتمدين على تراكم الأخطاء واستمرار الدولة الهشة التي ستسمح في حالة تفجير الصراع العسكري بالسير في مشروعها العسكري ، ويريد الحوثيون وهم قوة عسكرية مسيطرة فعليا على عدة محافظات على إنشاء دولة داخل الدولة على غرار حزب الله في لبنان أو إعطاءهم الحكم الذاتي ، بينما يرى الإسلاميون بان الوقت حان لإقامة مشروعهم في دولة الخلافة وتأسيس إمارة ودولة الجزيرة العربية انطلاقا من اليمن .

= السيناريو الأخير المطروح هو أن اليمن ساحة صراع قوى دولية وإقليمية وسوف يستمر هذا الصراع نتيجة تعقد الملفات في الساحة العربية لمشروع " الشرق الأوسط " بين الأطراف المتصارعة ، ومن المعتقد بان هذا الصراع بين القوى الإقليمية سينتقل لليمن ليكون لتصفية الحسابات ، وخاصة بان كل الأطراف في اليمن تمتلك علاقات سياسية وحزبية ومذهبية بالأطراف التي تدير الصراع الإقليمي والدولي .

 

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل