- نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك
- تدشين الدراسة العلمية حول مخاطر السيول على عدن وسبل تخفيف حدتها
- دفع الحوثي لإطلاق عملية سياسية.. خيارات على طاولة مباحثات يمنية-أمريكية
- الكثيري يترأس اجتماعًا موسعًا لمناقشة الوضع العام مع نقابات عمال الجنوب وممثلي الاتحادات والهيئات العسكرية والأمنية الجنوبية
- مسلحون يمنعون وصول إمدادات الوقود القادمة من مأرب إلى حضرموت
- السويد تعلن توقيف مساعداتها لليمن
- غموض يلف تشييع قيادات حوثية بارزة رغم توقف القتال
- الأمطار الغزيرة تحاصر خمس عُزل في لحج
- سجون الحوثي.. جحيم النساء في اليمن
- انقطاع مُفاجئ لخدمة الإنترنت في صنعاء
الثلاثاء 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00
يعرف شعبنا الجنوبي من هو المناضل محمد حيدرة مسدوس ، عرفه قبل الوحدة التي انقلبت إلى احتلال كما عرفه بعد الاحتلال ولا داعي هنا أن أعرف به فالمعروف لا يعرف ويكفي أن أقول بكلمات موجزة إن هذا الرجل هو عبقري القضية الجنوبية ليس لأنه اخترعها فهي لم تخترع ولكن لأنه ضبط مضمونها وحدد معالمها منذ وقت مبكر وتنبأ علمياً وسياسياً بقيام ثورتها المباركة وبانتصارها الأكيد عاجلاً أم آجلاً. لقد كان رائداً وقد قالت العرب إن الرائد لا يكذب أهله. فالحمد لله تعالى الذي أمد القضية بهذا الرجل الصلب ذي البصيرة النافذة والرأي السديد والصدر الرحب والصبر الجميل.
ولعل ما يميز د/ مسدوس سياسياً هو أنه جمع بين السياسية علماً والسياسة تطبيقاً ولم يقتصر على أحدها فضلاً عن وجود الملكة أو الموهبة لأن السياسة فن وعلم وممارسة. وتبدو السياسة في منهجه النظري بسيطة ومقنعة وواضحة لا يشوبها تعقيد ولامتاهة نظرية فكأنما عصر السياسة نظرية وتجربة وقدمها لنا في كأسات صافية مترعة بنكهة محلية واقعية نضالية.
أما سداسية مسدوس التي ذكرتها في العنوان فتتمثل على النحو الآتي:
الثلاثة الأولى منها تخص ركائز القضية الجنوبية وشروطها الموضوعية وتاريخيتها:
1ــ إن القضية الجنوبية قضية تاريخية موضوعية ليست مرتبطة بشخص أو أشخاص ولا بجيل محدد ولا حتى بأجيال محددة بمعنى أنها لن تموت ولن تدفن ولن تطمس بأي حال من الأحوال مهما تقادمت الأيام والأجيال وتتابعت المحن، وحقاً لقد أثبتت الأيام والأحداث مثل هذا الطرح الموضوعي المسدوسي. ومثل هذه المسلمة التاريخية تزرع الثقة في نفوس الجنوبيين بأن قضيتهم العادلة سوف تنتصر طال الزمان أم قصر و إن شمسها لابد ستبرز من خلف السحب والغيوم والأسداف مهما تراكمت وإن مثل هذا الطرح سيبدد اليأس الذي غزا بعض النفوس الجنوبية بعد حرب الاحتلال الغاشمة في صيف 1994م ولكن مثل هذه المسلمة تدعو الجنوبيين إلى العمل والنضال والصبر وعدم إحراق المراحل وعدم التواكل في درب استعادة الحق الجنوبي المسلوب. لقد استطاع مسدوس بهذا الطرح الموضوعي أن يرينا الضوء ساطعاً في نهاية النفق.
2ــ ويرى د/ مسدوس في شرطه الثاني لنجاح القضية وانتصارها العاجل أو الآجل أن وحدة الجنوبيين شعبياً وسياسياً ومدنياً شرط رئيسي لحل هذه القضية بمعنى أن أي اتجاه سياسي جنوبي أو مكون واحد من مكونات الحراك الجنوبي لا يستطيع منفرداً أن يحقق النصر المؤزر للقضية الجنوبية المتمثل في التحرير والاستقلال واستعادة الدولة مهما كانت شعبيته وكاريزميته مادام هناك مكونات أخرى سياسية تشكل جزءاً من الحامل السياسي للقضية ألا وهو الحراك السلمي الجنوبي.
والحق أن الوحدة الشعبية الجنوبية أضحت حقيقة ساطعة لا ينكرها إلا من ينكر وجود الشمس في رابعة النهار في يوم صحو وهي وحدة تحت قوس التحرير والاستقلال واستعادة الدولة وكذلك هناك وحدة مدنية ثقافية جنوبية تتماها مع الوحدة الشعبية في هدفها المنشود آنف الذكر وحتى المكونات السياسية الجنوبية الحراكية التي تمثل عصب الحامل السياسي للقضية العادلة لم تكن مختلفة كل الاختلاف ولا كبير اختلاف فهناك في هذا الوسط السياسي الجنوبي الحامل للقضية ما يشكل إجماعاً كافياً على الهدف الذي حدده الشعب وقواه المدنية المتمثل باستعادة الدولة الجنوبية المستقلة ولكن وحدة القيادة السياسية لهذا الحامل الكبير لم تتحقق بعد ، ويرى د/ مسدوس أن السبب ليس في الاختلاف حول الهدف ولكنه يكمن في أمور أخرى منها أزمة الثقة بين المكونات السياسية والنزعة الذاتية والصراع الاستباقي على السلطة وهذه الأمور يمكن تجاوزها بالحوار والإيثار والنظر نحو الهدف الوطني السامي الكبير.
3ــ أما الشرط الثالث فيتجسد في ضرورة موافقة المجتمع الدولي على استعادة دولتنا المستقلة والاعتراف الشرعي بها واستعادة عضويتها في الأمم المتحدة فإذا كان الشعب في الداخل هو الذي يمنح شرعية السلطة لمن شاء فإن المجتمع الدولي هو الذي يمنح صفة الدولة الشرعية لمن يستحقها لأن العالم صار كأنه أسرة واحدة ولهذا يقولون الأسرة الدولية وهذا الشرط يقتضي العمل سياسياً ودبلوماسياً دؤوباً ومحنكاً وموحداً لكي يطمئن المجتمع الدولي لنا ويعترف بنا ويدعمنا ويبارك استقلالنا وكذا استمرار ثورة الشعب في الدخل.
أما الثلاثة الثانية من المسدوسية السديدة فتكمن في الإجراءات والخطوات السياسية والتنظيمية الداخلية للحراك السلمي الجنوبي الحامل للقضية وذلك على النحو التالي:
1ــ ضرورة وجود هدف واحد موحد مشترك في سبيل حل القضية وفق مفهومها التاريخي الموضوعي الصحيح وقد تجسد هذا الهدف اليوم في الساحة الجنوبية الشعبية والسياسية والمدنية باستعادة الجنوب لدولته المستقلة بعد إنهاء الاحتلال العسكري والقبلي المتخلف من قبل الجمهورية العربية اليمنية.
2ــ تقتضي وحدة الهدف هذه وحدة أخرى هي وحدة الحامل السياسي ووحدة القيادة السياسية لهذا الحامل.
3ــ أما الشرط الثالث في نظر مسدوس فيكمن في انجاز مشروع سياسي وطني يحدد ملامح الدولة القادمة ونظامها السياسي المنشود فمثل هذا الأمر يطمئن الداخل والخارج ويضع حداً للصراعات الجنوبية السابقة وطمأنة كل الأطراف حتى لا تخاف من أي انتقام مزعوم وهنا أريد أن أبين أن التاريخ لا يكرر نفسه وأن لاشيء يعود كما كان وقد جاء في الأمثال (إن الإنسان لا يدخل النهر مرتين) أي أن المرة الأولى تختلف عن المرة الثانية في طريقتها وظرفها وفي حالة جريان النهر نفسه.
وعلى سبيل المثال عندما سقطت الدولة الأموية على يد بني العباس في القرن الثاني الهجري استطاع عبد الرحمن الداخل الأموي أن يفلت من بطش العباسيين ويفر باتجاه المغرب فيعبر البحر إلى الأندلس فيؤسس دولة أموية قوية هناك ولكن هذه الدولة التي أشرقت من المغرب لم تكن نسخة مكررة من الدولة الأموية التي غربت في المشرق بل كانت مختلفة عنها اختلافاً كبيراً وإن تأثرت بها بعض التأثر الإيجابي وهذا الاختلاف أمر طبيعي بحكم اختلاف الزمان والمكان وطبيعة الحاكم والمحكوم وغير ذلك.أما الجنوب القادم فإن دولته ستكون مدنية حديثة ديمقراطية مؤسسية فليس ثمة جهة محددة سلفاً هي التي ستحكم الجنوب، لأن الجنوب هو صاحب اختيار نظامه وحكامه بطريقة ديمقراطية، فعلينا دائماً ألا نحقد على التاريخ ونحاكمه فمهما كان فإنه عزيز علينا، ولكن يجب أن نستفيد من ايجابياته ونقاطه المشرقة ونتجنب عثراته وسلبياته بهذا يصبح التاريخ مدرسة عظمى، ولاشك فالشعوب يصنعها تاريخها بما فيه من خير وشر.
هذه باختصار سداسية مسدوس كما قالها وكتبها وهي ليست فوق النقد والتقويم ولكني هنا اقتصرت على عرضها وبلورتها حتى تكون أكثر فهماً وقرباً لدى السياسيين الجنوبيين ولعل احتفالي بها وكتابتي عنها يعد اقتناعاً بحاجه إلى عمل ميداني وسياسي وتطبيق خلاق مثلها مثل أي رؤية أو حلول نظرية.
أما كيف يجري توحيد القيادة السياسية للحامل السياسي الجنوبي الذي بات هدفاً ملحاً في هذه اللحظة التاريخية الفارقة ، فيرى مسدوس أن الطريقة الأنسب في هذه المرحلة المعقدة هي الأخذ بمبدأ التمثيل السياسي لمكونات الحراك الجنوبي المؤمنة بهدف استعادة الدولة الجنوبية المستقلة على جميع ترابها ثم ينتج عن هذا التمثيل السياسي المؤتمر الوطني الجنوبي الذي سيتمخض عن قيادة سياسية موحدة تكتسب الشرعية في الداخل والخارج وتنهض بمهامها التاريخية التحررية.
أخيراً فليعذرني د/ مسدوس والقارئ العزيز إذا أنا قصرت في توضيح الفكرة أو أسأت فهمها راجياً أن يظل المناضل الوطني الجنوبي محمد حيدرة مسدوس مستمراً في سعيه الكبير من أجل التوفيق والوفاق بين المكونات والقيادات السياسية والوصول إلى قيادة سياسية موحدة في ضوء الهدف الذي صدع به شعبنا الجنوبي منذ وقت مبكر الذي لانمل ولا نكل في تكراره ألا وهو التحرير والاستقلال واستعادة الدولة لاسيما أن هذا الرجل حافظ على حياديته النسبية الإيجابية من كل مكونات الحراك الجنوبي والشخصيات الوطنية الجنوبية، فالقضية بحاجة اليوم إلى هذه الحلقة الوسط التي تضغط وتجمع وتبدد المخاوف وتزرع الثقة وتنكر ذاتها في سبيل لم الشمل السياسي الجنوبي في السير نحو الهدف المنشود فهذا عمل كبير بحاجة إلى من يلتف حول مسدوس من الأكاديميين والعلماء الجنوبيين وغيرهم من الشخصيات الوطنية الجنوبية.
قال تعالى (ونريد أن نمنَّ على الذين استُضْعفوا في الأرضِ ونجعلهم أئمةً ونجعلهُمُ الوارثين)