السبت 00 مايو 0000 - الساعة:00:00:00

شارع الحوطة الرئيسي اصبح خاليا من الابتسامات ولم يعد يحمل شيئا من عبق تلك الابتسامات المزهرة، بعد ان غادرها رواد الضحكات اللحجية امثال الفقيد فايز سلامي، والفيل، والوكالة وفرتوت وعلي احمد حسين الاجنير، والافندم العطيفي ومطنوش واخرهم الفقيد محمود فوري رحمة الله عليهم واسكنهم فسيح جناته.

ويعتبر كل واحد من اولئك الرواد مكتبة متنقلة من الضحكات، وكل واحد له مميزاته الفنية في تقديم النكتة الطازجة.

والفقيد محمود فوري الذي شغل وظيفة باطوالة في مكتب محافظة لحج، وخلال ممارسته الوظيفية اكتسب مهارة وفراسة في تقييم كل محافظ تعاقب على لحج.

فقد اطلق على محافظ لحج الاول 1973-1978م لقب طرزان لحج، لان المحافظ كان من طبيعته القاء خطاباته النارية من على جذع شجرة.

واطلق فوري على المحافظ الثاني تسمية المحافظ القاصر أي المولود بعمر سبعة اشهر لهذا كان ينصح اهالي لحج بتكثيف طلب تهم خلال الاشهر السبعة ويحجمون عن ذلك خلال الثلاثة الاشهر المتبقية، لان المحافظ نشيط خلال السبعة الاشهر الاولى ويتعطل مزاجه في الاشهر الثلاثة المتبقية.

اما المحافظ الثالث فقد اطلق على تسميته بالمحافظ المعاكس والتبرير التسمية قال فوري لقد تقدمت له بطلب معونة لاصلاح بيتي المبني من الطين واللبن، فأعطاني اسمنت وحجارة لهذا نصح فوري اهالي لحج يتقدموا بطلباتهم للمحافظ وان يقدموها بشكل معكوس حتى يصلوا الى مرادهم.

وحين سمع فوري بالمليارات التي تصرفها الحكومة على التنمية الاقتصادية في اليمن، ولم ير شيئا يحقق على ارض الواقع طالب الحكومة بذلك بأن التنمية سوف تنجح تلقائيا وبدون خطط حكومية.

واخر قفشة صنعها فوري كانت مميزة وكانت مع رئيس الوزراء الاسبق في حكومة الجنوب 80-86م حين حل رئيس الوزراء ضيفا على اهالي المجحفة في لحج وسمع بذلك فوري واراد ان يستغل تلك الفرصة ويطلع بشيء من الضيف.

وصل فوري الى القرية.. وظل يراقب الموقف حتى شاهد العديد من آل سلام يقدمون اوراقهم لرئيس الوزراء الذي كان لا يبخل في التوقيع على اوراقهم ويخرجهم مبتسمون.

اما فوري فقد قدم لرئيس الوزراء ورقة بيضاء صافية غير مكتوبة مما جعل رئيس الوزراء يستفسر من فوري ايش طلباتك يا فوري؟ فلا توجد في الورقة التي قدمها فوري أي كلمة تعبر عن طلبه فقال له فوري (انته قدك ابو المفهومية) الورقة حقي ناقصة عليها توجيهاتك ولا داعي لكتابة طلب لك، اعطيتك ورقة بيضاء صافية لا تحتاج الا لقلمك الميمون.

عندها ضحك رئيس الوزراء الاسبق وكتب له المساعدة المعتادة.

ونقول ان فقداننا لتلك الكلمات الفنية والفكاهية اللحجية قد اثرت كثيرا على المشهد الاجتماعي وعلى نقص الابتسامات في الشارع اللحجي.. ولم تسمع في شارع لحج رنين الضحكات ولا ترى الوجوه الضاحكة.. واختفت القفشات والمقالب التي كنا نسمع بها في كل حين وفي كل منتدى وحارة.

ولعمري ستظل لحج لعقود من الزمن تفتقر  الى وجود تلك الكلمات والمواهب المثيرة للضحك والابتسام.

رحم الله مطلقي العنان للابتسامات واسكنهم فسيح جناته والهم اهلهم الصبر والسلوان..