آخر تحديث :الاثنين 23 ديسمبر 2024 - الساعة:14:58:45
الاعتذار عن جهاد 94م ..
علي احمد جاحز

الاثنين 00 ديسمبر 0000 - الساعة:00:00:00

في صيف 94 ‎ ‎ ‏ نتذكر جميعا أن حملة التحريض و التجييش و التحشيد للحرب كانت تعتمد على اسثارة الحماس الجهادي أكثر من اعتمادها على استثارة الحماس الوحدوي داخل العاطفة الشعبية القابلة للتفاعل السريع مع أي خطاب ديني عقائدي ، و لم تندلع المعركة إلا بعد أن تمت تهيئة الوعي الشعبي و الحماس العسكري بأن ثمة فئة كافرة ينبغي جهادها و تطهير البلاد منها ، 
كان تكثيف المحاضرات في المساجد و في المدارس و في المقايل يهدف إلى رسم صورة مشوهة للجنوبيين و للاشتراكية في ذهنية المواطن اليمني في الشمال خصوصا قبل أن تندلع الحرب و قبل تدشين حملات الاغتيالات بفترة كانت كافية لتكوين موقف عاطفي عقائدي ضد أبناء الجنوب ، ليصبح فيما بعد مهيئا و جاهزا لتلقي مبررات الجرائم التي سترتكب في حق شعب بكاملة و النتائج التي ستنعكس على مشاعر الجنوبيين بل و قد يصبح الوعي المجتمعي منتجا لتلك المبررات.. 
  
و لعل من المهم التنبه إلى أن ما حصل في صيف ?? و ما نتج عنها من توجه شمالي عام لتصفية الجنوبي و اسكاته و اقصائه و استباحة أرضه و ممتلكاته و مواطنته ايضا.. و صولا إلى هذا الواقع .. ليس إلا ثمرة خطاب التحريض العقائدي الجهادي و تنتيجة للشحن العدائي الموجه دون تمييز نحو شعب الجنوب..

لم يكن الخطاب السياسي لينجح في تأليب الناس و تجييشهم للحرب بتلك الصورة و لم يكن لينتج كل تلك الفضائع و ذلك الوضع الذي صرنا نشاهده .. ليس لأنه برئ بل لأنه كان يمكن أن ينجح في التحريض ضد الموقف السياسي و الشريحة السياسية و المصالح السياسية و بالتالي لم يكن الحال لينسحب على المواطن و الشعب و لم يكن ليتحمس المواطن الشمالي لقتل أخيه الحنوبي و فيده و استباحة أرضه و التعامل معه بدونية لولا الاعتقاد أن كل ذلك حلال و جائز شرعا .. و هذا الاعتقاد لا يمكن أن ينجح في تكريسه خطابا سياسيا دون أن يستخدم الخطاب العقائدي التكفيري.. 

ما ينبغي التركيز عليه اليوم في ظل كل هذه الدعوات المطالبة بالاعتذار للجنوب التي تتبناها القوى الوطنية و السياسية و الشبابية و الحقوقية ، هو معرفة الجهة التي يجب أن تعتذر و كيف تعتذر و عن ماذا سوف يكون الاعتذار و مالذي ينبغي أن يترتب على الاعتذار .. فلا يكفي أن يعتذر المتورطون في الجريمة من العسكريين و الساسة ، بل يجب أن يعتذر أيضا و بشكل اساسي الذين استخدموا سلاح الدين في الجريمة .. و كما ينبغي أن يعترف العسكريون و الساسة بالخطأ ينبغي على رجال الدين ان يعترفوا بالخطأ في حق أبناء الجنوب و أن كل ذلك التحريض و تلك التهم و ذلك التكفير الذي طال أبناء الجنوب كان خطيئة و لم يكن القتال جهادا و لم يكن الفيد غنيمة شرعية و أن تلك الفتاوى كانت خطأ كبيرا.. 

الأهم من ذلك أن يترتب على ذلك الاعتذار إبعاد الدين عن الصراعات السياسية و عدم استخدام رجال الدين للتجييش الداخلي لغرض القضاء على مكون داخلي أو إضعافه أو عزله اجتماعيا وسياسيا .. كما حصل في صيف 94 و في حروب صعدة أيضا.. ليكون الصراع السياسي نظيفا و شريفا قائما على اساس البرامج الوطنية و السباق الشفاف في سبيل مصلحة الوطن.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص