آخر تحديث :الاثنين 29 ابريل 2024 - الساعة:11:39:01
حتى ندرك الحقيقة
ثريا منقوش

الاثنين 00 ابريل 0000 - الساعة:00:00:00

"يختلط الحابل بالنابل"، ويحدث ذلك عادة حين يستكبر المستكبرون, ويزدادون طغيانا وانتفاخا، وحين يشتد الظلم والقمع، وحين لا يكون هناك رادع من ضمير، وحين تتحول كل القيم إلى سوق النخاسة مع البشر، وحين تخرج خفافيش البشر في دياجير الظلام لتلطم بجناحيها الإنسان يمنة ويسرة فلا يعرف من لطمه، ولا يعرف أين اللطمة، وحين يبنون مساجد ليهدموا فيها النفوس، وينصرون طاغيا وباغيا على مظلوم ومستضعف، في هذه الحالات يختلط كل شيء بكل شيء، وتتداخل المتناقضات في بعضها، لإضاعة معالم الطريق على الإنسان، وقد حدث ذلك في التاريخ كثيرا وكان يعظم ويشتد في اللحظات المفصلية من التاريخ، في الجاهلية المبكرة زمن إبراهيم عليه السلام، ثم زمن ابن مريم عليه أفضل التسليم وهو يقارع الفريسيين وهم يقيمونه على الصليب مع المجرمين كمجرم، ابن مريم روح الله مجرم, ظلم ما بعده ظلم، وخلط للأمور، وكما نقول خلط للأوراق، وتداخل بين المتناقضات أي الحابل بالنابل، وذاك ما كان في الجاهلية الأولى حين زعموا صدقهم وصدق إلهتهم وكذبه محمد وربه العظيم جل شأنه، ورويدا رويدا وقليلا قليلا تجلى الحق وشعشع بنوره لينجلي الظلام وتبرز الحقيقة وتسطع بنورها،

كذلك هو الحال في الجاهلية الكبرى هذه الأيام ، فمن يجليها, ومن يضع الخط الفاصل بين الحق والباطل، والخير والشر والظلم والعدل والظلام والنور والصدق والكذب غير الله من خلال رسل وأنبياء ومصلحين وحكماء يعلمون الكتاب والحكمة، ولأننا في موضوع خلط الحابل بالنابل، فما أريد إلا أن ندرك بعض المفاهيم القواعدية التي يمكننا من خلالها أن نميز، ونتعرف على الحق والباطل والصدق والكذب في الإعلام، مثلا لا يزيف المعلومة إلا من لديه إعلام، ولا يلعب بالحدث إلا من يستطيع أن يفعله، ولا يكذب إلا من يتوخى في نفسه وفي الظروف القدرة على اللت والعجن والتقديم على طبق من ذهب مزيف، أما الذي لا يملك حتى قوت يومه من الشهيد البطل صالح عبيد الردفاني الذي وجدوا في جيبه مائة وخمسين ريالا، لا ملايين ولا حتى آلاف بل ملاليم وأنا على يقين انه ما استطاع ان يستلف من جاره أو رفيق نضاله مبلغا مثله, لأنه فقير مثله إلا من كرامة تفور كالتنور في النفوس ومن هذه الأرض لتفجرها حمماً من تحت أقدام الطغاة، وهي تهدد، ارحلوا فإنها ثورة جياع،

فهل عرفتم يا من تريدون أن تخلطوا الأمور، إن الأمور لا تختلط بعد أن أفرزها واقع حالكم وفي جيوبكم الملايين بل المليارات وواقع حال أناس قدموا سيرا على الأقدام عشرات الكيلومترات ليقيموا فعالية لهم لعلها تخفف من الحزن والألم والغضب الذي يعتمل في صدورهم، حتى ساحتهم في أرضهم ما تركتموها لهم، ثم أردتم أن تعسفوا الحقائق وتزيفوها، فإذا بالضحية ذئب وإذا بالذئاب أحمال، لا إله إلا أنت يا الله فاشهد واكتب وافرض الحق حقا والباطل باطلا، وسيكون حكمك في يوم الفصل، وأنا على يقين من ذلك، للوعد الذي قطعته على نفسك، بنصر رسلك وأنبيائك والمستضعفين, وفرض سنة من سننك الكريمة أن لكل شيء نهاية ونهاية الظلم مروعة،

فيا توكل كرمان يا ابنتي لا تندفعي وراء الزيف والكذب، وهذا كلام ونصيحة لكل المغرر بهم حتى لا يدق الظالمون والفاجرون بين أهلنا وأناسنا في الشمال والجنوب إسفين الفتن، أو كالحادثة التي فبركوها بإحراق شمالي في حضرموت فلا حول ولا قوة إلا بالله، ذاك الشعب الطيب الفقير إلى الله الذي يخشاه حد الذلة له وحده، يعلم أن الإحراق عقاب لله نفوس وتعظم  عقابه لغضبه من كافر وفاجر وظالم وهم مثلث جهنم الأبدي، فبالله عليك لا تندفعي حتى لا تغضبي الله، وتذهبي ما في صدورنا من محبة لك وأنت تعلمين ذلك يا ابنتي لا تجعليهم يستغلونك، بل إن واجبك هو الوقوف مع المستضعفين ليس بإكليشات كلامية، وإنما لمعرفة ووضع الحقائق كما هي، وإن اختلط عليك الحابل بالنابل فاصمتي فإن الصمت ذهب, وكما يقول المثل "إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب"، وهذا الدرس الأول في معرفة وفرز المعلومة الصحيحة من الكاذبة وعسى الله أن يوفقنا في تعليم الحكمة والكتاب سنن الله وتبارك وتعالى في الكون والحياة.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص