آخر تحديث :الاثنين 23 ديسمبر 2024 - الساعة:14:58:45
حكومة أم جمعية خيرية ؟!
محمد الغباري

الاثنين 00 ديسمبر 0000 - الساعة:00:00:00

العجز أن لم يكن الفشل هو سمة الأداء الحكومي حتى اليوم , فبعد سبعة أشهر على تشكيل حكومة الوفاق , لم يتم فعل شيء من اجل الناس الذين طحنهم الفساد والفقر والبطالة , بل أن الخوف بات أكثر حضورا من عودة النظام السابق وأدواته , ومكوناته بعد أن بدلت الرداء الذي كانت تلبسه فقط ..

الناس الذين كانوا يتطلعون بان تقدم الحكومة ما يقطع صلتها بالماضي الذي كان سببا في اندلاع الثورة , لم يجدوا حتى اللحظة ما يعزز هذا الأمل لديهم , لان التبرير بوجود مخطط لا عاقة الحكومة و السعي لا فشالها لا يتسق وجملة القرارات التي تتخذ ولا مع المواقف التي تصدر عن أعضاء الفريق الحكومي الذين لم يقدموا حتى اللحظة نماذج مختلفة لما كان يشكو الناس منه ..

التكالب المخيف عن تقاسم المناصب والمواقع في أجهزة الدولة المختلفة هو الصفة المميزة للقرارات الصادرة عن الحكومة والرئيس , والسعي للظهور الإعلامي بمحتوى فارغ هو ما نلمسه في التصريحات وفي التناولات وحتى في الحرص على إبراز أخبار الأنشطة والمشاركات الثانوية لأعضاء الحكومة , وكان اليمن احدى الدول الاسكندنافية, مسئوليها منشغلون بالأعمال الخيرية وبحضور احتفالات الفصول الدراسية ..


هذا الأسبوع استغرق خبر الاجتماع الأسبوعي للحكومة عشرين دقيقة في نشرة الأخبار التلفزيونية مع أن ملخص ما صدر عن المجلس لا يتعدى ثلاثة اسطر لدى صحفي مبتدئ في التعامل مع الأخبار , صور الوزراء ورئيسهم وحتى السكرتارية , لابد وان تعرض في جميع النشرات التلفزيونية في المحطات الثلاثة ولا بد أن تعاد اللقطة التلفزيونية مرتين أو ثلاث , مع أن محصلة الخبر والاجتماع في النهاية هو تكليف وزارة الشئون القانونية بإعداد مشروع لإنشاء صندوق لإعادة أعمار محافظة أبين ..


في كثير من الأحيان أصاب بحالة من الاستغراب الشديد بسبب تصرفات الكثير من الوزراء خصوصا المحسوبين على الثورة لان الكثيرين يعرفون أن هؤلاء كانوا يتحدثون معنا قبل توليهم هذه المناصب بلغة ورؤية مختلفة , فانتقدوا التضليل والانعزال عن الناس , وغياب الرؤية الوطنية وتغليب معيار الكفاءة في الاختيار ... الخ لكنهم اليوم أصبحوا أما منشغلين بتدشين مشروع توزيع المساعدات الغذائية , أو في حفل لمؤسسة خيرية , أو في كيفية الاستحواذ على المناصب لصالح هذا الطرف السياسي او ذاك ..

لقد نسيت الحكومة منذ تشكيلها أن مهمتها ليست جمع الصدقات , واللقاء الخطب , والبحث عن الغنائم والحرص على أن تبرز صور أعضائها وتلميعهم في صدر الصحف الحكومية وشاشات التلفزيون , كما هو حاصل اليوم , ولكن تقع علي هذه الحكومة مسئولية توفير حياة كريمة لليمنيين تجنبهم ذل السؤال والصدقات , وتعمل على توفير فرص عمل وتوفر لهم ولأبنائهم تعليما جيدا وخدمات صحية معقولة ..

الحكومة ليست جمعية خيرية , ولا منظمة أهلية تصدر بيانات التنديد وتدعو لجمع الصدقات لشعبها بطريقة مهينة كتلك التي حصلت في دولة الإمارات العربية المتحدة الأسبوع الماضي , الحكومة جهة مسئولة عن الشعب الذي منحها الثقة عبر أحزابه وقواه السياسية والاجتماعية , وإذا عجزت عن أن تكون عند مستوى هذه المسئولية فان الأسلم لها هي الاستقالة , وإعطاء الفرصة لآخرين قد يكونوا أكثر قدرة على تحمل المسئولية منها ...

طوال حكم النظام السابق خاض الصحفيون معارك متواصلة مع أجهزة القمع ومع الجموح نحو تقييد الحريات بالمزيد من القوانين ونجحوا في كثير من المعارك , واستمرت مواجهاتهم حتى اليوم , لكن أن تأتي حكومة نعلم ان نصف أعضائها على الأقل ورئيسها كانوا شركاء لنا في نقد تلك التوجهات , وتتبنى قانون حماية الحقوق الفكرية الذي يحول وزارة الثقافة إلى محكمة تفتيش قراراتها لا تنقض الا بموجب أحكام نهائية وباتة فذاك ملا يوجد تفسير مقنع له على الإطلاق سوى أن النظام يعيد إنتاج نفسه ...

لا اعرف كيف سيبرر الأستاذ محمد سالم باسندوه رئيس الحكومة ولا الرئيس عبد ربه منصور هادي صدور مثل هذا القانون الذي يمنع كل شيء , ويجترح سابقة بغيضة في المنطقة من خلال تحويل جهاز إداري الى سلطة قضائية ومنح العاملين فيه الصفة البوليسية في ملاحقة الكتب ومراقبتها وقراءة ما بين اسطرها تحت حجة الحفاظ على الدين والعادات والتقاليد وهما كانا من المساندين لشكوى الوسط الثقافي من اجهزة الرقابة و القمع ..

أتمنى ومازلت أن تقدم هذه الحكومة على فعل شيء يعيد للناس الثقة في أن الثورة التي كانت سببا في وصول هؤلاء إلى الحكم قد حققت ولو جزء بسيط من الأهداف التي قدمت التضحيات من اجلها , لان الغنائم التي يتم اقتسامها في مختلف المواقع الحكومية تشير إلى أننا مقدمون على مرحلة أسوء من تلك التي كنا نعاني منها.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص